رسالة عاجلة للرئيس البشير وقوى نداء السودان:المنطلقات الوطنية والدينية تحتم الوقف الفورى لإطلاق النا

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-14-2024, 08:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-18-2015, 12:50 PM

يوسف الطيب محمد توم
<aيوسف الطيب محمد توم
تاريخ التسجيل: 03-27-2014
مجموع المشاركات: 182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رسالة عاجلة للرئيس البشير وقوى نداء السودان:المنطلقات الوطنية والدينية تحتم الوقف الفورى لإطلاق النا

    12:50 PM Jun, 18 2015
    سودانيز اون لاين
    يوسف الطيب محمد توم-
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    بسم الله الرحمن الرحيم
    يقول الله تعالى:(ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين)صدق الله العظيم
    وقال المعصوم صلى الله عليه وسلم:(إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية)
    وقال الشاعر:تأبى الرماح إذ إجتمعن تكسراً****وإذا إفترقن تكسرت أحاداً
    الأسباب التى دعتنى لكتابة هذه الرسالة ومناشدة الرئيس البشير،ومن ثَم قوى نداء السودان ومكونها الرئيس والمسلح الجبهة الثورية ،هو أولاً: ما حدث فى جوهانسبيرج وتناقلته كل أجهزة الإعلام العالمية وبمسمياتها المختلفة،من إجراءات أتخذت بواسطة المحكمة العليا فى دولة جنوب أفريقيا،حيث أمرت هذه المحكمة بمنع وقتى للرئيس البشير من مغادرة أراضى جنوب أفريقيا ،لحين البت فى طلب التسليم المقدم من المحكمة الجنائية الدولية ،ولكن الرئيس تمكن بواسطة الدولة المضيفة(السلطة التنفيذية)من مغادرة أراضى جنوب أفريقيا قبل الفصل فى الطلب.
    وبالعودة للسبب الأول ،بالرغم من المظالم الكبيرة والكثيرة والتى وقعت على السواد الأعظم من الشعب السودانى من قبل نظام الإنقاذ والذى يرأسه المشير عمر البشير منذ تاريخ الإنقلاب 1989م وإلى يوم الناس هذا،إلا أنَ عدداً غير قليل من هولاء المظلومين تناسوا هذا الظلم وتعاطفوا مع الرئيس فى محنته المذكورة أعلاه،حيث أن وطنيتهم وغيرتهم على كل سودانى وقعت عليه نازلة من خارج السودان أو بأيدى أجنبية وبغض النظر عن مكانته الوظيفية أو الجهوية ،أن يبادروا ويعلنوا مساندتهم لبنى جلدتهم وأول هولاء الوطنيون الأقحاح الإمام الصادق المهدى والذى إعتبره أول وأكبر ضحايا الإنقاذ،إذ تم الإنقلاب على حكومته المنتخبة ديمقراطياً،وتمت هذه الإنتخابات وفقاً لكل معايير النزاهة والشفافية وحرية الإختيار والمرعية عالمياً،فأخر رئيس وزراء منتخب ،ناشد الإتحاد الأفريقى وسلطات جنوب أفريقيا بعدم تسليم البشير للجنائية،مقابل قيام الأخير بتشكيل حكومة إنتقالية ذات مهام محددة،كوقف الحرب وصياغة دستور ترتضيه كل القوى السياسية والمصالحة العامة وإجراء إنتخابات حرة ونزيهة وعلى كل المستويات،ونحن هنا ،نساند هذه المطالب المشروعة وذلك من أجل نقل وطننا الحبيب من حالة الإحتقان الكبير الذى يعيش فيه إلى وضعٍ أفضل بحول الله.
    أما السبب الثانى :فهو حلول شهر رمضان المعظم ،هذا الشهر الكريم والذى يتمنى كل إنسان أن يسمو فيه روحياً ،وأن يعمل بكل ما أوتى من قوة من أجل تحصيل وجمع الحسنات وإدخارها ليومٍ لا ينفع فيه (مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم)وكذلك لا تنفع فيه سلطة أو جاه فالجميع سواسية، القدم مع القدم لحين ساعة الحساب أمام ملك الملوك الواحد القهار ويكفى قوله جل شأنه:(لمن الملك اليوم لله الواحد القهار).كما أن ديننا الإسلامى يحثنا على عمل ،الأعمال الطيبة،والتى هى فى مصلحة المسلم فى الدنيا والأخرة ولغير المسلم فى دنياه ،هكذا وجهنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ،بسماحة التعامل والمعاملة مع جميع البشر بغض النظر عن دينهم أو جنسيتهم أو غير ذلك ،وعلى كلٍ لا بد للرئيس البشير من المبادرة وإعلان وقف شامل لإطلاق النار فى المناطق الثلاث(دارفور-جبال النوبة-جنوب النيل الأزرق)وتشكيل حكومة إنتقالية لتنفيذ المهام المذكورة أعلاه وبالمقابل لابد من الإستجابة الفورية من قبل قوى نداء السودان ،وخاصةً مكونها الرئيس الجبهة الثورية،وحزب الأمة القومى وقوى الأجماع الوطنى بالداخل فالمواطن فى هذه المناطق المذكورة أعلاه قد عانى الكثير ومازال يعانى من نزوحٍ ولجوء وفقدٍ للمأوى والولد والزرع والضرع،والحياة الأمنة والمستقرة،فما لا نقبله لأسرنا من تشردٍ ومسغبة وإنعدام لأبسط مقومات الحياة،يجب علينا من ناحية دينية ووطنية وأخلاقية ،ألا نقبله لإخواننا وأخواتنا وأمهاتنا وأطفالنا فى المناطق المذكورة أنفاً.
    اللهم ندعوك فى شهرك العظيم هذا ان يعم الأمن والسلام والرخاء جميع أنحاء وطننا الحبيب ،وأن تولى أمورنا خيارنا وأن تبعد عنا شرارنا سواء كانوا فى الحكومة أو المعارضة.وماذلك على الله بعزيز
    د.يوسف الطيب محمدتوم-المحامى
    mailto:[email protected]@gmail.com



    أحدث المقالات

  • القربان قصة قصيرة بقلم صابر جمعة بابكر 06-18-15, 01:55 AM, صابر جمعة بابكر
  • الى فضيلة مولانا الشيخ محمدعثمان صالح بقلم عوض سيداحمد عوض 06-18-15, 01:49 AM, عوض سيداحمد عوض
  • هؤلاء تعلمت منهم ! آلدكاترة أحمد عبد العزيز يعقوب أخر الدكاترة المتفقهين ! بقلم عثمان الطاهر المجمر 06-18-15, 01:45 AM, عثمان الطاهر المجمر طه
  • ما هكذا تورد الإبل ياقيادة الجبهة الثورية بقلم إبرهيم أوتهاب إبرهيم بليه 06-18-15, 00:41 AM, مقالات سودانيزاونلاين
  • البشير .. مكبلاً بالأصفاد- بالنية! .. بقلم عثمان محمد حسن 06-18-15, 00:38 AM, عثمان محمد حسن
  • تجميد مذكرة الجنائية وسحبها نهائيا رهين بتحقيق السلام الشامل الحقيقي بقلم المثني ابراهيم بحر 06-18-15, 00:34 AM, المثني ابراهيم بحر
  • بالله عليكم ، كيف ذهب البشير جنوب أفريقيا مطلوباً دولياً وعاد بطلاً قومياً !؟ بقلم عبدالغني بريش فيو 06-18-15, 00:32 AM, عبدالغني بريش فيوف
  • الفرصة مازالت مواتية لاسترداد التعايش السلمي بقلم نورالدين مدني 06-18-15, 00:30 AM, نور الدين مدني
  • الاجتماع الموسع لانصار المقاومة الايرانية بباريس – بارومتر الثورة الشعبية الايرانيه: متابعة - صافي ا 06-18-15, 00:28 AM, صافي الياسري
  • حماس واسرائيل والتحالفات المرحلية بالمنظور الوطني بقلم سميح خلف 06-18-15, 00:27 AM, سميح خلف
  • التهدئةُ قائمةٌ بين المقاومةِ وإسرائيل بقلم د. فايز أبو شمالة 06-18-15, 00:25 AM, فايز أبو شمالة























                  

06-18-2015, 02:38 PM

د/يوسف الطيب/المحامى


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة عاجلة للرئيس البشير وقوى نداء السود (Re: يوسف الطيب محمد توم)

    تجميد مذكرة الجنائية وسحبها نهائيا رهين بتحقيق السلام الشامل الحقيقي بقلم المثني ابراهيم بحر


    00:34 AM Jun, 18 2015
    سودانيز اون لاين
    المثني ابراهيم بحر-
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    الزمان رمضان في العام قبل الماضي
    2013,المكان ضاحية كافوري, في مائدة رمضانية دعا لها رئيس السلطة
    الانتقالية لدارفور التجاني سيسي العشرات من النافذين في هرم الدولة
    التشريعي والتنفيذي ونجوم المجتمع اضافة للعديد من اعيان دارفور في
    منزله الفخيم بضاحية كافوري, وكان في مقدمة الصفوف السيد رئيس الجمهورية
    الذي خاطب الضيوف عقب الافطار , واعترف رئيس الجمهورية صراحة امام
    الضيوف بأن حكمه قد شهد ظلما خيم علي البلاد وتسبب في الجفاف وتأخير نزول
    الامطار, والمدهش ان رئيس الجمهورية بدأ حديثه نادما علي غير العادة
    وهو يتحدث بحسرة عن الدماء التي اريقت في دارفور وقال : نحن فرطنا في
    سماحة اهل دارفور وسماحة الاعراف ودماء بعضنا البعض, واضاف البشير: اننا
    جميعا نسعي للعتق من النار في هذا الشهر الكريم, ونسأل الله ان يستجيب
    لدعائنا, غير انه سرعان ما استدرك قائلا : كيف يستجيب الله لدعائنا ونحن
    نسفك دماء المسلمين ودماء بعضنا البعض , ونحن اعلم بأن زوال الكعبة
    اهون عند الله من قتل النفس , وتساءل المشير كيف نسأل الله الرحمة
    وايادينا ملطخة بالدماء.........!

    حديث رئيس الجمهورية في منزل السيسي هو اعتراف علي
    الظلم الذي حاق بأهل دارفور وهو يتحدث بحسرة بعد ان تلطخت اياديهم بدماء
    الضحايا , وبات الاقليم الكبير يئن بفضل افلام الرعب لكي يظل اهل
    دارفور مرعوبين من هول تلك الفواجع, وصارت اخبار الاقليم تتصدر
    الفضائيات بفضل تلك المأسي التي تضاعف الهم والغم , ولكن ما يثير التعجب
    في كلام رئيس الجمهورية تأكيد ندمه علي ما حدث ويحدث في دارفور, ومصدر
    التعجب ان بعد ندم الرئيس كان من المفترض ان يقرن القول بالفعل ,
    لأن الندم والتوبة التي جاءت علي لسان المشير لها شروط وعليها
    التزامات ,اولا الندم علي مافات,ثانيا الاقلاع عن الذنب في الحال ورد
    المظالم لأهلها , ولكنها كانت مجرد تمثيلية اعتاد عليها المشير , فلا
    يزال الاقليم الكبير حتي الان يئن من هول تلك الفواجع والمأسي الدامية
    ,ويرفض المشردين في معسكرات اللاجئين الرجوع الي قراهم لانعدام الامن
    وقصف الجيش الحكومي للقري بالطائرات واستباحتها بواسطة الجنجويد , وتفنن
    النظام في انتاج الازمات في اقليم دارفور وعلي سبيل المثال النزاع بين
    القبائل دون تدخل الدولة لفرض هيبتها الا بعد ان تفقد ارواح كثيرة,
    اضافة الي استهداف ابناء دارفور في الجامعات الي درجة القتل , فالاحداث
    الاخيرة التي شهدتها عدة جامعات داخل الخرطوم امتدت حتي جامعة دنقلا
    استهدفت طلاب دارفور بالعنف , وامتدت يد الارهاب لتطال ابناء دارفور
    خارج الاقليم الكبير , للقضاء علي حركات المقاومة وشباب دارفور الناشطين
    بالجامعات الذين يحملون هم( بنو جلدتهم) وينشطون عبر الجامعات في
    معارضة هذا النظام القمعي الذي تخصص في قتل ذويهم وشردهم في المعسكرات
    , فأصبحوا مستهدفين داخل الجامعات بالانتهاكات المتكررة التي تتم بحقهم
    من اعتداءات عنيفة واعتقالات عشوائية بقصد ارهابهم في المقام الاول ,و
    استهداف طلاب دارفوربالجامعات هو امتداد لسلسلة من انتاج افلام الرعب
    ضمن سياسات النظام الحاكم بحق الاقليم المنكوب تهدف الي ارهاب ابناء
    الاقليم و تقليص عدد سكان الاقليم الاكبر من حيث الثقل السكاني الي اقل
    عدد يمكن الوصول اليه لشيئ في نفس يعقوب , وهذا المخطط جلب الدمار
    للأقليم وتشرد نصف سكانه في معسكرات اللاجئين والمنافئ القسرية
    والولايات الاخري.
    فالاحداث المأساوية التي جرت في اقليم دارفور و راح
    علي اثرها مئات الالاف من الضحايا وتشرد ضعفهم , اعترف علي اثرها رئيس
    الجمهورية بأن عهده شهد ظلما حاق بالاقليم الكبير ....! و كانت سببا في
    ان تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق رئيس الجمهورية، في
    مارس 2009, وبدلا من ان يمضي النظام منذ ذاك الوقت في اتجاه الحل الصحيح
    للازمة لجأ الي تعقيدها , اذ تم تعيين محمد بشارة دوسة علي وزارة
    العدل هذه الشخصية الانتهازية والمليئة بالتناقضات, وقد قصد اولياء
    النظام الحاكم بأن يتولي احد ابناء دارفور(الانتهازيين) هذا المنصب المهم
    لعدة اسباب , اهمها : من اجل ايهام المجتمع الدولي والرأي العام
    بتعيين احد ابناء الاقليم المنكوب في هذا المنصب المهم ,وقد تسلق
    الوزير محمد بشارة دوسة الدرجات في وزارة العدل التي كان يشغل فيها منصب
    مستشار , تسلق السلم بطريقة دراماتيكية حتي وصل الي سدة القيادة , وقد
    قصد اولياء النظام اسكات الاصوات التي كانت تنادي بالمحاسبة والقصاص
    لكل من تورط في ازمة دارفور, ولكن ماذا سيضير فهذا هو احد ابناء الاقليم
    قد اصبح علي سدة وزارة العدل بأعتبار انه سيكون من اكثر الموجوعين علي
    المعاناة التي يعيشها بنو جلدته....! وبمعني ان الرأي العام سينظر
    للنظام الحاكم بأنه وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ,ومشكلة هذا
    النظام الذي يرفع شعارات الاسلام يعتقدون انهم يتحايلون علي رب العالمين
    , فتللك النفوس المريضة كتب الله عليها قصاص, فنظام الابادة الجماعية
    يفتكر انه علي درجة عالية من الفطنة بأستخدام الوزير دوسة من اجل طمس
    واخفاء معالم الجرائم التي ارتكبت في دارفور ومن خلال لجان قانونية
    وامنية شكلت صوريا ومحاكمات (فشنك) لايهام الرأي العام والدولي تحت مظلة
    العدالة وحساب القانون ....!


    من المشاهد الدرامية العالقة بالاذهان في اعقاب مذكرة
    اوكامبو في حينها تلك الكوميديا المضحكة لهيئة علماء السلطان , اذ
    اصدرت فتوي بعدم جواز سفر الرئيس الي قطر , اراد بها فقهاء السلطان
    توفير غطاء شرعي لعدم سفر الرئيس الي قطر عندما ظنوا ان تلك هي رغبته ,
    فأن كان لاعضاء الهيئة كرامة شخصية واحترام للذات لكانوا فضوا سامرهم
    ومضي كل الي حال سبيله منذ ان ضرب رئيس الجمهورية عرض الحائط بفتواهم
    بعدم السفر الي قطر لحضور مؤتمر القمة الاسلامي حينذاك بعد صدور قرار
    محكمة الجنايات الدولية, ولكن لأن الامر ليس أمر دين وانما اتجار به
    لأغراض سياسية, فقد صمتت الهيئة ولم تقل ان رئيس الجمهورية يخالف بسفره
    حكما شرعيا ضمن الذي تستلزمه فتاويها التي تلزم من يفترض انه ولي امر
    المسلمين حسب فقهها الابتر.....! ولكن بدلا من الجعجعة واصدار الفتاوي
    المفصلة للسلطان , كان علي الحكومة اذا كانت جادة ان تشكل محاكم وتقدم
    الجناة الي المحاكم , فلن يجدي لنظام الانقاذ ان يحول المسألة لقضية
    شخصية مع اوكامبو او مدام فايتو او اوباما او المجتمع الدولي , ولنتذكر
    ان القضية احيلت الي محكمة الجنايات بواسطة مجلس الامن الدولي بحضور
    حلفاؤها مثل الصين ويعني هذا اقتناع المجلس بوجود بينات مبدئية علي وقوع
    الجرائم , كما يعني اقتناعه باختصاص المحكمة بالقضية , فكل اعضاء المجلس
    ليسوا جاهلين بالقانون الدولي ولن يجدي كذلك اسلوب العنتريات
    والمسيرات التي يحشد لها صبية المدارس وموظفو الخدمة المدنية , ولا مجال
    للتعويل عن الفيتو الصيني كما ظل يصرح به اولياء النظام مرارا فقد (فات)
    اوان الفيتو منذ احالة القضية, ولا معني للحديث عن عدم الاعتراف بالمحكمة
    فهي حقيقة ماثلة وقد وقع السودان علي نظامها الاساسي وان لم يصادق,
    والفرق كبير بين عدم الاعتراف بالمحكمة, وعدم الاعتراف بأختصاصها بالقضية
    ,و امضي سلاح للتعامل مع ملف لاهاي هو الاجماع الوطني الحقيقي علي حل
    مرضي لكل ازمات الدولة السودانية وخصوصا دارفور لاقناع المجتمع الدولي
    بتجميد المذكرة تمهيدا لسحبها نهائيا بعد تحقيق السلام.

    من المؤسف جدا ان نشاهد اكاذيب نافذين في عصبة
    البشير وهي تنفي الاخبار الواردة من جنوب افريقيا ونحن في زمن العولمة
    والمعلومة الحاضرة .....! فبحسب رؤيتي للمشهد الذي تصدر وكالات الانباء
    في وقته , فقد اشرت علي صفحتي باحدي مواقع التواصل الاجتماعي, بأن
    المشهد لا يحتاج لعناء جهد وتحليل عميق , فالسياسة ستتغلب علي القضاء في
    هذه المعركة التي جذبت انظار العالم اجمع , اذ سيرجع البشير الي
    الخرطوم (خيبانا ومدحورا) بغض النظر عن قرار محكمة جنوب افريقيا لعدة
    اسباب اهمها : هنالك ضمانات من الإتحاد الأفريقي وحكومة جنوب افريقيا
    للبشير في مسألة الحضور والمغادرة , فلا يمكن ان يذهب الرئيس وطاقمه من
    دون ان يتلقي اي ضمانات من حكومة جنوب افريقيا , وبالتالي لا تستطع أي
    قوة احتجاز البشير في جنوب افريقيا التي اعطته الضوء الاخضر مالم تكون
    هنالك مؤامرة من حكومة جنوب افريقيا وهذا امر مستبعد ,والسبب الثاني
    يعود لضغط المجتمع الدولي ممثل في امريكا وحلفاؤها , فهم يعولون كثيرا
    علي حكومة يقودها ( البشير) فالمجتمع الدولي يكيل بمكيالين فهو في العلن
    يعلن مساندته لقرار المحكمة الجنائية لتبييض ماء وجهه واحترام الرأي
    العام , ومن ( تحت الطربيزة ) يري ان تسليم البشير سيفقده ورقة رابحة و
    حليف ( مهم جدا) لرئيس دولة استراتيجية بحسب موقعها الجغرافي مطلوب
    للعدالة الدولية لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية , وبالتالي
    يسهل ابتزازه علي خلفية السيف المسلط علي (رقبته) لخدمة اجندة بعينها نفذ
    منها الكثير وسيستمر في تنفيذ كل ما هو مطلوب لأطول فترة ممكنة .
    فالبشيرهو البقرة الحلوب التي (رمت) بها الاقدار في
    وجه المجتمع الدولي الذي وجد ضالته في هذه الشخصية التي اجتمعت فيها
    سوءات يندر ان تو جد في غيره , وبالتالي من الصعب جدا ان يضحي المجمتع
    الدولي بالبشير في الوقت الحالي ما لم يجد البديل المناسب الذي تتوفر
    فيه علي الاقل نفس الشروط للاستمرار علي نهج سلفه , فالمشاهد التي حدثت
    في جنوب افريقيا يجب ان يرعوي لها النظام جيدا بعيدا عن المكابرة في زمن
    العولمة والمعلومة الحاضرة , وطالما ظل سيف الجنائية معلقا علي رقبة
    المشير فهذا يعني مزيدا من الابتزاز السياسي وتقديم التنازلات
    والانكسارات لتوجيهه بالريموت كنترول الذي يمسك به المجتمع الدولي,
    وسيظل المشير حجر عثرة امام النظام الحاكم الذي لن يستطيع الصبر طويلا
    امام هذا الكابوس مما يجعله لان يلجأ لعدة سيناريوهات للاطاحة بالبشير
    من سدة الرئاسة , بل من سدة الحياة , وهذا ما ستسفر عنه الايام , اما
    اذا ارادت الحكومة الخروج الي بر الامان وطي ملف لاهاي الي الابد, فلا
    بد من تحقيق السلام واحلال العدالة لانصاف المظلومين في كل ربوع الوطن
    تمهيدا لسحب المذكرة نهائيا كما اشرنا فهذا هو المخرج الوحيد للنظام
    الخروج من براثن المحكمة الجنائية التي اصدرت مذكرتها لغياب العدالة عن
    هذا الوطن .

    ادعياء الاسلام في السودان الذين يتلي فيهم قوله
    تعالي(ويطعمون الطعام علي حبه مسكينا ويتيما واسيرا) قالوا لجنودهم نهارا
    جهارا وهذا الحديث موثق في اجهزة الاعلام لا نريد جرحي او اسري! ويكفي
    هذا وحده للادانه في (لاهاي) التي تطارد هؤلاء القتلة والمجرمين,فالذين
    يكابرون عن تقديم المشير الي الجنائية نقول لهم ليس لدينا اي مانع
    بمحاكمة الجناة داخل الوطن, ولكن بماذا سيحاكمون اذا كانت العدالة غير
    متوفرة ....؟ وهل سيستطيع الجاني ان يعاقب نفسه ....؟ فقد ظل الجنرال
    ميلاديتش اخر المتهمين بالابادة الجماعية في دول البلغان شريدا الي ان تم
    القبض عليه وتسليمه الي محكمة العدل الدولية, والصرب متهمون بابادة
    ثمانية الاف من المسلمين والحكومة السودانية اعترفت بعشرة الاف في دارفور
    والمصيبة الكبري ان المتهمين يشغلون اعلي المناصب الدستورية اصرارا علي
    الذنب وتماديا في الباطل وافلاتا من العقاب وتعطيلا للحكمة القرانية
    الخالدة (ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب )
    لقد كشفت احداث كثيرة جرت في عهد الانقاذ بوضوح
    فساد الاجهزة العدلية للشعب السوداني وفضحت قول كل مكابر عن مأساة الشرطة
    والنيابة و القضاء وكل الاجهزة المعنية بالعدالة , وفضحتها امام العالم
    اجمع في زمن العولمة والمعلومة الحاضرة علي حبال الفضائيات و(دقت) احداث
    هبة سبتمبر اخر مسمار في نعش الاجهزة العدلية الهزيلة, فاذا كانت قضية
    وزير الداخلية الشهيرة قد تمت احداثها في الخفاء واسفر التحقيق في قضية
    عمارة الشرطة عن اتهامات تتعلق باستغلال النفوذ وانتهي ذلك بالتسوية ونقل
    الوزير الي منصب اكثر اهمية, وكذلك قضية مكتب والي الخرطوم السابق
    ,فالتسويات في عهد حكومة البشيرتقوم علي ان المال(تلتو ولا كتلتو) وذلك
    مدخلا للفساد والافلات من العقاب , وكما ان هناك ضحايا بورسودان وامري
    وكجبار وهبة سبتمبر لم نري محاكمة المتهمين حتي الان , فالقضاء
    والمحققون في السودان موظفون وجلادون يتسلقون علي اكتاف الضحايا لان
    هدفهم ارضاء سادتهم واولياء نعمتهم طمعا في الترقيات والمناصب والمخصصات
    او حبا في السلطة والتسلط , ولا يخشي ممثل الاتهام في النظم الديمقراطية
    من المتهم ومحاميه بقدر ما يخاف من موقفه امام القاضي ويعمل له الف حساب
    ,لان القاضي حارس للحقوق العامة والخاصة يحكمه ضميره وحسه المهني
    ومسؤليته الاخلاقية وقواعد العدالة ومتطلباتها , فهو لا يحكم بالظنون
    والشبهات , او لمصلحة شخصية , فأما بينة صادقة واما فلا, واي قدر من
    الشك يفسر لصالح المتهم وتلك هي القواعد التي اصبحت قاعدة تشريعية لدي
    الدول التي توصف بالنصرانية والالحاد.

    وبالتالي غياب العدالة والتستر علي المجرمين بعدم
    تقديمهم للمحاكمة هي ما دفعت باصدار مذكرة اوكامبو الشهيرة في العام 2009
    , وغياب العدالة هي ما دفعت بالعقيد (م) مصطفي التاي وهو احد مظاليم
    نظام الانقاذ التي تسببت في طرده من الخدمة و ظلمه وتعذيبه من قبل صلاح
    قوش علي ابشع نحو , وبدلا من الذهاب في درب التقاضي( وفر) الجهد و
    الوقت علي نفسه بأضاعة الزمن واهداره فيما لا طائل منه للمطالبة بحقوقه
    , وبعث برسالة معبرة الي صلاح قوش الذي كان قد طالب العفو من الشعب
    السوداني ورد عليه : بانه يرفع يديه صباحا ومساء وعند كل صلاة للمولي
    عز وجل طالبا القصاص , واضاف قائلا له : ليس لدينا ما نقوله سوى موعدنا
    يوم لا يوم أعظم منه، وأمام من لا يظلم عنده أحد، وهو شاهدنا، وشكوانا
    أمامه منذ حوالي عقدين من الزمان, وليس أمامك إلا التوبة النصوحة ولكنها
    بعيدة المنال إن لم تكن مستحيلة. فالتوبة النصوحة لها ثلاثة شروط:
    الإقلاع عن الذنب في الحال، والندم على ما فات، ورد الحقوق إلى أهلها .
    فالشرطان الأول والثاني بينك ورب العباد أما الثالث فبيننا وبينكم ورب
    العباد وهو أعلم بما في نفوسنا نحوكم.! , فالرسالة معبرة ودرس بليغ
    علي اولئك الظالمين الذين يظنون ان باب التوبة مفتوح بهذه السهولة, وان
    الظلم واكل اموال الناس بالباطل يمكن ان يمحي بكثرة الصلوات والحج
    الي بيت الله كل عام ويستغفرون هكذا بكل سهولة......! فرسالة العقيد
    (م) صلاح التاي رسالة لكل من له مظلمة من هذا النظام ان يرفعها امام
    محكمة الواحد العادل الفرد الصمد, الذي يعلم السر واخفي ,ولا يظلم امامه
    احد , وانا بدوري ارفع هذا البلاغ بأسم كل الضحايا والمنكوبين في حقبة
    الانقاذ بأسم الشهيد د علي فضل ومجدي محجوب والطيار جرجس وشهداء رمضان
    الذين اعدموا بدون اي محاكمات , مرورا بضحايا يناير في بورسودان وضحايا
    دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وضحايا هبة سبتمبر الي ضحايا الجريف
    , وكل الشهداء الذين تساقطوا من كوارث الوطن وغصاته , وبأسم كل الذين
    شردوا من وظائفهم بغير وجه حق ,وبأسم كل الثكالي واليتامي ارفع هذا
    البلاغ ضد حكومة الانقاذيين امام محكمة المولي عز وجل ,امام من لا يظلم
    امامه احد الواحد القهار العادل القوي الجبار ذو القوة المتين , فيا
    لغبن الخنساء التي ماتت بغصة الحزن والدموع وخصصت لمأساتها بحوثا مطولة
    لو كانت تعلم بأنه سيأتي يوم يكون فيه للبكاء تاجا ومباريات للتتويج,
    لوفرت علي نفسها دموعا اودت بحياتها ما دام تاج المرأة الباكية سيذهب
    لأخريات في عهد دولة الانقاذيين من الثكالي والمنكوبين.

    ان للنظام الحاكم تاريخ حافل في اهدار فرص الحل
    لازمات الدولة السودانية,فالحوار الذي يفضي الي السلام الشامل الذي
    نريده هومقصد شرعي وانساني يستوجب العدالة , وبالتالي اي خطوة نحو تحقيق
    سلام او وفاق حقيقي في السودان لن يتحقق قفزا علي متطلبات العدالة اما
    قصاصا او تعويضا او عفوا طوعيا من المظلوم , ونحسب ان القصاص هو الرادع
    الحقيقي لقوله تعالي :( ولكم في الحياة قصاص يا اولي الالباب) وبعيدا عن
    الانزلاق عن الهراء الذي تردده ابواق النظام من دور الايادي الخارجية
    كالصهيونية والصليبية والامبريالية في افتعال الازمة استهدافا للاسلام
    وثروات البلاد , علي نظام الانقاذ اذا كان جادا ان يعقد العزم بعيدا عن
    مناوراته المعهودة للوصول الي حل عادل للازمة برؤية قومية , والاستجابة
    للمطالب الجوهرية التي ترفعها حركات دارفور مثل تحديد التعويضات
    المناسبة عن الانفس والممتلكات, واعطاء الاقاليم المهمشة في السودان
    نصيبها في السلطة والثروة والخدمة المدنية حسب ثقلها السكاني, وانزال
    الامر الواقع الذي فرضه العدوان في الاستيلاء علي اراضي قبائل لصالح
    اخري ,ونزع السلاح واجراء محاكمات عادلة , ولا مهرب من التفاوض مع
    الحركات المؤثرة والجلوس مع الحركة الشعبية لأن مشكلتها تتعلق اجزاء
    كبيرة منها بتنفيذ بنود اتفاقية السلام الشامل الخاصة بالمناطق الثلاثة
    , فنحن نحن نريد السلام علي اسس جديدة بعيدا عن المراوغة في التنفيذ
    والتمادي في نقض بنود اتفاقيات السلام , وعلي اسس تستند علي العدالة
    والتنمية وادارة التنوع بعيدا عن التحيزات الايدولوجية والهيمنة
    المسيطرة, فالمقاومة ليست هدفا في حد زاتها بل هي غاية, ولكن النخبة
    الحاكمة لا تريد شركاء حقيقيون في مشروع السلام فقط يدعونهم الي طاولة
    المفاوضات لن يجلسوا عليها بل تحتها ولقد عملوا خلال كل هذه السنوات علي
    (دهس مفاوضيهم) وفق الاجندة السرية تحت باب الاغراءات حتي يتفاوضوا
    وحذاؤهم فوق رؤسهم , ولكن عدالة السماء لا بد ان تثأر لجميع المنكوبين
    والضحايا لأن نهاية القصة معروفة حينما تقذف بهم الاقدار الي مذبلة
    التاريخ, فدولة الظلم ساعة ودولة العدل الي يوم القيامة.

                  

06-20-2015, 03:17 PM

د/يوسف الطيب/المحامى


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة عاجلة للرئيس البشير وقوى نداء السود (Re: يوسف الطيب محمد توم)

