|
رجال خارج التاريخ بقلم سعيد أبو كمبال
|
00:17 AM Mar, 28 2015 سودانيز اون لاين سعيد أبو كمبال-الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
يقول الكاتب عادل الباز في عموده المنشور في جريدة الصحاقة اليومية عدد الاربعاء 19 سبتمبر 2012 عن ما سمعه من الراحل الاستاذ محمد ابراهيم نقد : "وآخر مرة زرته فيها بصحبة الدكتور التجاني عبد القادر ومحمد على حامد قبل ايام من رحيله قال لنا - لا تخافوا على السودان. ستأتي اجيال توحده وتبنيه بأفضل مما فعل جيلنا . نحن اصبحنا خارج التاريخ ......... أنا والترابي والصادق." يقول الاستاذ نقد الذي نسأل الله ان يرحمه رحمة واسعة ويغفر له سيئاته؛ يقول انه سوف تأتي أجيال توحد السودان وتبنيه بأفضل مما فعل جيلهم وانهم قد اصبحوا خارج التاريخ و هو والسيد الصادق المهدى رئيس حزب الامة القومي والدكتورحسن عبدالله الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي. وذلك الحديث لا يصدر إلا من شخص مثل الاستاذ محمد ابراهيم نقد رحمه الله. فقد امتاز بالتواضع والصدق والامانة والشجاعة وعدم المكابرة في قول الحق. ولم يوضح الاستاذ عادل الباز المعنى الذي يقصده المرحوم نقد بقوله انهم هو والسيد الصادق المهدي والدكتور حسن الترابي قد صاروا خارج التاريخ. واقول ربما قصد انهم (صاروا خارج دائرة الفعل ) بسبب تقدم اعمارهم او لاى سبب أخر.ولكننى اتفق معه في انهم صاروا خارج التاريخ بالمعنى الذى أورده أدناه. ماذا نعني بالخروج من التاريخ ؟ هنالك فى تقديرى معنيان للخروج من التاريخ.المعنى الاول هو ان يعجز الشخص عن ادراك واستيعاب المتغيرات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية الناتجة عن حركة الحياة وان يتفاعل معها إيجابياً . او كما يقول الشباب هذه الأيام يخرج من الشبكة. والمعنى الاخر للخروج من التاريخ هو فقدان الفاعلية. وكما يعرف القارىء تعني الفاعلية effectiveness القدرة على تحقيق المقاصد. وفي تقديرى قد خرج كل من السيد الصادق المهدي والدكتور حسن الله الترابي من التاريخ وبكل تأكيد حسب المفهوم الاول وهو عدم القدرة على التفاعل مع حركة الحياة والتغيير الذي يجري حول كل منهما أى خرجا من الشبكة . ولدك كان كبر خاويه يقول المثل السوداني (ولدك كان كبر خاويه). ويقصد بذلك ان تستمع اليه وتحترم رأيه وتأخذ به عندما يكون صائباً. ولا تتعامل معه بالعصا واصدار الاوامر التى تتوقع ان يطيعها صاغراَ. ولكن يبدو ان تلك الحكمة السودانية قد غابت عن تفكير وسلوك كل من السيد الصادق المهدي والدكتور حسن عبدالله الترابي. وربما يكون القارىء الكريم قد سمع بمقولة السيد الصادق المهدي :(الباب يمرق جمل) التى قالها عندما ضاق ذرعا بمطالب شباب حزبه بالاصلاح و التجديد وتطوير دستور حزبه وهياكله وسياساته واساليب عمله. وقبل ايام جاء في الصحف السودانية ان الدكتور حسن عبدالله الترابي قد قام بمنع منبر شباب حزب المؤتمر الشعبى الذى يسمى:(اهل الرأى) ؛ منعه من استخدام مكاتب وقاعات الحزب للاجتماعات والحوارات. ويدل ما قاله السيد الصادق المهدى وما فعله الدكتور حسن عبدالله الترابي على وجود فصام حقيقي بينهما وبين الشباب الذي يريد ان يكون له راى ومشاركة حقيقية في صناعة القرارات والحصول على المعلومات و في المحاسبة على قصور الاداء وعلى الفساد لان الشباب قد كبر ليس من ناحية سنوات العمر ولكن من ناحية الوعى. فقد تفتحت عيون شباب اليوم من الرجال والنساء على الدنيا في عالم الانترنت وانهيار المعسكر الشيوعي وصحوات الهوية والحقوق ومنها الحقوق السياسية داخل الاحزاب مثل حق المشاركة الحقيقية في ادارة الحزب ومعرفة ما يدور فيه وماذا تفعل قيادة الحزب ولماذا ومحاسبتها على قصور الاداء وعلى الفساد. ولكن يبدو ان كل من السيد الصادق المهدي والدكتور حسن عبدالله الترابي يعيش في عالم ما قبل 1990. ولازال كل منهما يكرس كل السلطات في يديه بدستور اكل الدهر عليه وشرب. ويحيط نفسه بمعاونيين يجيدون طأطأة الراس وترديد حاضر سيدي وكله تمام. واخشى ان يؤدي عنادهما واصرارهما على مقاومة تيارات التغيير الى عواقب وخيمة بالنسبة لكل منهما و لحزبيها. ولكن تحتاج تيارات التغيير الشبابية الى الوضوح حول ما تريد بالضبط وكيف يمكن الوصول اليه. ويأتي في مقدمة ذلك في تقديري مراجعة القواعد التى يقوم عليها البناء الحزبي وتدار بها الاحزاب والى اى مدى تحقق تلك القواعد المشاركة الحقيقية لكل اعضاء الحزب في ادارته وفي ادارة الدولة والى اى مدى تحقق الشفافية وتحقق المساءلة على قصور الاداء وعلى الفساد لكل قادة الحزب واعضائه. البناء على الطبيعة البشرية قلت في مقالي بعنوان :(حول نظام حكم السادة والمساويد)الذي نشر في جريدة التغيير عدد الخميس 20 نوفمبر 2014 وفي الصحف السودانية الالكترونية الراكوبة وسودانايل وسودانيزأونلاين ؛ قلت ان هناك مسلمات اساسية حول الطبيعة البشرية human nature تقوم عليها النظم الاقتصادية والسياسية في المجتمعات التي تبهرنا انجازاتها في عمارة الارض وفي مقدمة تلك المسلمات: اولا ان الناس وكل الناس بالتقريب يقبلون على العمل ويجتهدون فيه عندما يحصلون هم وليس غيرهم على المكاسب والمنافع التي تنتج عن العمل الذي يقومون به. وثانيا ان المنافسة بين المنتجين وبين البائعين هى التى تؤدي الى جودة المنتجات وانخفاض اسعارها وتوفير فرص العمل وليس التحكم الحكومي. وثالثا ان الناس لا يجتهدون في العمل لصالح الاخرين والمجتمع حتى مقابل اجر الا اذا كانوا تحت الاشراف وتوقع العقاب على التقاعس وقصور الاداء. و رابعاً ان كل الناس يعانون من الضعف امام فتنة المال وفتنة السلطة. وقلت ان الشخص المسلم يجد تلك المسلمات في كتاب الله الكريم حيث يصف الله عباده بحب المال (العاديات 8)وبالضعف (النساء 28) والظلم والجهل(الاحزاب 72) والهلع (المعارج19) وضعف الايمان (يوسف 103 و 106)والفسق (الاعراف102)وظلم النفس (فاطر32) و ان الانسان عجول (الانبياء 37 و الاسراء11 )وان نفس الانسان امارة بالسوء (يوسف 53) وان الانسان طماع ظالم (ص 23 و 24). ويقول تعالى انه لولا دفعه للناس بعضهم ببعض لفسدت الارض (البقرة 251) ولهدمت الدور التى يعبد فيها الله (الحج40). وفرض الله على عباده الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في أل عمران (104 و 110 و 114 ) والمائدة (79) والتوبة (71) ولقمان (17). وادراكا لتلك المسلمات اقام الغربيون وغيرهم من الشعوب التى نهضت وانجزت وابدعت في عمارة الارض, اقاموا نظمهم الاقتصادية والسياسية على حرية التملك والعمل والتبادل التجاري وعلى الحرية السياسية وعلى الشفافية وعلى المحاسبة على قصور الاداء وعلى الفساد. وقلت في ذلك المقال ان امل السودان والسودانيين في اقامة نظام للحكم يقوم على المشاركة الحقيقية وليست الصورية في ادارة الدولة ويقوم على الشفافية وعلى المساءلة والمحاسبة على قصور الاداء وعلى الفساد؛ الأمل فى الشباب الرافض للواقع البائس وغير المستكين للذين يريدونه تابعا ومطيعا. ولكن قبل اصلاح نظام الحكم يحتاج الشباب لاصلاح وتطوير القواعد والهياكل واساليب العمل التي تداربها الاحزاب التي ينتمون اليها حتى