|
دارفور: كبش الفداء، كيف ولماذا؟
|
-mail: [email protected]
منذ إندلاع النزاع المسلح في دارفور وأثر إستيلاء حركة تحرير السودان على قولو، الفاشر، مليط، وكتم، وماتلي ذلك من معارك عسكرية، دخلت دارفور مرحلة جديدة من الخراب ليس له نظير في تاريخ الأقليم منذ تكوينه، وهو هذه المرة ليس خراب ديار وحسب ، بل هو خراب لأواصر المحبة بين المجموعات القاطنة. كما أن هذا الخراب لم يكن مقصد من شهر السلاح في وجه الحكومة بل أن الحكومة وبتراخيها في إيجاد حل سريع صادق لهذه الأزمة، وبتجييشها لضعاف النفوس شنت حرباً شاملة علي مواطني دارفور، وكالةً وجهرةً. حول مسوغات الحرابة تميزت الفترة الحالية في سياسة الحكومة في حربها في دارفور بكثافة أستخدام قواتها النظامية، وقد أتى هذا تالياً للتقدم السريع في محادثات نيفاشا وقرب توقيع الإتفاق النهائي، خاصة بعد إتفاق الطرفين على فصل جيشيهما. فالحكومة الآن وتحت أمرتها جيش منهك مهزوم فلا مناص لها سوى سحبه شمالاً بعد توقيع الإتفاقية. وبعد سقوط كل دعاوي الحكومة عن الجهاد والإستشهاد في محاربة الحركة الشعبية، صار لزاماً لهذه الجيوش من خوض معركة واحدة، ولو وهمية، مضمونة النتيجة، يتم لها فيها النصر. وقد تلكأت الحكومة في وضع حد لهذه الحرابة قبل زمن طويل، حتى تعطي جيشها المنهك، وقفة أخيرة للأنتصار، حتي تظهر بمظهر العائد لتوه ظافراً من أرض المعارك، وهو هذه المرة من دارفور وليس من الجنوب كما كانت تمني مواطنيها منذ إغتصابها للسلطة. وقد وجدت الحكومة ضالتها في أحداث دارفور، لذا فهي لم تكن سبّاقة في وضع حد لهذا الصراع حينما كان جنينياً، بل أرجأته لوقت يتيح لها فيه أن تظهر بمظهر القوي لمداركة سوءاتها ونكران هزائمها في الجنوب بوقفة أخيرة في دارفور. كل هذا إضافة للإنتقام لما حل بها من ضرر في آلياتها العسكرية وفي جندها، و يعنى أيضاً توجيه رسالة "قوية" لكل من تسول له نفسه من الدارفوريين وغيرهم محاربتها، وهي هنا أشبة بالحملة التأديبية التي شنها محمد على باشا إنتقاماً لحرق أبنه إسماعيل. وهذه "الحملة" مؤدية حتماً لتفكيك وخلخلة البنية الأجتماعية للأقليم بتعميق وخلق صراع جديد بين سكان الإقليم الواحد. أن مرمى الحكومة تجاه دارفور منذ البداية لم يكن حسناً، وإن كانت تضمر خيراً لهذا الأقليم لكان حري بها الاستجابة لمطالب جيش التحرير" البسيطة" حينداك. فحكومة اليوم وهي بكل سخاء تشارك فيما من شأنه تقطيع أوصال السودان بفصل جنوبه عن شماله، تبدي تكشرأ وتجهماً لبسيط مطلب الحركة؛ آنفاً وحتى الحظة. إن مسلك الحكومة في هذه الحرب قد أهلها لاكتساب مقومات وأبعاد الحرب العرقية، ليس فقط فيما هو جار الآن من إحتراب وإحن، ولكن مستقبلياً بين المتضررين من هذه المجموعات طالما أثبتت لهم بأن الغلبة ستظل للقوي عسكرياً، وهذا يعني مزيداً من تدفق السلاح للاقليم، وكثير من الموالاة للحكومة؛ للحماية أو للإغارة، كل حسب موقعه. فسياسة الحكومة في خلق فتنه عرقية بين القبائل العربية وغيرها من قبائل دارفور يعكس ضحالة فهم السلطة المركزية ومحدودية ذهنيتها للتاريخ وللواقع الإثني لدارفور، ناسية بأن تاريخ الصراع يرجع طرف منه لتشابك