05:37 PM March, 21 2016 سودانيز اون لاين
هلال زاهر الساداتى-
مكتبتى
رابط مختصر
بقدر ما في الطفولة من برآءة وعفوية ألا أن الأطفال يأتون أحيانا" بتصرفات قد يكون فيها ضرر أو أذي لهم أو للآخرين ، بينما هو ضرب من اللعب والعبث وينتفي القصد لديهم لتسبيب الأذي ومرد ذلك الي الجهل ، وتعود بي الذكري الي طفولتي البريئة الشقية عندما كنت في الخامسة أو يقارب السادسة من العمر ، وكان الناس في امدرمان يشربون المآء البارد من الأزيار والزير كما يعرف يصنع من الفخار وله فتحة واسعة مستديرة في أعلاه ويرتفع طوله الي ما يقرب من المتر ويصنع في أحجام مختلفة وهناك القلة وهي أصغر أنآء للمآء ويبخر الزير أو القلة بالمستكة مثل فناجين االقهوة ويشرب منهما المآء باردا" زكي الرائحة ، وقد يكون في المنزل أكثر من زير وهذه الازيار توضع في ما يشبه العريشة المفتوحة من الجانبين لاستقبال هوآء الليل البارد وتسمي المزيرة ، وأن كان زيرا" واحدا" يوضع في حمالة من الزنك ، وتوضع لأزيار عديدة ماسورة بها عدة حنفيات ممتدة بطول المزيرة وفي فتحة كل زير حنفية لملئه ، وبعد أقتنآء الثلاجات في المنازل ما زال البعض يفضلون الشراب من مآء الزير المبرد بالهوآء طول الليل وما زالت الأزيار موجودة في بعض المنازل وفي سبيل المآء في الشارع وفي المدارس والداخليات والمنازل الحكومية سابقا" وفي الأقاليم .
وهذا التطوأف عن الزير يقودنا الي ما نحن بصدده عن شقاوة الأطفال ، فعندما يصير الزير قديما" ولا يبرد المأء يستغني عنه ويضعونه في الحوش الخلفي من المنزل مع ( الاسكراب) أو ( الهتش ) بعد خدمة طويلة ممتازة كما يقال ويحدث في خدمة الحكومة ، وقد كان لدينا زير من النوع المذكور أكل الدهر عليه وشرب قابع في الحوش الخلفي للمنزل ، واقترحت علي صاحبي في اللعب أبن الجيران أن ندخل في بطن الزير المهجور ونحاول دفعه من الداخل و( ندردق ) ونحن بداخله ، وراقت اللعبة المبتكرة لنا ، فادخلت رأسه و( حشرت ) بقية جسمه ، وتقرفص داخل الزير ، وحاولت أنا أن أنحشر الي داخل الزير ومد يده الي ليجذبني واستعصي علي الأمر وبآءت كل محاولاتي ومحاولاته العديدة المتكررة بالفشل وركبنا اليأس واصابني القنوط ، وقلت له أن يخرج ونصرف النظر عن اللعبة الفاشلة ، ولكن خاب رجاؤنا وأيقنت أن لا مناص من الأستعانة بشخص ينقزنا من هذه الورطة ، وكان أقرب شخص الينا هي أمى والتي كانت في المطبخ في الجانب الآخر من المنزل ، وصحت بأعلي صوتي مناديا" عليها : ( بمه يمه الحقينا) ، وجآءت الوالدة جارية ، وقلت لها بصوت مختنق : ( ألحقي محجوب ما قادر يمرق من بطن الزير ) وجرته الوالدة وهي في أشد الغضب وتتوعد : ( يا ويلكم وسواد ليلكم أستني أبوك لمن يجي وانت يا ولد أصبر الراجياك ) ، ومحجوب ينهنه ودموعه جارية : ( والله يا خالتي فاطنة هو القال لي تعال نلعب دردقة الزير ودخلني جوة الزير ) ، ولفد كان جزائي علقتين واحدة فورية من الوالدة بالحبل المفتول المبلول ، والثانية من الوالد بالحزام الجلدي للبنطلون .
ومن الأفعال التى تجعلنا نضحك وننبسط ما نسببه لأشخاص معينين نعرف انهم يخافون من حيوانات أو حشرات معينة لا يعتبرها سائر الناس مخيفة ، وهذا الشعور أدرك كنهه العلم واطلق عليه كلمة ( فوبيا ) وهي ملازمة للخوف من شيئ معين ، فمن الناس من يخاف من الأرتفاع من الأرض ومن الظلام ومن القطط ومن الضب ، وقد كان في حلتنا رجل طويل القامة فوق الخمسين من عمره ينطبق عليه مثلنا العامي ( طويل وعوير ) ، وعلي العكس كان بعض الناس يعتقدون بأنه (غرقان ومبروك ) ، ولكن ذلك المبروك كان يخاف ويرتعد من الكديس ، وكنا عندما نرآه واقفا" في انتظار الترماي (الترام ) نأتي خلفه ونصيح مقلدين صوت الكديس ( يآو يآو ) ، وينتفض المبروك كمن لسعته عقرب ويقفز عاليا" ونحن نقهقه بالضحك ونجري بعيدا" .
ومن ذكريات الشقاوة الطفولية أنه كانت لي أخت شقيقة تكبرني بعدة سنوات وكانت تخاف من الضب مع أن الضب غير مؤذ للانسان لأنه يقتات علي الحشرات الطائرة ولا يظهر الا في الليل ، واحضرت الجبادة التي نصطاد بها السمك وشبكت في السنارة صارقيلة كبيرة كما نفعل للسمك ووضعت السنارة قريبة من جحر الضب ، وانشكت السنارة في خشم الضب وجذبته وهو يتقلب للفكاك وضربته بعصا علي رأسه ومات وناديت علي أختي واخذت ألوح لها بالضب قريبا" منها ، فصرخت صراخا" عاليا" وهي ترتجف كقشة في مهب الريح واسرع كل من كان بالمنزل ورميت بالجبادة وقمت جاريا" وقبض علي أخي الكبير ، وكان عقابي من أمي ووالدي وأخي الكبير قاسيا" فقد أشبعوني ضربا" ! ومن اليوم داك تبت توبة نصوحا ..
وهناك الحيوان الفأر فقد وجدت أنه قاسم مشترك يسبب الخوف والفزع بين النسآء والأطفال وبعض الرجال ولهم ولهن بعض العذر فالفار كريه ويفسد ويخرب طعام الأنسان وينقل بعض الأمراض المهلكة للبشر ، وأما ما يحيرني حقيقة هو أن قريبة لي تخاف من الدجاجة ! ، والغرابة خوف البعض من القط ، وأنا أحب الكديس ! فهو حيوان لطيف ونظيف جدا" ترآه أكثر الوقت وهو ينظف صوفه بلسانه ، وهو مفيد في المنزل لأنه ينظف البيت من الفيران والحشرات والهوام . واقول العزآء والسكينة لمصابي الفوبيا .
هلال زاهر الساداتي مارس21\2016
أحدث المقالات
النوبيون بين المطرقة والسندال بقلم د / ابوالحسن فرحالمؤتمر الوطني لا يخاف الله! بقلم عثمان محمد حسنأطعنوا في الفيل يا جماهير الهلال بقلم كمال الهِديمعركة الكرامة التاريخ المشرق لفلسطين بقلم سري القدوةوهج الحروف المتعبات بقلم الحاج خليفة جودة - امدرمان - ابو سعدعواقب اضطراب العلاقات السعودية مع لبنان بقلم د. احمد عدنان الميالي/مركز المستقبل للدراسات الستراتيجاوسلو الزانية..... التي ضاجعها الجميع...............!! بقلم توفيق الحاجقولوا هذا للبشير..! بقلم الطيب الزينالترابي .. الحد الثابت فى المتوالية بقلم طه أحمد أبوالقاسم الأعلى في الإقليم ..!!بقلم الطاهر ساتيهل انتهت ( حكاية ) وليد الحسين ؟ بقلم خضرعطا المنانمن يحمي شركة كمون..! بقلم عبد الباقى الظافرد. على الحاج : خطأ الانقلاب وفقه النكسة !! بقلم حيدر احمد خيراللهألى أمى , فطيمة , أو فاطمة ؟؟ شعر نعيم حافظأنصار د. النعيم د. ياسر الشريف نموذجاً (1) بقلم خالد الحاج عبدالمحمود كفى!!! بقلم بدوى تاجوالمثقف والكذب الخلاق بقلم عبد الله علي إبراهيماطفال المايقوما موؤدة السودان هل من حل؟ بقلم د. محمد آدم الطيبفضيحة الخطوط الجوية الأردنية (2 من 10) بقلم د. أحمد محمد البدويأفشوا المحبة بينكم/ن إحتفاءً بها بقلم نورالدين مدني