|
دعونا نحلم فقط!! / أحمد علاء الدين
|
دعونا نحلم فقط!! * أحمد علاء الدين [email protected] دعونا نحلم بأحلام زلوط ولو لدقائق معدودة فقط, نعم مجرد أحلام بسيطة ومتواضعة، لكنها في تقديري الشخصي قد تبدو سهلة ومشروعة, دعونا نحلم بوجود رئيس الجمهورية وكل الوزراء والمسؤولين بالسودان في مواقع التواصل الاجتماعي (المنتديات - التويتر - الفيس بوك) بصورة يومية وبشكل يومي وبأسمائهم الحقيقية وبحساباتهم الشخصية.. دعونا نحلم بهذا الوجود بمحض إرادتهم ومن دون أن نلطم الخدود ونشق الجيوب ونحن نسأل: لماذا يستنكف الوزراء والمسؤولون عن أن يكون لهم وجود في هذه المواقع ؟ دعونا نحلم أحلام اليقظة – وحلم الجعان عيش - ونتمنى أن يكون للمسؤولين والوجوه العامة المسؤولة في السودان حضور فاعل في هذه المواقع الهامة.. دعونا نحلم بوجودهم معنا كي نقول لهم وبالفم المليان يا جماعة الخير:- هناك هموم وغموم وهنالك قضايا كثيرة تتعلق بالناس والشأن المحلي، جمهورها الحقيقي موجود في هذه المواقع بشكل أو بآخر, ومن بعد ذلك دعونا نحلم ونتصور جميعا أن وزيرا في وزارة ما طلب عبر هذه المواقع مرئيات عموم الناس لبعض المشاريع المقترحة التي يريد تنفيذها ونرى النتائج المذهلة, دعونا نتخيل (مجرد خيال) ماذا لو فتحت هذه الوزارات التي فاقت عددها نجوم السماء حوارا مباشرا وحقيقيا مع هذا المواطن المغلوب على أمره حول قضية من القضايا المهمة؟ دعونا نحلم ماذا لو نزل هؤلاء الوزراء من أبراجهم العاجية إلي دنيا هذا الشعب, واستمعوا للشعب وتحاورا معهم؟ .. دعونا نحلم ونتخيل (ولو أن بعض الحلم أثم في هذا المقام) ماذا لو كان رئيس الجمهورية بشحمه ولحمه, تواجد في هذه المواقع الهامة واستمع للمواطن وتحاور معه في الهواء الطلق, استمعوا له واستمع لهم .. ولنا في الخليفة عمر بن عبد العزيز - أسوة حسنة- وهو في مجلسه العامر وسيدة تدخل عليه وهي تشكو قلة الفئران في بيتها ..!! أنا أحلم .. وأصيب بخيبة أمل وإحباط شديد من هذا الحلم البسيط الذي لن يتحقق أبدا وذلك حينما أجد غيابا كاملا لأجهزتنا الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة التويتر والفيس بوك, كما أنها وإن وجدت لا تعدو أن تكون مجرد مرسل من طرف واحد وتحصيل حاصل، يقول ما يريد ولا يتفاعل. وأغلب ما يقال هو في الحقيقة ليس جديدا وإنما كلاما مكرورا من شاكلة سوف يأتي لاحقا . وبطبيعة الحال أن وجود المسؤول في مواقع التواصل الاجتماعي ، سواء بالأصالة عن نفسه أو من خلال ما يوكل إليه لإدارة الإعلام في تلك المنشاة، مسألة تنطوي على أهمية كبيرة للغاية وخاصة أن المعلومة في عالم اليوم، هي التي تصنع القرار. وبقدر ما تكون المعلومات صائبة ودقيقة، تأتي قرارات المسؤول صائبة ودقيقة.. كما أن المسؤولية أمانة لا يختلف حولها اثنان والمسؤول الحقيقي هو الذي يتغير، وتتبدل مواقفه حسب متغيرات ومعطيات ومعلومات الواقع الذي يعيشه, والمسؤول (المعدوم)، الذي ليس لديه قدرة على التغير والمواكبة وتصحيح الأخطاء من واقع مجاراته بصفة يومية (لثورة الاتصالات)التي يبدو أننا نعيش في بدايتها، كما أن المعلومة وتحليلها ورصدها لم تعد اليوم محصورة بالعاملين في الرئيس والوزير والقمم السياسية العالية، دون غيرهم، وإنما أصبحت متاحة للجميع سواء من خلال الفضائيات أو مواقع التواصل الاجتماعي ... التي قللت كثيراً المسافة بين الإنسان العادي، والسياسي العامل في صناعة القرار. إن المسؤول اليوم لا مفر منه من (الشفافية)، والبعد عن (السرية) والتعتيم، لكي يكون مقنعاً، ويستقطب قناعة الناس به، وبقراراته. ولعل الذي يرصد المتغيرات التي أحدثتها ثورة المعلومات، وتوفرها للجميع، يجد أن الدعوة إلى الحوار و (الشفافية)، أصبحت مطلباً جماهيرياً ملحاً لا يمكن القفز عليه، بأي حال من الأحوال، وبالذات في كثير من بلدان العالم الثالث، التي كانت شعوبها في الغالب تفتقر إلى المعلومة، وإلى فهم المعلومة،.. ومثل هذه الدعوات للحوار التي (يعج) بها عالم اليوم، لم تبرز إلى الواقع دون مسببات، وإنما تلبية لهذه المتغيرات والنداءات الملحة .. وبقدر ما يكون المسؤول جاداً في الحوار المباشر المتبوع بالشفافية بأن تعمل وتتفاعل في العلاقة التي تربطه بالمواطنين، يكون قادراً على متابعة الأحداث ومواكبة المتغيرات وفي الاتجاه ذاته، أصبح الآن من الصعب تصنيف الناس مثلما كانوا يصنفون في الماضي بين واع وجاهل . كل ما أريد أن أقوله في هذه العجالة أن المتغيرات الثقافية الحادة التي أحدثتها ثورتي المعلومات والاتصالات يحب أن يأخذها المسؤول بعين الاعتبار. فالمسؤول الذي لا يبالي ولا يهتم بهذه الثورات، ولا بتأثيرها على ذهنية الإنسان المعاصر، هو لا يجدف ضد مواطنيه فحسب، وإنما يعيش خارج العصر والزمن الذي يعيش فيه تماما, ويغرد خارج السرب, والله المستعان.
|
|
|
|
|
|