|
Re: سروال ومركوب في أنطاليا التركية ..!! بقلم ع� (Re: عبدالباقي الظافر)
|
و الله يا أخي في الله و الوطن: عبد الباقي الظافر،
تدري أو لا تدري، إن مقالك هذا يكاد يكون في تقديري هو أقيم ما خطته يداك، و جاد به عقلك من فكر. أنت " تعصر و تغرس اصبعك " في العصب و اللحم الحي. و أعجبتني كثيرا عبارتك المفتاحية: الدبلوماسية الناعمة. يا أخي الكريم، حدثنا أن الإسلام في كثير من بقاع الأرض لم ينتشر بحد السيف، بل انتشر بالقدوة الحسنة عبر التواصل العفوي الإنساني، في بلاد مثل باكستان، و بعض دول جنوب شرقي آسيا، و كثير من الدول في غرب أفريقيا و شرقها: السودان على سبيل المثال. إذ أننا نعلم أن محاولة عبد الله بن أبي الشرح لم تفلح أمام ثمود رماة الحدق. و حتى الإتفاقية سيئة السمعة,، المعروفة باسم اتفاقية البقط، لم تنفذ على أرض الواقع، إنما كلام و السلام ورد من نسج خيال بعض المؤرخين المنسوبين للإسلام تحت زهو الغرور، و ليس هنالك ما يؤكده في شكل وثيقة تأريخية من جانب احفادنا للكوشيين/ النوبيين. كل ذلك وردنا من طرف واخد، هو كتابات منسوبة لبعض المؤرخين المسلمين. يا اهلي السودانيين، أنا عندي إجابة لتساؤلات البروفيسور عبد الله الطيب المشروع الذي يمكن تسطيره كالتالي: إذا كان الإسلام قد وصلنا بزخم شديد عبر البوابة الشمالية للسودان: عن طريق النيل من مصر( هكذا حدثونا في مناهج مادة التاريخ في السودان ), و عن طريق البحر الأحمر من الجزيرة العربية ( هكذا أيضا كانوا يعلموننا في مناهجنا التعليمية ), اذا كان ذلك ما قد حصل، حسبما اورد البروفيسور عبد الله الطيب، رحمه الله، فلماذا لم يكن لساننا العربي الدارج في السودان يشبه أو يقارب اللسان العربي الدارج في مصر أو الجزيرة العربية؟ الاسلام يا سادتي الكرام وصلنا بزخم عبر المتخلفين من قوافل الحج من دول المغرب العربي, شناقيط و مغاربة، عبر ميناء سواكن، مرورا بغرب السودان، ثم وسطه، فشرقه. و الاسلام كذلك وصلنا بزخم من المغرب العربي أيضا عبر رجالات الطرق الصوفية المغاربة تيجانية, و ايضا جيلانية، لأن الطريقة الجيلاني لها بعض الإتباع أيضا في المغرب العربي. و لكم أن تتسائلوا: لماذا يتبع السودانيون المذهب المالكي مثل دول المغرب العربي و ليس الشافعي المذهب الشافعي الذائع الصين في مصر، أو المذهبين الحنبلي أو الحنفي في الجزيرة العربية. و اذا دققتم السمع ستدركون أن مفردات الدارجة العربية السودانية تتقاطع بشكل أكبر مع الدرجتين العربيتين في موريتانيا( الشناقيط ),، و المملكة المغربية. البحث ما متزوج سيدة مغربية و لا يمر يوم إلا و اذهل بوجود كلمات من صميم الدارجة العربية السودانية، و لا تعرف في مصر أو الجزيرة العربية، تتقاطع مع اختلاف كثير، ليس في حروف الهجاء، و لكن في الإيقاع الصوتي للكلمة. مثلا ليلة امس، كنت احدث زوجتي عن لعبة كرة القدم و عن القدرات الهائلة في التحكم في الكرة، فجرى لساني و لهج باسم اللاعب السوداني البارع عز الدين الدحيش، فقالت لي انهم في المغرب ينطقونها في داىجتهم مثلنا، و ليس الجحش، كما تسمعها في شمال الوادي أو الجزيرة العربية. هذا فقط مثال واحد من مئات الأمثلة. الفرق في النطق، لو أرهفت السمع تجده في علامات الشكل بيننا و أشقائنا في المغرب العربي، و ليس الحروف الهجائية نفسها، مثل ما هو الحال مصر و الجزيرة العربية. و هم في المغرب العربي يتحدثون بايقاع سريع مثلنا، بينما أشقائنا في مصر، الشام، و الجزيرة العربية يتحدثون العربية بايقاع أبطأ مننا و أهل المغرب العربي. دعك عن التأثير الثقافي في الملبس، الثوب النسائي السوداني وردنا من أهلنا الشناقيط( موريتانيا) أو من جنوب المملكة المغربية، ممن كانوا يمرون ببلادنا في شكل قوافل لأداء فريضة الحج، و هم يركبون جمالهم، إلى أن يحطوا رحولهم عند ميناء سواكن. المغاربة تدخلوا بعض مفردات اللغة الفرنسية القليلة في دارجتهم بسبب الاستعمار الفرنسي الطويل لبلادهم. و اذا ارهقت السمع أيضا لإيقاع الكلام بين بدوي من كردفان، و بعض البدو في مناطق السودان الأخرى و بين البدو في موريتانيا و المملكة المغربية لوجدت تشابها كثيرا في الإيقاع و المفردات المستعملة. أما الموسيقى الشعبية، و المزاج الشخصي بالبشر Their personal demeanors فحدث، و لا حرج. يا معشر القراء الكرام: العرب المسلمين في السودان لم يصبحوا أغلبية و ينقلبوا علي النظامين الحاكمين في السودان ( مملكتي المقرة و علوة النوبيون المسيحيين) إلا في بداية القرن الخامس عشر الميلادي، بعد تحالف عرب مسلمين تحت قيادة عبدالله جماع القواسمي، و عمارة دنقس الفونجي المسلم. لو كان معظم هؤلاء العرب الموجودين في السودان حينها كانوا في معظمهم من نسل العرب الذين ولدوا السودان من مصر و الجزيرة العربية، لماذا استغرقوا زهاء الثمانية قرون حتى يبلغوا في عددهم نسبة تقترب من ثلث أغلبية السكان الأصليين ليتسى لهم لتشكيل قوة فاعلة في الدولة مكنتهم من التحالف مع طرف مسلم من ذوي الشوكة ( الفونج ) ليسقطوا نظام الحكم في السودان؟ لماذا استغرق ذلك زمنا طويلا؟ الإجابة هي أن عرب السودان تكاثروا بشكل غير مكثف عبر التأثير و التثاهر مع أشقائنا في المغرب العربي. أنا لو تسنى لي احضار نماذج التشابه في الموسيقى الشعبية بين السودان، المملكة المغربية، و ربما موريتانيا، ستثابون بالذهول.
أعود من كل هذه الميلودراما عن التواصل الشعبي التلقائي، و لنقل الدبلوماسية الناعمة، الذي كان سببا في دخول العرب و الاسلام بزخم للسودان
الإفاضة في نقطتين مهمتين أثارهما كاتب المقال: الصحافي الكبير عبد الباقي الظافر عما أسماه تأثير الديمقراطية الناعمة في خلق تواصل حضاري سامي إيجابي بين الشعوب، في المقالين الذين أوردهما في متن مقاله، في شكل تساؤل طرحه في المثال الأول التسادي البدوي ذو الأصول السودانية، و وزير التربية و التعليم السابق في جنوب السودان، و هما يتسائلان: لماذا لا يملأ معلمو اللغة العربية المؤهلون من السودان رغبة المسئولين في جنوب السودان و في تشاد استجابة للحاجة الملحة في تلك الدولتين؟ لو لم نفعل، سيختفي اللسان العربي في جنوب السودان للأبد، و لضعف نفوذ العربية في الشقيقة تشاد، التي يجمعنا بها رابط الإسلام. لماذا لا يلتفت المسئولين في السودان لهذه المسألة و يولونها إهتماما كبيرا؟
طارق الفزاري ود زينب
| |
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|