كنت أظن أن فقه التمكين السياسي يعاني منه البسطاء من أبناء هذا البلد من الذين لا حول لهم ولاقوة ولا واسطة ، وذلك بعد أن أصبحت منظومة المناصب الدستورية والإدارية العليا في كافة المؤسسات لا يمكن بأيي حال أن يصلها أحد لمجرد الخبرة والكفاءة والتخصص ما دام أنه لا ينتمي للمؤتمر الوطني أو له صلات وطيدة بنافذين تشفع له التواجد في مثل هذه المقامات ، وبهذ المنطق أصبح المثل السوداني الشهير (حواء والده) لا معنى له ولا علاقة له بما يجري في واقع حياتنا المعاشة ، فعلى ما يبدو أن حواءنا السودانية على الأقل في نظر من يملكون زمام السلطة والأمور لا يُحسب لها ولداً على المستوى الشرعي إلا إن إنخرط في الحزب أو على ألاقل في منظومة المد الإسلاموي ، هذا الذي أُفرغ من مضامينه الشرعية والأخلاقية والفكرية والسياسية بفضل التكالب الذي لا ينقطع حول المناصب والمصالح الشخصية والتنظيمية ، لكن ما أثار إنتباهي أن نظرية التمكين ونزع الفاعلية عن المثل العامي (حواء والده) تسري وبشدة داخل أروقة الحزب الحاكم وذلك عبر الأخبار المؤكدة التي تداولتها الصحف في الأيام الفائته والمتعلقة بترشيح محمد حاتم سليمان لمنصب نائب الوالي رغم علم القيادة المسئولة عن الترشيح أن الرجل تشوب سيرته الإدارية والمهنية الكثير من وجهات النظر السالبة على المستويين العام والتنظيمي ، لماذا تصر القيادات المُكلَّفة بالتعيين والترشيح للمناصب الدستورية الحساسة أن تُشير عبر إصرارها على تكرار تواجد أشخاص بعينهم ضمن منظومة المناصب الدستورية والإدارية العليا ، إلى أنها لا تعتد بتوجهات الرأي العام ولا بمستوى الـتأثير الإيجابي العام لأولئك المرشحين ، رغم علمها بأن أروقة المؤتمر الوطني تعُج بالكثير من المتحفزين والحالمين والطامعين في الصعود درجة أو درجتين في دولاب المناصب و(المنافع) المُقتسمة ، هذا طبعاً من باب أن المبدأ الذي لا يمكن التفريط فيه هو الوجوب الذي لا يقبل التنازل في كون كل منصب قيادي وإداري يجب أن يُعيَّن فيه كادراً من كوادر المؤتمر الوطني أو أحد أبواقه التي تنتفع بحركاته وسكناته في الحق والباطل ، محمد حاتم سليمان قامت محكمة جنائية بتبرئته من تُهم مُتعدِّدة تتعلَّق بالإعتداء على المال العام ، إلا أنه يظل رغم البراءة مُحاطاً بهالة ٍ تفيد بأنه قد ولج إلى عالم الإتهام والتشكيك في النزاهة ، والرجل أيضاً مُنتقد على كل المستويات سواء من داخل الحزب أو خارجه فيما يتعلَّق بإسلوبه الإداري ، والذي أودى بجهاز التلفزيون القومي إبان توليه إدارته إلى فتنةً كبرى كادت أن تودي به كمؤسسة ثم كادت أن تغلق أبواب الحياة في وجه كثيرين من الذين قامت على أكتافهم مؤسسة التلفزة السودانية ، وحسب وجهة نظري الشخصية فإن ما يعانيه تلفزيون السودان الآن وربما في المستقبل من تدهور إداري وفني ومالي كان أهم أسباب إستفحاله وإستشراء أضراره السياسات الإداراية والفنية التي إتخذها وأصرعليها محمد حاتم سليمان ، حسناً فعل المجلس التشريعي لولاية الخرطوم كونه قد رفض تمرير إجازة تعيينه نائباً لوالي الخرطوم ، ليس لشيء مُتعلِّق بشخصه بالرغم من الكثير الذي قيل فيه ، ولكن دعماً لفضيلةٍ العدالة التي أيَّدها المثل السوداني (حواء والدة) .. فليبحث أهل الحل والعقد عن نائب والي آخر من تلك الآلاف المؤلفة من المؤهلين والخالية صحفهم من الإتهامات والشكوك .. حتى ولو من حوش المؤتمر الوطني .. يعني بالدارجي الفصيح معقول يا ناس المؤتمر الوطني ما فضل عندكم كادر صحيفتو بيضا ونضيفة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة