|
رجال وكلاب ! عبد المنعم سليمان
|
رجال وكلاب !
عبد المنعم سليمان
[email protected]
العنوان مأخوذ من رواية الكاتب المغربي مصطفى لغتيري ( رجال وكلاب) أهداني إياها بالقاهرة مشكوراً قبل عامين الصديق المحبوب عبد السلام ، والرواية تحكي عن عائلة تلبستها حالة ######ية فأصبح أفرادها يقلدون ال###### في تصرفاتهم حتى أن جد العائلة الكبير فرط تقمصه للشخصية ال######ية ربط حبل على عنقه وأصبح يمشي على أربعة ويتحدث (هوهوة) ، تماماً ك###### مُسن.
أجزم لو ان كاتب الرواية (لغتيري) كان سودانياً لما وجد أية غرابة في تلبس الحالة ال######ية للإنسان بعد أن حكمنا أناس لا تجد في كل ممالك الحيوان ومللهم ونحلهم مثيل لقسوتهم ووحشيتهم ونهمهم للافتراس ، افتراس أي شيئ .
حقيقة كنت أظن أن الفساد الذي ضرب كافة مناحي الحياة في بلادنا هو نهاية مطاف الإنحدار الأخلاقي والقيمي للكيقة الحاكمة وذوي الحظوة من المقربين منها ، وكنت أظن أن ثروة العصابة الحاكمة المعروضة بلا حشمة أمام أعين الفقراء في بلادنا هي نهاية عدم الاحساس والتبلد وذهاب الحياء ، وظللت على ظنوني المتواضعة تلك إلى أن قرأت الخبر الذي أوردته صحيفة (حريات) الخميس 27 فبراير، والقائل أن : الجمعية العامة للامم المتحدة علقت حق السودان فى التصويت لفشله فى دفع التزاماته المالية السنوية البالغة 111.300 دولار !
لا يوجد بين مخلوقات هذا الكون بما في ذلك عالم الحيوانات المتوحشة ، من لديه مثل شراهة ونهم هذه المجموعة الحاكمة ، فكيف بالله عليكم يعجز نظام دخلت خزائنه أكثر من (50) مليار في عشر سنوات ، كيف يعجز عن دفع (100) ألف دولار؟ وأين المبلغ المخصص سلفاً في ميزانية بعثة السودان بالمنظمة الدولية لدفع مثل هذه الاشتراكات السنوية المعروفة ؟ وكيف تعجز وزارة يعمل وزيرها وسيط وسمسار ومُضارب في عطاءات الحكومة الإنشائية ويتاجر في الأسمنت والسيخ (المضروب) والطوب والرمل والمسمار والخشب ، عن دفع مثل هذا المبلغ البسيط ، والمؤثر على سمعة البلاد ومكانتها بين الأمم ؟
لا أعرف سبباً يجعل أي حكومة تعجز عن توفير الطعام والعلاج والتعليم والسكن والأمن وحماية الحدود وإخراج البلاد من حركة المال العالمية وحق التصويت الدولي ، لا أعرف سبباً يجعل حكومة كهذه تبقى (حاكمة) حتى الآن ، فهل (تخن) جلدنا ، وأصبحت حياتنا بلا قيمة إلى هذه الدرجة ؟ حد أن نقبل بذل وهوان لم يسبق أن مارسته حكومة ضد شعبها ووطنها في كل التاريخ الحديث ، وما فائدة عيش من لا قيمة له ، أليس الموت أهون وأرحم له؟
أصبحت على قناعة تامة الآن ان بلادنا تحتاج إلى زلزال ليخلصها من هذه المخلوقات الغريبة أكثر من حوجتها لمفاوضات وإتفاقات ، زلزال يقلب عاليها سافلها ، ولحسن الحظ ليس هناك ما يُخشى عليه من دمار ، فلو ان إعصار (تسونامي) كان قد مر على بلادنا لما أحدث دماراً كالذي أحدثه حكم المشير وجماعته ، أما من ينتظر نتائج من مفاوضات مع مجموعة وصلت حالة رئيسها في وثبته مرحلة (الهوهوة) فهو كمن ينتظر حصاد مشروع الجزيرة هذا العام .
ونقول لعواجيزنا زعماء الهرولة صوب المؤتمر الوطني ، لن تنالوا سوى الخزي والعار فلا فائد ستأتيكم منها ، وان لم تستطيعوا المقاومة فمن العار الموت على سوء الخاتمة السياسية ، مُهانين أمام باب الدجال منحكم أو منعكم ، وأشرف لكم الموت صمتاً وحنقاً كما فعل الزعيم سعد زغلول ، من التطبيل لمن أصبح يمشي على أربعة .
وتحدثنا قصة الزعيم الوطني التاريخي المصري سعد زغلول انه عندما كان يتابع الحياة السياسة في بلاده وهو على فراش المرض ، وعندما رأى أن الأمور في بلاده تذهب نحو اللاعودة ، نظر إلى زوجته (صفية) التي كانت تقف بجانب سريره ، وقال لها في لحظة صدق ويأس من الإصلاح : ( شدي اللحاف وغطيني يا صفية مفيش فايدة).
|
|
|
|
|
|