|
رسالة الي عبدالخالق محجوب في الفردوس ... نم هنيئا في عليائك يا رفيق ...بقلم د. ابومحمد ابوآمنة
|
لقد تركت وراءك تاريخا حافلا يفتخر به جيل بعد جيل، واخترت في عظمتك وشموخك وشجاعتك طريقا شاقا كله تضحيات ونضال وسجون وسفك دماء، طريقا قلت انه يؤدي في النهاية الي اسعاد البسطاء والكادحين. يوم واجهت السفاح نميري قلت له في كل تواضع: لقد أعطيت الشعب قليلا من الوعي. لكنه ليس بالقليل, كما قلت يا رفيق، انه كنز لا يفني، انه نبراس تهتدي به الجماهير في نضالها لخلق مجتمع تعم فيه السعادة والرخاء والسلام. ظنت القوي الشريرة في المجتمع انه حين شنقوك فانهم شنقوا معك تلك مبادئك النبيلة والأفكار الثورية التي حملتها. لكن الشهداء بثباتهم وبموتهم ينيرون الطريق ومبادئهم وافكارهم تبقي نبراسا ينير الطريق. خاب ظنهم، فقد استوعبت اعداد لا يستهان بها من العمال والمزارعين والمثقفين تلك الأفكار، رفاقك في الحزب وفي النقابات وفي منظمات المجتمع المدني يعاهدونك أمام الله بالسير في نفس الطريق الشاق، رغم التعذيب والمطاردات وبيوت الاشباح والتصفيات الدموية. اعداؤك، أعداء الشعب، يرتجفون حتى اليوم بمجرد ذكر اسمك او اسم ذلك الحزب الذي تركته وراءك ليواصل النضال من اجل العدالة والديموقراطية والسلام. بالأمس قام السفاح نميري بتشليح السكك الحديدية وقال انها وكر للشيوعيين. واليوم تشلح عصابة اجرامية كل مؤسسات شعبنا الاقتصادية، وتبيعها وتضع الاموال في بنوك تحت الحساب الخاص. وحين دمرت مشروع الجزيرة الي آخره، نهضت جماهير المزارعين تستنكر وتطالب بإعادته كما كان الحال في السابق. أتدري يا رفيق ماذا قالت العصابة لتبرير اجرامها؟! قالت دون حياء ان المزارعين هم شيوعيون وانهم عالة على مواردنا وانهم لم يحققوا أي إنجازات وانهم لا يعملون. اهانت العصابة المزارعين بشكل لم يسبق له مثيل. نسوا ان المزارعين في الجزيرة هم عبر الأجيال المورد الرئيسي لخزينة الدولة. هم بيتوا النية لابتلاع المشروع بأكمله. ولكن هيهات، فالجماهير لهم بالمرصاد. هل تدري -يا رفيق -ان عصابة اخوانية إجرامية تسلطت على الحكم بانقلاب عسكري عام 1989؟ هم قالوا انهم جند الله، وباسم الدين يحكمون، والشريعة والعدل يطبقون. لكنهم شكلوا اسوء حكم عرفه السودان عبر التاريخ. هم سفكوا دماء خيرة أبناء القوات المسلحة حين هبوا يدافعون عن المثل والتقاليد وعن الديموقراطية. اراقة الدماء تتواصل حتى اليوم في جميع انحاء القطر، فحين هبت الجماهير ضد الوضع في سبتمبر الماضي لم تتورع العصابة بتوجيه الرصاص الحي على صدر الجماهير، وأردوا منهم مئات القتلى. انهم يحكمون بقوة الحديد والنار. باسم الدين يغتصبون النساء والاطفال، ويقتلون ويسرقون ويحرقون القري، ويبيدون بالطائرات والراجمات المواطنين الأبرياء في الجبال ودارفور والنيل الأزرق، ويمنعون الدواء والماء والغذاء عنهم. أهذا دين الله؟! اغتصاب ونفاق وقتل وسرقات وفساد وسفك دماء! تحت ما دعوه الإسلام مارسوا القتل والتهجير القسري والقهر والتجويع والبطش والتفرقة العنصرية، ونشروا الفتن والشر والفساد والسرقة وانحلال الأخلاق. نم في عليائك قرير العين - يا رفيق - فالشعب لن يهدأ له بال, ولن يكل ولن يمل, و سيقدم الشهيد تلو الشهيد, حتي يتمكن من اقتلاع النظام الجائر. شعبنا لن ينسى الشهداء، ولن يتخلى عن المبادئ والثوابت التي رسخها هؤلاء الرجال. نم في عليائك قرير العين - يا رفيق – وتمتع بما وهبه لك المالك من نعمات وحور عين وخيرات وفاكهة وشراب. لقد قال تعالي: " وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" صدق الله العظيم. تمتع وأهنأ في الفردوس يا رفيق، خالدا فيها بمشيئة الله، ولوكره الفاسدون المفسدون.
|
|
|
|
|
|