|
رؤى ومقترحات إلى اجتماع هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي
|
رؤى ومقترحات
إلى اجتماع هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي
10 يوليو 2004م
1- التجمع وانتقال الثقل السياسي للداخل:
اتفاق السلام بين النظام الإرهابي الشمولي والحركة الشعبية خلق واقع سياسي جديد يحول ثقل العمل السياسي إلى داخل السودان ووسط الجماهير، وهذا يتطلب تغيير الأساليب وتكتيكات العمل. وفي هذا المنحى، يطرح التحالف للتجمع الوطني الديمقراطي إقرار مبدأ عودة التجمع للداخل وتنظيم برنامج متفق عليه بواسطة لجنة لهذا الغرض حتى تكون عودة منظمة وذات أبعاد جماهيرية، على أن تبدأ العودة بالكوادر الوسيطة، ثم القيادات التي يشترط لعودتها إلغاء قانون الطوارئ. ليس بالضرورة أن يكون قرار العودة بتنسيق مع النظام، وإنما قرار ذاتي نتيجة تحليل علمي لواقع ما بعد اتفاق السلام.
2- التجمع وسلطة المعارضة:
الاتفاق الذي تم بين طرفي التفاوض، الحركة الشعبية لتحرير السودان ونظام الخرطوم، في جوهره شراكة في السلام وفي الحكم. يرى التحالف الوطني/ قوات التحالف السودانية أن مصلحة الجماهير والتجمع، بل والوضع الطبيعي، أن يذهب التجمع إلى «سلطة المعارضة»، وليس «سلطة الحكومة». هذا الوضع يتيح لفصائل التجمع أن تعيد تنظيم نفسها وتمكنها من طرح برامجها ومخاطبة جماهيرها تمهيداً للانتخابات العامة، وهذا في حد ذاته عمل ضخم يحتاج إلى فكر وجهد ووقت، خاصة بعد مرور خمسة عشر عاماً من الحكم الشمولي، وواقع وجود جيل ثالث لم يعايش نظاماً ديمقراطياً وتولّد ونشأ خلال حكم شمولي. فإحدى التحديات التي يواجهها التجمع هي عدم منح فرصة للجبهة القومية الإسلامية من العودة إلى الحكم من خلال صناديق الاقتراع، وهي الكارثة الكبرى، خاصة وأن النظام ربما في وضع جاهزي أفضل تنظيمياً ومالياً رغم نقاط الضعف البينة والزجاجية فيه. إن الدعوة التي يطرحها التحالف الوطني السوداني/ قوات التحالف السودانية بوجود التجمع في «سل! طة المعارضة» لا تستند بالضرورة على ضعف النسبة التي حددها اتفاق نيفاشا لقوى المعارضة، والتي يصح القول فيها أنها نسبة لا تسمح بالمشاركة الفعالة في اتخاذ القرار، بقدر ما تعطي صورة ديكورية لحكومة قومية، إلا أنه يستند إلى مصلحة الجماهير وتطلعاتها، فمعركة التجمع مستمرة لهزيمة نظام الجبهة الإسلامية لأنه لم يسقط، وأن أهداف التجمع لم تتحقق، ولن يتم ذلك بالذهاب إلى سلطة الحكومة التنفيذية، أو حتى ملامسة السلطة من خلال واقع اتفاق نيفاشا.
ربما يعتقد البعض في تحليله أن مشاركة التجمع الوطني الديمقراطي في الحكومة الانتقالية بأي نسبة مهما قلت أو كثرت يساعد حليفه المشارك في السلطة (أي الحركة الشعبية لتحرير السودان) إلا أن التحالف يرى أن وجود التجمع في «سلطة المعارضة» يساهم أكثر لأنه يتيح للتجمع مرونة سياسية وتنسيق أفضل يمكنه من قيادة الجماهير ومؤسسات المجتمع المدني لإيجاد معالجات صحيحة للاختلالات والتناقضات الواضحة التي يتضمنها اتفاق السلام، وذلك من خلال تبني الدعو! ة إلى عقد مؤتمر تعرض فيه اتفاقيات السلام. ومن المهم الإشارة إلى ضرورة مشاركة التجمع الوطني في كل الهيئات القومية (كهيئة الدستور، الانتخابات والقضاء، الخدمة المدنية، حقوق الإنسان، والاستفتاء) وتقترح في ذلك تكوين لجنة للاتفاق على الشخصيات المؤهلة والمتخصصة والمجربة خلال مرحلة النضال والمقاومة.
3- التجمع وتحدى وحدة السودان:
إن اتفاق نيفاشا يحمل إيجابيات سياسية كثيرة، ولكن يحمل في طياته جينات الوحدة وجينات الانفصال، فالاتفاق من الأساس بنى على مفهوم كيانين هما الشمال العربي المسلم والجنوب الأفريقي المسيحي وأدى ذلك إلى بداية لتأسيس دولة علمانية في الجنوب ودولة دينية في الشمال، ويرى التحالف أن هذا مفهوم غير صحيح، وإن البديل هو أن يستند اتفاق السلام على أن التنوع في المجتمع ليس تنوعاً ثنائياً بين الشمال والجنوب بل تنوعاً شمالياً شمالياً وجنوبياً جنوبياً،وهذا ما أثبته الواقع على الأرض في الجبهة الشرقية وأزمة دارفور. التجمع يواجه تحديات متعددة كعملية التحول الديمقراطي وشمولية الاتفاق ولكن يظل التحدي الأساسي هو أن يقود الاتفاق إلى وحدة السودان وليس تشطيره لأن النظام الإرهابي الشمولي أسبقيته هي السلطة والدولة الدينية، في مقابل استهتاره بوحدة السودان.
4- التجمع وحقوق قواته وشهدائه:
طرفا التفاوض، الحركة الشعبية لتحرير السودان والنظام الإرهابي الشمولي، اتفقا على اعتبار الخسائر البشرية للطرفين «شهداء»، وأن يعاملوا وفقاً لقانون ولوائح الاستشهاد، إضافة إلى اعتبار قوات الطرفين ضباطاً وجنوداً ومقاتلين من أجل الحرية وجزء من القوات المسلحة السودانية، يتمتعون باستحقاقاتها لحين تسريح البعض منهم ومنحهم فوائد ما بعد الخدمة.
يعتقد التحالف أن هذا من الأخطاء الجسيمة التي تغاضى عنها الاتفاق، لأنه يحرم المناضلين والمقاتلين الذين استشهدوا أو عوِّقوا في الجبهة الشرقية والنيل الأزرق والمقاومة في داخل السودان من حقهم المشروع في مساواتهم بما نص عليه الاتفاق بين طرفي التفاوض، ورد الاعتبار لهم في مرحلة السلام، إضافة إلى أن هذا الوضع يتناقض مع مبادئ العدالة والمساواة التي نصت عليها. سوف يكرس التحالف كل الجهد من أجل معالجة هذه القضية الهامة، بل والمبدئية، والتي تتفق ومواقف وأدبيات التجمع الوطني الديمقراطي، وإلا فسوف تكون قنبلة موقوتة في سودان المرحلة القادمة.
5- التجمع ومفهوم الأمن القومي:
مفهوم الأمن القومي هو مسئولية سلطة الحكومة و«سلطة المعارضة»، وهو بداية الحكمة وقضية متعددة الأبعاد والعوامل تختلط فيها السياسة بالاقتصاد والجغرافيا بالعسكرية، والوضع الاجتماعي بالأمن، والنظام السياسي بالإستراتيجية. الأمن القومي يعنى تحديد الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجية التي يتحقق في ظلها أمن المجتمع وسلامته، ويعنى تحديد الظروف والمواقف التي تشكل خطراً على الوطن. يبقى القول أن الأمن القومي وتوحيد مفهومه ! هو مسئولية سلطة الحكومة وسلطة المعارضة، اتفاق السلام يتضمن أساساً قضايا قومية وليست كلها ثنائية، والتعامل معها بالعقلية الثنائية، أو المكايدة والابتزاز السياسي، سيقود حتماً إلى عواقب ضد مصلحة الوطن والجماهير.
كما أن مهام ترسيخ السلام وإعادة بناء الوطن ومواجهة التحديات الوطنية الشاملة هي مسئولية كل القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، شمالاً وجنوباً، حكومة ومعارضة.
6- التجمع – الكتلة التاريخية:
هذا الاجتماع يعتبر مهماً للغاية في مسيرة التجمع الوطني الديمقراطي وهو ينتقل إلى مرحلة جديدة، ويواجه تحدى الحفاظ على وحدته التي تتطلب إعادة قراءة لبرنامجه ومؤسسيته وإعادة هيكلته وعقد مؤتمره الثالث داخل السودان حتى يتحول إلى كتلة تاريخية تقود شعب السودان في مرحلة التحول الديمقراطي والاستقرار والتنمية. إن التحالف الوطني/ قوات التحالف السودانية يقترح أن يتبنى التجمع «الدولة المدنية الديمقراطية الموحدة»! مفهوماً وإطاراً لبرامجه في مقابل الدولة الثيوقراطية والمشروع الحضاري الذي يطرحه نظام الخرطوم. كما أن التجمع الوطني يحتاج إلى تبني عقد مؤتمرات قومية متخصصة، كالتعليم، والصحة، والخدمات وتنمية الريف وتخطيط المدن والبيئة والحفاظ عليها، ومؤتمر اقتصادي لمراجعة سياسات التحرر في هذا المجال.
7- التجمع وقضايا المحاسبة والمفصولين:
إحدى أهم الأسباب التي أجبرت نظام الخرطوم إلى الركون للتفاوض والوصول إلى اتفاق هي الهروب من المحاسبة على المظالم التي ارتكبها ضد الإنسانية وحقوق الإنسان، وجرائم المخالفات الجنائية، واغتيال الخصوم وتعذيبهم، وجرائم المخالفات المدنية كالفساد المالي والأخلاقي. إن التحالف الوطني/ قوات التحالف السودانية يدعو التجمع إلى تبني تكوين هيئة قضائية للمحاسبة على كل الدعاوى المرفوعة ضد النظام، لأنها الأسلوب القانوني الأفضل لتنقية الحياة السياسية والاجتماعية المستقبلية، وفتح الطريق لإزالة التجاوزات والمرارات والمظالم.
كما ندعو التجمع الوطني إلى تبني قضايا المفصولين تعسفياً لرد الاعتبار لهم وتحسين معاشاتهم لحياة كريمة ومستقبل أفضل لهم ولأسرهم، وإعادة المؤهلين منهم، ويشمل ذلك كل المفصولين من الخدمة المدنية، عمالاً وموظفين، ومن الخدمة النظامية ضباطاً وجنوداً، ونقترح لذلك تكوين هيئتين قوميتين، الأولى للمفصولين من الخدمة المدنية، والثانية للمفصولين من الخدمة النظامية لوضع أسس وشروط، سواء وذلك بغرض الفصل في إعادتهم إلى الخدمة أو تحسين أوضاعهم.
التحالف الوطني السوداني/ قوات التحالف السودانية
10 يوليو 2004م
|
|
|
|
|
|