|
حوار هاديء ومفتوح مع قيادات المؤتمر الوطني ( 4 ) بقلم صلاح الباشا
|
· لم يكن من السهل أن يجد حديثنا حول حوارنا المفتوح مع حزب المؤتمر الوطني والاحزاب الاخري قبولا من العديد من القيادات والكوادر الناشطة في الحكم والمعارضة معاً منذ الحلقة الأولي ، وذلك بسبب ان الطرح يأتي من كاتب صحفي وهو( شخصي الضعيف ) ككادر حزبي معروف للكافة وله اسهامه ونشاطه المكثف داخل حزبه العريق ولسنوات طويلة ماضية في عمر التجربة السياسية السودانية . ولكن وبتواصل الحلقات ، بدأ الاصدقاء والمعارف ومجمل القراء المتابعين لما نكتب يتفهمون اسباب تركنا للرداء الحزبي ولو مؤقتاً ، من خلال مفاصل هذه المقالات ، والتي نختتمها بهذه الحلقة الرابعة حول حوارنا مع المؤتمر الوطني ولنا فيه اصدقاء فاعلين كثر ، لم تفرق بيننا دهاليز السياسة ( العرجاء ) برغم مطباتها وتعقيداتها العديدة . · وحديثنا الذي نحاور فيه قيادات المؤتمر الوطني الفاعلين من هم في موضع إتخاذ القرار ، هو أننا حتي اللحظة لم نجد احدهم يجهد نفسه لإقناع الآخرين بتجنب القرارات الخاطئة ، خاصة المصيرية منها والتي تؤثر علي حياة الناس ومشروعاتهم التنموية والمعيشية ، ذلك ان المكاسب الشخصية التي رافقت أداء اللاهثين بشراهة مدهشة والتي لم يتعودها أهل السودان من قبل تجاه نعيم السلطة وبلا خجل أو وازع من ضمير ، مهما كان حجم المنصب التنفيذي ، سواء ان كان وزيرا او واليا او نائبا برلمانيا او معتمدا ، ظل السعي نحو المكاسب الخاصة يطغي علي تفكيره العقلاني ويقتل فيه الحس الوطني ، فيقود الاقتصاد والبلاد والعباد أيضا الي نفق مظلم بسبب التدهور في حياة المواطن والذي نعشيه الآن في كل شيء . · وكمثال علي اللامبالاة التي أتت من هؤلاء القوم الذين اضروا بالسلطة كثيرا وبسمعة التنظيم الحاكم أكثر ، نجد أنه وحتي اللحظة لم تعقد اي امانة من أمانات المؤتمر الوطني ورشة عمل لمنافشة البدائل التي تعمل علي تطوير مشروعات ومؤسسات القطاع العام التي تم ضربها في مقتل وبدم بارد وبلا مساءلة حزبية ، دعك عن المساءلة القانونية ، فالمساءلة القانونية قد اصبحت من عالم الأحلام ، وكمثال علي ذلك قانون مشروع الجزيرة للعام 2005م والذي اقنعوا القيادة به بأن المشروع ظل عالة علي الخزانة العامة منذ العام 1970م حين لجأوا الي اضابير وزارة المالية لإستخراج تكلفة ومصروفات تشغيل الجزيرة ، ولكنهم لم يجهدوا أنفسهم لإستخراج إيرادات مبيعات قطن الجزيرة منذ تلك السنوات وما أدخله المشروع من عملات اجنبية كان يتم توجيهها في مشروعات التنمية وفي حركة البناء والتطوير وفي بناء المرافق التعليمية والصحية والطرق والجسور وتسليح الجيش ومصروفات القطاع العام في كل مراحل الدولة السودانية الحديثة علي مدي ثمانين عاما خلت ... ما أدي الي تضليل واضح لمؤسسة الرئاسة تضليلا بائناً لاتخطئه العين . ظانين ان هناك دول كبري عديدة ستاتي سعيا للاستثمار في اراضي مشروع الجزيرة وإمتداد المناقل ، متناسين ان هناك حصارا مبرمجا علي السودان منذ تداعيات احتلال العراق للكويت يمنع الدول ذات التقنية العالية من ارتياد بلادنا في مجال الإستثمار . · وحين هطول الرزق الوفير من الثروة النفطية ، كان من المتوقع تطوير وتحديث الجزيرة من عائدات النفط عن طريق الميكنة الزراعية واحلال محالج أكثر تطورا لحلج القطن مع تطوير شبكة الري الانسيابي وايضا تطوير المشاريع الاخري كالرهد والسوكي وحلفا الجديدة ( وكلها قطاع عام ) ، غير اننا لم نجد عقولا وطنية من بين صفوف الحزب الحاكم تتصدي لهذا التخريب والذي بالتأكيد قد أحرج مؤسسة الرئاسة لاحقا ، فلم تدعو امانات الحزب مكتبه القيادي لوضع الخطط المناسبة للإستخدام الأمثل وبصرامة شديدة لهذه النعمة البترولية التي كانت ستغير حال المواطن الذي صبر علي سنوات القحط وتداعيات الحرب الاهلية كثيراً ، فتبخرت أموال النفط وقبض شعبنا الريح . · إنشغلت القيادات بالحزب الحاكم من حيث تدري اولا تدري في ( الفارغة ) تماماً وليس في ( المليانة ) ، فاصبح الكل منهمكا لتحقيق اكبر قدر من المكاسب الشخصية بدءاً من الوزير وحتي القيادي العادي بالمؤتمر الوطني بالمركز والولايات ، فظواهر الاشياء ايضا بائنة للكل ، متناسين او متحديين ان الجماهير تراقب بحسها العالي تغير احوال أولئك القوم من ظروفهم التي كانت متواضعة ، الي ما نراه الآن من افراط في الثراء لدرجة مزعجة ، وقد ظل احتماء الثراء بالاجهزة النافذة وشخوصها يضرب في مصداقية النظام الحاكم وشفافيته ولا ندري هل قيادات الوطني تستمع بأذن مرهفة لاحاديث المجتمعات التي قطعا لا تأتي من فرغ أم أنها تسمع لكنها تتبع تطبيق المثل الشعبي ( أذان الحامل طرشاء ) . فلماذا يمتنع العديد من الشرفاء داخل الحركة الاسلامية والحزب الحاكم وهم كثر ايضا ، من ان يحاولوا مجرد محاولة لأيقاف مثل تلك التصرفات ؟؟ · وينطبق الحال علي بقية المؤسسات العامة التي تتبع للدولة والتي اتخذت في شأنها قرارات عشوائية سواء كانت بواسطة فرد أو افراد في قيادات المؤتمر الوطني دون ان ( يفرملهم ) أحد ، فلكل منهم من يحميه ( يا سبحان الله ) ، وكمثال علي ذلك ما اثارته ضجة ملابسات الناقل الجوي ( سودانير) والبحرية وفوضي اعمال البنوك التي بدلا من تمويلها للتنمية وللمشروعات والصناعة او الزراعة والانتاج الحيواني الخاص ، فإنها قد اضاعت ثروات عملائها المودعين ، في تمويل شراء العقارات وانشاء المباني الشاهقة واستيراد اساطيل السيارات التي ضاقت بها شوارع العاصمة بما رحبت حتي عجز المواطن ذو الدخل العادي من شراء ارض أو بناء مسكن لأسرته مثلما كان جاريا في بلادنا علي امتداد قرن من الزمان . · لكل ذلك فإن باب الهجرة قد تمدد علي مصراعيه ليفقد الوطن عدد الفين استاذ جامعي سنويا وقدرها من الاطباء واضعافها من المهن الاخري ، خاصة وان شعبنا قد دفع الكثير في سبيل إنشاء الجامعات والمدارس التي تخرج الشباب ولكنها تصدرهم الي دول النفط دون أن تخسر فيهم دول النفط شيئا سواء في تعليمهم أوتدريبهم . · يقول لنا البعض ، لماذا تنسي الاحزاب الأخري من توجيه النقد الهاديء لها مثلما فعلنا مع الوطني . فأقول سواء رضينا او ابينا ، فإننا نجد أن العديد من القيادات الحزبية قد اصبحت رهينة لبعض