|
حنتوب الجميلة 1949-1952 ملحق معلمي العربية والتربية الإسلامية الأستاذ الطيب علي السلاوي
|
يجد القاريء في المقال ملحقاً لكشاف معلمي اللغة العربية والتربية الإسلامية بمدرسة حنتوب الثانوية التي دخلتها عام 1949 وتخرجت منه في 1952.
أحمد أبوبكر إبراهيم
تعاقب على رئاسة شعبة اللغة العربيه خلال تلكم السنوات ألأربع ثلاثة من كبار المعلمين من ذوى العلم والمعرفه باللغة العربية وسبر لاغوارها. أولهم كان أحمد أبو بكر إبراهيم المصرى الجنسيه الذى جاء من موطنه فى مصر الى حنتوب فى انتداب للعمل بوزارة المعارف السودانيه عام 1948 خلفا للشيخ الجليل العالم الفذ والشاعر الكبير عبدالله عبد الرحمن ألأمين الضرير عند تقاعده بالمعاش. الأستاذ احمد ابوبكر الى قصر القامة كان أميل فى ترابط جسمانى وخطى قوية. يرتدى الزى ألأفرنجى الكامل صيفا وشتاء صبحا ومساءا. وعلى رأسه الطربوش "الفاروقى" ألأحمر حتى وان كان بين ميادين الرياضه متفقدا أداء طلاب داخلية أبى لكيلك "الجديده" التى كان قد تم تكليفه ب"تيوتريتها"( الإشراف عليها) اعتبارا من شهر يناير 1949. كانت لفافات التبغ لا تفارق يديه وشفتيه إلا عندما يهم بدخول حجرات الدراسه مع أول رنة من جرس حنتوب الداوى. لم تسعد مجموعتنا بتدريسه إلا لفصل دراسى واحد "مادة التربية ألأسلاميه حصتين لأسبوعيا" من يناير الى أواخر مايو عام فى عامنا قبل ألأخير فى1951 ..
الأستاذ أحمد ابوبكر رجل خلوق وعلى وجهه ابتسامة خفيفة عند لقائه برفاقه من المعلمين، وعند دخوله حجرات الدراسة، وسرعان ما يبدأ محاضرا الجالسين أمامه، لا يسأل عمن تغيب أو حضر. بدا لنا أنه كان يأمل ويرجو ان تنتهى فترة انتدابه للعمل فى السودان على خير الوجوه دون أن يغضب أحدا أو يجرح مشاعر فرد. جاءه أحد الطلاب ممن يظنون أنهم يحسنون نظم القريض ويعتقدون أنهم من شعراء حنتوب الفحول. ولكن زملاءه كانوا على قناعة تامه أنه لا يمت الى الشعر او الشعراء بأدنى صلة.جاء الطالب المتشاعر ان صح التعبير الى الأستاذ أحمد ابو بكر يحمل قصيدة فى رثاء الأستاذ على الجارم. وحالما بدأ الاستاذ قراءتها أحس أن بينها وبين الشعر فراسخ وأميال. وعندما عاد الشاعر لمعرفة رأى استاذه لم يشأ الأستاذ أن يواجهه بالحقيقة المره فقال له" يبدو يا أبنى أنك من أهل النبوه". فطار الشاعر فرحا بما ظنه تقريظا له من الأستاذ. وخرج إلى أصدقائه يزف اليهم النبأ العظيم. فانفجر ألأصدقاء ساخرين ضاحكين على جهله المطبق بما عناه ألأستاذ. وعبثا حاول الأصدقاء تفسير قول الأستاذ. وبعد لأى وجهد تمكنوا مستعينين بالأستاذ ابن عمر من اقناع زميلهم ان الأستاذ أحمد ابوبكر رمى بطرف خفى مشيراً الى قوله تعالى" وما علمناه الشعر وما ينبغى له ". رحم الله أحمد ابوبكر فقد جاء فى الخبر أنه انتقل الى رحاب ربه بعد سنوات قلائل بعد انتهاء فترة عمله بالسودان.
عوض أفندي مصطفى عقارب سعدنا كثيرا بتدريس الأستاذ الجليل عوض افندى مصطفى عقارب مادة التربية الأسلاميه فى سنة أولى كولمبس عام 1949. فهو وإن كان من خريجى معهد أدرمان العلمى إلا انه كان الى الأفندية أقرب. طوال فترة عمله فى ميدان التعليم فى حنتوب أو فى خورطقت، التى انتقل اليها فى يناير 1950وبقى فيها سنين عددا، الى ان ترقى لمنصب نائب الناظر، وبلغ السن القانونية للتقاعد، كان خير معين لمن توالوا على نظارة خورطقت على تباين خلفياتهم الثقافية والتعليمية. إذ كان يعتبر ذاكرة المدرسه. لم يشاهد فى زى المشائخ. كان يشاهد صيفا او شتاء يرتدى الرداء القصير والقميص الأفرنجى وينتعل من الصنادل اقلها تكلفة. أفاض فى الحديث عنه تلميذه الدكتور موسى عبدالله حامد فى تلاثيته الشهيره عن مدرسة خورطقت إذ يقول عنه:" فى روحه خفة ومرح وظرف وفى تعامله مع الطلاب بساطة وسهولة ويسر، ذكى لماح الدعابة، عميق المعرفة بفنونها، يستخدم التوريه والكنايه فى أحاديثه خلال العامين اللذين قضاهما فى حنتوب. قبل انتقاله الى الخور الخصيب كان يعتبر من معلمى اللغة العربيه اكثر مما هو معلم "دين" حسبما جاء فى افادة الدكتور موسى عنه. فقد توقف عن تدريس التربية الأسلاميه حالما تولى رئاسة شعبة اللغة العربيه خلفا للأستاذ الطيب شبيكه. عوض أفندى عقارب كان من دهاقنة حزب الأشقاء ولكن فى تحفظ وتكتم شديدين إلا أنه كان يجد متعة لا تدنيها متعة فى أحاديث الطلاب عندما يمنحهم الحريه للفضفضة عن مكنونات أنفسهم سياسية أو اجتماعية. فى الغالب يكون هو المبادر بفتح أبواب الأحاديث فى السياسه حينما برمى بخبر أو بتعليق عما يجرى فى البلاد من أحداث. ويظل ممسكاً بأطراف تعليقات الطلاب وما يطرحونه من آراء ولكنه حالما يرى أنه لابد من التوقف، إذا ما أحس أى بوادر لتشعب الأراء واحتدام النقاش مما قد يؤدى الى انفلات فى النظام أو خروج الأمور عن سيطرته، نراه فى التو والحين وقد ظهرت على وجهه "تعبيسة" ربما كانت مصطنعة، و"زمّ الوجه الباسم الطيب"، وضرب على أقرب الأدراج اليه بضربات خفاف بأطراف أصابعه وهو يردد:" خلاص... بلاش.. ماتكلّموش فى السياسه". ويعود الى كتاب "العزيه" حيثما اتفق ويبدأ الحديث عما يلقاه فى أى من الصفحات التى تنفتح أمامه. كنا نراه والسعادة تغمر جوانحه عند اندلاع اى تظاهرة طلابيه ذات صلة بالأحداث السياسيه ضد الإتجليز. كان يشارك الشيخ الخاتم عدم الرضا عندما تكون تلك المظاهرات او الإضرابات عن الدراسه بسبب الطعام. عوض أفندى عقارب كان يسر ويبتهج عندما تتعطل الدراسه فيرحل سريعاً الى امدرمان ليلقى العديدين من أصدقائه من قدامى خريجى المعهد العلمى ممن كانوا يوصفون بالمتمردين على الحياة والدراسة المعهديه التى لم تكن تتيح لشباب المعهديين الإنطلاق فى آفاق الحياة المدنية العصرية. عقارب افندى كما كان يسميه زميل سكناه "هرى" كان من العاشقين لأم الدنيا: مصر. كان دائم الحديث عنها وعن أيامه فيها. فقد عاش فيها زمانا ظلت نفسه متعلقة بها شأنه شأن كل معلمى اللغة العربيه والتربية الأسلاميه من الدراعمة (خريجي دار العلوم) والأزهريين الذين نهلوا من علوم معاهدها ومن تجارب أهلها ومجتمعاتها السياسية. والحديث عن أستاذنا عقارب لا ينتهى رغم قصر المده التى عايشناه خلالها فى حنتوب إلا أن لقاءاتنا به طالت وتمددت بعد التحاقى بالعمل فى ميدان التعليم. كنا نلقاه كل عام أثناء فترات تصحيح أوراق إجابات الطلاب الجالسين لامتحانات الدخول للمدارس الثانويه التى كانت تتم فى واحدة من المدارس الكبرى الثلاث. فيتحلّق حوله وحول نفر كريم من رفاق دربه وزملاء دراسته وهم يجترون الوفيرمن ذكريات ماضى أيام دراستهم فى المعهد العلمى. عوض افندى عقارب كما وصفه تلميذه دكتور موسى عبدالله حامد "كان على سرج سابح من القدرات البيانيه العظيمه، جوّاب أرض بين فصول المدرسه، وكتاباً متحركاً يفيض بالنفائس ينشرها على طلابه .كان - على عظم ما يحمل فى ذهنه وصدره من كنوز المعارف والعلوم - رجلاً متواضعا هادئا لا يثور ولا ينفعل " كان أقصى ما يفعله عندما لا يعجبه قول أو فعل أن تختفى الابتسامة من وجهه وتظل عيناه تتبادلان أسوديهما وأبيضيهما ويغادر المكان فى صمت لا ينبس ببنت شفة. ولكنه سرعان ما يعود اليه صفاء مزاجه لا يأسى على مافات، ولاتبقى "حفيظة فى نفسه على أحد". رحمة الله عليه فى الفردوس ألأعلى.
