|
دوري المجموعات الحزبية
|
على المحك صلاح يوسف – [email protected]
ورد في الأنباء أن هناك أكثر من تسعين حزباً سياسياً في البلاد تسلمت دعوتها للقاء التشاوري الذي دعا إليه السيد رئيس الجمهورية، رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم مطلع هذا الأسبوع وقد تنبأ المحللون بأن اللقاء سيكون شكيا لمناقشة الآليات التي من المفترض أن تدير الحوار المستقبلي ولكن حين انعقد اللقاء لبى الدعوة عدد يقل كثيراً – فيما أحسب - عن هذا الرقم الخرافي رغم عدم توضيح العدد الفعلي الذي حضر اللقاء مما يجعلنا نتساءل عن مكان توارى بقية الأحزاب غير تلك التي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة والتي صرحت بعدم الرغبة في الجلوس للحوار أو تلك الحركات التي لا يمكنها مغادرة مواقع معارضتها الميدانية والحضور رغم الضمانات والحصانات المكفولة. لا نود أن ندخل في مغالطات حول هذا العدد الكبير للأحزاب لأن الساحة تعج فعلاً بمختلف الناشطين من ألوان الطيف ولكن حتى المعايش لواقعنا السياسي والمتتبع لمسار المؤثرين فيه لن يفلح في إفادتنا بأسماء ثلث هذا العدد المذكور بينما لا يعرف الناخب الحريص سوى تلك الأحزاب التي يصح أن نطلق عليها اسم أحزاب وهي تلك التي وقفنا على طبيعة ممارستها للسلطة أو المعارضة ثم حتى بعد كل ذلك لم يلفت نظرنا إلا القليل جدا منها. وفي تقديري أن أي حزب نشأ أو تم تكوينه ولم يخض انتخابات توضح ثقله العددي وسط الناخبين لا يجب أن ينال شرف التسمية كحزب ما لم يكن قد حاز على قدر ملحوظ من المؤيدين لمبادئه وبرامجه يؤهله للمواصلة في السعي السياسي. ومعلوم أن قانون تسجيل أي جماعة كحزب يتطلب عدداً من المؤسسين، ولكن يبدو لأن العدد المطلوب قليلاً فقد تمكن الكثيرون من تسجيل أحزابهم بسهولة. فإذا رفعنا سقف ذلك العدد قد لا تنجح بعض الأحزاب في تدبيره وبالتالي لا يتم اعتمادها في حين لو سار الحال على ما هو عليه فمن الممكن أن تتضاعف أعداد الأحزاب إلى ما لا نهاية
وفي ظني أنه طالما أن الأحزاب الناشئة حديثاً والمنقسمة عن أصولها والمتفرعة من المنقسمة والمتشحة بثياب الحركات وما إلى ذلك من تكتلات جعلتني أتخيل الأحزاب كالفرق الرياضية لابد أن تخضع لدورة تصفيات تمهيدية يتم تصعيد من يفوز فيها إلى مرحلة أولى ثم تتم تصفيات أخرى لتصعيد الفائزين إلى مرحلة أعلى بطريقة هرمية إلى أن يتقلص العدد إلى ثمانية مثلاُ يلعبون دوري مجموعات نهائية تتمثل في الانتخابات لتحدد من سيكون على منصة التتويج ومن سيكون معارضاً من موقع مؤثر. أما كيف تتم المنافسات ففي إطار مناخ إطلاق الحريات الذي تم الاعلان عنه في ذات اللقاء يمكن لجميع المكونات الحزبية أن تطرح برامجها وتستقطب عضويتها فإن وجدت تأييدً جماهيرياً يؤهلها للصعود يتم اعتمادها وبالعدم يتم شطبها بطريقة المهزوم المعروفة أو من الممكن أن تتوحد عدة أحزاب تحت راية واحدة إذا كان هناك توافقاً في البرامج والأفكار حيث سيقلص ذلك عدد الأحزاب. ولكنني لا أظن أن ذلك سيجد القبول طالما أن كثرة العدد جاءت أصلا نتيجة لعدم رضا البعض بقيادة الآخر وليس عدم الرضا عن البرامج والمسلمات الفكرية
وبمناسبة اللقاءات الموسعة الشاملة المرتقبة على قاعدة أن لا كلل ولا ملل من الحوار التي أطلقت مؤخراً، لا أستطع أن اتخيل كيف يتمكن تسعين حزباً من التعبير عن آرائهم في مؤتمر حواري شامل. فإذا افترضنا أن كل حزب سيمنح دقيقتين فقط سيكون زمن الجلسة الافتتاحية ثلاث ساعات ناهيك عن الطرح الفكري والتعقيب والجدال لأنه في ظل رغبة الجميع في التحزب ورفع رأيهم لا أعتقد أن يركن البعض للصمت ويخرجون راضيين بمخرجاته التي لا يعلم أحد عن الكيفية التي يتم الوصول بها لمرفئها الآمن. هل سيكون ذلك عن طريق التصويت أم أن عدم رضا البعض بمخرجات الحوار سيتفرز رافضين لقرارات المؤتمر الحواري ذاته مما يصعد رأيا معارضا جديداً؟
|
|
|
|
|
|