    د.أحمد عثمان عمر-الدوحة-قطر
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    (1)
    تحاول حكومة المؤتمر الوطني عبر مصادرة الرأي الآخر و الإنفراد بأجهزة الإعلام المسيرة بواسطة التضليل و الرقابة من جهاز الأمن، أن تبيع الوهم لجماهير الشعب السوداني، و لكنها تفشل لسوء إدارتها لآليات عصف العقول. و ما تقوم به في خصوص ما جرى في جنوب أفريقيا لرئيسها، هو أصدق مثال على ما نقول. فبالرغم من أن الرئيس قد مر بفترة عصيبة أهدرت هيبته و أنزلت مرتبته من رئيس يشارك في قمة أفريقية إلى ممنوع من السفر لحين الفصل في طلب القبض عليه، والبون بين الوضعين شاسع ، وهذا أمر واضح لكل ذي عينين و لا يمكن إخفاؤه. وهو وحده يؤكد مدى الفضيحة التي حدثت للحكومة ، دون الأخذ في الإعتبار و اقعة الهروب الكبير و إهانة القضاء في الدولة المضيفة.
    (2)
    و قبل كل شئ، أكدت الإجراءات التي تم إتخاذها أمام محكمة بريتوريا في مواجهة الرئيس البشير، أن أوامر التوقيف أو القبض الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة الرئيس، معتبرة و فاعلة ، بدلالة أن القضاء الوطني في دولة بحجم جنوب أفريقيا قد أصدر قراراً بمنع سفر الرئيس البشير إستناداً إليها لحين إتخاذ قراره بتنفيذها من عدمه. أي أنها شكلت أساساً لإجراءات قضائية في مواجهة الرئيس البشير أدت إلى صدور قرار بمنعه من السفر. و لا يقول قائل أن منع السفر من الممكن أن يصدر حتى في حالة المنازعات المدنية لإضعاف أهمية القرار، وذلك لأن القرار صدر في إجراءات جنائية أولاً، ولأن المهم أن الأوامر المذكورة كانت أساس صدوره. و هذا يعني ببساطة أن الحكومة السودانية تكذب حين تقول أنها هزمت المحكمة الجنائية الدولية، و تذهب عريضاً في المبالغة حين تقول أنها دفنتها.
    يضاف إلى ذلك أن إجراءات نظر طلب صدور أمر بالقبض على الرئيس البشير و تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية مازالت قائمة أمام المحكمة ببريتوريا، وهذا يعني أن القضاء الوطني بجنوب أفريقيا من الممكن أن يصدر أمراً بالقبض على البشير في حال و طأت أقدامه تراب تلك البلاد أو تواجد فيها. و إن حدث ذلك سوف تكون هذه أول مرة في التاريخ يصدر قضاء وطني أمراً بإلقاء القبض على رئيس دولة أخرى و هو على رأس عمله، مما يعني فعلياً أن أوامر القبض في مواجهة الرئيس البشير ملزمة وواجبة التنفيذ. و صدور أمر المنع مع الإستمرار في الإجراءات و مطالبة حكومة البلد المضيف من قبل المحكمة بأن توضح كيف سمح للبشير بالسفر بالمخالفة لأمر المحكمة، يؤكد بأن المحكمة الجنائية الدولية لم تكن في تاريخها قريبة من القبض على مجرمها الهارب مثلما كانت في جنوب أفريقيا. أي أنه على عكس ما تشنف به حكومة السودان آذان الناس من أن البشير انتصر على المحكمة المذكورة، أوشكت المحكمة أن تضعه في طائرة و تحمله إلى مقرها.
    (3)
    ما جرى بجنوب أفريقيا يظهر ضعفاً واضحاً في تقدير الحكومة السودانية لتعقيدات وضع رئيسها المطارد جنائياً، فهي تضع بثقلها خلف العوامل الأمنية السياسية، و تتناسى الجانب القانوني تماماً. إذ أنه من الواضح أن سفر رئيسها للقمة قد تم التعويل فيه على قرار القمة الأفريقية بعدم تسليم الرؤساء للمحكمة المعنية وعدم التعاون معها، وعلى ماصدر من الوزير المختص بجنوب أفريقيا من حصانة منحت للوفود المشاركة في القمة نشرت في الجريدة الرسمية. و لكنه اعتمد أكثر على ما هو خلف هذه الأدوات ، من تواطؤ مجرمي أفريقيا الذين يرأسون بلدانها المنكوبة على عدم حدوث سابقة قبض و تسليم تجعلهم عرضة لمثل هكذا إجراءات، وعلى إلتزام جنوب أفريقيا بهذه الأدوات. و تم تناسي أن أي إجراءات قضائية سوف تضع هذه الأدوات في مواجهة القانون الذي تم بموجبه المصادقة على ميثاق روما و انضمام جنوب أفريقيا للمحكمة الجنائية الدولية، و قرار مجلس الأمن بالرقم 1593 و الذي أسقط الحصانة عن الرئيس البشير و طالب حكومة السودان بالتعاون التام و تقديم المساعدة المطلوبة للمحكمة الجنائية الدولية.
    (4)
    عند التعارض بين الحصانة المعطاة للرئيس البشير بموجب قرار الوزير المختص بجنوب أفريقيا و قرار القمة الأفريقية بعدم التسليم مع قرار مجلس الأمن الذي نزع الحصانة و ميثاق روما الذي أصبح جزءاً اصيلاً من قوانين دولة جنوب أفريقيا، يصبح الأمر على أقل تقدير خاضعاً لسلطة القضاء التقديرية أي جانب يريد أن يغلب. أي أن حكومة السودان قد وضعت رئيسها تحت سلطة محاكم جنوب أفريقيا و عرضته لخطر القبض عليه فيما إذا قررت هذه المحاكم أن تغلب ميثاق روما و قرار مجلس الأمن المذكور. و إذا أخذنا في الإعتبار أن هنالك حديثاً واسعاً حول أن قرار الوزير المعني الذي أعطى الرئيس الحصانة و المبني على إتفاق مع الإتحاد الأفريقي مخالفاً لدستور جنوب أفريقيا، يصبح الأرجح هو أن تأخذ المحكمة المختصة بواجبات جنوب أفريقيا و قرار مجلس الأمن ذو الصلة و أن تأمر بإلقاء القبض على الرئيس البشير. أي أن القراءة القانونية لوضع الرئيس ترجح أن يتم القبض عليه بدولة جنوب أفريقيا، وهي القراءة التي كان يجب التعويل عليها بدلاً من تغليب الإعتبارات الأمنية والسياسية. وذلك ببساطة لأن الرئيس البشير يواجه في المقام الأول أزمة قانونية لها أبعاد سياسية، مما يحتم الإنتباه للتعقيدات القانونية أولاً عند التفكير في سفره. و لكن الحكومة السودانية آثرت منذ البداية إدارة معركتها مع المحكمة الجنائية الدولية على أساس أنها معركة سياسية لأنها تعلم أن خسارتها حتمية إن هي أدارتها على أساس قانوني من حيث الموضوع. و هذا لا يعفيها بالطبع من النظر إلى الجانب القانوني من ناحية إجرائية فيما يتعلق بسفر رئيسها و أوامر التوقيف و القبض الصادرة في مواجهته. و هذا يعني أن الحكومة التي زينت للرئيس السفر للقمة قد فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة مخاطر هذا السفر الذي تحول إلى أزمة لم تنجح في تجاوزها إلا بخسائر واضحة و كبيرة سوف نعرض لها لاحقاً، فأين الفتح الرباني هنا؟
    (5)
    سفر الرئيس البشير عائداً من جنوب أفريقيا أو هروبه كما تسميه الصحافة العالمية، هو رسالة عدم إحترام واضحة لقضاء جنوب أفريقيا، وتجاهل للنظام القضائي في ذلك البلد الذي كفل له الدستور السلطة في إتخاذ الإجراءات القضائية في إستقلال تام، و أوجب على السلطة التنفيذية تنفيذ قراراته. و هذه إهانة مباشرة لشعب جنوب أفريقيا العظيم صاحب الضيافة و مصدر الدستور المذكور. أما مساعدة السلطة التنفيذية الرئيس البشير على المغادرة بالمخالفة لأمر المحكمة إن ثبت - وهو مازال قيد التحقيق – فإنه يعني أن السلطة التنفيذية قد خالفت الدستور بمساعدتها للرئيس البشير على المغادرة و عدم تنفيذ أمر المحكمة. وهي حتى هذه اللحظة تحاول تفادي الحرج الذي أوقعها فيه البشير بالقول أن إسمه لم يكن ضمن المغادرين بالطائرة الرئاسة ، أي أنه هرب و غادر من البلاد بصورة غير مشروعة. وفي كل الأحوال ، مغادرة الرئيس البشير جنوب أفريقيا برغم وجود أمر قضائي بعدم المغادرة في مواجهته، أمر مهين لشعب جنوب أفريقيا المضيف ، وجالب للحرج للحكومة التي إستضافته، فهل هذا هو الفتح الرباني الذي تحدثنا عنه حكومة السودان؟
