|
رهينة المحبسين: الجهل والفقر بقلم الطيب مصطفى
|
08:36 م Feb 8,2015 سودانيز أون لاين الطيب مصطفى - الخرطوم-السودان مكتبتي في سودانيزاونلاين
كنت أتحدث في أحد الأندية عن حقوق المرأة المسلمة، فقلت: إن لها حق الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتدريس هدايات الإسلام ومجادلة الملحدين فيها..الخ فإذا شخص يقول لصاحبه : كنا نظن هذا المحاضر رجلاً صالحاً فتبيَّن أنه ألعن من قاسم أمين! وتذكرت ما قاله الأستاذ أحمد موسى سالم عن قاسم أمين وعن الدور الذي قام به في الدفاع عن الإسلام ضد الغزو الثقافي الفرنسي الذي حمى واشتد في عصره. بدأ هذا الغزو بهجوم من المؤرخ "أرنست رينان" على العرب المسلمين تصدى له جمال الدين الأفغاني فأبطل حجته، وكشف تعصبه، ورد عن الإسلام أباطيله، وبدأ الخصم العنيد وكأنه قد لان واستكان لما سمع! ثم اشتبك في هذا الحوار المخطط الشيخ محمد عبده ليرد على إفك وزير خارجية فرنسا "مسيو هانوتو" الذي طال افتراؤه على الإسلام واتهامه لنبيه ـ عليه الصلاة والسلام ـ فكان كتاب الشيخ محمد عبده عن علاقة العلم بالدين الذي ألفه في ليلة واحدة قاطعاً للسان الوزير الكذوب. قال الأستاذ أحمد موسى: وكان دور قاسم أمين في هذا الحوار جاهزاً. وكان محوره الأساسي هو المرأة في الشريعة الإسلامية، وكانت المبارزة التي خاضها مع الخصم الفرنسي الثالث "دوق داركور" الذي أصدر سنة 1893 كتاباً عنوانه "مصر والمصريون" تناول فيه حياة المجتمع المصري أيام الحكم المملوكي والتركي، وهي فترة بلغت ستة قرون عجاف تراجعت فيها خصائص الحياة عن جمهرة الأمة الإسلامية، مما جعل "دوق داركور" يبسط قلمه بالأذى، ويرسم صورة قاتمة وبذيئة للشعب كله، ويخص المرأة بمزيد من التجريح والزراية..ويرد ذلك كله إلى طبيعة الإسلام المتأبِّية على الترقي والحضارة..!! ماذا فعل قاسم أمين ليدافع عن دينه وأمته؟ سارع إلى تأليف كتاب بالفرنسية فنّد فيه أقوال خصمه، وشرح حقوق المرأة في الإسلام، وما كفله الدين لها من كرامة مادية وأدبية، ووازن قاسم أمين بين حجاب السترة والاحتشام عندنا وبين تبذل المدنية الحديثة وما أحاطت به أوضاع المرأة من انحلال وتهتك..! إن ما فعله قاسم أمين كان محكوماً بأمرين أولهما الدفاع عن الإسلام المفهوم من مصدريه الرئيسيين والآخر الاعتذار عن تخلف المرأة بأنه من تقاليد غريبة على على التوجيه الإلهي ناشئة عن أخطاء الشعوب! وما يستطيع الرجل أن يفعل إلا هذا! هبْ أن أوربياً أو أمريكياً اتهم الإسلام بأنه يحظر على المرأة الذهاب إلى المسجد، وأن الإسلام بهذا الحظر دين شاذ، لأن الأديان كلها لا تمنع النساء من التردد على بيت الله، أو على معبدها الخاص بها.. فماذا أقول له؟ أأصدقه في اتهامه؟ أم أقول له : إن هذا الحظر ليس من تعاليم الإسلام، وإنما هو من تقاليد بعض البيئات، أدافع عن الإسلام صادقاً؟ أم أدافع عن المنتمين إليه كاذباً؟ لقد رأيت بعض الإسلاميين يفقد وعيه في الدفاع عن موروثات ما أنزل الله بها من سلطان، كأن من السهل عليه أن يكذب الله ورسوله، ولا تمس عادات تلقّاها عن آبائه..!! هناك حرّاس للخطأ يرتفع عويلهم إلى عنان السماء عندما ينتقد هذا الخطأ، وقد كنتُ أول أمري قليل الاكتراث بهذا العويل، بيد أني وجدته يتحول على مرّ الأيام إلى ضغينة على المصلحين واستباحة لأعراضهم لا يمكن السكوت عليها، لأن الدين نفسه سوف يُضار من هذا السكوت، وسوف تتحول حقائقه إلى أباطيل. وقد سمعتُ من يشتم جمال الدين ومحمد عبده ورشيد رضا، بل سمعتُ أطفالاً ينالون من أقدار الأئمة الأعلام، لا لشيء إلا لأنهم أتوا بما لم يعهدوه عن آبائهم الذين لا يقلّون عنهم جهلاً. لقد أدهشني أن نفراً من المتدينين يتناولونني بأقصى مما يتناولني به الصهاينة والصليبيون! وفهمت ما قاله الأستاذ عصام العطار: لو بذل أدعياء الإسلام في محاربة أعداء الله والمبطلين عُشر ما يبذلون في حرب أولياء الله الصادقين لانتصر الإسلام من زمن بعيد. ولكن من النفوس ما ينشط في الباطل ما لا ينشط في الحق، ويندفع لأهوائه ودنياه ما لا يندفع لآخرته ومرضاة ربه عز وجل. ثم يقول عصام العطار: كم أحتقر هؤلاء الذين يعلّقون أقذر مطامعهم وأهوائهم على مشاجب المثل العليا". إن هذا الكلام نتيجة معاناة مريرة أحسها الدعاة الجادون! إننا ملتزمون بالوحي الأعلى لا نزيغ عنه قيد أنملة، وملتزمون بعصر النبوة والخلافة الراشدة، أما المسيرة التاريخية للأمة الإسلامية فإن التاريخ أعمال حكام ومواقف شعوب، وهذه وتلك ليست مسالك معصومة، بل قد يكتنفها الخطأ كما قد يحفها الصواب..أي أنه يحكم عليها ولا يحتكم إليها، والمقياس المعصوم كتاب الله وسنة نبيه. وقد رأيت في أواخر عصر الجاهلية وبدايات عهد الإسلام أن المرأة حضرت بيعة العقبة دون اعتراض، وبايعت على الموت تحت الشجرة، أو على عدم الفرار. وكان مستحيلاً أن يؤذن لها بذلك في أواخر التاريخ الإسلامي، فماذا يعني هذا الوضع؟ ولأترك أمر البيعة وشؤون المسلمين العليا، إنني عاصرت أوائل عمري معركة نشبت بعدما اكتشف أن الدكتور طه حسين أذن لعدد من الطالبات بدخول كلية الآداب، عندما كان عميداً لها.. كان موقف الإيمان ـ أو بتعبير أدق ـ موقف المؤمنين أن ذلك لا يجوز، أما الطرف الآخر، والذي سُمّي بالملاحدة فهو الذي ناصر تعليم المرأة إلى أعلى المستويات! أي إنصاف للإسلام في هذه المعركة السخيفة؟ الدين مع الجهل، والإلحاد مع العلم؟ إلى متى نسمح لأناس يكذبون على الأرض والسماء باسم الدين؟ ولقد تحدثت مع المسؤولين في وزارة الشؤون الدينية بالجزائر أن تعقد في المساجد الكبرى حلقات وعظ وإرشاد وتربية للنساء خاصة في أوقات مختارة يقوم بالتدريس فيها خريجات الجامعة الإسلامية! ولا أدري أننجح في هذا المسعى أم يتغلب المتفيهقون الجُهّال الذين يتصايحون بين الحين والحين بأن صوت المرأة عورة..! إن هؤلاء المتصايحين لا تتمعر وجوههم لبعثات التبشير التي تنجح فيها الراهبات المسيحيات في بلوغ أهدافهن! أنهم مشغولون بشيء واحد، جعل المرأة رهينة محبسين من الجهل والقهر.. وجعل الأمة كلها تترنح تحت وطأة التخلف الثقافي والسياسي في عصر الذرة والفضاء.
http://www.assayha.net/play.php?catsmktba=2672http://www.assayha.net/play.php?catsmktba=2672 مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- بيان من تنسيقية قوى نداء السودان – الخليج 07-02-15, 02:39 PM, بيانات سودانيزاونلاين
- كاركاتير اليوم الموافق 7 فبرائر 2015 للفنان ودابو عن دستور يا الأسياد (2) 07-02-15, 02:30 PM, كاريكتيرات سودانيزاونلاين
- البشير يؤكد دعم السودان للبرلمان العربي 06-02-15, 07:00 PM, صحيفة الصيحة السودانية
- البرنامج الانتخابي للمرشح المستقل لرئاسة الجمهورية انتخابات أبريل 2015 الأستاذ/علم الهدى أحمد عثمان 05-02-15, 05:39 PM, اخبار سودانيزاونلاين
- المحكمة العليا تعيد صحيفة الانتباهة إلى الطيب مصطفى 05-02-15, 03:18 PM, صحيفة المجهر السياسي
- حوار مثير مع البروفيسور إبراهيم غندور 04-02-15, 04:13 PM, فتح الرحمن شبارقة
- محمد حاتم سليمان مستشاراً إعلامياً بالقصر وناطقاً رسمياً باسم رئاسة الجمهورية 04-02-15, 03:08 PM, صحيفة المجهر السياسي
- في ذمة الله السيد السفير ابو بكر عثمان محمد خير 01-02-15, 05:30 AM, الفاضل إحيمر
- عبد العزيز خالد:من الراجح أن يتفق الموقعون على (نداء السودان) وأحزاب الحوار الرافضة للانتخابات 05-01-15, 02:48 PM, ماهر أبوجوخ
- موقفه من ترشيح البشير أثار استفهامات حائرة الشيخ عبد الحي يوسف خروج المحارب السلفي من طابور البي 27-10-14, 09:03 PM, الهادي محمد الأمين
- حواراً مثير مع الصادق المهدي بعد اتفاق أديس ابابا 08-09-14, 03:29 PM, فتح الرحمن شبارقة
- في بادرة نادرة عرمان يرحب بحديث الطيب مصطفى ويدعو الى تحويل معركة الانتخابات لانتفاضة لاسقاط النظام 19-08-14, 05:36 PM, عمار عوض
- أبو الحسن فرح:إعلان باريس امتدادٌ لميثاق الفجر الجديد ..!! 18-08-14, 03:00 PM, أبو الحسن فرح
- حوار مثير مع الطيب مصطفى بعد تأييده لإعلان باريس 13-08-14, 10:07 PM, فتح الرحمن شبارقة
- مذكرة اللجنة السودانية للتضامن مع اسر الشهداء والجرحي والمعتقلين الي مفوضية حقوق الانسان اليوم 22-07-14, 08:11 PM, اخبار سودانيزاونلاين
- حوار مثير مع وزير الإعلام بعد تصريح قفلنا الصيحة وحنقفل غيرها 26-05-14, 10:40 AM, فتح الرحمن شبارقة
- تنفيذ قرار إعادة (الانتباهة) للطيب مصطفى رسمياً 02-05-14, 02:19 PM, جريدة السودانى
- الطيب مصطفى: لسنا شامتين على ما يحدث في جنوب السودان 28-12-13, 03:52 PM, صحيفة المجهر السياسي
- البرلمان يعتمد رسمياً زيادة الأجور ورفع الدعم عن المحروقات 03-12-13, 03:17 PM, صحيفة الانتباهة
- لقاء مطوّل بين رئيس مجمع الفقه وخلية الدندر بسجن الهدى 15-11-13, 06:30 AM, جريدة السودانى
- (سنجة)انقطاع الكهرباء يعطل محاكمة معتقلي الحركة الشعبية(الخرطوم) محاكمة الصحفيين وتعذيب المعتقلين و 01-11-13, 05:00 AM, اخبار سودانيزاونلاين
- نائب رئيس الجبهة الثورية بالقاهرة فى لقاء مع النخب المصرية 13-10-13, 06:53 PM, اخبار سودانيزاونلاين
|
|
|
|
|
|