الهادي أحمد يوسف
وفي ثالثة ماجلان كان لنا لقاء لم يدم طويلا بالهادي أفندي أحمد يوسف الشاعر المطبوع والمتحدث المفوّه.كان من أوائل خريجي قسم اللغات بالمدارس العليا في بدايات أربعينات القرن العشرين مزاملاً نفراً من معلمينا الأبرار: أحمد النمر، أحمد عبدالله سامي، الأمين سنهوري، إبراهيم مصطفي ورفاقهم. عمل لفترة قصيرة في مدرسة ودمدني الأهلية الوسطى قبل التحاقه بمصلحة المعارف معلماً بمدرسة ودمدني الأميرية. وكان يعلّم طلابها اللغتين الإنجليزية والعربية والتاريخ إلى أن انتقل إلى حنتوب عام 1950 معلماً للغة العربية دون سواها وأستاذاً مقيماً في داخلية أبى لكيلك. وقد خلف عليها الأستاذ عوض الكريم سنادة الذى كان قد غادر مجال التعليم إلى مشروع الجزيرة. يُعد الهادي من أميز من أكسب طلابه مهارات اللغة العربية. كانت حروف اللغة العربية وتراكيبها تنساب من لسانه في طلاقة وحلاوة يسعد بها سامعوه. سعدنا بتدريسه فصلنا "تالته ماجلان" شيئاً من منهاج اللغة العربية عام 1951 الذى كان يحتوي على أشعار ومنثورات العصر العباسي. فكانت أشعار بشار بن برد والنواسي وأبى تمام تحتل حيزاً كبيراً من المادة جنباً إلى جنب مع خطب الخلفاء ورسائلهم إلى الولاة. فضلاً عما ظهر من معارف وعلوم كالمنطق والكلام والتوقيعات، إلى جانب ما تمت ترجمته من أقوال وأعمال الفلاسفة اليونانيين، وما برز إلى السطح من آراء الفرق الإسلامية كالمعتزلة عن خَلق القرآن، إلى جانب البلاغة الواضحة بما احتوته من معانٍ وبيان وبديع. لن ننسَ"اضرب الخبر" ابتدائياً كان لا يحتاج إلى تأكيد، أو إنكاريا لا يوثق به ويحتاج إلى مؤكد، أو مؤكدين يسبقانه، إلى غير ذلك من أنواع التشبيه تمثيلياً أو مقلوباً. فضلا عن أنواع الاستعارات المتعددة؛ مكنية، مرشحة ، أو مجرّدة، إلى جانب المحسنات البديعية. لم يبق الهادى أفندى في حنتوب إذ غادرها في شهر سبتمبر1951 في بعثة دراسية إلى بريطانيا العظمى. ولم يبق فيها أكثر من أسبوعين بحجة جاء فيها أنه لن يرضَ لنفسه أن يدرس اللغة العربية في بلاد لا يتحدث أهلها اللغة العربية. ولكن رشح من بعض أصدقائه عنه أنه قال لم يطق البعاد عن ودمدني اكثر من ذينك الأسبوعين. ولما كانت شعبة اللغة العربية قد استكفت من معلمي اللغة العربية بمن انضموا إليها من أساتذة كرام يطلق عليهم لقب "الدراعمة" لتخرجهم في دار العلوم بمصر، عاد الهادي أفندى أدراجه إلى مدرسة ودمدني الأميرية الوسطى إلى أن هجر ميدان التعليم إلى غير رجعة منتقلا إلى إدارة مشروع الجزيرة. ولكنه ظل كغيره من المعلمين الذين هجروا التعليم إلى مجالات أخرى يحنّون إلى حجرات الدراسة وإلى غبار الطباشير . ظل هو كذلك يذكر أيامه بين الطلاب ورفاق دربه ويمنى نفسه بالعودة .ولكن هيهات. الأستاذ الكبير والمربي الفاضل ورفيق الدرب صديق محمد الحاج لما ولي نظارة مدرسة ودمدني الثانوية للبنين أتاح لأستاذه الهادى فرصة العودة إلى منصات الفصول لإلقاء بعض دروس اللغة العربية مما كان يسعد بتدريسه في سوابق أزمانه على طلاب مدرسة ودمدني الثانوية. فتقبل الدعوة شاكراً ومقدراً وابتهج بها كثيرا وأثرى خبرات الطلاب. رحم الله الهادي أحمد يوسف وأمدّ في أعمار إبنائه وبناته وأسباطه.