    مفاد ما تقدم هو أن سفر الرئيس البشير للقمة الأفريقية كان قراراً خاطئاً نتجت عنه فضيحة كاملة الدسم و فشل مدوٍ لحكومته في حال النظر إليه نظرة موضوعية تحتكم إلى القوانين و العلاقات الدبلوماسية بين الدول كما يعرفها العالم. و أن أي محاولة لتصويرها بأنها نجاح لمجرد نجاح الرئيس في الهروب من الإجراءات القضائية، هي محاولة أكثر من فاشلة.
    د. أحمد عثمان عمر
    18/6/2015م



    أ
                  

06-21-2015, 03:14 PM

د/يوسف الطيب/المحامى


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة عاجلة للرئيس البشير وقوى نداء السود (Re: يوسف الطيب محمد توم)


    المقالات
    السياسة
    ما وراء جوهانسبيرج
    ما وراء جوهانسبيرج
    06-21-2015 04:34 PM
    يقول الدكتور /هاشم حسين فى مقاله الهادف هذا:-

    أحدثت مسرحية جوهانسبيرج رعبآ في قلب الرئيس,وأملآ في قلوب المبعدين,فمنهم من ينتظر الاعتقال ومنهم من ينظر الي الكرسي الذي سيخلو,بعد رحيل شاغله الي لاهاي ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
    *ولعل اليمن هو من أحيا الجنائية وأيقظها من سباتها.لا يأخذني أدني شك في تآمر أمريكا والأمم المتحدة مع ايران.فالأمم المتحدة ومبعوثها ابن عمر ثبتوا نظام الحوثي ,واليوم في جنييف,تتهاون معهم الأمم المتحده,الأمر الذي سيقشل المفاوضات.وجنيف عادة ما تجمع الأضداد,دون أن تخرج معهم بحل.
    المملكة العربية السعودية التي حوصرت بايران من جهة العراق وسوريا,تأتي ايران لتحاصرها وتخنقها من الجنوب؟نعم أن الذي يحدث في اليمن لأكبر خطريهدد المملكة والمنطقة معآ.والحرب أيآ كانت تحسم علي الأرض,والحرب في اليمن حرب عصابات,ولعل الجيش السوداني الجيش العربي الوحيد في المنطقة ,الذي يملك خبرة كبري في هذا النوع من الحروب ,وله خبرة ستين عامآ في حرب العصابات .
    *بات من المطلوب دور السودان في عاصفة الحزم.وهو دور لا تريده أمريكا,ليقلب موازين القوي التي تريد امريكا ترجيح كفة ايران فيها.ماذا عن المملكة التي تدعي أمريكا انها حليفها الاستراتيجي.المملكة التي لو لم تسعر البترول بالدولار لكان الاقتصاد الأمريكي في خبر كان .
    *من الغريب أن يصمد الحوثييون طوال هذه الفترة,بعد الضربات الموجعة التي تلقوها جراء القصف الجوي العنيف.من أين لهم العتاد من يقدم لهم يد العون والدعم وهل تحاول أمريكا استنزاف السعودية في هذه الحرب؟
    *ما الذي جعل الجنائية تتحرك بعد كل هذا السكون.!؟عادة ما يتباهي الحكام الذين يفوزون بانتخابات مشبوهةو بنتيجة ضخمة مطبوخة,وتهيئ لهم أنفسهم لعب أدوار غير تلك التي عليهم لعبها,فالي وقت قريب جدآ كانت علاقات السودان مع ايران علي خير ما يرام,فالسفن الايرانية الحربية ترسو في ميناء بورسودان,دونما تعقيد,والحسينيات تفتتح,رغم ما شابها من اتهامات,لم تكن تلك العلاقات لتقلق أمريكا,ولكن نتيجة ضغوط مورست علي النظام,داخليآ وخارجيآ,تم اغلاق الملحقية الثقافية الايرانية,الأمر الذي قلص من النشاط الثقافي والديني لحد ما.
    *أي رئيس يتوق الي لعب دور اقليمي,ويرفع من أسهمه اقليميآ,بالمساهمة في حل قضايا الاقليم,والذي يعجز عن توفيق أموره الداخلية عادة ما يحاول التعويض خارجيآ.لكن الذي لا يجيد أداء ما بالداخل,لن يفلح,فسياسته موجهة داخلية كانت ام خارجية.
    *.بالنسبة لهؤلاء الرؤساء الحبل ليس متروكآ علي الغارب,هناك حدود لا يمكن تجاوزها. ومن المؤسف أن الأحداث في المنطقة العربية والافريقية لا يصنعها أهلها بل تصنع لهم.
    *اذا قرأنا الواقع العربي اليوم لوجدناه في غير صالح العرب,بل وليس في صالح تركيا كما كان يروج له,فالانتخايات الأخيرة قلبت الموازين السياسية لغير الصالح العربي.فالواقع يقول ان مجريات الأمور تصب في مصلحة ايران,وهذا ما خططت له أمريكا,التي ربما تعيد مصطلح شرطي الخليج مرة أخري ولا ضير ان كان هذه المرة,من الملالي أو آيات الله.ألأمر الذي يدعو الي العجب,ويؤيد ما أقول أن أمريكا احتلت العراق وقدمته علي طبق من ذهب لايران,واليوم تقدم أيضآ سوريا,ولبنان.والقادم اليمن.
    حتي تكون ايران القوة الاقتصادية العسكرية النووبة المهيمنة علي المنطقة.لتعود شرطيآ للخليج وعلي الطريقة الاسلامية هذه المره. يتوجب اضعاف تركيا التي كان أردوغان ينعم فيها بقاعدة شعبية كاسحة, أصبح لايستطيع اليوم تشكيل حكومة بمفرده,هذا بالاضافة الي النفوذ القوي للأكراد,وبروز دورهم في مواجهة داعش,بعد التسليح المتطور الذي تلقونه,حيث بدأ الاعداد الحقيقي لدولة الأكراد,مقابل صمت غريب من جانب ايران.كما أن حليف المملكة باكستان صوت برلمانها مانعآ تدخل الجيش في عاصفة الحزم.
    *ومن المعروف أن الجيش التركي والباكستاني لهما خبرة كبري في حرب العصابات هذا الي جانب تشابه تضاريس اليمن الجبلية وكل من تركيا وباكستان,فقد أصبح السودان الدولة الوحيدة التي يمكن الاستفادة منها ,بعد الدور الزئبفي الذي لعبته وتلعبه مصر.
    *هذا سر مسرحية جوهانسبيرج والمقصود منها اكبر بكتير من اعتقال البشير الذي لا يستغرق جهدآكبيرآ.وما كان ليفلت من الاعتقال,ولكنها عملية شد اذن للتذكير بالعواقب.
    * القيادة السعودية الرشيدة قد فطنت للدور الخبيث الذي تلعبه أمريكا في المنطقة,وبالذات الدور الخبيث تجاه العربية السعودية التي تدعي أمريكا كذبآ انها حليفها الاستراتيجي الأول.أحليف مثل هذا يقدم في طبق لايران؟
    *المملكة يمكنها تسديد ضربة قاضية لأمريكا ,تتمثل في تسعير البترول بغير الدولار,وعلاقاتها التي بدأت تتحسن وتقوي مع روسيا الفيدرالية,بعد زيارة ولي ولي العهد السعودي.والحفاوة البالغة التي استقبل بها من قبل الرئيس بوتن.والدولتان من أكبر منتجي النفط في العالم,الامر الذي يمكنهما من التحكم قي أسعاره,بالاضافة بأي عملة يمكن تسعير النفط.
    *كما أن تركيا يمكن أن تضرب أمريكا أيضآ تقضي عليها عسكريآ,بانسحابها من حلف شمال الأطلسي,وهي بسحب مليون ونصف جندي تركي من الحلف تكون قد كتبت شهادة وفاة بالنسبة للحلف.
    *ان الخيارات مفتوحة أمام المملكة,ومحدودة أمام أمريكا,ومحدوديتها ظهرت في المسرحية السمجة التي كانت جنوب أفريقيا مسرحآ لها.وعزل السودان عن لعب دوره ,لن يطول ,وهل يعني عزله عن المملكة ,أن يصبح حليفآ لايران؟
    28

