|
رجل كلمته الأرض !!!
|
08:25 AM Oct, 03 2015 سودانيز اون لاين الطيب الشيخ-الخرج ـ السعودية مكتبتى فى سودانيزاونلاين
رجل كلمته الأرض!!! مقدمة ضرورية: اشتعلت حرب البسوس بين بكر وتغلب وهما أبناء عمومة بسبب ناقة لإمرأة اسمها "البسوس بنت منقذ التيمية" وفي رواية إنها خالة "جساس بن مرة - البكري" وهي التي يضرب بها المثل في الشؤم، فيقال: (اشأم من البسوس) لانها كانت سببا في اشعال هذه الحرب التي قتل فيها خلق كثير، فقد تسللت ناقتها المعروفه باسم (سراب) إلى مرعى "كليب بن وائل - التغلبي" الذي قال عندما رأها فى حمى مرعى لابله، لمن هذه الناقة فقيل له إنها لامرأة جارة (ضيفة) لجساس، فقال: "لئن عادت لأضعن سهمي في ضرعها" وليقضي الله أمرا كان مفعولا، عادت الناقة (سراب) مرة ثانية إلى مرعى كليب فرماها بسهم في ضرعها فقتلها، فلما رأتها البسوس صاحت: "واذلاه" وجساس يراها ويسمع فخرج إليها وقال لها: "اسكتي سأقتل جملاً أعظم من هذه الناقه" وظن من سمعه انه ربما يقتل فحلا من الإبل، ولكنه خرج إلى كليب وقتله غيلة و غدراً، وهنا ثارت ثائرة عدي بن ربيعه أخو كليب والملقب بالمهلهل، ولقب مهلهلا لأنه أول من هلهل الشعر وقصد القصائد ـ وقد كان المهلهل قبل مصرع أخيه لاهياً ينعم باللذات والخمر والنساء، فلما علم بمصرع أخيه جَزَّ شعره وهجر النساء والصيد وشمر عن ساق الجد، وترك الخمر والقمار وقال لبني ذهل ابن شيبان من بكر "إما أن تحيوا لي كليباً أو تدفعوا جساساً فنقتله" فرفضوا تسليم جساس، عندها بدأت حرب البسوس التي استمرت زهاء أربعين عاماً، وتوالت إنتصارات المهلهل على قبيلة بكر ومن تحالف معهم، أما الحارث بن عباد فقد اعتزل بقومه الحرب ولم يشهدها وقال لبني شيبان "ظلمتم قومكم وقتلتم سيدكم فو الله لا نساعدكم" وقال قولته المشهورة: (هذه الحرب لا ناقة لي فيها ولا جمل) وكان فارسا شجاعا، خبيرا ماهرا في الحرب، كما كان عاقلا حكيما، وفي أحد الأيام كان ابنه "بجير" في مرعاه فأخذته جماعة من تغلب وفي رواية أن أباه أرسله ليصلح بين بكر وتغلب، فلما عرفه المهلهل قتله، وقال "بؤ بشسع نعل كليب" و انشد المهلهل شعرا قال في:- وإني قد تركت بواردات بجيراً في دم مثل العبير هتكت به بيوت بني عباد وبعض الشر اشفى للصدور فلما سمع أبوه بالخبر ظن أنه قتله مقابل دم اخيه فقال: "نعم القتيل قتيلاً أصلح بين الحيين من ابني وائل "فقيل له ان المهلهل قال للغلام "بؤ بشسع نعل كليب" فقال لهم: وماذا قال الغلام، قالوا له، قال: إذا رضيت بذلك بنو ضباعة، رضيت، عند ذلك غضب الحارث بن عباد بسبب قُتل ابنه غدراً في غير موقع قتال مقابل شسع نعل كليب (شسع النعل - هو سير الحذاء الذي يدخل بين الاصبعين)، وليس اقسى على نفس الكريم من ذلك، فأقسم ألا يقبل الصلح حتى يملأ الصحراء من جماجم الأعداء أو "تكلمه فيهم الأرض" وكما تقدم فإنه كان قد نأى بنفسه عن هذه الحرب واعتزلها و لكنها الآن فرضت عليه فرضاً، فأنشأ قصيدته الشهيرة (مربط النعامة) والنعامه هي - فرس الحارث بن عباد) وهي فرس لم يكن في زمانها مثلها، و بالفعل كان لموقف الحارث اثرا حاسماً على سير المعارك فيما بعد، حيث قاد قبائل بكر برمتها لحرب