|
رمضان في دارفور.. لا تفطر ان سمعت صوت الانتوف غلاء في الأسعار وندرة في المواد الغذائية
|
قد تختصر نكتة" لا تفطر كلما سمعت صوت الانتوف" التي بدأ بها دارفوريون شهر رمضان هذا العام ساخرين من حالتهم, المأساة اليومية التي يعيشونها علي وقع القصف الجوي, لكنها في الوقت نفسه تخفي في طياتها مأساة أخري وهي أنَ الحصول علي هذا الإفطار بات من الكماليات التي يصعب التمتع بها. هو العام الثاني عشر الذي يعيش فيه دارفوريون شهر رمضان المبارك مشردين ونازحين. الوضع يزداد سوءا سنة بعد سنة ولقمة" العصيدة" الذي كان بمقدور هؤلاء الحصول عليه في رمضان الماضي أصبح هذا العام صعب المنال في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني من جهة وعدم وفرة المواد الغذائية علي أنواعها من جهة أخري. هذه المعاناة لا تقتصر علي ولاية او محلية او مدينة او قرية دون غيرها, وإن كان يتفاوت وقعها بين منطقة وأخري. بين غرب وشمال وجنوب وشرق ووسط دارفور بما فيها بعض مدن عواصم الولايات. حواء السليك, الناشطة الدارفورية العاملة في مجال الإغاثة, تصف في رسالة لها, مأساة دارفور المنكوب وأهله. وتقول: " الأمهات أصبحن يستبدلن بالحليب المياه والشاي لإطعام أولادهن, والماء نفسه أصبح بديلا عن الزيت مع الملاح. العائلات تنام في العراء أمام مراكز الإغاثة للحصول علي الحصص الغذائية التي توزع في شهر رمضان". والواقع نفسه لا يختلف بين المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام او المعارضة. في غرب دارفور حيث يسيطر النظام علي 80في المائة منها, ربما يحظي السكان بترف العيش بعيدا عن أصوات القذائف والانتوف, لكن هاجس الأمن هو الذي يكبل يومياتهم, لأن انتشار واسع للجنجويد الذي سلحته النظام, في حياة لا تختلف عن تلك التي سبقت الثورة, وفق ما يقوله اَدم سنين, من سكان مدينة الجنينة. وفي حين بلغت الي أن النظام يحاول قدر الامكان تأمين الطوف التجاري من العاصمة الي ولايات دارفور, يشير الي أنَ ارتفاع الأسعار الكبير في موازاة بقاء الرواتب علي حالها, يقف حاجزا أمام إمكانية الحصول عليها. ويعطي اَدم سنين جوال الدخن مثالا علي ارتفاع الاسعار, فهي التي لم تكن تتجاوز المائة جنيه سوداني وصلت اليوم الي خمسمائة جنية سوداني . كذلك, فإن المساعدات التي تقدمها المؤسسات والهيئات الإغاثية الي النازحين الهاربين من القري وبلدات دارفور مختلفة, تعجز في أحيان كثيرة عن تأمين كل المتطلبات. أما العاصمة السودانية الخرطوم حيث نظام الرئيس عمر البشير ، لا يختلف كثيرا عن دارفور عن حيث الأمن مقابل الغذاء. وقد ذكرت تقارير صحافية أن عددا كبيرا من سكان العاصمة اختاروا العودة الي الولايات لقضاء شهر رمضان مع عائلاتهم. وتعج محلات الأغذية بالمشترين فيما يشكو أصحاب المتاجر من قلة الطلب ، لكن في الوقت عينه, يعبر معظم المتسوقين عن إحباطهم من نقص الطعام وتضخم الأسعار. وفي حين لفت الأهالي الي أن بعض الأسر الدارفورية تلجأ بشكل متزايد للتسول طلبا للطعام- هذه ظاهرة لم تكن مالوفة في دارفور إلا في عهد هذا النظام- نتيجة لنقص الغذاء وارتفاع أسعاره, ألقي بعض تقارير الضوء علي معاناة النازحين الدارفوريين في مخيمات النزوح, عارضا للمعاناة اليومية التي يعيشونها في شهر رمضان المبارك في ظل عدم توفر الماء والغذاء. وهنا أيضا, يكاد النازحون يترحمون علي رمضان الماضي وأيامه, بعدما وصل الوضع اليوم الي أسوأ حالاته. هذه المعاناة, جعلت أحد الرجال يطلق صرخة استغاثة طالبا من رجال الدين إصدار فتوي لاعفائهم من الصيام بسبب الوضع المأساوي الذي يعيشونه في حين يقول رجل اَخر, " الطرقات مقفلة والبضائع مفقودة وان وجدت فهي بأسعار خيالية, والحصول عليها يتطلب مبالغ إضافية الي الأجهزة الأمنية والمليشيات التابعة للنظام والموجودة علي الحواجز اي نقاط التفتيش او المراقبة". وفي شمال دارفور, حيث تسيطر المعارضة علي قسم كبير من مناطقها ولا سيما الارياف, يحذر الناشط مصطفي شمو من كارثة انسانية قد تصيب المنطقة وأهلها في شهر رمضان بسبب نقص الغذاء والماء. ويقول: " الناس يعيشون حالة من الخوف من عدم الحصول علي الطعام. فالمحال ازدحمت بالاهالي الذين تسابقوا لشراء ما تيسر لهم من كميات من المواد الغذائية. المحال التجارية تقفل أبوابها باكرا نظرا الي نفاد كميات المواد الموجودة لديها. وبدا واضحا توافر أنواع من الفواكه والخضار واختفاء انوع أخري, فالمواد الضرورية فقط في بعض المدن الكبيرة. ويوضح ناشط شمو أن معظم الأفران في بعض المدن لا تعمل, باستثناء قلة قليلة يقف في طوابيرها العشرات ويتحكم في انتاجها الجيش والمليشيات, اذ تباع الربطة بالخفاء خارج الفرن بخمسة جنيهات او اكثر. والكارثة التي حذر منها شمو, سبق للأمم المتحدة أن أشارت اليها قبل شهرين, كاشفة أن اكثر من اربع ملايين دارفوري, مهددون ومحتاجون لمساعدات انسانية ملحة. احمد قارديا خميس
|
|
|
|
|
|