وتعقيد علاقات المعاش بين مجموعات الرحل والمستقرين، وطرف آخر لسياسات التهميش الجائرة من المركز نحو الأطراف ولغيرها من الدوافع، وليس فقط بين "عرب وزرقة" كما تشير إليه الكتابات العنصريه الحالية من الطرفين. وليس أدل على ذلك من أن الكثير من القبائل الآن في دارفور ترجع شجرة نسبها لأصول عربية (كما هو الحال عند بقية المستعربين في شمال السودان). كما وان دارفور خلافاً لما عليه الحال في بعض مناطق السوادان النيلي لا تعرف المفاخرة القبلية في تراثها الشفاهي بأفضال قبيلة على أخرى. ورغم كون الأقليم ومنذ وجوده مقسماً إدارياً وسكانياً إلى "ديار"، إلا أن هذا لم يمنع بتاتاً المصاهرة بين أفرادها في ذات الرقعة الجغرافية و في غيرها دون أدنى إعتبار "لإصل وفصل". ورغم وجود هذه الديار منذ غابر الزمان في دارفور لجميع قاطنيه، إلا أن الأحساس بالوحدة وبوجود الكيان الواحد الحامي للجميع كما في سلطنات الداجو والتنجر والفور كانت لها الغلبة. فهي قد كانت كيانات جامعة لكل إثنيات دارفور المتعددة الآن كما أشار إلي ذلك الكاتب النمساوي لورينزو دنانيا في موسوعته الجغرافية الصادرة عام 1580 فيما أختطه عن دارفور وتعدد سكانها. وهذا الأحساس بالوحدة مع التعدد، هو ما تسعى هذه الحكومة لتقويضه. حول رافعي السلاح ورافعي الصحاف تلى إعلان حركة التحرير عن مولدها أحداث ومعارك ضارية بين مجموعات متصارعة في دارفور ولم تكن هادفة لحرب الحكومة. وقد كان سخط هذه المجموعات ضد الحكومة هو لتقاعسها المشين في حماية المواطنين ووضع حد لأحتراباتهم. ورغم أن العديد من الفرص قد أتيحت للحكومة للأخذ بالخيار التفاوضي لما بينها وبين حركة التحرير، إلا أنها آثرت خلاف ذلك ويبدو هذا واضحاً في حشدها العسكري في الفاشر وقبيل تدمير طائراتها الجاثمة في أرض المطار. ومع بدايات الحركة المسلحة في دارفور، نشطت الكثير من الفعاليات السياسية عبر تصريحاتها الأعلامية على مختلف الوسائل من صحف، تلفزة وإنترنت؛ وأشارت بعضها عن صلتها بما يجري في دارفور من أحداث وبأن قواتها تقاتل جنباً إلى جنب مع قوات حركة التحرير. وقد أدلى د. خليل إبراهيم رئيس حزب العدالة والمساواة، والحزب الفدرالي ممثلاً في نائب رئيسه د. شريف حرير بتصريحات عديدة بنسبة إنتصارات الحركة العسكرية إلي تنظيميهما. وبينما كان د.حرير نشطاً في مساعي إتفاقية أبشي؛ إلا أن د. خليل رفض الإعتراف بها طالما أنه لم يشرك في تلك المفاوضات. وقد إنبرت العديد من الأقلام في الحديث عن المظالم والمآسي والتهميش الذي أكتوى به الأقليم وعن ضرورة النظر لقضايا الإقليم ضمن ما يتم نقاشه في نيفاشا، لكي يتم الإعتراف رسمياً بقضية دارفور. كل هذا لم يكن مصاحباً لرؤية محددة وتشخيص دقيق للأزمة وآفاق الحل؛ كما لم يكن مصاحباً لنقد بذات القوة لمسلك سياسة العنف الجارية وآثاره السلبية في التصدي لقضايا الإقليم. وقد كانت هذه الأقلام وهي ناسبة نفسها لتنظيمات العدل والمساواة، التحالف الفدرالي، وتنظيمات أخر لا وجود لها في أرض منشأها المزعوم. وبعد أن قامت الحكومة بتنشيط وتسليح قوات الجنجويد في صفها وأطلقت لها العنان لترويع المواطنين، لجأت هذه الأقلام