|
خُرافة الدولة الدينية و المعارضة السودانية بقلم د.عبد العزيز سليمان *
|
04:01 PM Feb, 10 2015 سودانيز أون لاين د.عبد العزيز سليمان - جامعة ماكويري سدني استراليا مكتبتي في سودانيزاونلاين
mailto:[email protected]@yahoo.com.au القاء ضوء اول من سك مصطلح “الثيوقراطية” هو جوزيقوس فلافيوس وذاك في القرن الاول الميلادي واصفا به الحكومة القائمة عند اليهود حيث كانت هنالك ثلاثة انواع من الحكم يعرفها اليونانيون آن ذاك اولها الملكية و ثانيها الارستقراطية و ثالثها الفوضوية و لخروج نظام الحكم عند اليهود عن مالوف هذه الانواع الثلاثة و انتهاجهم نظام حكم يكون فيه الكتاب المقدس هو فقط مصدر الحكم ، عندها ادخل مصطلح “الثيوقراطية” او حكم الكهنة او الحكومة الدينية او الحكم الديني حيث الحاكم مطلق و لا يجوز لاحد ان ينقد الحاكم لانه باختصار هو ممثل الاله في الارض و المشرع باسم الله . هذا التعريف المختصر يكون علامة فارقة البيان ما بين الدولة الدينية و الدولة الاسلامية حيث الامور في الدولة الاسلامية تقوم علي العدل و المساوة و الحرية ليس اللون او العرق او الدين و دون “ المتنطعة اخوان الاسلام “ دولة الرسول الكريم و حقبة الخلفاء الراشدين قبل معاوية بن ابي سفيان الرجل الذي ترك وابنه يزيد الكثير من ثقيل الاحمال للمسلمين لتبريرها او الاعتراف ببئسها مدي الحياة حيث حول الخلافة الاسلامية و منهجها القويم نسبيا لملك عضوض وسن سنة كل الدكتاتوريات و الملكيات العربية القائمة الي ان يشاء الله رب العالمين - انتهي الضوء الملقي - اجتهد الكثير من الباحثين في النظم الحكمية واستدعوا كل التجارب البشرية السابقة وخلصوا للاتي : كل مشروع دولة و بالتالي كل حكومة تخدم مشروع دولة لابد ان تعمل علي تحقيق الوظائف السيادية الاربعة سواء ان كانت مسيحية ، يهودية ، اسلامية ، هندوسية ، ماركسية ، بوذية ، لبرالية او غيره اولا : تامين الحدود الخارجية لرقعة الدولة وهذه ضماناتها تكون بيد الجيش القومي القوي و النقيض جيش ضعيف تتداخل مهامه يعني دولة مباحة الحدود يعني دولة فاشلة في الفقه السياسي و الدستوري - السودان و الصومال انموزجان و امثلة تضرب في الجامعات و دور العلم عندما تدور رحي الحديث حول دور الجيوش في حفظ حدود البلدان علي مستوي العالم . الجيش السوداني تداخلت مهامة منذ دخوله في عالم الانقلابات العسكرية و اهمال الحدود و انفصال الجنوب ما هو الا نتاج طبيعي لحيثية بديهية و من هنا ياتي تشبيه الحالة السودانية بما آل اليه الصومال و مجموعة الجنجويد هي النواة التي ستقابل المجموعات الصومالية التي اوصلت الصومال الي الدرك الافشل بين دول العالم. ثانيا : تامين و حفظ الامن داخليا و هذا بيد قوات الشرطة و الامن المدني الذي يعمل وفق القانون و الدستور و المنهج العدلي من اجل المواطن من حيث انه مواطن لا غير حيث لا شان للعرق او الدين او اللون هنا ، و النقيض هنا قوات شرطة غير مؤهلة ، لا تحتكم للقانون ، افراد شرطة معاقين نفسيا ، و محسوبية يكون الناتج دولة فاقدة لامن مواطنيها داخليا تعتبر دولة فاشلة علي حسب المعيار الدستوري ، حيث احساس المواطن بالامن و الامان هو اساس الاستقرار و ازدهار الاقتصاد و التطور المنشود. ثالثا : آلية فض النزاعات بين مواطني الدولة بالطرق العادلة المُسَنّة من قِبل البرلمان المنتخب و النابعة من الدستور و حق المواطنة المتفق عليه دينيا و دنويا و انسانيا و امميا و النقيض لفض هذه النزاعات بغير ذلك المنهج سيوسع دائرة المظالم و يؤدي لحمل المواطنين القانون بايديهم و لعل الصراعات و النزاعات القبلية في السودان انموزج لا يضاهي لهذه الحالة . رابعا : توفير الحد الادني من ظروف العيش للمواطنيين و هذا يعني باختصار الطعام، العلاج ، التعليم ، المواصلات علي ان مفهوم الحد الادني هو الذي يكفل لك البقاء علي قيد الحياة بالحدود الدنيا ليس حياة ترف او فره “ هذا شرط تطبيق الشريعة الاسلامية ” ، مرة اخري السودان انموزج حي في نقيض هذه المعادلة و عدم توفير الدولة لهذا الحد الادني يعتبر فشل للدولة اي تعتبر الدولة فاشلة بالمعيار السياسي و الفقه السياسي و الدستوري .