اطراف السلطة التي ظلت تفيد وتستفيد منها فهرمت الاحزاب بعد ان تفتت ، وفقدت خاصية البناء الداخلي فيها وتوارث الاجيال في العمل الوطني من خلالها . وهنا نرمي اللوم ايضا علي بعض قيادات الوطني التي ظلت تقنع القيادة العليا بأن الاحزاب تساند السلطة من خلال الشراكة المحدودة في الحكم معها ، ولكنها ، اي تلك القيادات التي ظلت تقنع قيادات الاحزاب ، لم ترفع للسلطة العليا بالحزب الحاكم اي مؤشرات او ( داتا ) ميدانية لمدي قبول جماهير تلك الاحزاب للمشاركة ولدعمها للعديد من القرارات . فضلا علي ان قيادات الاحزاب المشاركة باتت يائسة و زاهدة في مشورة المؤتمر الوطني والسلطة الحاكمة لها في الامور الاستراتيجية والإقتصادية وحتي مسائل الامن القومي ، وفي وضع البدائل التي تساعد في عدم المساس بالمشروعات العظمي كالجزيرة والطيران والسكة الحديد وحتي في فوضي توزيع الاراضي التي اثارتها كل الميديا السودانية علي اطلاقها . · لقد اكتفت احزاب الشراكة بالشراكة التنفيذية فقط وبالفرجة علي ما يجري بكل حسن النية ، دون ان تضغط ضغطا وطنيا هادئاً ومتجرداً وفاعلاً للتنسيق مع المؤتمر الوطني والاصرار لتحقيق مستحقات الشراكة في مناقشة الامور الاستراتيجية كتعديلات الدستور وحتي في اجراء الانتخابات البرلمانية التي لا بالطبع لا تحدث اي رفاهية او تطور تنموي أو حتي المساعدة في وضع حلول لمسألة الحرب والسلام ، دعك عن عدم تمثيلها للناس وهم زاهدون عن هذا التمثيل ( الإجرائي ) ، حتي لاتستمر الشراكة في شكلها الديكوري هذا وتصبح مضحكة في نظر الشعب السوداني ( التفتيحة جدا ) ، كما أننا لم نعد نفهم ما جدوي اصرار المؤتمر الوطني علي شراكة لا تضيف له شيئا بعد أن ظل يحتكر القرار في كل صغيرة وكبيرة . · لذلك نتمني من الشرفاء ... ونكرر ، من الشرفاء داخل الحزب الحاكم ، وهم كثر ، الا يصيبهم اليأس من اقناع زملائهم المخطئين والمغمضي الاعين سهواً أو عمداً بضرورة فتح كل الملفات الخاطئة دون وجل ، بغرض الاصلاح وليس الانتقام ، وفأصلاح الاقتصادي والسياسي سهل المنال ، وعليهم أن يعملوا بلا تكوين مراكز ضغط داخل الوطني وبلا حركة إنشقاقات أخري طالما ظلت مصائر الناس ومستقبلهم بين أياديهم ، بل عليهم بالعمل الدؤوب واليومي والصبور علي اقناع اولئك القوم المستهترين بأهمية احترامهم وتقديسهم للامانة التي عرضها الله تعالي جلت قدرته علي السموات والارض والجبال فأبين أن يحملها وأشفقن منها (فحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ) . حتي يمكن إعادة تلك القيادات الفوضوية الي جادة الطريق أو إعفائها من سدة القيادة السايسية او التنفيذية . · وعلي الجميع ان يعلموا علي ترتيب البيت السوداني من جديد ، وهو امر سهل التحقق ، وإلا فإن الخطر القادم لا يفرق بين الناس .. خاصة وأن ممارسة السياسة ليست نزهة ، فلها متطلباتها ، فهي ليست مكملة للزينة والوجاهة الاجتماعية . · ونواصل قريبا حوارنا الهاديء والمفتوح مع احزابنا الاخري .... فهل ياتري سييقبلونها مثلما قبلها الحزب الحاكم !!!!
مكتبة صلاح الباشا(Abulbasha)
|
|
|
|
|
|