|
حين عم الصمت كان يعلو صوتها/عبدالوهاب همت بريطانيا
|
هكذا اختار الراحل الخاتم عدلان عنوانا لمنشور صغير حمل تعريفا مختصرا للاستاذة الدكتورة سعاد عاشة صفرة المكناة بسعاد ابراهيم أحمد أثناء حملتها الانتخابيه في أبريل 1986. تقول سعاد في آخر حوار أجرته معها زوجتي أمل الكونتي (أنا بعتقد العيال مفروض يسموهم بأمهم وأبوهم نحن من نحمل لمدة 9 أشهر ونسهر ونربي لماذا لانشارك في الاسم.؟ هذا اجحاف كبير!!!!!!!!!!!!!!!! أنا مولودة في يوم 30 مارس 1935 فوق صبيان وأنا البنت الوحيدة. والدي كان مدرسأ في كلية الهندسة. أمي كانت غاضبة جدا لعدم ادخالهاالى المدرسة لذلك عملت لي حماية كاملة من الزواج المبكر بتاع النوبيين, وحلفت بدينها أن تعلم بنتها الى الآخر وأنا من عمر 14 سنة اعتبر العجوز في بنات دغيم لانهم يزوجون البنات في تلك السن. عندما علمت أمي ان الحكومة ستفتح مدرسة ثانوية ساقتني أم درمان وتعليم البنات كان منفصلا عن تعليم الاولاد, دكتور كلارك كانت المشرفه على تعليم البنات وقد سألت أمي لماذا لاأواصل دراستي في الراهبات بالخرطوم, وجاء رد أمي الدراسة هناك علوم تجارية والخريجات يذهبن الى العمل في الشركات والبنوك وأنا أريد لابنتي أن تتعلم مثل شقيقها الذي يدرس في مدرسة وادي سيدنا وأريدها أن تلتحق بالجامعة. فقالت لها دكتور كلارك بعربية سودانيه معليش نحن قبلنا البنات وعملنا لهن امتحانات من أمس وجاء رد أمي: معليش هي تبدأ تمتحن من الليلة مادام امتحان أمس أنتهى. وتقول سعاد الامتحان كان في 3 مواد العربي والحساب والانجليزي, وتم قبولنا نحن أول تلاته بنات في الدفعة عام 1949 وكانن معاي نعمات أبوبكر وعواطف أمين بدوي ماتت الاسبوع الفات (أي في اول سبتمبر 2013). أمي كانت شخصية رافضة للاضطهاد ومتقدمة في تفكيرها والبنات كن يستنجدن بها لمساعدتهن في رفض الزيجات الباكرة وأمي وقفت الى جانب أبي عندما توفى جدي ورعت أخوته وسكنت أم درمان لمدة 13 عاما رغم أنها لم تكن تحب أم درمان أمي رفضت أن تشتري لي ثوب وكنت الوحيدة التي لاترتدي الثوب وعندما مارسوا علي ضغوطا في الاتحاد النسائي بضرورة ارتداء الثوب كتبت الى عمي الاصغر صالح في حلفا ليرسل لي ثوبا ففعل وكان اسم الثوب (بت الباشا المدير) وبعد أن استلمت الثوب احتفظت به في الداخليه حتى لاتراه أمي وكنت لا ألبسه الا عندما تكون للاتحاد النسائي جولة عمل. هذا أمي كان ان لااتعرض للقهر الذي تعرضت له. والدي ابراهيم أحمد بحكم عمله في مؤتمر الخريجين كان في قيادة لجنة محاربة الختان الفرعوني وعل مع آخرين في جمع التبرعات لبناء معهد القرش الصناعي, وقد كنت أقوم بقطع الزهور وبيعها ووضع عائدها في صندوق مكتوب عليه (دعم التعليم) هذا النوع من العمل عودنا عليه والدنا منذ نعومة اظافرنا وكان يسألنا مساء كل يوم جمعه عن ماذا فعل كل منا في ذلك اليوم؟ وكان يقول لنا لن تتطوروا مالم تعانوا الاخرين وتشاركونهم همومهم. كنت أحب التمثيل وحاولت تعلم الموسيقى ومما كرهنني في مدرسة الراهبات أنهن كن يخافن من السودانيات المسلمات ونحن كن معزولات نهائيا عن المناشط , لذلك أنا كنت في حالة احتجاج وجلد للذات وكنت (أحرد) ولا أحل الواجبات فيركبوا لي لافته في ظهري وينبذوني ويوصفوني بالكسل وقد تعرضت لعقوبات كثيرة من هذا النوع. الراحل بروفيسور صلاح المليك درسنا اللغة العربية في أم درمان الثانوية وكان يعطيني أعلى الدرجات عندما أكتب الانشاء. كنت مغرمة بالمسرح ومثلت دور البطل في أول مسرحية واذكر تفاصيلها جيدا. أفضل مكان محبب لي كان منزل عمتي والتي تزوجها الراحل محمد صالح الشنقيطي وقد كانت لهم مكتبة ضخمة في صالونهم قام باهدائها لجامعة الخرطوم قبل وفاته. والدي عندما كان وزيرا للماليه عن حزب الامه سجل موقفا صارخا وانسحب من جلسة البرلمان احتجاجا على حرق العملة التي حملت صورة الراحل اسماعيل الازهري وقال هذه موارد البلاد كيف تحرقونها؟ انتميت الى الحزب الشيوعي السوداني في مارس 1957 في نهاية سنتي الثانيه في الجامعة انتزعت عنوة حق الطالبات في ممارست السباحة وأنشأت جمعية التمثيل وعددنا 22 طالبة فقط. الراحل الاستاذ جمال محمد أحمد سألنا لماذا اخترنا كلية الاداب رغم أن شهاداتنا علمية وجاء ردي أنا لن أدخل كلية العلوم لانه (ديل جهلاء) يدخلوا في السابعة صباحا ويخرجوا في الثانية ظهرا وليس لديهم أي نشاط وأنا أريد أن أوسع مداركي ورفضت الذهاب الى كلية العلوم. في السنة الثالثة عملت (شمطة) لانهم رفضوا لي السماح بأخذ مادة اللغة الانجليزية والاقتصاد وعندما أصروا على موقفهم استقلت من الجامعة وذهبت الى البيت فتدخلت دكتور مولر وقالت لادارة الجامعة هل تريدون ان تفقدي مثل هذه الطالبة؟ زملائي كانو يسمونني ب (ضنب الانجليز) وأنا لغتي الانجليزية كانت (كاربة) بحكم تعلمي في الراهبات وأصلا النوبيين فالحين في تعلم اللغات والرياضيات بس وتضحك.... كتاب أصل العائلة والملكية الفردية لكارل ماركس قادني لتفتح ذهني وصديقة عمري فتحية فضل قالت لي ( انتو بتعرفو الحاجات مابتوروني ليها ليه؟) وفتحية فضل سبقتني في الدخول للحزب الشيوعي السوداني. بروفيسور احسان عباس ساعدنا كثيرا في جمعية التمثيل والاتجاه الاسلامي في ذلك الوقت كان عندو (قرون) ناس دفع الله الحاج يوسف ومحمد صالح عمر وجعفر شيخ ادريس ( وقاموا نقنقوا) وكان معانا عمران وهو أخ مسلم وكان عازف ممتاز على آلة العود والاخوان طلبوا منه الخروج من جمعية التمثيل والموسيقى فخرج من تنظيم الاخوان المسلمين. الراحل عبدالله الطيب ترجم لنا مسرحية برناد شو (أندروكليس والاسد) . الاخوان المسلمين شنو علينا هجوم شرس فتصدى لهم عمر محمد سعيد وشقيقي صلاح وكانا يصدران جريدة اسمها (كازبلانكا) والمرحوم عمر النور خميس المحامي من ناس القضارف كان مشرف على جريدة الاخوان المسلمين قام نبذنا وقال نحن ماعندنا أولياء أمور وصلاح أخوي كان في عطبرة فقام عمر محمد سعيد (دقة عمر النور خميس دقة جامدة) ورسل تلغراف لي صلاح أخوي في عطبرة وقال ليه (قمنا باللازم الى حين حضوركم). عندما كنت نائب لرئيس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم قرأت خطاب الاتحاد وكان فيه هجوما شرسا على الحكومة فكتبت الجرائد (ابنة وزير المالية تهاجم سياسة الحكومة) ووالدي لم يكن له عداء الا مع الكيزان ووجبة الغداء في البيت كانت عبارة عن برلمان مصغر يقول كل شخص مايريد ونتناول كل قضايا الساعه ولاحجر على أحد في ابداء رأيه. ساهم والدي مع آخرين في جمع تبرعات لبناء مسجد في نمرة اتنين والسكة الحديد في عام 1958 وعندما جاء الكوز عطية محمد سعيد ليحل محل الامام الاول قاموا ناس ابوي تركوا الذهاب الى ذلك المسجد وذهبوا