    mailto:[email protected]@gmail.com
                  

06-25-2015, 04:57 PM

د/يوسف الطيب/المحامى


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة عاجلة للرئيس البشير وقوى نداء السود (Re: يوسف الطيب محمد توم)

    بعد أحداث جوهانسبيرج والتى كان فيها الكثير من الإهانة والذل لرئيس سودانى،ماذا سيفعل المؤتمر الوطنى أو الحزب الحاكم فى مقبل أيام السودان القادمات؟
                  

06-28-2015, 03:42 PM

د/يوسف الطيب/المحامى


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة عاجلة للرئيس البشير وقوى نداء السود (Re: يوسف الطيب محمد توم)

    أسأل الله الكريم فى هذا الشهر المبارك أن يهدى ولاة أُمورنا إلى الطريق المستقيم حتى يحل السلام بدل الحرب،والحرية بدلاً عن الكبت والهيمنة ،والديمقراطية بدلاً عن حكم الفرد ،وأن نرى أطفالنا فى معسكرات دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق قد إنتظموا فى المدارس بعد أن تهيأت لهم مقومات الحياة من مسكن وملبس ومطعم وغيرها،كم أسأل الله أن يزرع فى قلوب كل قادة المعارضة حب الوطن وتقدير شعبه العظيم ،وذلك حتى نصل لسلام عادل وشامل يقودنا لدولة المؤسسات وسيادة حكم القانون.وماذلك على الله بعزيز
                  

07-03-2015, 12:48 PM

د/يوسف الطيب/المحامى


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رسالة عاجلة للرئيس البشير وقوى نداء السود (Re: يوسف الطيب محمد توم)

    زين العابدين صالح عبد الرحمن
    كتب توفيق المديني الصحافي و الكاتب التونسي في إحدى مقالته بعنوان " الحرية بين النظرية و الممارسة" تعريفا لقضية الحرية يقول ( إن مفهوم الحرية، يعني غياب العقبات و العراقيل أمام طريق الاختبارات التي قد يقرر الإنسان السير عليها، ليس طريق الاختبارات الفعلية فقط، و إنما طريق الاختبارات الكامنة أيضا)
    و هناك علاقة وطيدة جدا بين الحرية و أزمة العقل، أيًن كان انتماء هذا العقل، لآن غياب الحرية تدفع الشخص للتبرير، و تراكمات التبرير في الخطاب السياسي و الثقافي، يؤدي لتزيف الوعي، الذي ينتج أزمة العقل، و من إشكالية العقلية المأزومة، إنها تجعل النخبة السياسية عاجزة من الخرج من دائرة الأزمة، لأنها سوف تستخدم ذات فكرها و أدواتها التي ساهمت في إنتاج الأزمة، و هي عقلية لا تبحث عن الأسباب الرئيسية التي أنتجت هذه الأزمة، لأنها تجد نفسها تواجه ذاتها، و تواجه تحديات، لا تملك الفكر و لا الأدوات التي تساعدها علي مواجهة هذا التحدي و تفكيك وحداته، فليس أمامها غير أن تنتج ذات بضاعتها المأزومة, و هذه الحالة تعاني منها النخبة السياسية السودانية، في المعارضة، و في الحكومة التي تتحمل استمرارية هذه الحالة، و تعتقد إن استمرارية الوضع، سوف يضمن لها الاستمرارية في السلطة، و في ذات الوقت إن المعارضة تدير الأزمة بذات العقلية المأزومة، فهي لا استطاعت أن تجدد أدواتها، و لا استطاعت أن تجد لها علاقة وطيدة، و جدلية مع الحركة الجماهيرية، لكي تدفع بها ساحة الفعل السياسي، فهي تجتر خطابها.
    فالسلطة، في مسيرتها التاريخية، قد خلقت البيئة التي أدت إلي أزمة العقل السياسي، استخدمت العديد من الوسائل الأيديولوجية، منها الإعلام و التربية، و أصبح الإعلام الرسمي يلعب دورا مباشرا في تهيئة البيئة التي تعيد إنتاج الأزمة، من خلال البرامج و اللقاءات و الحوارات، فهي برامج مدروسة بعناية، و لها تأثيراتها علي المستويات المختلفة في المجتمع، فمثلا في برامج الحوارات السياسية، نجد إن المتحدثين، هم من الحزب الحاكم و السلطة التنفيذية، و من عناصر يمثلون الأحزاب التي صنعتها السلطة، فهؤلاء، ليس لديهم علاقة بمنهج نقدي، إنما جميعهم يوصفون الحالة و يبررون أخطائها، فالرأي الأخر مهمته أن يقدم رؤية أخرى للحل، الأمر الذي يجعله يحرك حالة الوعي في المجتمع، و تساعد علي تحرك الوعي الجماهيري، الذي بدوره يضغط في اتجاه الحلول، أو بمعني أخر تصبح الحركة الجماهير مشاركة بفاعلية في القضية المطروحة، من خلال معرفتها بالرؤيتين، أو ربما تتعدد الرؤى المتطلعة للحل، هذا الفعل هو الذي يؤدي خيارات للعقل لكي يغادر أزمته، و في جانب أخر، نجد جميع القنوات الرسمية و الإذاعات، تقدم عرض الصحف الصادرة بذات الطريقة، لا تتعرض للموضوعات التي تقود إلي رأيين، نما تريد فقط أن تسوق رؤية السلطة الحاكمة فقط، و البرامج هي محاولة لشرح الحالة أو الحدث، ليس فيه البعد التحليلي الذي يسبر عمق المشكلة، بسبب إنها درجت علي استضافة الصحافيين، الذين تعتقد إنهم أقرب للسلطة سياسيا منها للمعارضة، و امتنعت هذه القنوات عن استضافة من يحمل رائيا مخالفا، لذلك لم يستطيع أن يلعب الإعلام دورا إيجابيا في الأزمة السودانية، و عجز حتى في قيادة و دفع النخب السياسية، لكي تقديم بمبادرات تسهم في الحل، إذا الأدوات التي لها دورا فاعلا في اختراق الأزمة، و تفكيك معضلاتها، هي أدوات مستلبة من قبل السلطة، و توظفها بما يخدم أهدافها، و هنا لا يمكن أن تكون أهدافا من أجل الوطن، مادام هناك شق غائب بالفعل العمد، من قبل السلطة المتحكمة في مؤسسات الدولة، فالرأي الواحد هو الذي أوصلنا لهذه الأزمة، فكيف يكون الحل بذات الرأي الذي استمر أكثر من عقدين .
    و في الجانب الأخر، نجد إن المعارضة، عجزت أن توحد نفسها، و تقدم رؤية متفق عليها، تشكل برنامجا سياسيا بديلا عن برنامج الإنقاذ، الذي فشل في تحقيق السلام و الاستقرار و التنمية، وظلت القيادات هي نفسها لا تتغير و لا تتبدل، 25 سنة تقود المعارضة دون أن تحقق فعلا إيجابيا، و دون أن تحدث تغييرا في توازن القوة لمصلحة الحل، و طوال هذه المسيرة لم تقدم نقدا لمسيرتها التاريخية، أو تفتح المجال لرؤى أخرى، فشلت حتى في أن تستقطب العدد الكبير من نخب السودانيين المتواجدين في الخارج، كان من المتوقع أن تعقد المعارضة مؤتمرا سودانيا بالخارج، تقدم فيه أوراق متعددة في التنمية و الاقتصاد و الثقافة و الإعلام و السياسة و غيرها، لكي تشرك أكبر قطاع من النخب السودانية في حل المشكل السودان، و تجعله برنامجها السياسي، و تستصحب معها العديد من النخب الفاعلة و العقليات ذات الفكر، لكي تفتح أمامها الطريق لاستقطاب واسع للجماهير، من خلال طرح البرنامج عليها و إدارة الحوار حوله، كانت قد فرضت شروط الحل و توجهه، و لكنها فشلت في تحقيق ذلك، أكتفت أن تتنقل من عاصمة إلي أخرى، من باريس إلي بون و أديس أبابا، و غيرها من عواصم العالم، بذات العقليات و الشخصيات، دون أن تقدم جديدا، هذا المسرح العبثي استمر موازيا لمسرح السلطة، عقليات تبريرية، فقدت أهليتها، و لكنها متمسكة أن تسير في ذات الاتجاه، و بذات الوسائل، هذه البيئة التي فرضتها المعارضة، هي لا تؤهلها أن تخترق حالة الركود السياسي، لأنها بيئة خلقتها بنفسها، و لا تنتج غير العقليات المأزومة، و سجال و خصومات بينها، تؤكد إن سيوفها في اتجاه بعضها و قلوبها شتي.
    أعجبني مقالا في أحدى المواقع العراقية بعنوان " العقل السياسي العراقي" للكاتب العراقي حامد علوان الكبيسي يقول فيه ( العقل السياسي العراقي كله، يحتاج إلي وعي وطني للمراحل التي يجتازها العراق، و ليس النظر لتحقيق منافع شخصية، حتما ستؤول للزوال بعد حالة القلق و الاستقرار التي يصنعها أعداء العراق في الداخل و الخارج، من أجل هذا يلزم العقل السياسي العراقي، أن يشعر بالمسؤولية الوطنية التي هي من تهب الشرعية لمن يمثلها) و هذا ما تحتاجه النخبة السياسية في السودان، أن تجعل الوطن هو الأول في كل تطلعاتها، فالسلطة تتهم المعارضة إنها تتسبب في استدعاء الخارج لكي يكون حاضرا في المشكل السوداني، و لكنها لا تسأل نفسها، ما هي الأسباب التي تدفع هؤلاء الاستعانة بالخارج؟ فالصراع و النزاع، الذي يصل حد حمل السلاح، و تشريد المواطنين من ديارهم، و يجعلهم نازحين، تسقط كل الخطوط الحمراء، و تتعطل القواعد و القانون، فدائرة الحرب هي التي تفرض شروطها، لذلك الاتهام يحتاج لسؤال معاكس، لماذا تحاول النخبة الحاكم أن تنفرد بالبلاد، دون أن تسمح للآخرين المشاركة في إدارة بلادهم، فهي التي تساعد المعارضة أن تبحث عن نصير لها خارج الحدود.
    في مقال " بعنوان الفكر المأزوم" للدكتور سليمان العودة يقول فيه ( إن الاستغراق في المشكلات و الأزمات، و إخراجها من سياقها، و نسيان تيار الحياة اللجب المتدفق بانسياب وإيجابية، و اختصار الأمة في أزمة، يحولها إلي أزمة شعورية داخلية و نفسية، و ينسيك هذا كله إن الحياة مكتظة بالفرص، و الإيجابيات، و أن الحكمة و الذكاء تحويل الأزمة إلي فرص) و يضيف قائلا ( إن التعامل السلبي مع أية أزمة هو تجاهل الواقع العام و احتكار له في أحداث أو جوانب معينة، و كل ذلك أو بعضه يكفي بجدارة لصناعة عقلية مأزومة و فكر مشوه مريض) و العقل السياسي السوداني لا يستطيع أن يتغلب علي أزمته، إلا بتغيير الواقع الذي أدي لهذه الأزمة، باعتبار إن فرض الأجندة الأمنية و جعلها هي مقدمة علي الأجندة السياسية، لها تأثيرات سالبة علي مجري الحياة السياسية في البلاد، بسبب إنها تقلص مساحات الحريات، و غياب و تقليص الحرية، هي بيئة صالحة لإعادة إنتاج الأزمة، لأنها تمنع الطاقات الإبداعية من أن تتفجر، و تخضع البلاد لسيطرة العقل المأزوم، الذي لا يستطيع أن يقدم نقدا لأخطائه، أو يحاول أن يغير أدواته، لأنه درج أن يرمي أسباب فشله علي الآخرين، و يبحث عن تبريرات للعوامل التي تسببت في فشل مسيرته التاريخية، و تعيق و تعطل الإجراءات القانونية، فالكل متهم إلا إذا أثبتوا غير ذلك، فهذا البيئة لا تساعد علي تقديم المبادرات و الحلول، و أية سعي جاد في حل المشكلة، تتطلب تغيير المنهج، و إعادة لقراءة الواقع بفكر جديد، و هذه الخطوة حتما سوف تكون علي مصالح آخرين، و هؤلاء يعلمون إن أية تغيير و تصور لتقديم مصلحة الوطن علي المصالح الأخرى، هي سوف تكون خصما علي مصالحهم، لذلك يضعون العوائق أمام أية خطوة جادة، تهدف لحل الأزمة، و لا يؤمنون إن الحوار الجاد سوف يؤدي إلي توافق وطني، فالحكومة و المعارضة تملك عقلية واحدة، التي ظلت تعمل بتكتيك واحد طوال عمر النظام، و حتى الإخفاقات في مسيرتها التاريخية لم تنقدها، و توضح للشعب لماذا أخفقت في هذه المسيرة، فالعقل السياسي السوداني ظل يتكيف مع الأزمة، و يعيش فيها بكل أريحية، مادامت الأزمة سوف تضمن لهؤلاء القيادات التربع علي قمة الهرم السياسي في المعارضة، و تسمح لهم بالتجول من عاصمة إلي أخرى، دون أن يكون هناك ناتجا لهذا التحرك، يؤدي لتغيير الواقع السياسي.
    و كما يقول الدكتور محمد عابد الجابري ( أن العقل هو في النهاية التحليل لجملة من القواعد مستخلصة من موضوع ما) و الجابري لا يفرق بين العقل و الفكر، و العقل السوداني لا يستطيع أن يتجاوز الواقع، الذي يعيش فيه، دون أن يحدث تغييرا في الفكر، لكي يساعده علي هذه المهمة، و يقول الدكتور علي حرب في كتابه " الفكر و الحدث" ( المأزق لا فكاك منه إلا بتفكيك المثقف لقوالبه المعرفية و آلياته الفكرية، علي النحو الذي يخرجه من سجونه العقائدية و معسكراته الأيديولوجية، لكي يتعامل مع العالم بعقل مرن و فكر مفتوح علي الحدث. فلا يجدي نفعا أن ننفي ما يحدث لكي تصدق أوهامنا) و لكن من أين تجد النخب السياسية هذا الفكر، و هي اعتادت أن تعمل بجدل اليوم، هي أدمنت المنهج التبريري، و ما عندها من تراكم معرفي، لا يساعدها علي تفكيك قوالبها المعرفية، و آلياتها الفكرية، لكي تعيد قراءة الواقع، و تقدم أسئلة مغايرة تساعدها لفهم معضلتها، فهي نخبة لا تؤمن بالعمل الجماعي، لأنه عمل يوسع مساحة الممارسة الديمقراطية، و يضيق علي الأحادي، فهي نخبة تعودت أن تكون خلف الرايات، و تسمع ما يقال لها دون أن تقدم رأي أخر، هي نخبة تساعد علي استمرارية الأزمة لأنها تحمل الأزمة في فكرها و في ثقافتها و في ممارستها، فأي تغيير للفكر لابد من تغيير الأدوات المعطوبة، غير الفاعلة، إذا كان التطلع للتغيير و التجديد في العقلية السياسية السودانية.
    في استعراضه لكتاب الزعيم يقول جورج طرابيشي ( ففي لحظات الأزمة، يبقي دور الرجال كبيرا، و الفارق بين الزعيم الاستبدادي، و الزعيم الديمقراطي، إن الأول يركب موجة الأزمة ليرقي إلي السلطة، بينما لا ينهض الثاني إلي السلطة، إلا بقدر ما يسعي إلي إيجاد مخرجا من الأزمة، و الثابت علي كل حال، إن الممارسة الديمقراطية المعاصرة تميل أكثر للاستغناء عن الزعماء) فالزعامة هي خصما علي الديمقراطية، و في دول العالم الثالث، الزعامة تؤدي إلي تركيز السلطات في أيدي الزعيم، و يتراجع دور المؤسسة، الأمر الذي يخلق النظام الاستبدادي أو الديكتاتوري، سميه ما شئت، و لكنه غير نظام ديمقراطي، يتح فرص لتقديم الرأي الأخر، و هي البيئة التي تعاد فيها إنتاج العقل المأزوم، و لا يرجي من العقليات المأزومة أن تسهم في عملية حل الأزمة التي صنعتها، و نسأل الله لها و لنا المغفرة.