للحديث مطولاً عن "الجنجويد" وأفردت العديد من المقالات في شبكة المعلوماتية عن أصلهم وفصلهم، وعن سوءهم وتاريخهم وكأن "الجنجويد" بقبح أعمالهم سابقين تكوينياً لقيام حركة التحرير. إن أتفاقية أبشيى التي وقعتها الحركة مع الحكومة، أعطت الأخيرة اليد الطولى في هذه الحرب وهو يعكس ضعف تقديرات الحركة عسكرياً، سياسياً وتفاوضياً في ركونها للأتفاق في وقت كانت فيه منتصرة على الجيش النظامي الموجود في دارفور. فالحركة بتلك الهدنه لم تكن تدري بأن "الحرب خدعة" حسب قاموس الأنقاذ، والتي وجدت الوقت الكافى للعق جراحها للتفكير في رد كرامتها وبذل مزيد من الأستعدادات للحرب المقبلة والتي هي جارية الآن، وبمزيد من التسليح لقوات الجنجويد. أن مطالب الحركة ومسعاها للتدويل في ذات الحين كان الغرض منه خلق هالة إعلامية فارغة لاجدوى لها، و ربما كانت هذه نظرتها في كيفية الأعتراف الدولي بها، وهو ما يوضح ضيق الأفق السياسي في الأعتقاد بأن باهر إنتصاراتها العسكرية سوف يؤهلها للجلوس حول طاولة مفاوضات نيفاشا، أو أن ترزح دارفور تحت الحماية الدولية كما هو حادث الآن في جبال النوبة. وقد أنبرت العديد من الأقلام "الإلكترونية" مطالبة بالتدويل وتدخل قوات أجنبية، وكأن هذا هو الهدف الرئيسي من محاربة الحكومة، وهو أيضاً حيدة عن الهدف الأساسي للأحتراب بأن تلجأ نفس القوى التي أتت لتحرير الناس للإستغاثة بقوات أجنبية لحماية من أتت لحمايتهم. وبداهة فأن ولوج أي دولة في صراع غيرها لا يتم فقط من منطق الدافع الإنساني في إحلال السلم وحده؛ بل تكون مدفوعة أيضاً من منطق مصالحها وحساباتها القومية في حال التدخل. فخلافاً للأمم المتحدة، والتي هي دائماً سباقة لاغاثة الملهوفين والمتضررين في حالات الكوارث الطبيعية والأنسانية من خلال منظماتها المتعددة؛ فإن رؤية دول اليوم مثل: أمريكا، بريطانيا، كندا، ألمانيا وغيرها لقضية دارفور ليست بالضرورة مرتبطه بضرورة المناداة بالحل السياسي للأزمة. عدم أندفاع هذه الدول لحل سياسي لقضية دارفور يمكن إستشفافه في إطار مشاركة هذه الفعاليات في إنجاح المفاوضات الجارية الآن في نيفاشا وهي رغم معرفتها الجيدة بمظالم أقاليم السودان الأخرى، إلا أنها وبناء على مصالحها القومية فقد آثرت وبقوة دعم هذه الأتفاقية، لذا فليس في "مصلحتها القومية" الولوج بتقديم حلول سياسية خاصة بإقليم دارفور دون غيره من بقية الأقاليم. وعليه فكل ما تستطع هذه الدول فعله تجاه دارفور هو المناداة بوقف إطلاق النار وتقديم مساعدات إنسانية وفي ذات الوقت ستغض الطرف عن أي إنتهاكات تقوم بها الحكومة لأخماد هذه الحركة حتى لا يفسد عليها العرس المتوقع في نيفاشا عشية التوقيع على أنهاء الحرب. يأتي هذا مطابقاً لما هو شائع من إختزال للصراع السياسي في السودان بكونه بين الحكومة والحركة، أو بين شماله وجنوبه كما يسعي إليه أصدقاء الإيقاد ؛ دون النظر لظلامات الآخرين. وقد أتت كل التصريحات الأخيرة من قبل الحكومتين الأمريكية والكندية، ومجموعة الدول الأوربية للأطراف المتحاربة بضرورة إيقاف نزيف الدم في دارفور، وفي إغاثة المتضررين؛ أي الأهتمام بالجانب الإغاثي وليس السياسي، في