محمد البكري أبو حراز
لم يكن لمجموعتنا نصيب في الجلوس إلى حلقات درس مولانا الشيخ محمد البكري أبوحرازأحد شيوخ اللغة العربية الذين سبروا أغوارها مع علوم الشريعة الإسلامية في معهد أم درمان العلمي الذي حصل فيه على الشهادة العالمية. الشيخ الجليل سليل أسرة عريقة أصيلة المنبت عُرف الكثيرون من أفرادها بالورع والتقوى وحسن السيرة . تميز الشيخ أبوحراز بقدر وفير من نقاء الصدر، وبابتسامته الوضاءة على وجهه الصبوح فضلا عن حلاوة حديثه وبشاشته عند دخوله حجرات الدراسة. سعدت بمعرفته عن كثب عندما زاملته عام 1960 في مدرسة عطبرة الثانوية. كان مثالاً للأبوة لطلابه والأخوة لزملائه المعلمين. كان كثير الحنين إلى أيام عمله في حنتوب وكان يغتبط كثيراً عندما اجتر معه ذكريات تلك السنين . رحم الله الشيخ أبوحراز في أعلى عليين وجعل الفردوس الأعلى مقراً ومقاماً له مع رفاق مهنته من كرام المعلمين.
عبدالرحيم ألأمين .. المعلّم سعدت حنتوب معلمين وطلابا بمقدم ألأستاذ عبد الرحيم ألأمين المعروف باسم "المعلّم"رئيسا لشعبة اللغة العربيه خلفا للأستاذ أحمد أبو بكر ابراهيم. إلا أن الفرحة لم تدم طويلا. فقد غادرنا الرجل عند نهاية الفترة الاولى بنهاية شهر مايو من نفس العام الى بخت الرضا. كان"المعلّم" فارع الطول بشكل ملحوظ لعله كان أطول من عمل فى حنتوب من المعلمين ما عدا المستر بروكس. ومثلما كان مرتفع القامه فقد كان "سامى قدرو جليل" بين رفاق دربه من المعلمين الذين كان منهم نفر من طلابه. الجد والحزم يعلوان وجهه فى غير تجهم أو تعالى. فقد اختار دنيا التواضع طوعاً ومشى واثق النفس سريع الخطا مع انحناءة رأس على كتفه الأيسر. سعدنا بتدربسه حصة واحدة فى الأسبوع وهو ينتقد ويستخف بالكثير مما جاء فى كتاب "من حديث الشعر والنثر" من آراء للدكتور طه حسين الذى كان الأستاذ لا يكن له قدراً كبيراً من الأعتراف بأدبه وبأسلوبه فى الكتابه. اذ يعتبره تطويلاً مملاً و"حشو" لا طائل تحته ولا يزيد من الفكرة المطروحة كثيراً. وعندما ياتى ذكر اسم عميد ألأدب العربى يذكره مجرد اًمن أى لقب او كنيه. ويذكره باسمه الأول وكثير ما كنا نسمعه يقول: "وانى لأعجب من قول طه الذى كان يمكنه أن يصوغ هذا المعنى بكذا ( أقل استطرادا) ولكنه كما تعلمون فانه معذور لأنه يتلمس طريقه ببطء " واللبيب بالاشارة يفهم ". ألاستاذ "المعلم " كان يتحدث العربية الفصحى داخل الفصول. ويثرى ساحات النقاش بالحجج الدامغه والمنطق السليم. لعله وجد ان العمل فى حنتوب يفرض عليه بعض الحدود الأكاديميه فى نطاق المقرر الدراسى، وبعض القيود والاعمال الاداريه التى لم ترق مزاجه أو طبيعته، فآثر الرحيل الى بخت الرضا حيث بمكنه ألانطلاق فى آفاق المعرفه بصورة أوسع من العمل فى المدارس. فغادر حنتوب تاركاً وراءه سيرة عطره وبصمات باقيات. كان من المؤمنين باهمية القراءة والاطلاع المستدام للاحتكاك بالأساليب واكتساب المزيد من مهارات اللغة العربيه. وهي مما يقع بالمشاركه فى الحوارات وحلقات النقاش واستدامة التحدث باللغة العربيه ما امكن ذلك. لم يكن يميل الى تدريس النحو والبلاغه اللتين كان يقول إنه يمكن إجادة المعرفة بهما بالاطلاع والقراءه . الاستاذ المعلم كان من خريجى فسم المعلمين فى كلية غردون فى النصف الأول من ثلاثينات القرن العشرين. ورغم انه خاض غمار العمل السياسى بكل أحاسيسه ومشاعره إلا ان اتجاهاته السياسيه لم تكن ظاهرة للعيان ربما لقصر فترة بقائه فى حنتوب. وتبين لاحقا من كتاباته فى الصحف أنه كان من غلاة الداعين الى الأستقلال ومن المؤسسين ألأوائل للجبهة الاستقلالية، ومن المحبين والمقربين للأمام السيد عبد الرحمن المهدى الذى كان يكن له الوفير من المحبة وألأحترام ويعتبره فى مصاف أبنائه. فى لاحق من الزمان كان قاب قوسين أو أدنى من تولى منصب وزير المعارف ولكنه "خلى سبل الطامعين ودروبهم" مؤثراً العمل فى صمت بعيداً عن ألأضواء. حصل عل ثقة الناخبين فى احدى دوائر حزب ألامه فى انتخابات عام 1968 بعد أن عمل أمينا عاما لمجلس الوزراء أبان فترة رئاسة المحجوب للوزاره فأبلى خير البلاء فى كل موقع تولى القياده فيه .
أحمد حامد الفكي فى شهر اغسطس من عام 1952 ومع بداية الفترة الثانيه من ذلك العام الدراسى جاء الأستاذ احمد حامد الفكى رئيسا لشعبة اللغة العربية خلفا للأستاذ "المعلم" . الأستاذ احمد من رجال مدينة العيلفون الغر الميامين. أكمل تعليمه فى كلية غردون فى منتصف ثلاثينيات القرن العشرين. وعرفناه متحدثا لبقا فى تواضع جم وانسانية لا تحدها حدود. تنقل بين المدارس الوسطى فى مختلف انحاء السودان، وبين معهدىّ التربيه فى بخت الرضا وشندى. لم يبق طويلا فى حنتوب اذ غادرها الى معهد التربيه فى بخت الرضا وبقى به ردحا من الزمان يساهم بقدر وفير فى اثراء التجربة التربوية فى كافة مجالاتها، وتطوير وتنقيح المناهج وفق المستجدات المتواصلة، وإثراء تجارب وخبرات المعلمين بالمشاركة فى تدريبهم على أحدث الوسائل والطرق التعليميه، إلى ان صار نائبا للعميد. وفى عهده خرجت احتفالات العيد الفضى للمعهد فى عام 1959 فى أبهى صورها بفضل إشرافه الكامل على كافة تفاصيله. سعدنا بتدريسه فترات متقطعه فيما تبقى من عامنا الأخير فى حنتوب لأسعد بلقائه ثانية فى مدرسة الخرطوم الثانويه "القديمه" التى انتقل اليها ناظرا فى ينايرمن عام ،1960 ليغادرها سريعا على غير رضا منه الى الولايات المتحدة فى بداية شهر مايو من نفس العام لتاسيس مكتب الملحق الثقافى فيها. لم يرق له العمل فى الولايات المتحدة التى غادرها عائدا الى السودان فى بداية العام الدراسى 1961عميداً لمعهد التربيه فى شندى، ثم ناظرا لمدرسة خورطقت فى عام 1962 التى بقى بها عامين دراسيين، ليعود الى رئاسة الوزاره مساعدا للوكيل للشؤون المالية والإدارية، لينتقل مرة اخرى عميداً لمعهد التربيه فى بخت الرضا. أحيل للتقاعد ألإجبارى فى بدايات العهد المايوى حينما تكالبت ضده أصوات بعض المتفانين ومدعى التفانى من اليساريين. حز ذلك فى نفسه ولكنه تخطى المحنه فتوارى واحتجب حينا من الزمان إلى ان فاجأته الأقدار بمقتل ابنه ألأكبر وهو يدافع عن أحد رفاقه فى الجامعه بالولايات المتحده وقد كان قاب قوسين أو ادنى من الحصول على درجة الدكتوراه. مرة اخرى اعتزل الدنيا بمن فيها وما فيها وتفرغ للصلاة وتلاوة القرآن الى ان اختاره الله الى جواره . رحم الله ألاستاذ احمد حامد فى أعلى عليين.
|
|
|
|
|
|