|
حرية الإنسان هذا الكائن الخرافي/anwar arabi
|
قد يتساءل الإنسان أحيانا في قرارة نفسه بقوله من انا ؟ او من اكون؟ ‘، وليس أساس هذا السؤال مما يتبادر في الذهن من باب التعريف البسيط الذي درج عليه الناس ، وإنما من باب نظرة فلسفية ثاقبة تخترق جدران المعرفة الفطرية التي جبل عليها الإنسان وتجول في فضاءات الحقيقة السرمدية لإستشفاف مداركها المستبطنة والمطمورة في عالم اللا وعي البشري ، وهو سفر خفي عبر منعطفات النفس ولفائفها المعقدة ، وإن هذه الرحلة تنم عن إستغراق مستفيض في إستنطاق أغوار النفس البشرية ، وإستجماع شذراتها المبعثرة بين الحنايا والوجدان . فقد يعرج بك مثل هذا التساءل إلي دائرة كونية مغلقة خرافية الابعاد تتقاطع أنصاف اقطارها في نقطة مطلبية يتيمة تتوافق عندها كل طبقات البشرسواء اكانوا حكاما او محكومين ، مثقفين ام اميين ألا وهي نقطة الحرية ، فحينما وجد هذا الإنسان على ظهر هذه البسيطة وفق نواميس قدرية ، وذلك بغض النظر عن الرؤية التي يوليها بعض الطوائف الفكرية حول حقيقة قصة وجود الإنسان ، لقد جاء هذا الإنسان معتوقا محررا غير مكبل اليدين أو مقيد الفكر ، وإن ما أعترى الإنسان لهو ظرف لا حق لوجوده ، أفرزته تداعيات الاحداث التي طرات نتاج تفاعل البيئة ومكوناتها البيولوجية والتي كانت لها القدح المعلى في تطويق مقدرات الإنسان وسحب براءته الأصلية التي وجد عليها ، فالحرية سلعة مجانية لا تباع ولاتشترى لأنها وجدت حيثما وجد الإنسان مثلها مثل الهواء الذي نستنشقه والماء الذي نشربه وانها سلعة مطلقة اليد غير محرزة العين حتى يدعي أحد ملكيته إياها وتنصيب نفسه قيما عليها ، ولا يكابر في هذا القول إلا من تكدرت رؤيته ، وأعتلت قريحته ، ونضب معين خياله في إستلهام الرؤى و إسترقاق المعاني وإستلطاف مفرداتها الدالة عليها. فالحرية هي تلك الفتاة اليتيمة التي تولدت من رحم الوجود دون نكاح فليست لها عصبة نسبية حتى يتهافت إليها الادعياء لحشر أنوفهم في ميراثها بعد قتلها غيلة وذرف دموع التماسيح عند مرقدها الأبدي يصعب عىلينا كبشر تحقيق الحرية وتحصيل مطلوباتها مالم نستلهم معانيها المستبطنة ، ونستشف أبعادها المضمرة بين حواشي هذا الكون الشاسع ،فالحرية رقيقة من الرقائق التي لا يمكن تلمسها في عالم الحس والشعور ، مالم نطلق العنان لمخيلتنا لفض بكارة المعاني وصولا إلي العمق الجوهري لحقيقة لفظ الحرية والتي هي في حقيقتها كلمة ذات قدسية لا يجوز تجاوز حماها بأى مقتضى، أو سياق المبررات الواهية للمراهنة عليها تحت ظلال المعابد أو إستعباط حقيقتها وذلك بإسترخاص مهرها امام بلاط السلاطين أو إراقة ماء وجهها أمام أسا طين السياسة الذين يلون عنق الحقيقة حيثما تعارضت مع مصالحهم الحدية ، وتقاطعت مع منافعهم الذاتية ،لعمري ان الحرية لفظ ذات لطافة لا يمكن رؤية مدها بعين البصر ، وإنما يمكن أستدراكها بعين البصيرة وشتان ما بين البصر والبصيرة ، فالحقيقة التي لا مراء فيها هي ان الحرية هي أكسير الوجود وهي المعراج الموصل إلي نعيم الخلود فمن اظلم ممن وقف حائلا بين عالم الشهد والشهود ، ففكوا عقالها ودعوها تمرح في رياض المروج دعوها ثم دعوها وآخر المطاف هو اجمل الكلام من رب الانام قوله عز جل (كل أمرئ بما كسب رهين )
|
|

|
|
|
|