|
حول الزندقة والإلحاد في الاسلام (1-5)/محمد يوسف
|
فتك أبو جعفر المنصور بأبي مسلم الخرساني الذي كان له أعظم الفضل في أن كسب خرسان إلى جانب بني العباس ؛ فمنذ أن كان أبو جعفر المنصور ولياً للعهد في أيام أخيه أبي العباس السفاح ، كان بين أبي جعفر وأبي مسلم كراهية وازدراء. فقتله بعد أن اصبح خليفة بعد موت أخيه السفاح. ارتكزت الدولة العباسية على تأييد جبهة فارسية في خراسان يقودها أبو مسلم ولكن الحكم العباسي انقلب على مؤيده أبي مسلم فقتله ، مما نتج عنه صراع سياسي بعيدا عن العقلانية وقد أشار اليه د. زكى نجيب محمود في كتابه: المعقول والامعقول ـ في تراثنا الفكري باللامعقول. ردود الفعل من الفرس لقتل الخرساني كانت مقاومة ثقافية من باب المعارف العقلية العلمية وأخرى، الوجه اللامعقول وكانت تأليه أبي مسلم وان روحه صعدت إلى السماء ليعود مرة أخرى. ثم ظهر سنباد متمرداً مطالباً بدم الخرساني وتبعه كثيرون من المجوس. وهزم سنباد أمام جيش الخليفة. وثورة سنباد تلتها ثورة من أهل خراسان تعرف بإسم الراوندية يدعون إلى عقائدهم الأولى والردة إلى ديانات الفرس فيما قبل الإسلام. وكان الساسة من المسلمين قضت حكمتهم أن يعاملوا أتباع المجوسية أو الزرادشتية في بلاد الفرس مثل اهل الكتاب وإن كثيرون من الفرس آثروا اعتناق الإسلام ولكن ظاهراً وأحيوا عقائدهم الأولى باطناً. عندما دخل الإسلام بلاد فارس كان هناك إلى جانب الديانة الزرادشتية ديانتان هما المانوية والمزدكية. وأما المانوية كما جاء فى كتاب الحيوان تأليف أبى عثمان عمرو بن بحر الجاحِظ:" المانِيةُ : أتباع مانى ( ولد 216 ميلادية ومات 276) ، متنبئ زعم أنه الفارقليط الذى بشر به عيسى عليه السلام واستخرج مذهبه من المجوسية والنصرانية ، وكان يقول: إن مبدأ العالم من كونين أحدهما نور والآخر ظلمة، وأنهما فى صراع مستمر لا ينتهى إلا بانتهاء الدنيا. وفرض على أتباعه صلوات معينة وصوما رسمه لهم. وقتل مانى في مملكة بهرام بن سابور ، واتباعه يزعمون أنه ارتفع إلى جنان النور. وكان ملوك الفرس يطاردون أتباعه، فلما انتثر أمر الفرس وقوى أمر العرب، وجدوا لديهم سعة صدر، فنزحوا إليهم فى أيام بنى أمية، فإن خالد بن عبد الله القسرى كان يعنى بهم، وكان يرمى بالزندقة. حتى كانت أيام المقتدر فانهم جلوا إلى خرسان." واضاف " أن المنانيَّةَ تزعَمُ أنَّ العالَمَ بما فيه، من عشرةِ أجناس: خمسة منها خيرٌ ونورٌ، وخمسةٌ منها شرٌ وظلمَة . وكلُّها حاسَّةٌ وَحارَّة. وأنَّ الإنسانَ مركَّبٌ مِنْ جميعِها على قدْر ما يكونُ في كلِّ إنسان من رُجْحانِ أجناس الخَيرِ على أجْنَاس الشَّر ، ورُجْحان أجْنَاس الشَّرِّ على أجناسِ الخير. وأنَّ الإنسانَ وإن كان ذا حَواسَّ خمسةٍ ، فإنَّ في كلِّ حاسّة متوناً من ضدِّه من الأجْناس ألخمسة. فمتى نَظَرَ الإنسانُ نظْرَةَ رحمة فتلك النَّظْرَة من النَّور ، ومن الخير. ومتى نَظر نظْرَةَ وعيدٍ ، فتلك النَّظْرَةُ من الظلمة. وكذلك جميع الحواسِّ. وأنَّ حاسَّة السَّمعِ جنسٌ على حِدَةٍ ، وأن الذى فى حاسَّة البصر من الخير والنَّور ، لا يعين الذى فى حاسَّة السَّمع من الخيرِ ولكنه لا يضادُّهُ ولا يُفاسدهُ ، ولا يمنعه. فهو لا يعينه لكان الخِلاف والجِنس ، ولا يعين عليه ، لأنَّهُ ليس ضِدًّا. وأنَّ أجناس الشَّرِّ خلافٌ لأجناس الشَّرِّ ، ضِدٌّ لأجناس الخير. وأجناسَ الخيرِ يخالفُ بعضها بَعْضاً ولا يضادُّ. وأن التَّعاون والتآدى لا يقعُ بين مختلِفِها ، ولا بين متضادِّها ، وإنما يَقعُ بين متفقها." وأما المزدكية فتنسب إلى مزدك وهي ذات شقين ، شق ديني يكمل ما قال بهم اني من تنافس بين النور والظلمة ويجعل النصر للنور ، والشق الثانى يبيح شيوعية النساء والمال. يعتقد البعض أن أصل كلمة زنديق هي الكلمة الفارسية زنده کَرْد التي تعني إبطان الكفر والإلحاد وعليه فإن البعض يعرف الزندقة بالشخص الذي يعتقد الكفر ويُظهره كلما سنحت له الفرصة ولكن إذا اكتشف أمره فانه لا يمانع أن ينكر إلحاده وهو بهذا يختلف عن المنافق الذي وحسب تعريف المسلمين هو شخص يستتر بكفره في باطنه بينه وبين نفسه. وهناك عند البعض تقارب بين الزنديق والمنافق فيعرف البعض الزنديق تعريفاً مشابهاً للمنافق ومنهم ابن تيمية الذي قام بتعريف الزنديق بأنه ألمنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر" ويعرف البعض الآخر الزندقة كصفة فارسية معناها متتبع الزند أي الشروح القديمة للأفستا وهو كتاب زرادشت مؤسس الديانة الزرادشتية. يتبع . محمد يوسف mailto:[email protected]@yahoo.com
|
|
|
|
|
|