نظرهما. ومع النزوح اليومي لأعداد كبيرة من المتضررين داخلياً وفي تشاد، فإن هذا أيضاً مكسب للحكومة في حربها، في شغل الحركة بإدامة النظر إلى المتضررين بالحرب وتقديم تنازلات في هذا الجانب، ودون إلتزام من الحكومة بمناقشة أسباب الأحتراب. حول الخيارات الحكومية في حرب دارفور تناقلت أجهزة الأعلام أخيراً أخباراً عن إتصالات ولقاءات جرت بين على عثمان محمد طه وأحمد دريج فيما يخص الوضع الراهن بدارفور. وهذا المسعى الحكومي يعكس أيضاً عن حوجتها لأحد ساسة دارفور للقيام بموقف "الحجّاز" وتضميد ما أثخن من جراحات إنابة عنها بعد أن فقدت كل المصداقية فيما آلت إليه الأوضاع الآن. فالحكومة الآن قد زرعت الكثير من القنابل الموقوتة، ودمرت خلال هذه الفترة، ما شارك في بناءه أبناء دارفور لقرون في ديارهم. فالحكومة الآن، وبجريرة البعض، إعطت المتضررين كل الحق للأنتقام مستقبلياً من الذين تدثرت بلحافهم. وفي ذات الوقت أعطت الحكومة كل المسوغات لبعض مواطنيها لكرهها وللتفكير في حرابتها، لتسلطها وجبروتها الذي قضى على الأخضر واليابس في ديارهم. وعلى ذات المنوال ليس هنالك ما يمنع وجود ذات الشعور بالبغض والكراهية من البعض ضد قوات حركة التحرير وأشياعها. تأتي كل هذه المصائب والجبهة الإسلامية بشقيها الشعبي والوطني، متخمة بأبناء الأقليم قمة وقاعدة، وأقليمهم يدمر من ذات التنظيم، إلا يكون هذا كافياً للكثيرين في مراجعة ولائاتهم الحزبية والطائفية؟ إن مسعى الحكومة في الإستعانة بدريج، يهدف أيضاً لخلق مزيد من البلبلة العرقية في الأقليم، خاصة وسط المجموعات المتحاربة، وهو أيضاً شرخ للحزب الفدرالي المختلف زعامياً حول رؤيته للأحداث في دارفور بين شريف حرير ودريج. فتحت ظروف الحرب هذه فأن أي شخصية أعتبارية تلجأ إليها الحكومة ستكون عرضة للنقد وغير مقبولة لكل الأطراف، وهذه نتيجة حتمية لمآل هذا الصراع بعد أن قامت الحكومة بتسميم الجو السياسي-الإثني في الإقليم. إن الناظر الآن إلي الأحداث المتسارعة في دارفور يرى أن المتضررين حقيقة هم البسطاء في أقاصي الريف، الذين أحرقت قراهم، قتّّل ذويهم، نهبت أملاكهم، وشردوا. لم نسمع عن سيل عارم من المظاهرات في أي من حواضر دارفور أو باقي السودان تأييداً للحركة أو نقمة على الحكومة، ولا يعني هذا بحال من الأحوال مؤازرة للحكومة ولكن للتدليل بأن الخسارة الكبرى هي دارفور وحدها وقد بدأت حواضرها تتأثر بما يتم في تخومها من معارك. وبينما تدور رحى هذه الحرب، كان بعضنا متوهماً في إنتظار مناداته للحاق بوفد حركة التحرير في نيفاشا، وقام آخرين بنسبة إنتصارات الحركة لأحزابهم؛ ولجموعنا في الخارج وضح جلياً كم من السهل إنشاء ما يمكن من كيانات حقيقية، وبعض منها وهمية، كصورة من صور النضال، ولم يكن نقدنا بذات الجرأة للمنحى العسكري في معارضة الحكومة و تبعات هذه الحرب على الإقليم. إن التسرع في أستخدام السلاح لأحداث التغيير في دارفور قد أتت بنتائج معاكسة تماماً لما تمنى أصحابها إنجازه، وهي قد أتت برداً وسلاماً على الحكومة والتي كانت متربصة الدوائر لهذه السانحة. أن إستخدام السلاح في حد ذاته ليس مقرون دائماً بضمان تحقيق الهدف، كما