|
دعوا أمدرمان تغني
|
دعوا أمدرمان تغني
أيها الباسط كفاً للوداع أسرج مطاياك وعجّل بالرحيل ما لعينيك تداري أدمعاً أمطرت روحك بالهم الثقيل فأضرب إلى قلبك أكباد الليالي وتوشح ببريق القمر الفاضح والوجد النبيل فإذا ما ناحت الريح على الدرب الطويل فترنم بحداء العاشقين دع الدوبيت يسري في الفلاة بلا دليل أيها الباسط كفاً للوداع أسرج مطاياك وعجّل بالرحيل *** فإذا أبصرت في العتمة لهباً يتمطى بين جفنيك وبين الرمل في الدرب البعيد لا تخف!! إنهن بنات الجن في ثوبٍ من النار يرتلن تباريح القصيد قل لهن يا بنات الجن أوقدن بخور المسك والصندل جمراً في الوريد ثم أرقصن قليلاً علّ بعض الحزن ينزاح عن القلب العليل أيها الباسط كفاً للوداع أسرج مطاياك وعجّل بالرحيل *** فإذا جئت إلى وادٍ غريب ورأيت الأرض تزهو بخيوطٍ من نضارٍ تتدلى من سماوات المغيب ورأيت الأزرق الداكن والأبيض في سحر الغروب ينسجان من السنى درباً هو الأجمل في كل الدروب أغرف من الماء الزلال بكفك الواهن قطرة تروي ظمأ العاشقين خذ من تراب الشاطئ الحالم زهرة لقلوب الحالمين ثم أجلس مطمئناً بجوار المقرن الخالد وابعد عن فؤادك مرّ الذكريات وهمّ قال وقيل أدر الطرف وأشهد مولد الروح عناق الكائنات وموكب السحر الجميل فإذا ما رنّ صوتٌ وسمعت قافيةً منغمةً بالعشق والنشوة تضحك للنيل وتشدو بين أحضان الأصيل قف وأنصت!! إنها أمدرمان تدعوك إلى شيئٍ من الويكاب والكسرة في ظل النخيل أيها الباسط كفاً للوداع أسرج مطاياك وعجّل بالرحيل *** عرّج على بعض الذين توسدوا الأحلام أعواماً وذابوا في الزحام سلهم!! أكان خيارهم أحلام أهل الصفوة المتنعمين أم صفوة الأحلام؟؟ وإذا مررت بآخرين يصادرون من الشفاه اليابسات حلاوة الدنيا وطعم الابتسام فاسكب على آذانهم مرّ الكلام وقل لهم!! إن الحياة قصيرةٌ ومريرةٌ شيئاً من الرحمة بالقوم الكرام يا من أضعتم لذة الفرحة في القلب ولحظات التمني دعوا أمدرمان للحب تغني "احرموني ولا تحرموني سنة الإسلام السلام" دعوها تشرئب لمطلع النور وترنو لشعاع الضوء في الليل الطويل أيها الباسط كفاً للوداع أسرج مطاياك وعجّل بالرحيل *** قد تلتقي بضريح المجد درويشاً في الجبة المنسوجة الأطراف من قوس قزح وعلى الجبين مرارة الأعوام في كفه السيف الذي دانت لسطوته جباه الغاصبين فأبدأ بالسلام وقل له! يا من سموت إلى العلا والمجد في درب الإمام أيا درويش في سحّارة الجدة لم نجد الوصايا بعد أن بتنا نلوم...ولا نُلام يا من قهرت ذوي العيون الخضر عذراً إننا صرنا حمامات سلام ذوو العيون الخضر جاءوا في غيابك وكنا قد نسينا كيف كان السيف يعمل في يديك وكيف كان الحق يشرق من عذابك جاءوا ثم ولوا في الظلام لم يقنعوا في هذه المرة بالذهب المكدس في ذرى شنقول أو ريش النعام دسوا في حقائبهم كل الوطن سهله وجباله صخره ورماله شمسه وهلاله ومجده في غابر الأيام تركوا لنا شيئاً من الكلمات عن حكم الشعوب وعن حق الشعوب وعن حرية الكلام فأمضينا السنين لا نقتات إلا إرث السادة العظام وحينما تدافع الأنين في البطون الخاويات لجأنا للسيوف المرهفات وجاد ذوو العيون الخضر ما بخلوا بالراجمات القاذفات الهالكات ودخلنا بشعار الأخوة الأعداء معركةً توارى في رحاها النصر لا تنتج إلا كل منهزمٍ وخاسر بعدها صرنا كأشباحٍ تدب على الثرى أو عند أهل العالم العلوي سكان مقابر كلما ننجب طفلاً عبقري النزعة تكمن في عينيه أسرار المفاخر تلفّت..لم يجد اسماً ولا وطناً تلفّت..لم يجد غير عيونٍ بائساتٍ وحناجر تصرخ... يا شريد! إن شئت أن تحيا فهاجر واكتشفنا آخر الأمر بانّا قد نقلنا محن البؤس والفاقة من جيلٍ لجيل
أيها الباسط كفاً للوداع أسرج مطاياك وعجّل بالرحيل *** قد أطال الشوق سهدٌ بعد بين وتمطى الليل لكن مضجعي ما زال يستجدي الكرى من فرقدين قلت للطيف الذي يحبو على كتفيّ آونةً وآونةً ينساب من عينٍ لعين دعني!! فلا فرحٌ أبعثره عليك وليس عندي غير قافيةٍ من الحزن المقيم ودمعتين ليس عندي غير همسٍ من صدى ماضٍ تمرّغ في ترابك يا امدرمان فاقتربي الشعر يهتف للهوى!!
إن يسفر الحسن وضّـاحاً فما أربي أو يسجع الطير صــدّاحاً فما طربي جاءت تزورك امدرمان باكيــةً فامسح دموع الأسى عن خدها الترب ضمّت شـوارد أفكارٍ فهل كانت جلابـة السـعد أم جلابـة الكُرَب سلها..أتجزع من طغيان عسكرها أم من تكـبر بعض السـادة النُجُب
ومضيت يا امدرمان أكمل حول كعبة حسنك الطاغي طوافي أحذو..وقلبي مترعٌ بالشوق حذو فتاك في الزمن الخرافي أطوف على الديار وألثم الأشجار والأحجار مشغوفاً حليق الرأس حافي هل تبت يا مسكين عن هجرٍ أقام بمقلتيك أم هل تراك على دروب الصبر والسلوان أدمنت المنافي فيا امدرمان في عينيَ أنتِ وفي حلمي وفي كبدي وفي وجع القوافي أتعلم من سمائك سيرة الماضي ومن عينيك قهر المستحيل أيها الباسط كفاً للوداع أسرج مطاياك وعجّل بالرحيل
مأمون الرشيد نايل
|
|
|
|
|
|