|
خواطر زول مستاء ومحبط من حكايات التمرد والتهميش الفارغة
|
خواطر زول مستاء ومحبط من حكايات التمرد والتهميش الفارغة
خاطبني أحد زملائي المصريين في الشركة التي أعمل فيها بعيد توقيع برتوكولات السلام السودانية الستة في كينيا في الأسبوع المنصرم قائلا : هل تريدني أن أقوم بتقديم التهنئة لك بما حققتموه من إنجاز رائع في نيفاشا أم ترغب في أن أتريث قليلا حتي تتمكنوا من إنجاز سلام أخر مع المتمردين الذين يحملون السلاح في دارفور فقلت له هات ما عندك من تهاني وتبريكات الآن لان الحاصل في دارفور من قتل ونهب مسلح وبلطجة وتدمير لممتلكات الدولة والمواطنين قد يتسغرق إنهاؤة عسكريا أو سلما ذات المدة التي أخذتها الحرب العبثية التي أشعلها شيخ المتمردين جون قرنق في جنوب السودان ثم ما لبث الزميل المصري أن عالجني بسؤال في غاية الإحراج مفاده : لماذا يحدث كل هذا الإنفلات والتمرد علي النظام في السودان ولا يحدث عندنا في مصر ما هو نحن مجاورين ليكم من الشمال وعاداتنا وتقاليدنا واحدة تقريبا فقلت له ان حضارة الشعب المصري التي تمتد إلي الآف السنوات هي خط الدفاع الأول الذي يتحصن به الشعب المصري من مثل هذه الإبتلاءات التي تضرب السودان في مناطق مختلفة فيه , ولمزيد من التأكيد بان الشعوب التي تشكلت نتيجة حضارات بشرية قديمة لا تعرف التمرد أو النزوع إلي العنف قلت له أنظر إلي السلام الإجتماعي المدهش الذي يتمتع به سودانيو الشمال والوسط رغم إفتقار معظم مناطقهم كذلك إلي التنمية والخدمات الأساسية وعلية فان العنف والتمرد الحاصل في بعض مناطق السودان ليس بسبب نقص الخدمات الأساسية أوالتهميش كما يدعون وإنما هو محصلة منطقية لإفتقار هذه المناطق لحضارات قديمة يستمد منها الإنسان قيم التعايش والسلام الإجتماعي وحتي أكون أكثر وضوحا معك بشأن الدوافع الحقيقية للتمرد في بعض مناطق السودان أود أن الفت إنتباهك إلي مدنية سودانية قديمة إسمها كرمة كانت عاصمة لمملكة النوبة في شمال السودان فهذه المدينة ورغم كونها كانت يوما ما عاصمة لأعظم حضارة بشرية قامت في السودان تفتقر إلي ابسط ضرورات الحياة من مراكز صحية ومدارس وطرق مسفلته إلي أخرة إلا ان إنسانها وكسائر إنسان المناطق الأخري في الشمال والوسط يستحيل ان يتمرد أو ينزع إلي العنف كما يفعل أخوتنا في مناطق طرفية أخري من السودان والسبب يا زميلي يرجع إلي الحصانة الطبيعية التي يستمدها إنسان الشمال والوسط من الإرث الحضاري الذي تركه ملوك السودان القداما أمثال تهراقا وبعانخي وشبكة وشبتاكا والمك نمر وعمارة دنقس وعبد الله جماع حديثا وختاما فتلك خواطر سوداني مستاء من مظاهر التمرد الذي تفتحت علية عيونه هذا ولا يفوتني وانا اغادر هذا المقام ان أقترح انه وبدلا من إضاعة وقتنا في مفاوضات عقيمة مع قيادات التمرد في أنجمينا وأبشي ان يتم تنظيم سمنارات ودورات لهؤلاء المتمردين في مواضيع ذات صلة بقيم التسامح والتعايش والسلام الإجتماعي شريطة أن تعقد مثل هذه السمنارات داخل المتحف القومي السوداني أو في منطقة الأثارالقديمة في النقعة والمصورات في ولاية نهر النيل العظيم لعل وعسي ولجميع السودانيين الوطنيين محبتي وتقدريري
فيصل طه / الرياض
|
|
|
|
|
|