كان نلسون مانديلا يتوقع هذا اليوم الذي ينهد فيه حائط السجن..تأخر الحلم سبعة وعشرين عاماً ولكنّه حدث في ١٩٩٠.. ثم توالت أحداث التغيير المخطط له..بعد عام تمّ إعلان انتهاء قوانين التمييز العنصري..في عام ١٩٩٤ بات أشهر سجين على ظهر البسيطة رئيساً لدولة جنوب أفريقيا..بعد دورة واحدة تقاعد نلسون مانديلا رغم أن الدستور يبيح له دورة أخرى..منذ العام ١٩٩٤ تعاقب على جنوب أفريقيا أربعة رؤساء..الحزب الوطني العنصري لم يكن حزباً شمولياً ولكنّه هندس القوانين التي تجعل البيض يهيمنون على الساحة رغم أن تعدادهم أقل من ٢٠٪ من مجمل سكان تلك البلاد. أوّل البارحة تحدث الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأوّل السابق تحت قبة البرلمان..وشيخ علي الذي عرك البرلمانات منذ مجالس الشعب في عهد مايو ومروراً بالجمعية التأسيسية إلى برلمانات الإنقاذ يعرف تطويع الكلمة ..أرسل الشيخ من تحت قبة البرلمان رسالة داعياً إخوته في الحزب الحاكم لإفساح المجالس واعتبر ذلك امتحاناً.. أمين عام الحركة الإسلامية السابق بدأ بنفسه حينما توارى عن الأنظار واتخذ من مزرعة نائية في ناحية سوبا مقراً لإقامته. توقّف الأستاذ للتاريخ القريب مشيراً للربيع العربي الذي هز أنظمة وأسقط حكومات على حد تعبيره ..الأستاذ علي عثمان استخدم بمهارة مصطلح شجرة السودان مؤكداً أنها صمدت رغم محاولات اقتلاعها.. لكن السؤال ماذا لو سقطت شجرة الإنقاذ عبر تغيير مفاجئ كما حدث من قبل في السودان أو الدول المجاورة في الإقليم التي تأثرت بأعاصير الربيع العربي العاتية. قبل الإجابة على ذاك السؤال الافتراضي حري بنا إمعان النظر كرة ثم أخرى ..في مصر بلد المؤسسات الراسخة تولّى الجيش مقاليد الحكم عبر انقلاب معلوم.. تدخل الجيش بغض النظر عن شرعية حفظ الأمن والاستقرار..في دولة مثل ليبيا حيث كانت مؤسّسات الحزب أقوى من مؤسّسات الدولة انزلقت الجماهيرية العظمى إلى عنف وعدم استقرار ..في سوريا حينما تعادلت كفة الفرقاء تمّ حسم الجولات عبر التدخل الروسي المعلوم الذي رجّح كفة الأسد المحاصر..نكتفي بهذا القدر من المقاربات. في تقديري..واحدة من المشكلات التي وقع فيها الحزب الحاكم أنّه ربط مصيره بمصير البلد..أزمة البديل لم تصنع في أروقة المعارضة بل هي سياسة رسمية اتبعها الحزب الحاكم..قبل عام فقط أعلن رسمياً فك الارتباط بين الدولة والحزب ..حتى على مستوى التبادل السلمي للسلطة داخل الحزب تبدو أزمة البديل شاخصة ..ليس لانعدام الشخص المناسب ولكن لفقدان الجرأة في طرح هذا الموضوع على طاولة البحث. بصراحة .. لو كنت في مقام الأستاذ علي عثمان لعقدت ورشة تناقش سيناريو حزب المؤتمر الوطني في المعارضة..من الأهمية بمكان فك الارتباط بين الحزب والدولة ..أي حزب ديمقراطي عليه أن يتوقع أن يكون يوماً في دكة المعارضة ..لكن كل ما يقدمه حزب علي عثمان مجرد تنازلات في المناصب..نحن مجرد رعايا في دولة تقدم لنا مكرمة من حين لآخر . assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة