دعني أولا أبين لك أسباب قراري الكتابة إلى فخامتكم مباشرة وبلا وسائط، لقد شعرت أن هناك أشياء غريبة تحدثت في حياتي بعد إعلان السيدة "إليسا بلاسكو" إهداء قميصي لك نيابة عني!.
سبق للسيدة بلاسكو أن أهدت قميصي ذاته إلى عدة رؤساء ووزراء أفارقة وآخرين، كان آخرهم وزير الدفاع الإسرائيلي "أفيغيدور لبيرمان".
وقد حدثت كل تلك المناسبات بنفس الطريقة ولذات الأهداف والأغراض ومن خلفي ودون علمي ولم أسمع بها إلا بعد فوات الأوان!.
لكن في حالتكم الأمر مختلف!. مختلف بشكل لافت للنظر. وهذا سر كتابتي لهذه الرسالة!. فسآلت نفسي للحظة، لماذا؟!.
لقد هاتفني في الحال عدد من الناس بينهم عدة شخصيات عالمية معروفة يهجون الفعل الذي صدقوا أنني فعلته وهو إهدائي قميصي لرئيس دولة أي كان!. أنا في العادة لا أفعل ذلك، إنه مبدأ، كوني أومن أن الرياضة رسالة سلام ووفاق إنسانية تتجاوز الشد والجذب الذي يحدث في أضابير السياسة.
مرة ثانية اذن لي قبل الإسترسال في الحديث أن أثبت أولاً حقيقة واضحة أنني شخصياً ليس لدي مشكلة شخصية معك كرئيس لدولة السودان التي أكن لأهلها الإحترام وهذا بالإشارة إلى النفي الذي قامت به إدارة الفريق "برشلونة" الذي أنتمي إليه وقد تم بالتنسيق معي كما أنني من الناحية الأخرى لست غاضباً من الشخص الذي زور الحقيقة وهي السيدة "بلاسكو". هي وآخرون يفعلون ذلك كل يوم ولكنهم يهدون قميصي بإسمي لأناس أصحاب أعمال ومشاهير يحبونهم وأناس عاديين، أنا لا أكثرت لكل ذلك، ولا أشعر أنني متضرراً أو ضحية، بل أرى في ذلك علامة حب من الناس الذين أكن لهم في ضميري نفس الشي، ولكني كما أسلفت القول لا أحبذ أن يزج بي في عالم السياسة، وتلك هي القضية هذه المرة، أظنك تفهم!.
لا أعرف الكثير عنك ولا عن بلادكم غير معلومات عامة أتلقاها من حين إلى آخر عبر وسائط الإعلام كما أعرف أنها بلاد الفراعنة السود في الماضي السحيق وذات حضارة عريقة وأرض لتلاقح الأعراق والثقافات والعقائد على مر العصور .
لكن هذا الحدث جعلني أفهم أشياء جديدة دون أن تكون خطتي أو إرادتي.. أعني أحوال الحاضر واهواله! .. في الحقيقة لأول مرة أنتبه بطريقة خاصة لهذه البلاد العجيبة! في زحمة أحداث العالم كما أنني أعترف أن إهتماماتي بالجغرافيا والتاريخ ليست جيدة مبررة بمهنتي التي تستنزف جل وقتي، حتى أنني أحيانا أعاني في لقاء أسرتي الصغيرة. أعتذر!.
خلال حفل إفتتاح الأولمبياد في ريودي جانيرو قبل عدة أيام أنفقت جل الوقت أنظر للوفد السوداني في حلته البيضاء من الجلابيب وأغطية الرأس، كان مشهداً متفرداً من حيث الزي وطريقة العرض. وأظن ذلك راق الكثير من الناس. أتمنى لوفدكم النجاح المبتغى وإلا فإن الرياضة ليست فقط عملية حصد مكانيكي للجوائز الذهبية وإنما رمزية الحضور والمشاركة وحدها كافية كونها تضفي مزيجاً من الشعور الإنساني بالتضامن في مواجهة التحديات الكبيرة التي تهدد عالم اليوم: التلوث البيئي والإحتباس الحراري والحروب والإرهاب وإختلال ميزان العدالة بين شعوب العالم.
هذا الحدث مثل عندي نقطة تحول في حياتي!. لقد أجبرت إجباراً على معرفة حقائق كثيرة جديدة كنت أجهلها في الماضي!.
كما تعرفت بشكل أفضل على حقيقة كيف يفكر الناس في النجوم الرياضية من أمثالنا وربما الأخرى ولمست الإحترام الكبير الذي يكنونه لنا مما يجعل لنا أثراً ملموساً في أرض الواقع. وإن صح ذلك فإن هؤلاء النجوم في موضع مسئولية أخلاقية كبيرة في أن يكونو قدوة حسنة لفتيان وفتيات العالم.
معظم الذين كلموني عن حادثة القميص تحدثو عن الأعمال المشينة التي أقترفها فخامتكم في حق شعبكم وآخرين.
وحدثوني بما لم أكن أعلم أنك مطالب بالحضور للمحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، على أثر تهم محددة وفق قوانين ولوائح المحكمة والتحريات التي أجراها قضاتها في السنوات السابقة.
كما عرفت المزيد من المعلومات والأخبار عن الأحداث التي تجري في بلاد السودان. لا يهمني ذلك!، لست لأنني لا أهتم بشئون الآخرين من شعوب الأرض ولكن أعرف أن كل شعب كفيل بالتعامل مع حكامه يتركهم أو يقصيهم من السلطة فهو حر وتلك أقداره، ذلك ليس شأن ميسي ولا الآخرين ممن لا يعنيهم الأمر مباشرة.
إنني فقط لا أريد أن أكون عدواً أو نصيراً لخط من الخطوط السياسية المتناحرة في بلادكم. أشدد على تلك النقطة!.
لكني في المقابل ككل الناس الأسوياء أكره الظلم والطغيان وتلك مسألة أخلاقية يمليها الضمير الإنساني، لذا لقد راعني ما علمت من كم المظالم السياسية والأخلاقية التي فعلها نظامكم ببلاد السودان.
إنني لم أشهد شعباً في العالم يكره قيادته السياسية كل هذا الكره وهي مصرة وقادرة على البقاء في السلطة مع إعمال ذات القدر من الكراهية لشعبها.. إنه لأمر محير!. ربما هي معادلة التخلف!.
في اليوم الأول من الخبر هاتفتني والدتي العزيزة "سيليا كوتشيني" مبدية قلقلها ولم يهدي روعها حتى النفي الذي قامت به إدارة النادي مما دعاني لإعمال مزيد من الإجراءات الوقائية.
إذ أن والدتي تظن أنني في خطر كون ليس كل الناس الذين سمعوا الخبر قد يسمعون النفي وهذا مصدر تشويه للسمعة، وربما حدث المزيد! من واقع ما قد يظنه البعض مساندة مني لشخصكم ونظامكم ضد الضحايا المحتملين. أنا لا أفعل ذلك!. أشعرني الآن في وضع حرج!.
لذا ربما أطلب منك أن تقول لشعبك الحق ولو لأول مرة وذلك أنك شخصياً تعرضت للإحتيال بواسطة السيدة بلاسكو وأن القميص الذي أهدتك تلك السيدة ليس قميصي كما أنني لا أعرفها ولم أكلفها بذلك ولا أحد من كان بإهداء قميصي لك. أعرف أنك تفهم ذلك، ولكن أريد منك خطوة عملية.
الأمر مقلق جداً، لا تظنها مزحة، ليست بالنسبة لي ولا أهلي!.
دعني اذيعك سرا!: لقد أضطرت والدتي في خطوة متهورة للإتصال بالسيد "ثامبو أمبيكي" الرئيس الجنوب أفريقي السابق كي تتحقق بنفسها من الصورة العامة للحدث بعد أن علمت أنه حليفك المقرب وظل عبر عدد من السنين يقود المفاوضات بين نظامكم والجماعات المعارضة والمتمردة في بلادكم.
الرئيس أمبيكي صديق قديم للأسرة منذ عهد الزعيم الأفريقي العظيم نيلسون مانديلا. لا أفهم ولا أذكر كلما قاله لها لكنه حاول أن يهدي من روعها. وأخبرها أنه بصدد إجراء صلح عام في بلاد السودان التي يتحارب أهلها منذ عهد بعيد.
وهو بالمناسبة متعاطف جداً معك وذكر أنه أرسل رسالة إلى مجلس الأمن يقول فيها بأولوية العدالة السياسية على العدالة الجنائية.
إنه يقول أنه أرسل أدلة منطقية إلى مجلس الأمن الدولي معضدة بأمثلة عملية أن جميع المحاولات السابقة التي سعت إلى تحقيق العدالة الجنائية أولاً فشلت في تحقيق الهدف!.
وضرب أمثلة بالنجاح الذي حققته جنوب أفريقيا في عهد الزعيم نيلسون مانديلا من إغفال متعمد ومخطط له للعدالة الجنائية لمصلحة العدالة السياسية من باب أن مصلحة الناجين فوق مصلحة الضحايا الذين قضوا نحبهم. إنه فهمه الخاص للقضية. وذلك ما يسعى إلى تطبيقه في الحالة السودانية.