أن لكل إقليم ظرفه في جدوي إستعمال هذا السلاح. أن المتضررين اليوم من قصف طائرات الحكومة ومن مليشياتها هم الضعاف في تخوم دارفور، المهمشون حقيقية، وليس المقصيون سياسياً من تنظيماتهم في منافيهم الأختيارية. إن ما حدث في دارفور رغم عدم تصور حدوثه قبيل إعلان الحركة عن نفسها؛ ليس هنالك ما يمنع حدوثه في مناطق أخرى من السودان إن كان هذا ديدن الحكومة تجاه ظلامات الأخرين وأن إقتنع البعض بألا مناص لديها إلا حمل السلاح. إن ما يجري الآن في دارفور والحكومة بقضها وقضيضها تفتك بالأبرياء تؤكد مسؤليتها فيما يتم الآن من خراب للإقليم، ومستقبلياً وبصورة لم تخطر على بال. ليس لدي من شك في أن دافع المحاربين في دارفور ليس هو خراب إقليمهم، بل عماره؛ حسب فهمهم – إلا أنهم وبإستئثارهم بمجمل القرار العسكري والركون إلية كأداة لدحر الحكومة ودون تقديم رؤية واضحة لما يرمون إليه، قد أعطوا الحكومة كل مسوغات الرد عليهم، بما في ترسانتها من عتاد عسكري، وسياسات هدّامة قاتمة. هدية العيد ومع زيادة وتائر القصف الجوي هذه الأيام ومقبلها، تسعى الحكومة وكما أبنا سابقاً في إستغلال هذه السانحة لتمرير مخططها والذي نراه متمثلاً في الآتي: - رفع الروح المعنوية والإعتبارية للجيش بتحقيق إنتصارات حقيقية في دارفور خلافاً لما هو حادث في الجنوب، وأستغلال هذه السانحة إعلامياً؛ - صرف الرأي العام المحلي بما يجري في الجنوب من سياسات، والإبقاء على حالة الأستنفار، وتوجيه رسالة قوية لكل طامع في السلطة من دارفور وخلافها؛ - خلق حالة من عدم الإستقرار في الأقليم تؤدي لأمتصاص أعداد كبيرة من أفراد الجيش؛ - خلق فتنة عرقية في الإقليم يتم النصر فيه لقرب المجموعات من موقع القرار الحكومي، ورضى الدولة عنهم؛ - إستخدام الإقليم كموقع مستقبلي للإستقطاب الحزبي، بتهديد معاقل حزب الأمة، وخلق أحلاف جديدة؛ وغيرها، وغيرها. وليس أدل علي حقيقة الفتنة القادمة في دارفور من بيان القوات المسلحة السودانية الصادر عشية أستعادة مناطق كثيرة في دار زغاوة، معلنة فيه بأن هذا تم بمساندة "..قوات الشرطة والشرطة الشعبية والدفاع الشعبي". أن إقحام أفراد الشرطة الشعبية والدفاع الشعبي وهم من دارفور في حرب ضد أهالي دارفور، أليست هذه نذائر حرابات مستقبلية بين مواطنيها، وفي ذات الوقت ألا يعني هذا إعتراف من الحكومة بأنها و "بلسانها" لا زالت ماضية في إستخدام المليشيات في حربها هذه للمزيد من الفتن. إن إطلاق رخيص الأسماء على الخصوم، لا يعدو كونه "شتيمة"، ولو كانت للحكومة من حكمة وحب خير للإقليم وسكانه لكان لها أن أستخدمت البسيط من ترسانتها العسكرية، وقبل أعوام في إحلال السلم والطمأنينة، ولبذلت الكثير ولو بالحديث بصدق مع مواطني الأقليم عن ظلاماتهم وعن سعيها في الأصلاح؛ ولكن لا يصلح العطّار ما أفسده الدهر. إن بيان الحكومة الأخير عن "إنتصاراتها" الحالية في دار زغاوة كهدية للمواطنين في عيد الأضحى لهو بداية جديدة للصراع في د\رفور، وللمزيد من الإستباحة. فلتقف الأيادي والعقول صفاً واحداً لإجهاض هذا المخطط.
علي بحرالدين علي دينار
http://www.darfurinfo.org فيلادلفيا 6 فبراير 2004
|
|
|
|
|
|