كان لافتاً للانتباه قرار سامح شكري وزير الخارجية المصري مغادرة أديس أبابا قبيل انتهاء القمة الأفريقية التي عقدت مستهل الشهر الجاري..كواليس الغضب المصري جاءت إثر تحفظ قمة الاتحاد الأفريقي على تبني وجهة نظر مصر في إدانة دولة قطر..تصدت للمحاولة المصرية دولة الجزائر التي رفضت الزج بالخلافات الخليجية في قمة الأفارقة..ذات الموقف تبناه رئيس الاتحاد الأفريقي ألفا كوناري..في ذات الإطار دفعت السعودية بلاعب محترف هو العميد طه عثمان مدير مكتب الرئيس البشير المقال وذلك لفك مغاليق القصور الأفريقية ..كل تلك الإشارات تؤكد أن الحلف السعودي المصري سيمضي في اختيار الخيارات الصعبة تجاه دولة قطر. من بين الذين التقاهم في أديس أبابا الوزير السوداني السابق كان الأستاذ حسبو عبدالرحمن نائب رئيس الجمهورية ورئيس وفد السودان لقمة الاتحاد الأفريقي ..بعد أيام قليلة جداً من انتهاء القمة صرح نائب الرئيس حسبو أن السودان سيقود جهود وساطة جديدة.. وحسب حسبو أن الرئيس السوداني سيقوم بجولة تشمل السعودية والإمارات والكويت وقطر..الملاحظة الأولى أن حسبو تجاوز عاصمة مفصلية في الأزمة الراهنة وهي القاهرة التي تولت نفخ نار الأزمة وهنا تولد أزمة جديدة تبدو وكأن السودان لا يقر ولا يقدر الوزن المصري في الأزمة الراهنة بين دول الخليج ..هذا التصرف سيثير حفيظة المصريين. الملاحظة الثانية أن الرئيس سيزور الكويت ليكمل جهداً بدأته هذه الدولة المؤثرة ولم يكلل بالنجاح..في هذا افتراض أن للخرطوم تأثير يفوق الكويت وذلك أمر فوق أنه غير حقيقي يعتبر تنطعاً دبلوماسياً.. تظل الكويت دولة ذات حضور وتأثير دبلوماسي في هذه الأزمة أكثر من غيرها من دول المنطقة ..محور السعودية والإمارات يطلب دوراً سودانياً واضحاً كما حدث في اليمن أو مع إيران حيث كانت الخرطوم أشد تطرفاً وأوضح بياناً في مواقفها. في تقديري من المهم إدراك الدور الذي يمكن أن يلعبه العميد طه عثمان الحسين في إعادة تقديم السودان للدبلوماسية السعودية..طه ظل كاتماً لأسرار الرئيس ومطلعاً على طريقة تفكير القيادة السودانية..لهذا من الممكن جر السودان إلى مربع الأزمة عبر إيهامه أن بمقدوره أن يكون وسيطاً مؤثراً..وحينما تغلق الأبواب القطرية في وجه الخرطوم تجد القيادة السودانية مبرراً في تغيير موقفها من الحياد إلى الانحياز إلى الطرف السعودي الإماراتي المصري ..أغلب الظن أن القيادة السعودية ستلعب على ورقة الضغط الأمريكية في هذا التوقيت..ستكون التوصية السعودية برفع العقوبات الأمريكية بعيد أسبوع من الآن رهينة بموقف سوداني واضح من أزمة الخليج الجديدة. أغلب الظن أن الحكومة السودانية تحاول كسب الوقت عبر هذه الحركة الدبلوماسية بين العواصم والتي ستكون مجرد زيارات بروتوكولية لن تحقق النتائج المرجوة.. من المهم جداً أن يلعب السودان بورقة القوات السودانية في اليمن وأن يفتح مسارات في العلاقة مع القاهرة التي تشهد بروداً في صيف ساخن بالأحداث ..لهذا من الأفضل أن تكتفي القيادة السودانية بتشجيع اللعبة الحلوة من منازلها دون الانخراط في تفاصيل الأحداث التي تجعلنا طرفاً ولو غير مباشر في هذه الأزمة الساخنة جداً. بصراحة.. رحم الله دبلوماسية عرفت قدر نفسها وتجنبت الوقوع في الفخ الذي يعد بعقول تعرف كيف تفكر قيادتنا السياسية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة