|
رأي الآخرين بخطاب عباس د. فايز أبو شمالة
|
في الوقت الذي نجح السيد محمود عباس في وصف الحالة الفلسطينية بأروع الكلمات البلاغية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن الرجل لما يزل يمارس على الأرض فعلاً يغاير الرغبة الفلسطينية، هذه الازدواجية بين القول والفعل استوقفت الكثير من الكتاب والمعلقين، اكتفي هنا بذكر ما كتبه اثنين منهم، أعرفهم جيداً، ويعرفانني، وهما الكاتبة الإسرائيلية عميرة هس، والتي عرف عنها مناصرتها للقضايا الفلسطينية، والكاتب الفلسطيني حسن عصفور، وهو وزير سابق، شارك السيد محمود عباس أسرار وخفايا اتفاقية أوسلو.
تقول عميرة هس في مقالها: إن الكلمات والتصريحات التي اختارها عباس تشير إلى محاولته لتعديل ما أسمته "الانطباع السيء" الذي تركته الخطابات السابقة له على أبناء شعبه. ففي هذه المرة تحدث إلى الفلسطينيين باللغة التي تعكس الواقع الذي يعيشونه. وأضافت الكاتبة: هنالك فجوة سحيقة بين خطاب عباس الذي يقول: "لن ننسى، ولن نغفر، ولن نسمح لمجرمي الحرب بالهروب من العقاب"، وبين ممارسة عباس الذي أحبط في العام 2010 تمرير "تقرير غولدستون" في مجلس الأمن.
وتضيف الكاتبة الإسرائيلية: إن من يسمع محمود عباس وهو يقول في مكتبه لمجموعة من الشبان الإسرائيليين: إن "التنسيق الأمني مقدس" سيجد صعوبة في تصديق أنه الشخص نفسه الذي يقول اليوم إن "الدمار الذي تسبب به العدوان الأخير لا مثيل له في العصر الحديث"، باعتبار أن أجهزة الأمن المسؤولة عن هذا الدمار هي ذاتها التي تنسق معها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية "تنسيقا دائما ومقدسا".
بهذا الاندهاش ينتهى مقال عميرة هس، ليبدأ كلام السيد حسن عصفور، فيقول:
الخطاب، هو الأفضل وصفا، والأضعف فعلا، حيث كان المعتقد أن يقوم الرئيس بعد الإعلان (أن ساعة الاستقلال قد دقت) أن يقوم بتحديد ملامح ذلك بخطة واضحة تماماً ويعلن بذات البلاغة اللغوية والسياسية:
1- انتهاء الوجود الزمني للسلطة الوطنية الفلسطينية، وإعلان "دولة فلسطين" بديلا سياسيا لها، على كامل الأراضي المحتلة عام 1967وعاصمتها القدس المحتلة.
2- إيقاف العمل بكل الاتفاقات الموقعة مع دولة الكيان، واعتبارها من اليوم اتفاقات بغير ذي صلة، بعد أن أحالتها حكومة الكيان الى ثلاجة الموت مع اخر ساعة تفاوضية.
3- وقف العمل برسائل الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة إسرائيل، إلى حين اعتراف الأخيرة بدولة فلسطين؛ وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 19/67 لعام 2012. 4- الطلب من الأمم المتحدة إرسال مراقبين الى دولة فلسطين للفصل بين القوات الفلسطينية والإسرائيلية الى حين جلاء آخر جندي اسرائيلي عن أرض فلسطين، وأن تتولى بعثة المراقبين عملية التنسيق المدني والأمني مع اسرائيل حتى الوصول الى اتفاق الجوار بين الدولتين.
4- الطلب من مجلس الأمن وضع آلية لاستكمال التفاوض حول بعض القضايا العالقة، كترسيم الحدود، وعدم الاعتداء، وإطار زمني لتطبيق قرار 194 الخاص باللاجئين الفلسطينيين. 5- والى حين تنفيذ تلك الإجراءات من مجلس الأمن والأمم المتحدة نعتبر أي خطوة تتخذها دولة اسرائيل ضد دولة فلسطين بمثابة عدوان على أرض دولة عضو تستوجب تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
ذلك ما كان يجب أن يكون تكملة لجملة (آن للاحتلال أن ينتهي، ودقت ساعة استقلال دولة فلسطين) ولكن ضاعت الفرصة، وضاعت قيمة الخطاب، فعالم اليوم لا يستمع لآهات وشكاوي، دون أن يجد ما يجبره على الاستماع بعيدا عن " الوهم الأخلاقي" المنتظر.
انتهى الكلام الذي نقلته عن الآخرين، كلام لا يحتاج إلى تعليق، لأن الرأي الصائب يلتقي عليه الإسرائيلي واليساري والتقدمي والإسلامي والمستقل، ولا يعانده إلا المنتفع المستبد.
|
|
|
|
|
|