|
ذكرى معركة كرري بقلم الطيب مصطفى
|
06:10 PM Sep, 05 2015 سودانيز اون لاين الطيب مصطفى -الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
مرت قبل ثلاثة أيام الذكرى الـ 117 لمعركة كرري التي وقعت في الثاني من سبتمبر 1898 وأنهت الثورة المهدية التي كانت قد ألحقت هزيمة منكرة ببريطانيا خاصة عند فتح الخرطوم وقتل غردون باشا، وكانت بريطانيا وقتها توصف بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، بالنظر إلى امتداداتها في العالم أجمع، ونود أن نلمس في هذ المقال بعض جوانب العظمة في الثورة المهدية، وأخص هنا تلك الشجاعة التي ندر مثيلها في التاريخ البشري، مما أجبر المؤرخين الإنجليز على الانحناء اعترافاً وإكبارًا لتلك الشجاعة التي تحلّى بها أبطال المهدية وهم يواجهون أحدث وأقوى جيش في العالم، وسنورد نماذج من تلك الشهادات في هذا المقال. أود هنا أن أستعرض مقتطفات يسيرة مما كتبه الأستاذ طلال فيصل في حق أولئك الأبطال ممن رووا أرض كرري بدمائهم الطاهرة، فقد كتب ما يلي: معركة كرري التاريخية الحاسمة أو " The Battle of Omdurman" .. كما درجت أدبيات المؤرخين الغربيين على تسميتها.. ظلت محوراً لحركة بحثية مستمرة من خلال جهود أكاديمية معاصرة لمؤرخين من النصف الشمالي للكرة الأرضية.. حرّكتهم النزعة الأكاديمية المحايدة لإعادة استقراء ما حدث بالضبط على ميدان المعركة على الرغم من مرور أكثر من 116 عاماً على انقضائها.. لقد أدت هذه المجهودات البحثية لكشف النقاب عن شهادات مراسلين حربيين أجانب لم تحظَ في وقتها بالاهتمام اللائق بها بينما أُسقط بعضها لأسباب مجهولة.. والمدهش حقاً أن معركة كرري تعد من أكثر معارك القرن العشرين أهمية من حيث التغطية الإعلامية بالمراسلين الحربيين ابتداء من ونستون تشرشيل "المراسل الحربي آنذاك " ومروراً بالمراسل الحربي البريطاني الأشهر آنذاك "G.W.Steveens " .. وانتهاء بمراسلي " Le Temps " الباريسية الشهيرة .. وقد فسر المؤرخ البريطاني المعاصر والصحفي المعروف فيرغس نيكول" صاحب كتاب "مهدي السودان ومقتل الجنرال غردون ".. فسّر ذلك التواجد الإعلامي المكثف بأنه.. " جاء مترجماً للشعور القومي البريطاني الجارف بضرورة الانتقام لكبرياء بريطانيا الذي أصابته الثورة المهدية في مقتل عندما لقي خيرة جنرالاتها حتفهم بأسلحة الثورة المهدية ففقدت بريطانيا وليام هكس وستيوارت وتشارلز غوردون. ويعد المؤرخ الأمريكي جي إيه روجرز J.A.ROGERS من أكثر المؤرخين المعاصرين تعرضاً لإفادات المراسلين الحربيين المدونة من خلال كتابه " أعظم رجال العالم من ذوي البشرة الملونة" فنقل أولاً بعض إفادات جي دبليو ستيفنس والذي قال واصفاً ما شاهده بنفسه في أرض المعركة : " لقد كانت أشرس معركة في أشرس يوم.. تقدمت الراية الزرقاء.. راية الخليفة عبد الله.. مقدمة الجيش المهدوي برجالها الأشداء.. المخلصين حتى الموت.. وكان هناك خياران أمامهم .. النصر أو الجنة ! ثم يستطرد قائلاً: " لا أعتقد أن هناك جيوشاً بيضاء قد واجهت الموت من قبل كما واجهه هؤلاء.. ولكن هؤلاء الرجال أصحاب البشرة السمراء.. تقدموا نحو حتفهم بثبات.. لقد قصفتهم مدفعيتنا قصفاً شديداً ولكنك رغم ذلك كنت ترى صفوفهم المتراصة تتقدم نحونا.. وعندما كانوا في مرمى مدافع المكسيم .. كلما تتساقط جثث قتلاهم.. كانوا يجمِّعون صفوفهم ويتقدمون للأمام بشجاعة فائقة.. لقد كان هذا اليوم آخر أيام المهدية ولكنه كان بحق - أعظمها على الإطلاق.. لم يتراجع العدو قط.. لم تكن كرري معركة.. بل كانت حادثة إعدام أبطال ! إن جاز لي أن أقول إن قواتنا قد بلغت الكمال.. فلابد لي أن أعترف بأن المهدويين بروعتهم.. قد فاقوا حد الكمال! لقد كان جيشهم في كرري من أعظم وأشجع الجيوش التي حاربناها طوال مواجهاتنا الطويلة في حروب المستعمرات .. وكان دفاعهم مستميتاً عن إمبراطورية شاسعة ومترامية الأطراف أفلحوا في الحفاظ عليها لوقت طويل وبكفاءة عالية . لقد تصدَّى لنا حملة البنادق منهم ببنادقهم المهترئة وذخيرتهم المحلية التصنيع واستماتوا هم وفرسانهم حول الراية الخضراء والراية الزرقاء ببسالة عجيبة.. أما مراسل صحيفة Le Temps الفرنسية.. فقد أورد الأمريكي جي اي روجرز شهادته من خلال كلمات قصار .. موجزات .. معبرات : " إن المرء منا لا يملك إلا أن يحيِّي بسالة هؤلاء الجنود المهدويين .. لأنهم بلا شك لا يقلّون عن نظرائهم الذين كانوا تحت قيادة صلاح الدين الأيوبي بسالةً واقداماً، ولا شك أن ريتشارد قلب الأسد لم يكن أشجع رجاله يفوق مستوى هؤلاء الرجال وخصوصاً عند الالتحام يداً بيد .. لقد كان مسرح المعركة تراجيدياً معقّد الفصول .. لن تغيب بمشاهدها عن ضمير أي شاعر أو مؤرخ".. " لقد أبقى الخليفة عبد الله على جذوة المقاومة مشتعلة إلى حين سقوطه في أرض معركة أم دبيكرات .. بينما ظل العنيد عثمان دقنة مقاوماً حتى وقع في الأسر"، ولم يغفل روجرز أن يورد تعليقه الشخصي على إفادات المراسلين الحربيين قائلاً : "ولكن ستظل المهدية أعظم مثال .. للبطولة والتفاني .. يمكن أن يوفره لنا التاريخ الإنساني " "The Mahdist are as fine an example of heroism and devotion as history provides" رحم الله رجال كرري وكفى بالمثل الشعبي مخلداً لهم في الذاكرة الوطنية الجماعية للشعب السوداني.. " الرجال .. ماتوا في كرري ! " وباستشهادهم خرجت صحف بريطانيا الرئيسية الثلاث.. التايمز .. والدايلي تليغراف .. والدايلي ميرور.. بعنوان احتفالي موحد بتاريخ سبتمبر 1898 " Gordon Avenged" وترجمتها " ثأرنا لغردون ".
أحدث المقالات
- المعلومات في السودان: أبواب ذات حراسة مشددة بقلم ندى أمين 09-05-15, 04:54 PM, ندى أمين
- دفع الشباب شديد التدين إلى المحارق هو الخطوة الأهم برأي التنظيم الماسوني الصهيوني بقلم طلال دفع الله 09-05-15, 04:51 PM, طلال دفع الله
- وليد حسين..ستري شمس الحرية لامحالة بقلم بقلم امير (نالينقي) تركي جلدة اسيد 09-05-15, 04:45 PM, امير نالينقي تركي جلدة اسيد
- وليد الدود مكي الحسين بقلم قريمانيات .. بقلم .. الطيب رحمه قريمان .. بريطانيا... !! 09-05-15, 04:43 PM, الطيب رحمه قريمان
- المسمار الأخير فى نعش الحوار السودانى! بقلم على حمد إبراهيم 09-05-15, 03:02 PM, على حمد إبراهيم
- هل سيعفي البشير وزير الكهرباء ؟ والخضر لكنانة بقلم جمال السراج 09-05-15, 02:59 PM, جمال السراج
- حيثما توجد طاقة توجد تنمية بقلم ندى امين 09-05-15, 02:57 PM, ندى أمين
- سر المهنة..!! بقلم عبدالباقي الظافر 09-05-15, 02:55 PM, عبدالباقي الظافر
- أهلا بكم ..!! بقلم الطاهر ساتي 09-05-15, 02:53 PM, الطاهر ساتي
- الإرهاب والإنتخابات.. والأزمة السياسية والإجتماعية في تشادالحلقة الثانية(1-2) بقلم محمد علي كلياني 09-05-15, 07:05 AM, محمد علي كلياني
- الوصاية الأردنية على الأقصى في مأزق بقلم نقولا ناصر* 09-05-15, 06:31 AM, نقولا ناصر
- شهادة إثبات وليد الحسين بقلم أكرم محمد زكي 09-05-15, 06:29 AM, اكرم محمد زكى
- حتام هذا القتل البطيء لسكان ليبرتي يا ساسة العراق ؟؟ بقلم صافي الياسري 09-05-15, 06:26 AM, صافي الياسري
- مكاييل الحكومة ،إستمرارية الإقصاء!! بقلم حيدر احمد خيرالله 09-05-15, 05:03 AM, حيدر احمد خيرالله
- تلاشت عروبتي.. ولكن لا اعاديهم بقلم خليل محمد سليمان 09-05-15, 05:02 AM, خليل محمد سليمان
- أيها الفارون من جحيم الموت في سورية .. إلى نعيم جنة الغرب الموهومة !!! بقلم موفق السباعي 09-05-15, 03:05 AM, موفق السباعي
- الحركة الشّعبية تأكل بنيِها.. إحالة ثوار إلي (المعاش)..!! بقلم عبدالوهاب الأنصاري 09-05-15, 01:58 AM, عبد الوهاب الأنصاري
- الاوربيون .... قساة القلوب بقلم شوقي بدرى 09-04-15, 10:58 PM, شوقي بدرى
- الطواحين بين أشواق الإنسان وقسوة الواقع بقلم نور الدين مدني 09-04-15, 10:55 PM, نور الدين مدني
|
|
|
|
|
|