    النخبة السياسية السودانية و أزمة العقل التبريري
    زين العابدين صالح عبد الرحمن
    كتب توفيق المديني الصحافي و الكاتب التونسي في إحدى مقالته بعنوان " الحرية بين النظرية و الممارسة" تعريفا لقضية الحرية يقول ( إن مفهوم الحرية، يعني غياب العقبات و العراقيل أمام طريق الاختبارات التي قد يقرر الإنسان السير عليها، ليس طريق الاختبارات الفعلية فقط، و إنما طريق الاختبارات الكامنة أيضا)
    و هناك علاقة وطيدة جدا بين الحرية و أزمة العقل، أيًن كان انتماء هذا العقل، لآن غياب الحرية تدفع الشخص للتبرير، و تراكمات التبرير في الخطاب السياسي و الثقافي، يؤدي لتزيف الوعي، الذي ينتج أزمة العقل، و من إشكالية العقلية المأزومة، إنها تجعل النخبة السياسية عاجزة من الخرج من دائرة الأزمة، لأنها سوف تستخدم ذات فكرها و أدواتها التي ساهمت في إنتاج الأزمة، و هي عقلية لا تبحث عن الأسباب الرئيسية التي أنتجت هذه الأزمة، لأنها تجد نفسها تواجه ذاتها، و تواجه تحديات، لا تملك الفكر و لا الأدوات التي تساعدها علي مواجهة هذا التحدي و تفكيك وحداته، فليس أمامها غير أن تنتج ذات بضاعتها المأزومة, و هذه الحالة تعاني منها النخبة السياسية السودانية، في المعارضة، و في الحكومة التي تتحمل استمرارية هذه الحالة، و تعتقد إن استمرارية الوضع، سوف يضمن لها الاستمرارية في السلطة، و في ذات الوقت إن المعارضة تدير الأزمة بذات العقلية المأزومة، فهي لا استطاعت أن تجدد أدواتها، و لا استطاعت أن تجد لها علاقة وطيدة، و جدلية مع الحركة الجماهيرية، لكي تدفع بها ساحة الفعل السياسي، فهي تجتر خطابها.
    فالسلطة، في مسيرتها التاريخية، قد خلقت البيئة التي أدت إلي أزمة العقل السياسي، استخدمت العديد من الوسائل الأيديولوجية، منها الإعلام و التربية، و أصبح الإعلام الرسمي يلعب دورا مباشرا في تهيئة البيئة التي تعيد إنتاج الأزمة، من خلال البرامج و اللقاءات و الحوارات، فهي برامج مدروسة بعناية، و لها تأثيراتها علي المستويات المختلفة في المجتمع، فمثلا في برامج الحوارات السياسية، نجد إن المتحدثين، هم من الحزب الحاكم و السلطة التنفيذية، و من عناصر يمثلون الأحزاب التي صنعتها السلطة، فهؤلاء، ليس لديهم علاقة بمنهج نقدي، إنما جميعهم يوصفون الحالة و يبررون أخطائها، فالرأي الأخر مهمته أن يقدم رؤية أخرى للحل، الأمر الذي يجعله يحرك حالة الوعي في المجتمع، و تساعد علي تحرك الوعي الجماهيري، الذي بدوره يضغط في اتجاه الحلول، أو بمعني أخر تصبح الحركة الجماهير مشاركة بفاعلية في القضية المطروحة، من خلال معرفتها بالرؤيتين، أو ربما تتعدد الرؤى المتطلعة للحل، هذا الفعل هو الذي يؤدي خيارات للعقل لكي يغادر أزمته، و في جانب أخر، نجد جميع القنوات الرسمية و الإذاعات، تقدم عرض الصحف الصادرة بذات الطريقة، لا تتعرض للموضوعات التي تقود إلي رأيين، نما تريد فقط أن تسوق رؤية السلطة الحاكمة فقط، و البرامج هي محاولة لشرح الحالة أو الحدث، ليس فيه البعد التحليلي الذي يسبر عمق المشكلة، بسبب إنها درجت علي استضافة الصحافيين، الذين تعتقد إنهم أقرب للسلطة سياسيا منها للمعارضة، و امتنعت هذه القنوات عن استضافة من يحمل رائيا مخالفا، لذلك لم يستطيع أن يلعب الإعلام دورا إيجابيا في الأزمة السودانية، و عجز حتى في قيادة و دفع النخب السياسية، لكي تقديم بمبادرات تسهم في الحل، إذا الأدوات التي لها دورا فاعلا في اختراق الأزمة، و تفكيك معضلاتها، هي أدوات مستلبة من قبل السلطة، و توظفها بما يخدم أهدافها، و هنا لا يمكن أن تكون أهدافا من أجل الوطن، مادام هناك شق غائب بالفعل العمد، من قبل السلطة المتحكمة في مؤسسات الدولة، فالرأي الواحد هو الذي أوصلنا لهذه الأزمة، فكيف يكون الحل بذات الرأي الذي استمر أكثر من عقدين .
    و في الجانب الأخر، نجد إن المعارضة، عجزت أن توحد نفسها، و تقدم رؤية متفق عليها، تشكل برنامجا سياسيا بديلا عن برنامج الإنقاذ، الذي فشل في تحقيق السلام و الاستقرار و التنمية، وظلت القيادات هي نفسها لا تتغير و لا تتبدل، 25 سنة تقود المعارضة دون أن تحقق فعلا إيجابيا، و دون أن تحدث تغييرا في توازن القوة لمصلحة الحل، و طوال هذه المسيرة لم تقدم نقدا لمسيرتها التاريخية، أو تفتح المجال لرؤى أخرى، فشلت حتى في أن تستقطب العدد الكبير من نخب السودانيين المتواجدين في الخارج، كان من المتوقع أن تعقد المعارضة مؤتمرا سودانيا بالخارج، تقدم فيه أوراق متعددة في التنمية و الاقتصاد و الثقافة و الإعلام و السياسة و غيرها، لكي تشرك أكبر قطاع من النخب السودانية في حل المشكل السودان، و تجعله برنامجها السياسي، و تستصحب معها العديد من النخب الفاعلة و العقليات ذات الفكر، لكي تفتح أمامها الطريق لاستقطاب واسع للجماهير، من خلال طرح البرنامج عليها و إدارة الحوار حوله، كانت قد فرضت شروط الحل و توجهه، و لكنها فشلت في تحقيق ذلك، أكتفت أن تتنقل من عاصمة إلي أخرى، من باريس إلي بون و أديس أبابا، و غيرها من عواصم العالم، بذات العقليات و الشخصيات، دون أن تقدم جديدا، هذا المسرح العبثي استمر موازيا لمسرح السلطة، عقليات تبريرية، فقدت أهليتها، و لكنها متمسكة أن تسير في ذات الاتجاه، و بذات الوسائل، هذه البيئة التي فرضتها المعارضة، هي لا تؤهلها أن تخترق حالة الركود السياسي، لأنها بيئة خلقتها بنفسها، و لا تنتج غير العقليات المأزومة، و سجال و خصومات بينها، تؤكد إن سيوفها في اتجاه بعضها و قلوبها شتي.
    أعجبني مقالا في أحدى المواقع العراقية بعنوان " العقل السياسي العراقي" للكاتب العراقي حامد علوان الكبيسي يقول فيه ( العقل السياسي العراقي كله، يحتاج إلي وعي وطني للمراحل التي يجتازها العراق، و ليس النظر لتحقيق منافع شخصية، حتما ستؤول للزوال بعد حالة القلق و الاستقرار التي يصنعها أعداء العراق في الداخل و الخارج، من أجل هذا يلزم العقل السياسي العراقي، أن يشعر بالمسؤولية الوطنية التي هي من تهب الشرعية لمن يمثلها) و هذا ما تحتاجه النخبة السياسية في السودان، أن تجعل الوطن هو الأول في كل تطلعاتها، فالسلطة تتهم المعارضة إنها تتسبب في استدعاء الخارج لكي يكون حاضرا في المشكل السوداني، و لكنها لا تسأل نفسها، ما هي الأسباب التي تدفع هؤلاء الاستعانة بالخارج؟ فالصراع و النزاع، الذي يصل حد حمل السلاح، و تشريد المواطنين من ديارهم، و يجعلهم نازحين، تسقط كل الخطوط الحمراء، و تتعطل القواعد و القانون، فدائرة الحرب هي التي تفرض شروطها، لذلك الاتهام يحتاج لسؤال معاكس، لماذا تحاول النخبة الحاكم أن تنفرد بالبلاد، دون أن تسمح للآخرين المشاركة في إدارة بلادهم، فهي التي تساعد المعارضة أن تبحث عن نصير لها خارج الحدود.
    في مقال " بعنوان الفكر المأزوم" للدكتور سليمان العودة يقول فيه ( إن الاستغراق في المشكلات و الأزمات، و إخراجها من سياقها، و نسيان تيار الحياة اللجب المتدفق بانسياب وإيجابية، و اختصار الأمة في أزمة، يحولها إلي أزمة شعورية داخلية و نفسية، و ينسيك هذا كله إن الحياة مكتظة بالفرص، و الإيجابيات، و أن الحكمة و الذكاء تحويل الأزمة إلي فرص) و يضيف قائلا ( إن التعامل السلبي مع أية أزمة هو تجاهل الواقع العام و احتكار له في أحداث أو جوانب معينة، و كل ذلك أو بعضه يكفي بجدارة لصناعة عقلية مأزومة و فكر مشوه مريض) و العقل السياسي السوداني لا يستطيع أن يتغلب علي أزمته، إلا بتغيير الواقع الذي أدي لهذه الأزمة، باعتبار إن فرض الأجندة الأمنية و جعلها هي مقدمة علي الأجندة السياسية، لها تأثيرات سالبة علي مجري الحياة السياسية في البلاد، بسبب إنها تقلص مساحات الحريات، و غياب و تقليص الحرية، هي بيئة صالحة لإعادة إنتاج الأزمة، لأنها تمنع الطاقات الإبداعية من أن تتفجر، و تخضع البلاد لسيطرة العقل المأزوم، الذي لا يستطيع أن يقدم نقدا لأخطائه، أو يحاول أن يغير أدواته، لأنه درج أن يرمي أسباب فشله علي الآخرين، و يبحث عن تبريرات للعوامل التي تسببت في فشل مسيرته التاريخية، و تعيق و تعطل الإجراءات القانونية، فالكل متهم إلا إذا أثبتوا غير ذلك، فهذا البيئة لا تساعد علي تقديم المبادرات و الحلول، و أية سعي جاد في حل المشكلة، تتطلب تغيير المنهج، و إعادة لقراءة الواقع بفكر جديد، و هذه الخطوة حتما سوف تكون علي مصالح آخرين، و هؤلاء يعلمون إن أية تغيير و تصور لتقديم مصلحة الوطن علي المصالح الأخرى، هي سوف تكون خصما علي مصالحهم، لذلك يضعون العوائق أمام أية خطوة جادة، تهدف لحل الأزمة، و لا يؤمنون إن الحوار الجاد سوف يؤدي إلي توافق وطني، فالحكومة و المعارضة تملك عقلية واحدة، التي ظلت تعمل بتكتيك واحد طوال عمر النظام، و حتى الإخفاقات في مسيرتها التاريخية لم تنقدها، و توضح للشعب لماذا أخفقت في هذه المسيرة، فالعقل السياسي السوداني ظل يتكيف مع الأزمة، و يعيش فيها بكل أريحية، مادامت الأزمة سوف تضمن لهؤلاء القيادات التربع علي قمة الهرم السياسي في المعارضة، و تسمح لهم بالتجول من عاصمة إلي أخرى، دون أن يكون هناك ناتجا لهذا التحرك، يؤدي لتغيير الواقع السياسي.
    و كما يقول الدكتور محمد عابد الجابري ( أن العقل هو في النهاية التحليل لجملة من القواعد مستخلصة من موضوع ما) و الجابري لا يفرق بين العقل و الفكر، و العقل السوداني لا يستطيع أن يتجاوز الواقع، الذي يعيش فيه، دون أن يحدث تغييرا في الفكر، لكي يساعده علي هذه المهمة، و يقول الدكتور علي حرب في كتابه " الفكر و الحدث" ( المأزق لا فكاك منه إلا بتفكيك المثقف لقوالبه المعرفية و آلياته الفكرية، علي النحو الذي يخرجه من سجونه العقائدية و معسكراته الأيديولوجية، لكي يتعامل مع العالم بعقل مرن و فكر مفتوح علي الحدث. فلا يجدي نفعا أن ننفي ما يحدث لكي تصدق أوهامنا) و لكن من أين تجد النخب السياسية هذا الفكر، و هي اعتادت أن تعمل بجدل اليوم، هي أدمنت المنهج التبريري، و ما عندها من تراكم معرفي، لا يساعدها علي تفكيك قوالبها المعرفية، و آلياتها الفكرية، لكي تعيد قراءة الواقع، و تقدم أسئلة مغايرة تساعدها لفهم معضلتها، فهي نخبة لا تؤمن بالعمل الجماعي، لأنه عمل يوسع مساحة الممارسة الديمقراطية، و يضيق علي الأحادي، فهي نخبة تعودت أن تكون خلف الرايات، و تسمع ما يقال لها دون أن تقدم رأي أخر، هي نخبة تساعد علي استمرارية الأزمة لأنها تحمل الأزمة في فكرها و في ثقافتها و في ممارستها، فأي تغيير للفكر لابد من تغيير الأدوات المعطوبة، غير الفاعلة، إذا كان التطلع للتغيير و التجديد في العقلية السياسية السودانية.
    في استعراضه لكتاب الزعيم يقول جورج طرابيشي ( ففي لحظات الأزمة، يبقي دور الرجال كبيرا، و الفارق بين الزعيم الاستبدادي، و الزعيم الديمقراطي، إن الأول يركب موجة الأزمة ليرقي إلي السلطة، بينما لا ينهض الثاني إلي السلطة، إلا بقدر ما يسعي إلي إيجاد مخرجا من الأزمة، و الثابت علي كل حال، إن الممارسة الديمقراطية المعاصرة تميل أكثر للاستغناء عن الزعماء) فالزعامة هي خصما علي الديمقراطية، و في دول العالم الثالث، الزعامة تؤدي إلي تركيز السلطات في أيدي الزعيم، و يتراجع دور المؤسسة، الأمر الذي يخلق النظام الاستبدادي أو الديكتاتوري، سميه ما شئت، و لكنه غير نظام ديمقراطي، يتح فرص لتقديم الرأي الأخر، و هي البيئة التي تعاد فيها إنتاج العقل المأزوم، و لا يرجي من العقليات المأزومة أن تسهم في عملية حل الأزمة التي صنعتها، و نسأل الله لها و لنا المغفرة.

