حكايات مع حبوبة آمنة بت حماد.. حلقة "16".. قصة الولد الغريب جون

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 03:17 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-05-2014, 04:53 PM

محمد جمال
<aمحمد جمال
تاريخ التسجيل: 04-15-2014
مجموع المشاركات: 9

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حكايات مع حبوبة آمنة بت حماد.. حلقة "16".. قصة الولد الغريب جون

    جون!

    الحرب؟. لعينة. حرب الجنوب. حرب الشمال والجنوب. أطول وأقسى حرب في القارة الأفريقية. يا للفضيحة!. فانتهى كل ذاك الموت الزؤام بفضيحة أخرى هي إنفصال البلاد إلى شطرين متناحرين ليبدأ مسلسل موت آخر وبوادر موت جديدة في الآفاق، سلسلة غير منتهية من الفضائح. عندما عاد الشعراني ود محمد موسى "عسكري في سلاح المدرعات" كثيراً ما نسأله ونحن صغار "كتلت كم زول؟" فيجيب ببعض الحيرة "كتلنا وكتلو مننا". عاد الشعراني بعد أن أدى واجبه العسكري على الوجه الأكمل، عاد الشعراني إلى البلد، لكن ليس وحده معه "جون" طفل جنوبي صغير ، هذا الطفل سيصبح شيخ البلد في المستقبل!.

    في إحدى العصريات وأنا عائد من المدرسة " خالك محمد ود موسى جا هنا قبيل قال عايزك" أخبرتني حبوبة ثم أردفت " ضابح ليكم خروف، عازم جنيات البلد جت، بدوركم تشوفو ولدو الجديد". لم أكن أعرف القصة، وحبوبة لا تملك أي معلومة حول الأمر غير الكلام الذي قاله ود موسى "عنده ولد جديد". محمد ود موسى هو أبو العسكرى العائد من الحرب والمتقاعد إختيارياً "الشعراني". ود موسى فارس إبن فارس متزوج مهدية البشير، حبوبة لا تذكر إسمها وإلا تسبقه بكلمة "السمحة" مهدية السمحة "خلقة وأخلاق" وهي إبنة شقيقتها فاطنة حماد، كانت مهدية في يوم من الأيام أجمل بنات البلد ولو كانت هناك مسابقات لجمال عالمية متاحة لفازت على دستة من نساء في بهاء الممثلة الأمريكية مارلين مونرو. فأحبها إبن عمها "محمد ود موسى" فأنجبا جيشاً من الكائنات الرائعة فرسان وفارسات بنين وبنات وأحفاداً، منهم مريم أبو علامة شريكة الأمين الجزولي في الرياض. رحل ود موسى قبل عدة سنوات خلت بعد حياة طويلة هادئة وهانئة وهو لم يفارق مهدية السمحة ولا ساعة واحدة (رفض الزواج عليها وقد واتته عشرات الفرص، كانا مخلصين لبعضهما البعض حتى الرمق الأخير).

    قبل أن أصل إلى مكان المناسبة "ديوان محمد ود موسى" قابلت ود خالتي "حسبو حماد" في الطريق وكان عنده بعض العلم فأخبرني بالحكاية "جا ولد غريب مع الشعراني إسمه جون".
    تحلقنا في عدد كبير "كمية من الشفع" في الفسحة الواقعة أمام الديوان الكبير، أكلنا الرز مع اللحمة وشربنا الكركدي المثلج. وفي اللحظة المناسبة نادى محمد ود موسى حفيدته الصغيرة البتول يأمرها بنداء الولد الجديد الغريب "جون". جاء جون فأمرنا ود موسى بالوقوف في صف والسلام على القادم الجديد وتعريف أنفسنا به. ففعلنا. ثم جلسنا، فخطب فينا ود موسى بينما كان يحمل بيمناه سوط عنج مبتدراً كلامه بسؤال "بتعرفو دا منو؟" وهو يشير بيده إلى جون الواقف بجانبه، فصمتنا، لم نقل شيئاً، كنا لا نعرفه، لكننا خفنا أن نقول أي شيء كون هناك سوط عنج، الصمت هو قانون السلامة في مثل تلك اللحظات العصيبة. فأجاب بنفسه "دا ولدي جون" وواصل "ولدي لكن عنده أمه وعنده أبوه المحترمين" وسأل من جديد "انتو عارفين أنا جبتكم هنا الليلة لشنو؟".
    فلزمنا قانون الصمت من جديد "عشان تعرفوه، وتسووه أخوكم، أخوكم أبى من أبى ورضي من رضي، إسمه جون، مافي زول يناديه بغير إسمه، ولو عنده دين أو فهم مختلف منكم تحترموه" وسأل جون "انت آجنا دينك شنو؟" فأجاب جون "المسيحية" فواصل ود موسى "دينو دينو نحترمه كلنا، مافي زول يطالبو بدين آخر، ولا فهم تاني، تقبلوه زي ما هو، هو حر". كنا نصغي في صمت مهيب: "وعلى بالطلاق اي واحد فيكم إسمعو كلام غلط أو يغلط عليه بأي طريقة لو دخل في بطن أمو ما أسيبه، ثم رفع سوط العنج إلى الأعلى وأبرز حدة وشراسة منقطعتي النظير". وبعد حين هدأت أنفاس ود موسى "أنا عارفكم فالحين، بس الكلام دا أي واحد فيكم يختو حلقة في أضانو". وكلمته الأخيرة كانت موجهة لحفيدته البتول يأمرها "امشي جيبي موية لجون"، كانت هناك رمزية واضحة في ذاك الأمر للحفيدة وعيناها كلنا بعقلنا الباطن.
    ومن بعدها سمح لنا بالمغادرة فودعنا أخونا الجديد "جون" في سلام ومحبة رضينا أم أبينا!. غير أن الأحداث اللاحقة كان بها عدد من المعجزات!. لم تمضي سوى خمس سنوات فقط وأظهر جون مقدرات مدهشة ومواهب دفينة تفجرت بغتة. كنا كل مرة نسمع إنجازاً صغيراً أو كبيرا.
    ولد ذكي، أنيق ودبلوماسي بالسليقة، يعرف كيف يتحدث وكيف يمشي وكيف يلبس بناطلين الجينز والقماش. ومقدرات في البيزنس وإبتكارات لا حد ولا عد لها. عمل ديسكو في ديم البساطاب من جبل أولياء أيام الديمقراطية، ثم فتح محل لتصليح الدراجات الهوائية "العجلات" في الركن الجنوبي من سوق جبل أولياء، ثم فتح محليين للأدوات الكهربائية وكله بجهده الذاتي دون عون أحد وفعل المزيد.

    رجل شديد البأس و العزيمة يحطم العقبات من أمامه وكأنها قطع من البسكويت. لم تكن إنجازات جون مادية فحسب بل أصبح أمير البلد وصاحب الكلمة النافذة وحلال الشبك وعن جدارة فائقة وخلق قويم، كان وما زال.

    وعندما أشتد عوده رجع للحظة إلى الجنوب بحث عن والدته العزيزة فوجدها بخير، أبرها وثبط حزنها وعاد بها إلى الخرطوم. وأعتنق في لحظة محددة الإسلام متسقاً مع الوقائع الإجتماعية وفي سمت أصيل وهدوء وسكينة وقناعة مع الإحتفاظ بإرثه القديم "الخير" الذي حباه به يسوع المسيح والغابات الإستوائية ومدينة جوبا وأجداده وجداته العظام مضيفاً كل ذلك إلى كنانة الوعي الجديد والحب الجديد والحياة الجديدة.

    وجون زول "حلو" ورجل شهم وكريم، جاء مرة إلى وداعي في مطار الخرطوم وكنت ضمن بعثة تبادل طلابي ثقافي وأكاديمي بين جامعتي الخرطوم ودمشق السورية فوضع جون في جيبي بيده اليمنى دون أن تعلم اليسرى مبلغاً من المال يعادل ألف دولار كهدية للهدية "الهدية إسمي عنده وعند كل ناس البلد" فقلت له بالحقيقة "لا أحتاج المبلغ كون إتحادا طلاب الجامعتين متكفلان مادياً بالرحلة" وكان برفقتي الأصدقاء والزملاء: عبد الرؤوف عبد الله وعبد الجبار السماني وأماني حسن والشابة أماني فقيري وآخرين . فرد جون ممازحاً "انت هسا طالب مفلس لما تشتغل رجعها لي" وبالطبع لم أرجع له شيئاً حتى هذه اللحظة ولكن جئت له من الرحلة بشبط جلدي أصيل فشكرني واظهر لي سعادة فائقة بالهدية الرمزية الصغيرة.

    وقبل عدة سنوات خلت رحل عنا الخال الفارس الجميل ود موسى فهاتفني جون من المقابر وأنا في منفاي الهولندي العجيب وهو يبكي "أبوي مات" فبكيت معه دمعاً سخياً. جون الشهم أخوي وصديقي وحبيبي وإلى الأبد.. له المجد.


    يتواصل.. حكايات مع حبوبة آمنة بت حماد.

    محمد جمال.. لاهاي/هولندا
    [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de