|
سبعة أسباب تدعو للتفاؤل بخصوص المستقبل المنظور للقضية الفلسطينية بقلم معتصم الحارث الضوّي
|
29 ديسمبر 2014
رغم الاعتداءات الصهيونية الوحشية التي تعرّضت لها مناطق مختلفة من فلسطين التاريخية، وأحدثها الاعتداء على قطاع غزة، ثم على المسجد الأقصى، وما تلاهما وتخللهما من حملات تصفية واعتقالات للناشطين والمواطنين المسالمين على حد سواء، إلا أنه توجد أسباب متعددة تدعو للتفاؤل بإمكانية تحقيق انتصارات مرحلية في مسيرة القضية الفلسطينية من أجل الاستقلال وانتزاع المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، والذي يرزح تحت نير احتلال همجي لم يسبق له مثيل في التاريخ.
أولا: على الصعيد العسكري، ومنذ دخول نظام القبة الحديدية –يتألف من نظام للدفاع الجوي باستخدام الصواريخ ذات القواعد المتحركة في التصدي للصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية- الخدمة في منتصف سنة 2011، اعتمدت منظومة الأمن الصهيوني عليه بشكل رئيس، إلا أن نجاح المقاومة الفلسطينية الباسلة إبان العدوان على غزة في إيصال صواريخها إلى مناطق في قلب المناطق المحتلة سنة 1948، وتهديدها لمناطق بعيدة جغرافيا عن غزة، قد أدى إلى سقوط نظام القبة الحديدية، وبالتالي تعرضت تلك المنظومة لهزة قوية، وما زالت قوات الاحتلال تبحث في الأسباب التي أدت إلى انهيارها، وتسعى بشكل محموم لاستحداث بدائل تكفل أمنا تحلم به في المستقبل، وتحقق على المستوى النفسي عودة إلى مربع الاعتقاد الصهيوني بالتفوق العسكري على الدول العربية مجتمعة، في حين أثبتت المقاومة الفلسطينية أنها وبأقل إمكانيات مالية وتقنية قادرة على توجيه ضربات في الصميم.
ثانيا: على المستوى السياسي، حيث انفضحت للأبد أسطورة الواحة الديمقراطية المزعومة وسط غابة من الديكتاتوريات العربية التي لطالما تشدقت به البروباغاندا الصهيونية؛ فالدعوات الرسمية ليهودية الدولة، والتمييز حتى ضد المواطنين العرب الحاملين لجنسية الكيان الصهيوني، وحتى ضد بعض الدروز ممن كانوا في السابق عونا لقوات الاحتلال، وأسباب أخرى متعددة- قد جعلت الكثير من القوى الدولية تعيد النظر في مقولة الواحة الديمقراطية بشكل جذري، بل وصل الحال إلى أن تلك القوى أطلقت ولأول مرة منذ إنشاء الكيان الصهيوني صيحات الاحتجاج والاستنكار ضد الممارسات العنصرية والقمعية المنهجية ضد "الأغيار" كلهم بلا استثناءات.
ثالثا: المقاطعات الأكاديمية من عدد من أرفع جامعات العالم مستوى، حيث أعلنت صحيفة "هآريتز" الصهيونية في عددها الصادر في 5 أكتوبر 2014، بأن ما يتجاوز خمسمئة من أبرز علماء علم الإنسان "الأنثروبولوجي"، ومن ضمنهم علماء من جامعات هارفرد وجورج تاون وييل وكولومبيا وجون هوبكنز، قد انضموا إلى قافلة الأكاديميين المقاطعين للكيان الصهيوني. تأتي هذه الخطوة بعد خطوات مماثلة من قبل العديد من الجامعات الأمريكية والبريطانية والأسترالية، علاوة على العديد من اتحادات الأساتذة الجامعيين.
رابعا: المقاطعة التجارية لمنتجات المستعمرات "المستوطنات" الصهيونية، حيث أُعلنت مؤخرا مدينة برادفورد البريطانية مدينة خالية من تلك المنتجات بعد حملة طويلة تزعمها النائب البرلماني عن المدينة، جورج غالاوي، النصير الشرس للقضية الفلسطينية. كما شهدت بريطانيا وغيرها من الدول الغربية حملات شعبية كبيرة للمقاطعة التجارية، وساهمت فيها بعض المنظمات اليهودية المناهضة للصهيونية، والداعمة للحق الفلسطيني، وفي نهاية شهر مايو 2014، انضم البرلمان الأوروبي إلى الحملة الدولية لمقاطعة البضائع الصهيونية، مما شكّل ضربة موجعة للكيان الصهيوني على المستويات الاقتصادية والسياسية والمعنوية.
خامسا: حالة الانهيار السياسي التي يعيشها الشارع السياسي الصهيوني، فبعد فشل المغامرة/ الحماقة التي أقدم عليها بنيامين نتنياهو بتورطه في الاعتداء الوحشي على غزة، أصيب الشارع السياسي في الكيان الصهيوني بحالة من الشلل المريع، خاصة وأن أسهم الاتهام لم تقتصر على حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتنياهو فحسب، بل طالت أيضا كل الأحزاب اليمينية المتحالفة معه، مما دفع به إلى الدعوة إلى تبكير الانتخابات في محاولة لرقع شق اتسع بما يفوق إمكاناته التكتيكية الآنية، وطموحه المريض، وبما قد يعصف بمستقبله السياسي إلى الأبد.
سادسا: الاعترافات المتزايدة بالدولة الفلسطينية، سواء على مستوى الاعتراف الرسمي، أو البرلماني غير المُلزم، والتي وصلت إلى 135 دولة من مجموع 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، وتأتي الاعترافات المتتالية والمتعددة من قبل دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي ضربة موجعة بشكل خاص للكيان الصهيوني، والذي لطالما كان يعوّل على تلك الدول باعتبارها سندا سياسيا ومعنويا بصرف النظر عن الحماقات والمجازر التي يرتكبها، وبغض النظر عن انتهاكاته المتناهية لكل التزاماته المنصوص عليها في الاتفاقيات التي أبرمها مع الجانب الفسطيني، إضافة إلى خروقاته غير المحدودة لكثير من المواثيق والمعاهدات الدولية المتصلة بأوضاع المناطق المحتلة، وتلك التي تتصل بحقوق الإنسان.. إلخ. يتصل بذلك الرفض العالمي المتزايد للنشاط الاستيطاني، حيث أعربت العديد من الدول عن رفضها، بل وغضبها البالغ، من استمرار الكيان الصهيوني في إنشاء المستعمرات، ضاربا عرض الحائط كل الاتفاقيات التي أبرمها، وآخرها المصادقة على تشييد 200 وحدة استعمارية جديدة في القدس الشرقية.
سابعا: الرغبة الدولية في إيجاد حل نهائي للصراع الأقدم في التاريخ المعاصر، ففي عالم أصبحت إحدى سماته الرئيسة التوجه نحو إنهاء النزاعات القديمة، وعدم السماح باستفحالها؛ أصبح استمرار الصراع العربي الصهيوني، وخاصة مع تضاؤل الآمال بتوجه الكيان الصهيوني إلى تنفيذ التزاماته من الأمور غير المقبولة.
إذن، التغيّر الجذري مرتقبٌ، وإن كان بالطبع غير كافٍ لإشباع تطلعات الشعب الفلسطيني، فلا بديل عن التحرير الكامل، من النهر إلى البحر، وإن طال الزمن!
* كاتب عربي مقيم في لندن
|
|
|
|
|
|