احكم باسم الاسلام او باسم اليهودية او باسم كارل او باسم فرسان الهيكل اذا انت حققت هذه المعايير الاربعة فانت دولة ناجحة و محببة عند الله و اذا لم تحققها فانت دولة فاشلة ان كنت تحكم بصكوك مختومة بختم الاله ، المعايير واضحة و العدل حلية الحكم و نجاحه بغض النظر عن البعد العقدي او المعتقدي ، باتفاق العديد من العلماء و الائمة علي قول ابن تيمية { الله تبارك و تعالي يقيم الدولة العادلة و لو كانت كافرة و يغوض الدولة المؤمنة اذا كانت ظالمة } و دون اخوان الاسلام دول الغرب وشفافيتها علي المستوي الداخلي علي اقل تقدير اما سلوك هذه الدول في الشق المتعلق باذدواجية المعايير خارجيا له مبرراته السياسية و المصالحية . كل ما يهم المواطن هو العيش الكريم لا يهمه ان كنت تتحدث بالشريعة الاسلامية او بالقطيعة المحفلية . هذه الوظائف السيادية تجري علي السلطة الحاكمة و تبين فشل الدولة من نجاحها كما تجري علي المعارضة لتلك الحكومة سواء معارضة برلمانية منتخبة او معارضة ثورية و تبين مدي جاهزيتها لادارة الدولة في حال تسلمها مقاليد الامور في تلك الدولة. في الحالة السودانية “المعقدة” حري بالمعارضة ان تقدم برنامج وكيفية واضحة للوقوف علي هذه الوظائف السيادية الاربعة و طريقة تحقيقها حيث الدولة الراهنة جمعت بين الجيش و الامن و الشرطة و القبيلة و الاقتصاد و القانون في سلة مجموعة حزبية آثرت الحزب و الخاص علي الوطن و العام ، عليه مهمة المعارضة ليست بالسهلة و ما ينتظر الشعوب السودانية من صبر ليسه بالقليل لاعادة بناء الدولة السودانية هذا اذا ارادت المعارضة وجه الوطن . درجت المعارضة السودانية علي اصدار بيانات و نداءات “ يصعب علي المتتبع رصدها “ و جميعها لا يقارب عِظم الحالة التي ستؤول لها الدولة السودانية بعد سقوط المحفل كما انتهجت و سلكت اي المعارضة نفس منهج و مسلك الحكومة علي سبيل المثال : قيادات المعارضة ظلت قيادات ممسكة بمواقعها كما المحفل - كل ما قدمته المعارضة من طروحات يدور حول السلطة ليس هنالك ما يهم المواطن و عيشه و مسيرة مستقبله - لم تقدم المعارضة سيناريو مكتوب لكيفية مواجهة الانهيار الاقتصادي ، الدستوري ، السيادي ، الخدمة المدنية ، الخدمة العسكرية في شقيها ، الصحة ، التعليم ، المعسكرات ، رد المظالم ، المحاسبة ، الانهيار الاخلاقي ، القبلية ، حدود الوطن المستباحة ، العلاقات الخارجية ، نظام الحكم ، قوانين ديمقراطية تحكم عمل الاحزاب السياسية و كل ما من شانه ان يحفظ ما تبقي من وطن و هذا في تقديري ما ادي الي الاحباط العام و الاستكانة بين صفوف المواطنين السودانيين - هنا استثني الاستاذ علي محمود حسنين رئيس الجبهة الوطنية العريضة “قرات له مشروع دستور و مشروع قوانين لما بعد ذهاب المحفل الماسوني من ضمنها قانون الاحزاب بل ذهب اكثر من ذلك و حدد في هذا المشروع سن قادة الاحزاب الذي لا يجوز ان يتجاوز الستين عام كما اذكر “ … اي نعم انتفضت الشعوب السودانية من قبل لكن و لعدم استعداد المعارضة و عشوائيتها ادي الي فسح المجال لاخوان الاسلام ان يستولوا علي السلطة الي يومنا هذا ، بعد ذهاب جعفر نميري لم تكن هنالك ورقة علمية واحدة تناولت مستقبل البلاد و العباد بل كان قادة الاحزاب يبحثون عن السلطة و المواقع لدرجة انهم لم ينتبهوا لمجلس سوار الذهب الانتقالي و سوار الذهب هو من هو . المعارضة تتحدث عن سوءات النظام التي اصبحت كالشمس في رابعة النهار لكنها لا تتحدث عن خطة اقتصادية اسعافية بعد انهيار المحفل الذي حتما سيترك الخزينة العامة مسكن لعنكبوت “ الارملة السوداء “ و لم تتحدث عن السلاح الذي يمتلكه الجميع و لم تتحدث عن جوع المواطن و عطشه و كيفية معالجته عاجلا … التاريخ السياسي البشري عبر مسيرته الطويلة اثبت ان غياب التخطيط يؤدي الي انهيار الدولة بغض النظر عن عظمة مواردها الاقتصادية وهذا ما حدث للصومال و سيحدث للسودان ان لم يتدارك من قبل المعارضة التي في اعتقادي تعطي العمل علي اسقاط النظام اولية دونما التفكير في ما بعد اسقاط النظام او ذهابه طائعا و هنا تكمن الاجابة علي السؤال “ يكون السودان او لا يكون” ، كنت اتصفح سير المعارضين الذاتية في المعارضة السودانية و بالطبع استمعت للعديد من احاديثهم لم اجد بينهم متخصص في الاقتصاد ، السياسة ، الادارة ، الدستور ، الموارد الي اخر متطلبات الاعداد وادارة دولة - شيء مربك كيف لهذه المعارضة ان تقدم انموزج يلتف حوله المواطن “الريقو ناشف ورويحتو مسلولة “ مع العلم بان هنالك خبراء سودانيون في كل هذه المجالات المذكورة آنفا - لماذا لا تتصل بهم المعارضة ليسهموا علي مستوي الاوراق و سيناريوهات الخطط - واني اعلم انهم لا يرغبون في كرسي وهذا للمعلومية . ختاما الاسلام كدين و عبر تاريخه لم يعرف الدولة الدينية “ المعرفة اعلاه “ حتي ابان عهد الرسول الكريم الذي كان يتلقي كلام الله سبحانه و تعالي عبر الوحي المعروف و لم يدع قط انه ظل الله في الارض و لم يقل بما قال به الكثيرون من الحاكمين زورا وبهتانا باسم الدين “ الهجرة الي الله “ في ايامنا الكائبة هذه بل ظل يردد “ عليه الصلاة و السلام “ قول الله تعالي في سورة الاسراء (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93). لذلك لم يقدم الاسلام انموزج حكم تفصيلي بل قدم مباديء عامة لان الله سبحانه و تعالي يعلم بما سيكون من تحولات تطرا علي المسيرة الانسانية ، الله سبحانه وتعالي قادر علي ان يفصِّل نظام حكم متكامل يصلح لابد الابدين لكنه و كما اتي في القران الكريم و المنهاج اتي بعموميات و مجملات علينا كبشر تفصيلها ووضعنا الذي نعيش ، و لكل من يعتقد ان حقبة الخلفاء الراشدين كانت تجربة متكاملة فقد اخطا حيث دولة الخلافة الراشدة تعتبر تجربة بشرية كان بها و عليها الكثير من العلل و الثُغرات الدستورية بمعيار السياسة اليوم علي سبيل المثال لا الحصر : and#1633;- مدة الحاكم لم تكن محددة and#1634;- كيف يبايع الحاكم ، للعلم كل خليفة من خلفاء الرشد كانت بيعته بطريقة مختلفة عن سابقتها . and#1635;- اختصاصات الحاكم و حدود سلطاته .
* دكتوراة في السياسات العامة - جامعة ماكويري سدني استراليا.
Due regards
They say: you shouldn’t judge until you'v walked a mile in someone else's shoes...
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- الحكومة الالكترونية و أشجار العشر والمسكيت و اكوام القمامة خطوط متوازية لا تلتقي ابد بقلم صلاح حمزة 22-01-15, 01:29 PM, صلاح الدين حمزة
- خمسة و خمسة نصيحة للسيد والي الخرطوم بقلم صلاح حمزة - باحث 15-01-15, 12:42 PM, صلاح الدين حمزة
- الاحتفال بمناسبة ذكري الاستقلال - احلام و اماني بقلم صلاح حمزة 15-01-15, 05:22 AM, صلاح الدين حمزة
- الاحتفال بمناسبة ذكري الاستقلال - احلام و اماني بقلم صلاح حمزة 30-12-14, 06:00 PM, صلاح الدين حمزة
- قياداتنا و العولمة/صلاح الدين حمزة 24-09-14, 02:36 PM, صلاح الدين حمزة
- سمنار الفيدرالية والبناء القومي -أديس ابابا/صلاح حمزة باحث 14-09-14, 01:59 AM, صلاح الدين حمزة
- الشذوذ الاداري والدروشة/صلاح حمزة 11-08-14, 02:50 PM, صلاح الدين حمزة
- مشاكل الوطن و الشذوذ الاداري ومتفرقات عن الكارير والكرور و الكنكشة بقلم / ماهر إبراهيم جعوان 17-07-14, 11:23 PM, صلاح الدين حمزة
- تبصير الأنام بأسباب الإعتداء على المال العام/صلاح الدين حمزة 03-07-14, 01:46 PM, صلاح الدين حمزة
|
|
|
|
|
|