|
حنتوب الجميلة: فراق الحبايب
|
الأستاذ الطيب السلاوي دخلت حنتوب الثانوية في 1949. وأعرض منذ حين تجربتي في هذا الصرح التعليمي. وأتوافر أخيراً على الحديث عن معلمي المواد المدرسية الذين تلقيناها على أيديهم فأحسنوا إحساناً استحقوا به تعميم كسبهم وذكرهم. وجاء وقت معلمي معلمي الرياضيات التي اشتهرت ب"فراق الحبايب" بين الطلاب. منذ صباى الباكر بعد التحاقى بالمرحلة الأوليه لم تقم بينى وبين مادة الحساب، قبل ان تصبح "الرياضيات" له اسماً فى فى لاحق من الزمان، وثيق صلة وود إلا أنى تمكنت من معايشتها فى سلام طوال فترة المرحلة الوسطى. غير ان سنوات المرحلة الأوليه شهدت فى معظم الأحيان بقاء درجاتى فى امتحانات مادة الحساب فى مستوى المتوسط وبالكاد تصل الى درجة "جيد". مما جعل ترتيبى فى امتحانات النقل من سنة دراسية الى أخرى يقصر عن المركز الأول إذ ظل والحمد لله يتراوح بين تانى الفصل وخامسه بفضل تفوقى فى اللغة العربية والدين. وكذلك فيما كان يعرف بمادة "الأشياء" اختصارا. وهى خليط من دروس متفرقة فى الصحة العامة وشيء من تاريخ الإسلام و السيرة النبوية والغزوات الأسلامية وشيء من الجغرافيا المحلية ومعرفة أسماء وسير بعض كبار رجال المجتمع المحلى فى مدينة ودمدني آنذاك وبعض معالمها الرئيسيه. وربما كان لتعثر درجاتى فى الحساب فى ذلك الزمان أسبابه المتعددة لا يتسع المجال لذكرها فى هذا السياق. فى الستنين ألأولى والثانيه فى المدرسة الوسطى ظل الحال على ما عليه، تعثر وانفراج .. الا أن الأمر بدأ يتبدل إيجابا ويسير من حسن الى أحسن خلال العامين الأخيرين إذ صارت درجاتى الى رفعة بصورة بينة. حقيقة لا أدرى إن كان ذلك نتيجة نبوغ متاخر جاءنى، أم تفتق ونمو ران على قدراتى الذهنيه، أم ربما كان عائدا الى ما شهدته مفردات مقرر المادة من تعديل واضافات، شيء هندسه، حساب مثلثات، لوغاريزمات، ومعادلات الجبر. ربما كان أيضا بفضل من تولى تدريسنا الماده خلال ذينك العامين من خيار المعلمين رحمة الله عليهم جميعا فى أعلى عليين. وأحمد الله كثيراً أن وفقت أيما توفيق فى امتحان اكمال المدارس الوسطى وامتحان الدخول للمدارس الثانويه فى مادة الحساب. وهي التى اصبحت فى المرحلة الثانويه الرياضيات الأوليه (اليمينترى ماثيماتيكس) جنبا الى جنب مع ما يعرف باسم "أدّيشينال ماثيماتيكس" وهى الرياضيات التخصصيه او الإضافية التى كان لايجرؤ على ألأقتراب من دراستها الا الراسخون فى أغوار وأبعاد "الأليمينترى ماثيماتيكس"، وهم اصلا ممن كانت لديهم الرغبة فى دراسة الهندسه اوالتخصص فى مجالات الرياضيات. وهى مادة قائمة بذاتها يجلس لامتحانها بعض الطلاب الراغبين فى مواصلة دراساتهم الجامعية فى كليات العلوم والهندسية بأنواعها المختلفه كبديل للتاريخ او الأدب الإنجليزى اوغيرها من المواد. لم يكن بطبيعة الحال وجود مادة الرياضيات بأقسامها المتعدده فى مراحل التعليم الثانوى والعالى، والتى عرفناها تحت مسمى "الحساب"، نابعاً من فراغ.كانت أهداف تدريسها بينة لكل ذى بصيره. من المعلوم بداهة ان مكوناتها ومفاهيمها وقواعدها وتطبيقاتها تلعب دورا كبيرا فى حياة الإنسان اليوميه من اكتساب وتنمية مهارات الدقة وحسن التنظيم وحسن استغلال الزمن والتقويم مع الحكم على معقولية ألأشياء والنتائج لكثير من ألأمور الحياتية اليوميه، الى جانب تطوير ملكات التفكير المنطقى وتقديم الأدلة والبراهين، مع تبين أصول المشكلات والعمل على حلها، فضلا عن ادراك ما للرياضيات من دور عظيم فى التقدم الحضارى وألأنسانى فى كل اطواره ومناحيه، مع ألأستعانة بها فى دراسة المواد ألأخرى كالعلوم الطبيعية والجغرافيا والتاريخ والإحصاء والهندسة المدنية والمعمارية والزراعيه .وبطبيعة الحال كانت مادة الرياضيات تمثل العمود الفقرى للدراسات العلميه فى شتى مكوناتها فى مؤسسات التعليم العالى التى كان الوصول اليها مبتغى الغالبية العظمى من طلاب التعليم التانوى. عدنا سراعا من معمل العلوم فيما بعد الثانية عشرظهرا بقليل الى القاعة الكبرى فصلنا أولى كولمبس لنبقى فيها فترة من الزمن لم تتعد الخمس دقائق لننطلق الى فصل أولى أبن سينا الكائن فى بداية مصفوفة أربعة من فصول السنة ألأولى (ابن سينا، ليوناردو، نيوتن، وشكسبير الذى كان مقرا للطلاب المقبولين مع رفاق دربهم طلاب ابن سينا الذين سينتقلون للدراسة فى خورطقت ). وكان فصل أولى ابن سينا كان مجاورا لمكتب نفر من معلمى اللغة العربية فى دلك العام ليصبح مقراً لمعلمى الجغرافيا لسنوات زيادة على أنه مقر دراستنا مادة الرياضيات خلال الأسبوع باكمله. هكذا كان قدرنا الى حين نحن طلاب "الفلوتنق كولمبس". لأول مرة فى مسار حياتنا الدراسيه لتمانية أعوام خلت نتلقى درسا فى مادة "الحساب" او اخواتها فى غير الحصة الأولى من اليوم الدراسى. شيء غريب آخر تجلى لنا فى ذلك اليوم الأول وهو دراسة الرياضيات (الحساب) فى الحصة السادسه! وكمان بالإنجليزى. وهو شيء جديد فى كل لحظة. ونبدأ في الحلقة القادمة بالأستاذ أميم زيدان.
|
|
|
|
|
|