|
سبتمبر الأسود وقرب سقوط الطغمة الحاكمة فى هاوية المجهول./خالد حسن سملتود
|
استاذ/ خالد حسن سملتود، محلل استخبارى فى الشئون الشرق اوسطية. متعاون ومترجم سابق بجهاز الاستخبارات السودانية حتى عام 2012 . لا جرم ان الحديث حول الانقلابات العسكرية قد اختفى وطال بنا الامد تحت حكم دام ربع قرن من الزمان فترة اتسمت بالانهيار الاقتصادى والسياسي والثقافى وتفكك الهوية السودانية وتشظى الحركات المقاومة للسلطة الحاكمة التى ما فتئت فى مقاومة كل ما يتحرك على الارض فى سبيل الحفاظ على توازن القوة لديها والبقاء فى الحكم الى ابعد فترة ممكنة فى تاريخ السودان. هذا التاريخ الناصع الذى شهد امجادات الفجر الصادق التى رسمها الشعب السودانى منذ الازل بتفجير براكين الغضب ضد الاستبداد والظلم والفساد فى ابان حكومة إبراهيم عبود عام 1964 ذلك اليوم المشهود فى تاريخ السودان والمسطر بدماء الشهداء الابرار تلك الثورة الظافرة التى أسقطت نظاما عسكريا كاد ان يسفك دماء الشعب ولكن القوى الثورية التى كانت مستنفرة من الحركات الطلابية والجماهير العريضة ونقابات المحامين وعمال السودان الخ... اربكت الحكومة آنذاك ولم يلبث الا ان وجد عبود نفسه بين قاب قوسين او ادنى حتى انفجر بركان الغضب ثورة اكتوبر المجيدة والظافرة حينما اطلق الشعب السودانى البطل جل غضبه على نظام اتسم بالاستبداد والحكم الارعن. أطلق كُل قائد إنقلاب على حركته إسم الثورة، وأصبح كُل شهر من شهور العام يحمل إسم ثورة عربية، ولم يشذ السودان عن القاعدة فكانت ثورات (إنقلابات) نوفمبر 1958 ومايو 1969 ويونيو 1989، ولكن تفرد السودان وتميز بحدوث أول إنتفاضة شعبية وهبة جماهيرية تمكنت من إزالة نظام حُكم عسكري شمولي في 21 أكتوبر 1974 حيث تمت الإطاحة بنظام الفريق/ إبراهيم عبود،، وأُطلق على هذا التغيير إسم ثورة أكتوبر المجيدة، ثُم تكرر ذات السيناريو في 05 أبريل 1985، حيث تمكنت الجماهير من الإطاحة بنظام المُشير/ جعفر النميري. وهكذا نُلاحظ ووفقاً لهذه التسميات الخاطئة أن هُنالك خمسة ثورات في السودان خلال ثلاثين عاماً فقط (1958-1989)!!. وإذا ما توافقنا والتزمنا بالتعريف السليم لمُصطلح الثورة بإعتبارها عملية تغيير جذرية شاملة تهدم ماكان قائماً من نُظم حُكم سياسية وعلاقات إقتصادية ومُسلمات أيدولوجية ووشائج إجتماعية ومرجعية ثقافية، وتستبدلها برؤي جديدة وأنساق جديدة، لنزعنا صفة الثورة عن الإنقلابات العسكرية، والهبَات/الإنتفاضات الشعبية التي تفشل في إحداث تغيير حقيقي في بُنية المُجتمع وفي نظامه السياسي ومناهج تنميته، حتى وإن نجحت في إسقاط نظُم الحُكم السابقة لها وتغيير القيادات الحاكمة؛ ولعل مُقارنة سريعة بما حققته الثورات الفرنسية والبلشفية، بل وحتى الثورة الأمريكية ونقيضها الثورة الكوبية- وما أحدثته من تغييرات هيكلية جذرية مُستدامة- بما أنجزته إنتفاضة أكتوبر (ثورة) المجيدة في السودان على سبيل المثال!! تؤكد صدق زعمنا بأن الثورة لم تحدث بعد في العالم العربي، وأن إنتفاضات الربيع العربي ليست أكثر من إرهاصات وبشائر للثورة الفعلية. اتوقع سقوط نظام عمر البشير الذي يتحمل مسؤولية ما تعيشه بلاده من غلاء واستشراء الفساد الذى بات ينخر كل مؤسسة من المؤسسات، معتبرا واتوقع سقوط نظام عمر البشير قريبا اذا ما استمر هذا الوضع كما هو عليه ، خاصة وأن الجيش السوداني والأمن لن يتمكن من التصدي لهذه الاحتجاجات التي ازدادت حدتها فى سبتمبر من العام الماضى، كما ان عودة الخرطوم إلى سابق عهدها باعتبارها مركزا لتجارة السلاح ومعسكرات التدريب ومعقلا للقاعدة التي كانت انطلاقتها من السودان غير مستبعدة. سيدخل السودان سيدخل حالة الفوضى الأمنية العارمة بعد سقوط النظام لن تنتهي إلا بمرور سنوات طويلة وربما ستتحول كما كانت عليه في السابق إلى معسكرات تدريب وتجارة السلاح، كما لا استبعد تكرار السيناريو الليبي الذي تفرض فيه اليوم المليشيات المسلحة منطقها على أرض الواقع في ظل ضعف المؤسسة العسكرية وعدم اكتمال بناء الجيش الليبي، وفى حال حدث ذلك فسيكون له انعكاس كبير على دول الجوار خاصة مصر وليبيا التى اتهمت النظام مؤخرا بتهريب اسلحة الى فصائل حاملة للسلاح. واذا قامت الاحتجاجات في السودان فإن حكومة البلاد ستتبخر وستنجح المعارضة عن طريق العصيان المدني في إجبارها على الرضوخ، ولو أن الوقت حان لزوال أو نهاية كل المشاريع التى يتابعها النظام . ان النظامين في السودان وسوريا مصيرهما الزوال لأن الديمقراطية تتصادم مع المشاريع العقائدية وعليه يجب الاختيار بين الديمقراطية والمشاريع العقائدية، وقد اختارت الشعوب الديمقراطية وما سقوط البعث في العراق والمصير المحتوم له في سوريا، والسقوط القوي للإخوان في مصر إلا دليلا على ذلك وربما حتى مشروع العولمة الغامض ولد ميتا ولم يتحدد مصيره .
|
|
|
|
|
|