للصلاة في مسجد السنوسي وأبوي كان بقول الكيزان (ديل رذيلين) وكان بحترم الشيوعيين خالص. أثناء العدوان الثلاثي على مصر قام الراحل صلاح احمد ابراهيم بصياغة نشيد للتضامن مع الشعب المصري, وفجأة ظهر دفع الله الحاج يوسف والكيزان أثناء البروفات وقالوا أن صوت المرأة عورة والجبهة الديمقراطية والمستقلين هزموا الفكرة. أبرز القيادات الشيوعية في الجامعة كانوا ناس د. مصطفى خوجلي وقريب الله الانصاري وهم كانوا بخافوا مني باعتباري (جاسوسة وضنب انجليز). نحن أول من أصدر صحيفة مساء الخير الناطقه باسم الجبهة الديمقراطية والاخوان المسلمين قلدونا. بدأ التحضير لتكوين الاتحاد النسائي في الاعوام 1951 -1952 وعندما كنا نحاول الذهاب للاجتماعات كنا نستأذن ادارة المدرسة). هذه بعض من ذكريات كثيرة أوردتها الراحلة الشامخة الاستاذة سعاد ابراهيم أحمد. هذه النخله الشامخه والمناضله الجسورة والتي سجلت اسمها في سفر الخلود لم تتردد في يوم ما في الجهر برأيها قاومت وفقا لقناعتها كلما رأت أن فيه ظلم أو غمط لحقوق الاخرين . تحدثت وبشيء من الشجاعة والتفصيل عن والدتها المدافعة عن حقوق النساء والبارة بصديقاتها وأهلها . وعن لماذا اختارت الدراسة في كلية الاداب وعن أول علاقات عاطفيه ولماذا كانت تخاف من الزواج وكيف التقت بزوجها الراحل حامد الانصاري وماذا قال لها الشهيد عبدالخالق عنه وأكد لها أنه شيوعي. وكيف فكر الراحل حامد الانصاري في تطوير مالية الحزب الشيوعي بدلا عن جمع (أب عشرة). وعن 19 يوليو وأين أخفت الشهيد عبدالخالق محجوب ولماذا رفضت الافصاح عن مكان اخفائه عندما جاءها الشهيد هاشم العطا للسؤال عنه. وماهو رأيها في التجديد داخل الحزب الشيوعي. ولماذا لم يتم تبليغ النساء اللائي تم اختيارهن كعضوات في اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي السوداني للاجتماعات لمدة طويله وكيف جاء تبرير الشهيد الشفيع أحمد الشيخ لذلك وماذا قال لها عبدالخالق محجوب. وعن هيمنة العقليه الذكورية داخل الحزب الشيوعي؟ وعن أنها تساند ترشيح امرأة لقيادة الحزب الشيوعي؟. ولماذا وقفت الى جانب الراحل الخاتم ودعمته؟. اليوم29 ديسمبر2013 غابت (يو ساد أشا ) و(يو) في لغتنا هي أمي وهي مثقلة بهموم بائعات التسالي والكسرة والشاي وهي تقول أن وعيهن أعلى من الذين يجلسون في القصر ليذلوا الشعب. غابت (أنين بس ساد) والتي تعني خالتي سعاد وهي تنتظر فجر الخلاص. غابت ألاستاذة الدكتورة سعاد والخواء الذي ضرب الحقل الاكاديمي ومجالها شاغر لكن الطاغوت الذي حطم كل شيء حال بينها وقاعات الجامعات. عزائي الى كل من عرف سعاد الخيرة الفاضلة الشجاعة المقدامة الكريمة البسيطة جهيرة الصوت صلبة العود متقدة الفكرة معينة الضعفاء سليلة الخيرين وقد وصلتني قبل قليل هذه المرثية التي كتبها خالي الاستاذ محجوب عباس المقيم في الرياض مفجوعا بفقد الاستاذة سعاد
معزوفه لسعاد ابراهيم احمد النص الذى كتبه محجوب عباس
من الومض السابق للتكوين قبل الاصطفاف الاصلى قبل الكلام واشعال الحرائق فى اعشاب اللغة قبل قوس قزح جاءت ... سعاد نوبيه بلا ضفاف سابقت الشموس فى اشراقها ومختونه من جميع الجهات ... على راحتيها امارات الخلود طارت لحظه الفقس وعامت ساعه الميلاد وما طاب لها مقام الا على حافة الهاوية. عبدالوهاب همت بريطانيا
|
|
|
|
|
|