|
سلعة لدينا منها فائض بقلم عثمان ميرغني
|
حديث المدينة الإثنين 22 ديسمبر 2014
فكرة ألمعية اقترحها بعض خبرائنا الإستراتيجيين.. إلزام كل طبيب ينوي الهجرة للعمل في الخارج أن يدفع للحكومة مبلغاً كبيراً على سبيل (الأَمَنيِّة)- أي وديعة يستردها عند عودته.. روعة الفكرة ليس لأنها تكبل الأطباء بسلاسل من حديد، وتقيدهم للعمل في الداخل- رغم أنفهم.. فذلك (ترويع) وليس روعة.. لأنه ضدّ الدستور، وحقوق الإنسان.. الذي من حقه أن يتحرك حيث ما شاء إلى ما يشاء.. لكن الروعة في أنها تفتح الباب لأفكار لا تقل عبقرية. وأنا أنتهزُّ فرصة هذه الفكرة الألمعية وأطالب باستنساخها بصورة عكسية.. أقترح.. أن يدفع الشعب (الشعب وليس الحكومة) مكافأة (وليس أمنية) مغرية لكل سياسي يعلن الهجرة إلى الخارج.. كما صدَّرنا في يوم من الأيام أفضل خبراتنا الإدارية والإعلامية والتعليمية إلى البلاد العربية.. (أمثال كمال حمزة وعلي شمو وآخرين كثر)، وسمقت أعناقنا بسجل الشرف، الذي سطره هؤلاء المهاجرون السودانيون.. أقترح تصدير (الساسة) إلى كل البلاد العربية والأفريقية خاصة والسودان يحظى بفائض كبير منهم. قبل عدة سنوات سافر أحد كبار ساستنا في طائرة تحمل شحنة سكر هدية من حكومة السودان إلى دولة أخرى.. قيادة تلك الدولة أشفقت على شعب السودان فقالت للسياسي- ببعض الود: (ألم يكن أولى بهذا السكر شعبكم؟!!)، ردّ عليهم السياسي بعبارة أفحمتهم.. قال لهم: (السكر..!!! هذه سلعة لدينا منها فائض كبير!!).. والآن لسان حالنا- أيضاً- يقول (الساسة..!! هذه سلعة لدينا منها فائض كبير!!). ولحسن الحظ إعداد (السياسي) لا يحتاج إلى تأهيل أو مؤهلات ولا شهادات.. فقط (جلابية وتوب.. وسروال ومركوب.. وجبة وسديري.. وسيف وسكين).. يا بلدي يا حبوب..!!، فكلما طلبت منا دولة (شحنة ساسة) فلن يستغرق زمن تجهيز الشحنة أكثر من كتابة قائمة أسماء الساسة في منافستو الشحنة. بل ولحسن الحظ.. ساستنا تنطبق عليهم شروط هيئة المواصفات؛ إذ يمكن تصنيفهم حسب الطلب- فرز أول، سياسي تصريحات نارية.. فرز ثاني، سياسي وعود وأمنيات.. فرز ثالث سياسي (وهمات) واحتفالات.. فرز رابع، سياسي يلعب بالواتساب في الجلسات والاجتماعات. ستواجهنا مشكلة واحدة عويصة.. هو أن الساسة لن يهاجروا- مهما كان الحافز الذي نقدمه لهم مغرياً ومجزياً.. فهم هنا في السودان يملكون السلطة والثروة.. وبهجة ومتعة الفرجة علينا من خلف الزجاج المظلل.. ومهما كانت المرتبات والمزايا في الخارج فهي- هنا- أضخم.. ثم أنهم في الخارج لن يتمتعوا بشعب مثلنا تكفيه الكلمة الطيبة.. الشعوب الأخرى لسانها طويل، وصبرها قليل، ولن تحتمل ساسة مدرجين في بند (العطالة المقنَّعة).. كنا نسمى أنفسنا (سلة غذاء العالم) لكن في الحقيقة نحن (سلة ساسة العالم)!!، لا يفوق زيادة معدل التضخم عندنا إلا زيادة أعداد أحزابنا التي نهازت المئة حزب..
|
|
|
|
|
|