    النخبة السياسية السودانية و أزمة العقل التبريري
    زين العابدين صالح عبد الرحمن
    كتب توفيق المديني الصحافي و الكاتب التونسي في إحدى مقالته بعنوان " الحرية بين النظرية و الممارسة" تعريفا لقضية الحرية يقول ( إن مفهوم الحرية، يعني غياب العقبات و العراقيل أمام طريق الاختبارات التي قد يقرر الإنسان السير عليها، ليس طريق الاختبارات الفعلية فقط، و إنما طريق الاختبارات الكامنة أيضا)
    و هناك علاقة وطيدة جدا بين الحرية و أزمة العقل، أيًن كان انتماء هذا العقل، لآن غياب الحرية تدفع الشخص للتبرير، و تراكمات التبرير في الخطاب السياسي و الثقافي، يؤدي لتزيف الوعي، الذي ينتج أزمة العقل، و من إشكالية العقلية المأزومة، إنها تجعل النخبة السياسية عاجزة من الخرج من دائرة الأزمة، لأنها سوف تستخدم ذات فكرها و أدواتها التي ساهمت في إنتاج الأزمة، و هي عقلية لا تبحث عن الأسباب الرئيسية التي أنتجت هذه الأزمة، لأنها تجد نفسها تواجه ذاتها، و تواجه تحديات، لا تملك الفكر و لا الأدوات التي تساعدها علي مواجهة هذا التحدي و تفكيك وحداته، فليس أمامها غير أن تنتج ذات بضاعتها المأزومة, و هذه الحالة تعاني منها النخبة السياسية السودانية، في المعارضة، و في الحكومة التي تتحمل استمرارية هذه الحالة، و تعتقد إن استمرارية الوضع، سوف يضمن لها الاستمرارية في السلطة، و في ذات الوقت إن المعارضة تدير الأزمة بذات العقلية المأزومة، فهي لا استطاعت أن تجدد أدواتها، و لا استطاعت أن تجد لها علاقة وطيدة، و جدلية مع الحركة الجماهيرية، لكي تدفع بها ساحة الفعل السياسي، فهي تجتر خطابها.
    فالسلطة، في مسيرتها التاريخية، قد خلقت البيئة التي أدت إلي أزمة العقل السياسي، استخدمت العديد من الوسائل الأيديولوجية، منها الإعلام و التربية، و أصبح الإعلام الرسمي يلعب دورا مباشرا في تهيئة البيئة التي تعيد إنتاج الأزمة، من خلال البرامج و اللقاءات و الحوارات، فهي برامج مدروسة بعناية، و لها تأثيراتها علي المستويات المختلفة في المجتمع، فمثلا في برامج الحوارات السياسية، نجد إن المتحدثين، هم من الحزب الحاكم و السلطة التنفيذية، و من عناصر يمثلون الأحزاب التي صنعتها السلطة، فهؤلاء، ليس لديهم علاقة بمنهج نقدي، إنما جميعهم يوصفون الحالة و يبررون أخطائها، فالرأي الأخر مهمته أن يقدم رؤية أخرى للحل، الأمر الذي يجعله يحرك حالة الوعي في المجتمع، و تساعد علي تحرك الوعي الجماهيري، الذي بدوره يضغط في اتجاه الحلول، أو بمعني أخر تصبح الحركة الجماهير مشاركة بفاعلية في القضية المطروحة، من خلال معرفتها بالرؤيتين، أو ربما تتعدد الرؤى المتطلعة للحل، هذا الفعل هو الذي يؤدي خيارات للعقل لكي يغادر أزمته، و في جانب أخر، نجد جميع القنوات الرسمية و الإذاعات، تقدم عرض الصحف الصادرة بذات الطريقة، لا تتعرض للموضوعات التي تقود إلي رأيين، نما تريد فقط أن تسوق رؤية السلطة الحاكمة فقط، و البرامج هي محاولة لشرح الحالة أو الحدث، ليس فيه البعد التحليلي الذي يسبر عمق المشكلة، بسبب إنها درجت علي استضافة الصحافيين، الذين تعتقد إنهم أقرب للسلطة سياسيا منها للمعارضة، و امتنعت هذه القنوات عن استضافة من يحمل رائيا مخالفا، لذلك لم يستطيع أن يلعب الإعلام دورا إيجابيا في الأزمة السودانية، و عجز حتى في قيادة و دفع النخب السياسية، لكي تقديم بمبادرات تسهم في الحل، إذا الأدوات التي لها دورا فاعلا في اختراق الأزمة، و تفكيك معضلاتها، هي أدوات مستلبة من قبل السلطة، و توظفها بما يخدم أهدافها، و هنا لا يمكن أن تكون أهدافا من أجل الوطن، مادام هناك شق غائب بالفعل العمد، من قبل السلطة المتحكمة في مؤسسات الدولة، فالرأي الواحد هو الذي أوصلنا لهذه الأزمة، فكيف يكون الحل بذات الرأي الذي استمر أكثر من عقدين .
    و في الجانب الأخر، نجد إن المعارضة، عجزت أن توحد نفسها، و تقدم رؤية متفق عليها، تشكل برنامجا سياسيا بديلا عن برنامج الإنقاذ، الذي فشل في تحقيق السلام و الاستقرار و التنمية، وظلت القيادات هي نفسها لا تتغير و لا تتبدل، 25 سنة تقود المعارضة دون أن تحقق فعلا إيجابيا، و دون أن تحدث تغييرا في توازن القوة لمصلحة الحل، و طوال هذه المسيرة لم تقدم نقدا لمسيرتها التاريخية، أو تفتح المجال لرؤى أخرى، فشلت حتى في أن تستقطب العدد الكبير من نخب السودانيين المتواجدين في الخارج، كان من المتوقع أن تعقد المعارضة مؤتمرا سودانيا بالخارج، تقدم فيه أوراق متعددة في التنمية و الاقتصاد و الثقافة و الإعلام و السياسة و غيرها، لكي تشرك أكبر قطاع من النخب السودانية في حل المشكل السودان، و تجعله برنامجها السياسي، و تستصحب معها العديد من النخب الفاعلة و العقليات ذات الفكر، لكي تفتح أمامها الطريق لاستقطاب واسع للجماهير، من خلال طرح البرنامج عليها و إدارة الحوار حوله، كانت قد فرضت شروط الحل و توجهه، و لكنها فشلت في تحقيق ذلك، أكتفت أن تتنقل من عاصمة إلي أخرى، من باريس إلي بون و أديس أبابا، و غيرها من عواصم العالم، بذات العقليات و الشخصيات، دون أن تقدم جديدا، هذا المسرح العبثي استمر موازيا لمسرح السلطة، عقليات تبريرية، فقدت أهليتها، و لكنها متمسكة أن تسير في ذات الاتجاه، و بذات الوسائل، هذه البيئة التي فرضتها المعارضة، هي لا تؤهلها أن تخترق حالة الركود السياسي، لأنها بيئة خلقتها بنفسها، و لا تنتج غير العقليات المأزومة، و سجال و خصومات بينها، تؤكد إن سيوفها في اتجاه بعضها و قلوبها شتي.
    أعجبني مقالا في أحدى المواقع العراقية بعنوان " العقل السياسي العراقي" للكاتب العراقي حامد علوان الكبيسي يقول فيه ( العقل السياسي العراقي كله، يحتاج إلي وعي وطني للمراحل التي يجتازها العراق، و ليس النظر لتحقيق منافع شخصية، حتما ستؤول للزوال بعد حالة القلق و الاستقرار التي يصنعها أعداء العراق في الداخل و الخارج، من أجل هذا يلزم العقل السياسي العراقي، أن يشعر بالمسؤولية الوطنية التي هي من تهب الشرعية لمن يمثلها) و هذا ما تحتاجه النخبة السياسية في السودان، أن تجعل الوطن هو الأول في كل تطلعاتها، فالسلطة تتهم المعارضة إنها تتسبب في استدعاء الخارج لكي يكون حاضرا في المشكل السوداني، و لكنها لا تسأل نفسها، ما هي الأسباب التي تدفع هؤلاء الاستعانة بالخارج؟ فالصراع و النزاع، الذي يصل حد حمل السلاح، و تشريد المواطنين من ديارهم، و يجعلهم نازحين، تسقط كل الخطوط الحمراء، و تتعطل القواعد و القانون، فدائرة الحرب هي التي تفرض شروطها، لذلك الاتهام يحتاج لسؤال معاكس، لماذا تحاول النخبة الحاكم أن تنفرد بالبلاد، دون أن تسمح للآخرين المشاركة في إدارة بلادهم، فهي التي تساعد المعارضة أن تبحث عن نصير لها خارج الحدود.
    في مقال " بعنوان الفكر المأزوم" للدكتور سليمان العودة يقول فيه ( إن الاستغراق في المشكلات و الأزمات، و إخراجها من سياقها، و نسيان تيار الحياة اللجب المتدفق بانسياب وإيجابية، و اختصار الأمة في أزمة، يحولها إلي أزمة شعورية داخلية و نفسية، و ينسيك هذا كله إن الحياة مكتظة بالفرص، و الإيجابيات، و أن الحكمة و الذكاء تحويل الأزمة إلي فرص) و يضيف قائلا ( إن التعامل السلبي مع أية أزمة هو تجاهل الواقع العام و احتكار له في أحداث أو جوانب معينة، و كل ذلك أو بعضه يكفي بجدارة لصناعة عقلية مأزومة و فكر مشوه مريض) و العقل السياسي السوداني لا يستطيع أن يتغلب علي أزمته، إلا بتغيير الواقع الذي أدي لهذه الأزمة، باعتبار إن فرض الأجندة الأمنية و جعلها هي مقدمة علي الأجندة السياسية، لها تأثيرات سالبة علي مجري الحياة السياسية في البلاد، بسبب إنها تقلص مساحات الحريات، و غياب و تقليص الحرية، هي بيئة صالحة لإعادة إنتاج الأزمة، لأنها تمنع الطاقات الإبداعية من أن تتفجر، و تخضع البلاد لسيطرة العقل المأزوم، الذي لا يستطيع أن يقدم نقدا لأخطائه، أو يحاول أن يغير أدواته، لأنه درج أن يرمي أسباب فشله علي الآخرين، و يبحث عن تبريرات للعوامل التي تسببت في فشل مسيرته التاريخية، و تعيق و تعطل الإجراءات القانونية، فالكل متهم إلا إذا أثبتوا غير ذلك، فهذا البيئة لا تساعد علي تقديم المبادرات و الحلول، و أية سعي جاد في حل المشكلة، تتطلب تغيير المنهج، و إعادة لقراءة الواقع بفكر جديد، و هذه الخطوة حتما سوف تكون علي مصالح آخرين، و هؤلاء يعلمون إن أية تغيير و تصور لتقديم مصلحة الوطن علي المصالح الأخرى، هي سوف تكون خصما علي مصالحهم، لذلك يضعون العوائق أمام أية خطوة جادة، تهدف لحل الأزمة، و لا يؤمنون إن الحوار الجاد سوف يؤدي إلي توافق وطني، فالحكومة و المعارضة تملك عقلية واحدة، التي ظلت تعمل بتكتيك واحد طوال عمر النظام، و حتى الإخفاقات في مسيرتها التاريخية لم تنقدها، و توضح للشعب لماذا أخفقت في هذه المسيرة، فالعقل السياسي السوداني ظل يتكيف مع الأزمة، و يعيش فيها بكل أريحية، مادامت الأزمة سوف تضمن لهؤلاء القيادات التربع علي قمة الهرم السياسي في المعارضة، و تسمح لهم بالتجول من عاصمة إلي أخرى، دون أن يكون هناك ناتجا لهذا التحرك، يؤدي لتغيير الواقع السياسي.
    و كما يقول الدكتور محمد عابد الجابري ( أن العقل هو في النهاية التحليل لجملة من القواعد مستخلصة من موضوع ما) و الجابري لا يفرق بين العقل و الفكر، و العقل السوداني لا يستطيع أن يتجاوز الواقع، الذي يعيش فيه، دون أن يحدث تغييرا في الفكر، لكي يساعده علي هذه المهمة، و يقول الدكتور علي حرب في كتابه " الفكر و الحدث" ( المأزق لا فكاك منه إلا بتفكيك المثقف لقوالبه المعرفية و آلياته الفكرية، علي النحو الذي يخرجه من سجونه العقائدية و معسكراته الأيديولوجية، لكي يتعامل مع العالم بعقل مرن و فكر مفتوح علي الحدث. فلا يجدي نفعا أن ننفي ما يحدث لكي تصدق أوهامنا) و لكن من أين تجد النخب السياسية هذا الفكر، و هي اعتادت أن تعمل بجدل اليوم، هي أدمنت المنهج التبريري، و ما عندها من تراكم معرفي، لا يساعدها علي تفكيك قوالبها المعرفية، و آلياتها الفكرية، لكي تعيد قراءة الواقع، و تقدم أسئلة مغايرة تساعدها لفهم معضلتها، فهي نخبة لا تؤمن بالعمل الجماعي، لأنه عمل يوسع مساحة الممارسة الديمقراطية، و يضيق علي الأحادي، فهي نخبة تعودت أن تكون خلف الرايات، و تسمع ما يقال لها دون أن تقدم رأي أخر، هي نخبة تساعد علي استمرارية الأزمة لأنها تحمل الأزمة في فكرها و في ثقافتها و في ممارستها، فأي تغيير للفكر لابد من تغيير الأدوات المعطوبة، غير الفاعلة، إذا كان التطلع للتغيير و التجديد في العقلية السياسية السودانية.
    في استعراضه لكتاب الزعيم يقول جورج طرابيشي ( ففي لحظات الأزمة، يبقي دور الرجال كبيرا، و الفارق بين الزعيم الاستبدادي، و الزعيم الديمقراطي، إن الأول يركب موجة الأزمة ليرقي إلي السلطة، بينما لا ينهض الثاني إلي السلطة، إلا بقدر ما يسعي إلي إيجاد مخرجا من الأزمة، و الثابت علي كل حال، إن الممارسة الديمقراطية المعاصرة تميل أكثر للاستغناء عن الزعماء) فالزعامة هي خصما علي الديمقراطية، و في دول العالم الثالث، الزعامة تؤدي إلي تركيز السلطات في أيدي الزعيم، و يتراجع دور المؤسسة، الأمر الذي يخلق النظام الاستبدادي أو الديكتاتوري، سميه ما شئت، و لكنه غير نظام ديمقراطي، يتح فرص لتقديم الرأي الأخر، و هي البيئة التي تعاد فيها إنتاج العقل المأزوم، و لا يرجي من العقليات المأزومة أن تسهم في عملية حل الأزمة التي صنعتها، و نسأل الله لها و لنا المغفرة.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de