|
دمعات على قبر الزهاوي إبراهيم مالك بقلم الطيب مصطفى
|
01:58 PM Feb, 24 2015 سودانيز أون لاين الطيب مصطفى - الخرطوم-السودان مكتبتي في سودانيزاونلاين
فُجعت وكثيرون غيري للرحيل المفاجئ لأخي الزهاوي إبراهيم مالك الذي أشعر بغصة تملأ حلقي أنني لم أعلم بمرضه الذي ألزمه الفراش بمستشفى فضيل حتى أزوره مودعاً وأمتع ناظري بمشاهدته قبل أن يغادرنا إلى دار البقاء فإذا بالناعي يعلن عن الخبر المحزن ليفطر قلباً وقلوباً كثيرة أحبت الرجل اللطيف الرقيق الوديع الضحوك الذي لا يشبع مؤانسه من الجلوس إليه والاستمتاع بضحكاته المجلجلة وابتساماته الحانية. هكذا الموت يفجعنا ويفجأنا كل حين بدون سابق إنذار ليغادرنا إلى غير رجعة كثيرون ممن جمعتنا بهم الدنيا في مراحل مختلفة من حياتنا كنا نمني أنفسنا بأن ندخر وقتاً لنجالسهم ولنجدد ذكريات أيام خلت ضمتنا في رحاب العمل العام أو في غيره لم يعكر صفوها خلاف ولم تشبها شائبة مخاشنات إنما كانت رحلة من الود والتصافي والمسامرات الخالية من الكدر والشحناء. كانت أطول فترة أمضيناها معاً تلك التي جمعتنا في مؤتمر إقليمي للاتصالات عقد بجزيرة موريشص الساحرة وكان حينها وزيراً للإعلام والاتصالات وكنت مديراً للهيئة القومية للاتصالات.. تكشفت لي كثيراً من الأبعاد في شخصية الزهاوي خلال ساعات الفراغ التي لا يجدها المشغولون (والمدروشون) بالعمل العام إلا في الأسفار فقد تحدثنا في كل شيء ويا لها من رفقة في صحبة صديق عزيز. أهم ما أود أن أقوله وأنا أتأمل في شخصية الزهاوي وتجربتي معه أنه لم يكن يقحم القرار السياسي في العمل الفني وأقولها بكل صدق أن غياب الزهاوي من وزارة الاتصالات وخروجه بعد الخلاف الذي نشب بين المؤتمر الوطني وحزب الإصلاح والتجديد الذي كان الزهاوي ينتمي إليه والذي كان يقوده مبارك الفاضل المهدي.. أقول كان غياب الزهاوي مما أثر في مسيرة قطاع الاتصالات ودفع السودان ثمنه غالياً فقد رضخ خلفه الذي جاء بصورة مؤقتة مكلفاً بوزارة الإعلام والاتصالات بالإضافة إلى وزارته.. رضخ لمراكز القوى التي لم تكن راضية من قيام الهيئة القومية للاتصالات كجهاز تنظيمي يكبح جماحها ويعاملها بالتساوي مع شركات الاتصالات الأخرى فكان ما كان من تقديمي لاستقالتي من الهيئة القومية للاتصالات والتي أقول بعد إبداء الأسف مستغفرًا الله العظيم أنها أثرت في مسيرة قطاع الاتصالات وفي القرارات التي اتخذت بعد ذلك بما في ذلك بيع شركة موبتيل لشركة الاتصالات الكويتية مما يدفع السودان فاتورته حتى الآن، وذلك ما فقده السودان من خروج الزهاوي من الوزارة التي كان الرجل يترك القرار الفني فيها للهيئة المختصة ومهندسيها بعيداً عن تدخلات مراكز القوى. تلك تجربة بسيطة مع الزهاوي في العمل العام ولا أظن الأمر يقتصر على تجربة واحدة فقد كان عطاؤه ثراً في مختلف مجالات العمل الوطني مما ينبغي أن ينال حظه من التوثيق. رحم الله أخي الكريم الزهاوي وأسكنه فسيح جناته أنه سميع مجيب فقد كان طيب المعشر كريماً، ذا خلق رفيع وعطاء كثير لوطنه منذ أن كان عضواً في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم الذي كان يرأسه وقتها الأستاذ علي عثمان محمد طه قطبي المهدي والانفصال! أكن للأخ د. قطبي المهدي احتراماً وتقديراً كبيراً سيما وأن الرجل وقف معنا في التصدي لمشروع السودان الجديد بقلمه السيال في صحيفة "الإنتباهة" ولمن لا يعلمون فإن قطبي يتمتع بقدرة مدهشة على الكتابة بأسلوب قلَّ نظيره من حيث الغوص العميق في المعاني بمفردات تجسد الأفكار وكأنك تلمسها وتراها رأي العين، وحرام أن يحرم قطبي نفسه وفكرته وقراءه من تلك الموهبة ولذلك أدعوه إلى الكتابة ولو مرتين أو حتى مرة واحدة في الأسبوع. في جلسة جمعتني مع الأخ العميد طيار "م" محمد صالح الرشيد قال لي إنه كان في زيارة لكندا وأدركته الجمعة فصلاها في مسجد دهش أن إمامه كان سودانياً فذهب إليه وتعرف عليه بعد الصلاة فكان قطبي المهدي. لا أزال أذكر مجاهداته وصورته من داخل زنزانته بسجن كوبر مع الأخ محمد عبد الله جار النبي أيام مايو والاحتفال الذي أقيم أمام مسجد البركس بجامعة الخرطوم ابتهاجاً بخروجهما من السجن.. مجاهدات كثيرة تحفظ للرجل وكثيرين غيره في سبيل مشروع نراه اليوم يتراجع فواحر قلباه. رغم ذلك أدهشتني بحق كلمات صدرت على لسان قطبي في حقي قال فيها إنه كان ضد الانفصال بل قال ما يلي في حواره مع صحيفة (الجريدة) (وقلت للطيب مصطفى ما دام أنت تدعو إلى الانفصال فأنت حليف للحركة الشعبية وجون قرنق). أعجب أن يصدر هذا الكلام من قطبي ووالله إني لا أذكر أنه قال لي ذلك فلربما نسيت لكنني أعلم علم اليقين أن قطبي كان من ضمن مجموعة من القيادات السياسية التي لم يجمعها في مكتبي إلا التأييد للفكرة التي طرحتها في الصحف وأعني فكرة الانفصال وتوالت الاجتماعات المسائية التي كانت تعقد أسبوعياً تقريباً في مكتبي وكان قطبي من تلك الكوكبة التي لم يجمعها إلا الاقتناع بفكرة الانفصال التي اتفق الجميع أنها تحتاج إلى تنظيم يدعو لها ويتصدى للتنازلات الكارثية التي كانت تقدم في تلك الأيام لقرنق وحركته الشعبية مما أفرز نيفاشا التي كان قطبي يحمل ولا يزال نفس آرائنا حولها وأستطيع أن أستنطق بعض من آمنوا بالفكرة وبذلوا في سبيلها منذ أن كانت بذرة إلى أن أصبحت بفضل الله شجرة وارفة الظلال تؤتي أكلها اليوم في شكل مواقف تذود عن السودان وتصنع مستقبله الواعد بإذن الله. http://www.assayha.net/play.php?catsmktba=3079http://www.assayha.net/play.php?catsmktba=3079
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- حركات دارفور ودورها في الحروب الأفريقية! بقلم الطيب مصطفى 23-02-15, 01:39 PM, الطيب مصطفى
- بين أردوغان وأعداء الإسلام السياسي بقلم الطيب مصطفى 22-02-15, 01:20 PM, الطيب مصطفى
- خطيئة الأصدقاء الجهلة بقلم الطيب مصطفى 21-02-15, 02:01 PM, الطيب مصطفى
- خطيئة الأصدقاء الجهلة بقلم الطيب مصطفى 20-02-15, 01:31 PM, الطيب مصطفى
- بين سجن دبك وغابة السنط والمأساة المنسية بقلم الطيب مصطفى 19-02-15, 01:14 PM, الطيب مصطفى
- حزب الميرغني وتصحيح المسار بقلم الطيب مصطفى 17-02-15, 02:53 PM, الطيب مصطفى
- هل يفعلها عصام البشير؟ بقلم الطيب مصطفى 15-02-15, 02:05 PM, الطيب مصطفى
- حزب الميرغني والمسار الديمقراطي بقلم الطيب مصطفى 14-02-15, 03:27 PM, الطيب مصطفى
- حسّنوا صورة المرأة المسلمة بقلم الطيب مصطفى 13-02-15, 01:28 PM, الطيب مصطفى
- هلا أوقفنا إهدار المال العام؟ بقلم الطيب مصطفى 11-02-15, 01:47 PM, الطيب مصطفى
- حدود الحلال والحرام الوطني بقلم الطيب مصطفى 10-02-15, 01:38 PM, الطيب مصطفى
- الترابى واقتراب الاجل بقلم الطيب مصطفى 09-02-15, 05:31 PM, الطيب مصطفى
- عندما عضَّ الرجلُ كلباً! بقلم الطيب مصطفى 09-02-15, 01:29 PM, الطيب مصطفى
- رهينة المحبسين: الجهل والفقر بقلم الطيب مصطفى 08-02-15, 02:36 PM, الطيب مصطفى
- وعادت الإنتباهة بقلم الطيب مصطفى 07-02-15, 06:48 PM, الطيب مصطفى
- رفع الدعم والمعالجات المجنونة!!..الطيب مصطفى 18-09-13, 06:29 PM, الطيب مصطفى
|
|
|
|
|
|