مع أنه تهكم بعض الشي بأن قال المشكلة الوحيدة في حالة السودان أنه يفتقد الى زعيم مثل "نيسلون مانديلا" كما ليس بالسودان حتى الآن أي بنية تحتية أومدنية أو إدارية أوعدلية كالتي خلفها نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا مما سهل عملية العدالة السياسية متبوعة بغفران ذنوب الرجل الأبيض لما قدم من خدمات مادية ومعنوية حضارية للبلاد طوال ثلاثة قرون في الحكم وعلى شناعة تلك الذنوب.
وبرغم كل ذلك فهو ماض في سبيل تطبيق النموذج الجنوب أفريقي في السودان في ظل ظروف لا تشبه أصل المثال، إنه لا يجد وسيلة أخرى، فهو في حيرة من أمره!.
ليس لدي الكثير لأقوله في تلك النقطة غير أنني أتمنى أن تجد حلاً للأزمات التي تضرب بلادكم.
الرئيس أمبيكي ذكر بالإضافة إلى ذلك مقترح تقدمت به سراً جهات من داخل نظامكم بأن تترك السلطة وترحل إلى دولة عربية حليفة مع ضمان عدم أي ملاحقات جنائية محتملة.
غير أن أمبيكي نفسه يستبعد حدوث ذلك لأسباب داخلية تتمثل في رغبة البعض في إستمرار موازين القوة على ما هي عليه. وأخرى خارجية تتمثل في عدم ثبات المعادلات الدولية الحالية وبالذات في حالة فوز المرشح الأمريكي للرئاسة دونالد ترامب في شهر نوفمبر المقبل.
وعلى كل حال فإن أمبيكي يبدو أنه يفعل جهده للوصول لصيغة تضمن لك البقاء في الحكم أطول مدة ممكنة. آسف لإسرافي في تلك النقطة لكن فقط ذلك ما وصلني من والدتي وهي بعد قلقة!.
وشي خاص على سبيل المناسبة، إذ ذكرت أنني لا أعرف أي شي عن السودان، هذا صحيح!، ليس الكثير، قليلاً جدا، لكني في خضم هذه الأحداث هذه الأيام توصلت إلى حقيقة أبهجتني غاية البهجة ذلك أن اللاعب الموهوب "فصيل العجب سيدو تية" سوداني الأصل وأنه نجم فريق المريخ السوداني، كم هذا جميل!. لقد كنت وأنا صغير كثيراً ما أشاهد لقطات كروية مبدعة للعيبة عالميين كبار من مختلف القارات كان من أفضلهم عندي هذا "العجب" برغم عدم علمي بجنسيته آنذاك، لم يكن ليهمني فليس للرياضة جنسية!.
وفي الختام ربما أقترح عليك السعي الجدي للبحث عن أفضل الوسائل لتحقيق سلام عادل في بلادكم عبر تضحية ذاتية وحزبية تضع مصالح البلاد والعباد في المقدمة، وذلك أمر تستطيع أن تفعله بنفسك، بلا حوجة للوسطاء من أمثال ثامبو امبيكي أو غيره، وعندها ربما أحترمك شعبك أفضل وغفر لك ذنوبك مثلما غفر أهل امبيكي للرجل الأبيض ذنوبه، لأن الرجل الأبيض كان حكيماً وبادر بنفسه في التنازل عن السلطة وفق وقائع اللحظة السياسية والتاريخية. افعل، ستشكرني يوما!.
وفي تلك اللحظة وحدها ستجد أنت شخصياً الوقت الكافي للإهتمام بقطاع الرياضة في بلادكم كي تصنع مواهباً كروية في قامتي أو أفضل مني تفخر بهم أمام العالم وتهدي انت بنفسك قمصانهم لرؤساء ومشاهير العالم مرفوع الرأس ودون الحوجة لهذه المآزق والإحراجات التي تضعون فيها أنفسكم الآن. هل تفعل!.
ملاحظة أخيرة هامة: لا أمانع في زيارة السودان بل أحب إن تحقق السلام العادل في بلادكم، وأعلن منذ هذه اللحظة أنني سأهديك قميصي بنفسي بلا وسيط مزيف وسأشارك فريقكم القومي بأستاد الخرطوم في مهرجان السلام. ذلك وحده الأمر المشرف الذي يفعله النجوم العظام من أمثالي مع الرجال العظام أمثال نيسلون مانديلا، ولا شيء غيره.
Quote: محمد جمال الدين، لاهاي/هولندا .. "قصة قصيرة"
بالله لو واحد اكتفى بنصف هذا الكلام دون قراءة باقي الكلام خاصة السطر الأخير....يعني يكون ركب ماسورة! القصة قصيرة كانت أو طويلة لا يستحسن أن يستخدم فيها اسماء حقيقية وشخصيات حقيقية ...حتى لا يعد هذا كذب حتى ولو كان بنية حسنة............... هذا ورغم حسن صياغة ما كتب ...لكنه كان في النهاية كذب...كأن الإنسان يكذب ثم يقول في الأخير هذه كذبة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة