|
رؤية اقتصادية حول مستقبل العقار في السودان
|
كتب صلاح الباشا ما اراهن عليه هنا بعد إجراءات البنك المركزي الأخيرة التي حظرت علي البنوك التجارية تمويل العقار والاراضي والسيارات الصغيرة ، هو توظيف لنظرية اقتصادية مقرونة بمتغيرات اقتصادية تخص السودان وابسطها كالتالي: النظرية الاقتصادية المعروفة أكاديمياً منذ مئات السنين تقول انه حين يكثر عرض السلعة فانه يقل الطلب عليها والعكس صحيح.. وفي المدن السودانية تعرض اراضي كثيرة جدا للبيع .. وقد كانت البنوك تقوم بتمويل الشراء للعقارات علي اقساط تصل الي عشرين سنة وبسعر فائدة لأكثر من ضعف سعر العقار نفسه (ربا .. ومضاعف) كمان ، ما أدي إلي تصاعد اسعار العقار بسبب ان المشترين الكبار تحصلوا علي تلك الاموال التي يشترون بها العقارات بجميع مسمياتها ( أراضي ومباني ومزارع ) بغير رقيب مثلما نري اand#65275;ن من فضائح في الصحف وفي المحاكم والنيابات في المركز والولايات ، ووجهوها نحو العقار كنشاط مضمون النتائج حسب ما تعود عليه السودانيون... ما أثر علي مستقبل غالبية طبقات الشعب السوداني من موظفين وعمال وزراع وأصحاب حرف ، وقطاعات عريضة من المغتربين ، حيث فشلوا في تحقيق أمنياتهم في الحصول علي قطة ارض ، دعك عن الحصول علي بيت جاهز ، وقد إنحصر الشراء والبيع في هذا القطاع علي الفئة القليلة التي جعلت من المال (دولة بينهم )
ولكن ومن ناحية أخري ، نجد أن مداخيل البنوك قد تناقصت بسبب شح السيولة في السوق العادية وقلة المدخرات والودائع مع ثبات أو تنامي المصروفات الإدارية الثابتة لتلك البنوك ، و لتوقف عائدات الصادرات من نفط وحبوب واقطان ، فضلا علي توقف صادر اللحوم الي السعودية والخليج بسبب المقاطعة المصرفية التي طرأت مؤخراً ، وبالتالي فان تمويل مدخلات الموسم الزراعي قد تاثرت .. فما كان من بنك السودان الا ان يوجه المصارف للتمويل الزراعي حتي لا يفشل الموسم وتحدث مجاعات ، وهذا قرار صائب ، برغم أنه قد تأخر لعشر سنوات ، ولكن أن يأتي متأخرا خيرا من ألا يأتي مطلقاً .
ولذا ، فإن توقف البنوك ( مجبرة ) عن تمويل شراء العقارات والسيارات الصغيرة الجديدة ، سيؤثر سلبا علي اسعار العقارات التي لن تجد نقود في السوق لتحريكها .. وفي ذات الوقت لا تملك الجماهير العادية الغالبة بما في ذلك غالبية المغتربين ، وفورات مالية عالية للتفكير في الشراء and#65275;ن تكلفة المعيشة المرهقة من الناحية الاخري لها الاولوية عند المواطن حتي تستمر الحياة فضلا علي كلفة التعليم والعلاج .
كما ان الذين سبق لهم ان صرفوا ملياراتهم التي تحصلوا عليها بطريق أو بآخر في مضاربات الاراضي ، ستكتظ بهم السجون بسبب العسر المالي وعدم قدرتهم علي الوفاء بالتزاماتهم تجاه المصارف الممولة وسيضطرون لبيع ما ضاربوا عليه من اراضي ومباني وشقق فاخرة بأبخس الأثمان لأنهم أصلا ( نهبوها من الدولة بطريق أو آخر ) مثلما نري اليوم في الصحف والميديا والمواقع حيث لم يعد أمر النهب سراً مثلما كان في الماضي ، وقد تناولته الميدا السودانية بكل جرأة بعد تمدد مواعين الحريات في الشنر والبث الفضائي ، وفقا للتوجه الجديد للسلطة .
اذن هي مقدمات الانهيار الاقتصادي لسوق العقار والأراضي والسيارات وستعود حتما الي اسعارها الطبيعية المنطقية كما كانت قبل عشرين سنة مثلا ، لأن ذلك هو الوضع الطبيعي في السودان حيث لم يكن هناك مبررا لأن ترتفع قطعة أرض بكماء لأكثر من مثيلتها في عواصم العالم الكبري في بلد لا مغريات فيه لإهدار مئات ملايين الجنيهات مقابل ارض جرداء بكماء لا تتعدي الأربعامائة متر .
فالإنهيار القادم وبسرعة البرق سيضرب ضربته بقوة لسوق العقارات وربما العربات الجديدة المعروضة للبيع عن طريق تمويل البنوك الذي توقف الآن بأمر بنك السودان المركزي كما قلنا هنا ، وسوف تستمر الضربات الموجعة التي لا تعرف التراجع مع سرعة إيقاع البائعين حين يعرضون للبيع لما لديهم من اراض جرداء لا قيمة لها مستقبلا في بلد فقير الموارد القابلة للتصدير ، وستقترب آمال البسطاء من الحصول علي قطعة أرض بكماء ايضا ليشيدوا عليها مدنهم الجديدة مثلما شيدون من قبل برواتبهم العادية أحياء الثورات والحتانة وام بدات والكلاكلات وجبرة وبقية احياء مدن السودان الأخري في الولايات ... والله غالب أمره ، وقد دارت الدوائر الآن وقد ظنها البعض لن تدور ، ناسين أن للإقتصاد قوانينه وأحكامه ودورته في حياة الناس ومؤسسات الدولة ، سلبا مثلما ما مضي ، وإيجابيا مثلما يحدث قريباً .
وغداً.. تأتيك الأيام بالأخبار ما لم تزودِ ،،،،
[email protected]
|
|
|
|
|
|