تكون هناك مشاركة حقيقية في ادارة تلك الاحزاب وتكون هناك شفافية وتكون هناك مساءلة ومحاسبة على قصور الاداء والفساد. استنهاض الاحزاب وجود الاحزاب النشطة والفاعلة ضروري جدا لعافية الحياة السياسية لاية بلد لان الحزب يحقق اربع فوائد اساسية فهو اولا يقوم بتجميع طاقات اعضائه وبذلك يجعلهم اكثر فاعلية وكفاءة وثانيا يوفر الحزب الفرص لتبادل المعلومات والمعرفة والخبرات وعصف الاذهان من خلال النقاش الجاد الامر الذي يؤدى الى الفهم الاشمل والاعمق للقضايا المتعلقة بادارة الدولة وثالثا يوفر الحزب الحى و الناشط فرص كبيرة لتدريب اعضائه في الادارة ورابعا يوفر الحزب فرص كبيرة لاكتشاف مقدرات اعضائه الفكرية والادارية. وقد كتبت مقالا بعنوان:(افكار متواضعة حول استنهاض احزاب المعارضة السودانية ) نشر في جريدة الصحافة السودانية عدد 16 مارس 2011 وفي جريدة سودانيز اونلاين الالكترونية عدد 14 مارس 2011. وقد اوردت في ذلك المقال بعض المبادىء التي اعتقد انها ضرورية جدا للحوكمة الرشيدة للاحزاب( 18 مبدأ). ويأتي في مقدمة تلك المبادئ: أولاً ان يقوم نشاط الحزب على العمل التحتي لاعضاء الحزب في الاحياء والقرى والفرقان الذين ينتظمون في خلايا او وحدات او فروع و يجتمعون بانتظام للقيام بثلاث مهام اساسية:(أ)دراسة ومناقشة مشاكل وهموم وتطلعات الناس الخاصة بالامن والعدل والخدمات والمعايش ومحاولة ايجاد الحلول لها او تحقيقها و(ب)الاشراف على اجهزة الدولة المحلية(ج)ترويج افكار وبرامج ومواقف الحزب والدفاع عنها. وثانيا الفصل بين الاختصاصات والسلطات وخاصة بين سلطة التشريع و الاشراف ايا كان مسماها (الهيئة المركزية او مجلس الشورى او المكتب القيادي او السياسي الخ) والسلطة التنفيذية وعدم تكريس السلطة في يد شخص واحد مثلما ما هو حادث اليوم في كل الاحزاب السودانية حيث رئيس الحزب هو في نفس الوقت المسؤل التنفيذي الاول. ومن الضروري ان يخضع الجهاز التنفيذي خضوعا كاملا لمساءلة ومحاسبة السلطة الاشرافية ويتطلب ذلك ان يتم اختيار وتعيين كل اعضاء السلطة التنفيذية بمن فيهم المسؤول التنفيذي الاول بواسطة السطلة الاشرافية وان تكون اغلبية اعضاء السلطة الاشرافية من غير التنفيذيين وعدم الجمع بين رئاسة السلطة الاشرافية ورئاسة السلطة التنفيذية كما تنص على ذلك دساتير الاحزاب السودانية التي قام بتفصيلها رؤساء الاحزاب على مقاساتهم هم. وثالثا مراعاة الرشاقة في اجهزة ادارة الحزب من حيث العدد والحجم بان يكون هناك جهازان فقط لادارة كل حزب في جميع المستويات الاول جهاز للتشريع و الإشراف يقوم بتعيين اعضاء الجهاز التنفيذي واعتماد الخطط والسياسات والمشاريع المتعلقة بادارة الحزب والدولة ومتابعة تنفيذها والمحاسبة على قصور الاداء والفساد. وجهاز تنفيذي يقوم بابتدار الخطط والسياسات وغيرها ويقوم بتنفيذ ما يعتمده جهاز التشريع و الإشراف . ورابعا التحوط ضد الخندقة والكنكشة بوضع سقوف زمنية لتولى المناصب العليا مثل رئيس الحزب والامين العام بالنص مثلاًعلى عدم جواز ان يشغل شخص واحد منصب رئيس الحزب او الامين العام لمدة تزيد عن عشرين سنة متصلة او متقطعة. شئ يدعو للتفاؤل بدأت اصوات الشباب ترتفع في كل الاحزاب السودانية وهى تقول : لا و لا و لا وتقول :كفاية وكفاية وكفاية. وتطالب بالمشاركة الحقيقية في ادارة الاحزاب وادارة الدولة كما تطالب بالتغيير والتجديد والتطوير في القواعد والهياكل والسياسات واساليب العمل التى تداربها الاحزاب وتغيير وتجديد القيادات. ويدعو كل ذلك الى التفاؤل ويشير الى ان السودان مقدم على خير.
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- المطلوب الالغاء وليس الاستثناء بقلم سعيد ابو كمبال 03-22-15, 10:10 PM, سعيد أبو كمبال
- الى متى اختزان الدولار وتهريب السلع ؟ بقلم سعيد أبو كمبال 02-22-15, 09:45 PM, سعيد أبو كمبال
- تعيين الولاة أو استدامة الأزمات بقلم سعيد أبو كمبال 12-15-14, 00:16 AM, سعيد أبو كمبال
- حول نظام حكم السادة والمساويد بقلم سعيد أبوكمبال 11-17-14, 01:36 PM, سعيد أبو كمبال
- حول مطلوبات قفـة المـلاح بقلم : سعيد أبو كمبال 09-26-14, 03:25 PM, سعيد أبو كمبال
- سعر الصرف وتوجيه النائب الأول وقصور التنفيذ بقلم : سعيد أبو كمبال 09-08-14, 02:48 PM, سعيد أبو كمبال
- على عثمان فى البرلمان بقلم : سعيد أبو كمبال 06-15-14, 10:57 AM, سعيد أبو كمبال
- المنشور 3/2014م ومخالفة الدستور نفسه بقلم : سعيد أبو كمبال 06-05-14, 07:22 PM, سعيد أبو كمبال
- الخطأ والخطايا في المنشور رقم 3/2014(2) بقلم : سعيد أبو كمبال 05-28-14, 03:00 AM, سعيد أبو كمبال
- الخطأ والخطايا في المنشور رقم 3/2014: بقلم : سعيد أبو كمبال 05-20-14, 07:52 PM, سعيد أبو كمبال
- من يبتدر التدابير أيها الوزير بدرالدين ؟ بقلم : سعيد أبو كمبال 05-14-14, 01:29 PM, سعيد أبو كمبال
- لماذا علي الحكومة أن تكون الأحرص؟ بقلم : سعيد أبو كمبال 04-23-14, 04:17 PM, سعيد أبو كمبال
- دولار ريال ، دولار ريال، وهلمجرا !!! 04-12-14, 03:58 PM, سعيد أبو كمبال
- الوثبة الإقتصادية والخيار الأوحد بقلم: سعيد أبو كمبال 03-24-14, 10:05 PM, سعيد أبو كمبال
- فجوة الاستثمار وكيف تسد؟ بقلم: سعيد أبو كمبال 03-09-14, 04:01 PM, سعيد أبو كمبال
- ما المطلوب عمله لمحاربة الفقر؟ بقلم: سعيد أبو كمبال 02-14-14, 03:45 AM, سعيد أبو كمبال
- بعض الإشراقات في خطاب الرئيس عمر البشير في 26 يناير 2013م بقلم: سعيد ابو كمبال 02-02-14, 06:13 PM, سعيد أبو كمبال
- موازنة العام 2014م وماذا تقول الارقام؟ بقلم: سعيد أبوكمبال 01-27-14, 01:13 AM, سعيد أبو كمبال
- بين يدى المؤتمر الاقتصادى ستكون لبعض مقترحات السيد عبد الرحيم حمدي مآلات كارثية بقلم: سعيد أبو كمبا 11-08-13, 00:09 AM, سعيد أبو كمبال
|
|
|
|
|
|