تغلب، وتوالت انتصاراته على المهلهل وكان أول يوم انتصر فيه هو (يوم قضة ويدعى أيضاً يوم تحلاق الَّلمم) وسمي بذلك لأن بكراً حلقوا رؤوسهم ليعرفوا بعضهم بعضا، دعونا الآن ندخل الى قصيدة (قربا مربط النعامة): قـل لأم الأغر تبكـي بجيـراً حيل بيـن الرجـال الأموال ولعمري لا بكين بجـيراً ما أتى الماء مـن رؤوس الجبالِ لهف نفسي على بجير إذا ما جالت الخيل يوم حرب عضالِ وتساقى الكماة سماً نقيعاً وبدأ البيض من قبـاب الحجالِ وسعت كل حرة الوجـه تدعـو يالبـكـر غــراء كالتمـثـالِ يابجير الخيرات لا صلح حتى نملأ البيد من رؤوس الرجالِ وتقر العيون بـعد بكاها حين تسقي الدماء صدور العوالي أصبحت وائل تعج من الحـرب عجيـج الحـجـال بالاثـقـالِ لـم اكن من جناتـهـا عـلم الله وإنـي بحرّها اليـوم صـالِ قد تجنبـت وائـلاً كي يفيقـوا فأبـت تغلـب عليّ اعتزالي وأشـابـوا ذؤابـتـي ببجـيـر قتلـوه ظــلاً بغـيـر قـتـالِ قتلـوه بشسع نـعل كلـيـب إن قتل الكريم بالشسع غال قربـا مربـط النعامـة مـنـي لقحت حرب وائل عـن حيال قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي ليس قولي يراد لكن مغالي قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي جـدّ نوح النساء بالاعـوال قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي شاب راسي وأنكرتني الغوالي قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي للسـرى والغـدو والآصــالِ قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي طال ليلي على الليالي الطوال قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي لاعتنـاق الأبطـال بالأبـطـالِ قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي واعـدلا عـن مقالـة الجهـالِ قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي ليس قلبي عـن القتـال بسالِ قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي كلما هب ريـح ذيـل الشمـال قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي لبجـيـر مفـكـك الاغــلالِ قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي لكـريـم مـتـوّج بالـجـمـالِ قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي لا نبيـع الرجـال بيـع النعـالِ قرّبـا مربـط النعامـة مـنـي لبجيـر فـداه عمـي وخـالـي قرّباهـا لحـي تغلـب شوسـاً لاعتنـاق الكمـاة يـوم القتال قرّبـاهـا بمرهـفـات حــداد لقـراع الابطـال يـوم النـزالِ رب جيش لقيته يمطـر المـوت علـى هيكـل خفيـف الجلالِ سائلـوا كنـدة الكـرام وبكـرا ًواسألوا مذحجـاً وحي هلالِ اذا اتونـا بعسكر ذي زهــاء مكفهـر الأذى شديـد المصـالِ فقريـنـاه حين رام قـرانـا كل ماضي الذباب عضب الصقالِ
ولما رأت تغلب كثرة الموت واشتد أوار الحرب وتوالت انتصارات الحارث بن عباد واثخن فيهم الجراح، وعلموا بقسمه حفروا سردابا تحت الارض وادخلوا فيه إنسانا وقالوا له إذا مر بك الحارث فأنشده هذا البيت: أبا منذر افنيت فاستبقي بعضنا حنانيك بعض الشر أهون من بعض فقال الناس للحارث بن عباد عند ذلك قد بررت بقسمك وقد كلمتك الأرض، فاصفح، فصفخ بعد ذلك ووقفت الحرب.
|
|
|
|
|
|