تطفو على السطح هذه الأيام دعاوى تشكيل حكومة وفاق وطنى سيعلن عنها في العاشر من يناير ، يجيئ في ذات السياق مزاعم تشكيل حكومة إجماع وطنى موازية بالخارج ؛ ووقتها سيكون الخيار الأقوى للشعب ومدى تجسد قناعته في إتباع أي الفريقين (حكومة الداخل أم حكومة المنفى ) وفى ذلك فليتنافس المتنافسون . في البدء وبكل تجرد وصراحة تمليها علينا الوطنية الحقة والمسئولية التاريخية بشأن قضايا الوطن والمواطن المصيرية وحقهما في البقاء وحدة وسيادة وإحقاق للحقوق على وجه الترتيب ..إن ما يجرى في الساحة السياسية السودانية هذه الأيام بصدد تشكيل حكومة قومية يشيئ بمثابة لقط إعلامى وتدليس على العقول وتجاوز للإرادات الوطنية ولم يرتق بأي حال إلى مستوى الوفاق الوطنى ولا إلى مراقى القومية والواقع وكل المؤشرات وسائر المعطيات تقف جميعها كأصدق شهادة على ذلك . إلى ذلك فإن الرمى لتأسيس حكومة على هذه الشاكلة الفجة فيه كل طمس لملامح الوفاق والقومية والهوية بما يقطع الطريق على أية محاولات أو أية بادرات حلول سلمية . وفى الوقت نفسه يؤسس هذا المسلك المعيب إلى جعل الباب موارب أو بالأحرى مفتوحا أمام كافة الخيارات التى تتجسد فيها أسمى آيات العنف ومعانى استخدام القوة .. لعله هذا المسلك الوحيد الذى يجد أذن صاغية أو يذعن إليه دعاة (حكومة الوفاق الوطنى ) المزمعة . أسمحوا لى أن أقول إن دعاة الوفاق الوطنى (كلمة حق أريد بها باطل ) هؤلاء قد فشلوا التأسيس لقاعدة وطنية عريضة ينضوى تحت مظلتها كافة الفرقاء من جموع القوى السياسية السودانية بكافة تشكيلاتها وحركاتها وتنظيماتها ومزاياها وعيوبها وهناتها ومحاسنها وتقدماتها وكبواتها كى تنصهر جميعها في بوتقة واحدة تمثل وعاء الوطن الأوسع بما يحمل هم الوطن الأشسع .ربما يقولون دعاة الوفاق الوطنى :)دعوانهم مرارا ولم تستجب الدعوة فماذا نحن فاعلون لهم) ونحن نقول لدعاة الوفاق لما لا تراجعون مواقفكم يمكن دعوتكم ألتمس فيها عدم المصداقية والجدية في الإقدام على الإيفاء بما تعدون به الآخرين كما ثبت في كل مرة .. الأمر الذى يجعل من يتعاملون معكم بهم كثير من التوجس والتردد والشكوك ..من ناحية أخرى فإن تصريحات بعض المسئولين من دعاة الوفاق الوطنى غالبا ما تكون غير مسئولة الأمر الذى يثير مزيد من الشكوك حيال مجمل وعود تلك الجهات الرسمية للجهات الأخرى بشأن الوفاق الوطنى ..وتحضرنى هنا طرفة مفادها : (قال لى أحد من المقربين شديد للرئيس الأسبق نميرى طيب الله ثراه بأن نميري طلب منه كتابة ما لا يزيد عن صفحة ورقة واحدة (خطاب الرئيس) كى يقوم الرئيس بتلاوته أمام المؤتمرين أثناء إنعقاد إحدى القمم العربية آنذاك .. فقام الرئيس جعفر نميرى بتقديمه فكانت كلمة جمعت فأوعت تعبير ورصانة ومضمون ..وبعدها تقدم صحفى ساخر من كاتب الرئيس نميرى وقال له : (يأخى رئيسكم هذا لما يكون خطابه مكتوب ويتكلم من الورقة يخيل لك بأنه الإمام العادل .. ولما يتكلم من رأسه يصور لك بأنه عادل إمام .. أي يصير أكثر من كونه مهرجا) . إليه وعلى قول المثل (التركى ولا المتورك ) ما معناه إن ناس الإنقاذ قد استشرى في أدبهم بأن (كل سياسي عنده ثمن) ولما يستعصى علي بعض الموكول إليهم منهم استجلاب أو استقطاب أحد أو مجموعة من المناوئين .. يفسرون هذا الاستعصاء بأن المكلفين بهذه المهمة من بنى جلدتهم ومد ى عجزهم عن إنجاز المهمة لسبب واحد هو أنهم لم يعرفوا (ثمن هذا أو هؤلاء) كى يأتوا بهم فرادى أو مردفين .. وقس على ذلك .. كم يكون بعيون ناس الإنقاذ (أثمان الممانعين ) وما أسباب فشل الإنقاذ في صوت هؤلاء ؟!..هل لأن الإنقاذ لم تعثر على ماهية (أثمان) هؤلاء الممانعين أم أغلتهم الإنقاذ (الثمن) ؟!..وإن جاز التعبير (من يطلب الحسناء لم يغلها المهرـ الثمن هنا)..أم لأن الإنقاذ ترفض الآخرولم تعترف به وبحقه في الجود ؟! أم لأن الإنقاذ ترفض أى وجود لهؤلاء في التشكيل الحكومى الجديد أو حكومة الوفاق الوطنى لشئ في نفس يعقوب . عموما في الختام نقدر نقول بأن الحكومة بمقدورها أن تحدث (التغيير) المنشود في (سبعة + سبعة ) من الزمان تأسيسا لوعاء جامع يسع الجميع حتى الممانعين بصرف النظر عن تفاوت أثمانهم حسب نظرية (الأثمن) ..وهل يمكن تفسير المواليين للحكومة بأنهم باعوا أنفسهم بأبخس ثمن ؟!أم آثروا سبل الزهد في غير أزمانه ومواضعه ؟!أيضا نستطيع القول بأن (الممانعين ) من طيف المعارضة بوسعهم إحداث (التغيير) المطلوب في (ستة ) أيام .. أما بالنسبة لنا في وضعية ((الجيل الجديد)) فأمر (التغيير)ومدى إنزاله واقع قد يحتاج منا فقط (سبعة - سبعة) من الزمان ..فالأمر في جميع الأحوال يحتاج عزيمة راسخة وإرادة وطنية حرة ونوايا خالصة وإقدام ورباطة جأش .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة