|
حرب الوثائق وليلة القبض علي فاطمة السودانية بقلم محمد فضل علي
|
http://http://www.sudandailypress.netwww.sudandailypress.net
قدم ادب السينما السياسي في الجارة الشقيقة مصر خلال فترة الثمانينات قصة ليلة القبض علي فاطمة القصة التي تحكي عن مواطنة مصرية بسيطة قدمت تضحيات كبيرة وجليلة في لحظات حرجة من تاريخ بلادها تحف بها المخاطروالصعاب اثناء مرحلة النضال الوطني المصري ضد الاحتلال الانجليزي. القصة المذكورة قدمت وجهين مختلفين في واحد منها نجد النبل والتجرد والقدرة علي التضحية والعطاء الغير محدود ممثلا في فاطمة المواطنة المصرية البسيطة التي عملت مع المقاومة الوطنية وكانت تحمل لهم السلاح في جنح الليل واشياء من هذا القبيل ورعاية افراد اسرتها ومن بينهم الاخ الشقيق الذي نسبت له فاطمة ادوار لم يقوم بها واستغل ذلك الامر في توطيد نفوذه والبحث عن مصالحة وتجريم شقيقته في مرحلة لاحقة الي درجة اتهامها بالجنون وايداعها في مصحة للامراض العقلية في سبيل الحفاظ علي لقب البطولة الغير مستحق ممثلا للوجه الاخر الذي تحدثنا عنه للانتهازية والوصولية المفرطة التي اكتسحت في طريقها حتي صلة الدم و القربي . ولكن نهاية القصة السينمائية والدراما السياسية المصرية المتميزة انتهت بكشف اوراق البطل المزيف الذي اصبح واحد من اصحاب النفوذ ومراكز القوة المتجبرة والباطشة في مرحلة من مراحل الحياة السياسية في مصر بعد خروج الانجليز. وتم اطلاق سراح فاطمة ورد اعتبارها والقبض علي الشقيق الغادر. قصة ليلة القبض علي فاطمة تعتبر واحد من افلام الدراما السياسية المتميزة وشبه الواقعية وتعتبر من النوع الصالح للكثير من الازمنة والامكنة المشابهة لمصر في تضاريسها السياسية والاجتماعية. السودان الراهن البلد المرشح لمتغيرات سياسية مفصلية يعتبر ايضا ساحة تضج بالكثير من الامثلة من اخوان فاطمة الذين ينشطون في اوقات الازمات والتحولات ويطلق علي امثال هولاء ابطال الساعة الخامسة والعشرون في رواية اخري. عودة الي موضوع الوثيقة التي تم تسريبها الي الناشط الامريكي اريك ريفز في الاسابيع الماضية ومضمونها وتفاصيلها واختلاف وجهات النظر حولها فقد احتوت الوثيقة المذكورة علي عناوين رئيسية لمجموعة انتهاكات وممارسات منسوبة لقيادات النظام السوداني الراهن الذي ليس فوق مستوي الشبهات. ولكن السوأل الذي يفرض نفسه هل النظام القائم غافل الي درجة تسريب تفاصيل بهذه الدقة والخطورة ويستحيل توفرها الا الي شخص حاضر ومشارك في ذلك الاجتماع. ولكن الصفة الغالبة علي الوثيقة المذكورة ونوع المعلومات والتفاصيل الواردة حولها تؤكد ايضا ان الشخص الذي قام بتسريبها الي الناشط الامريكي ليس بعيدا عن دوائر النظام بل هو شخص علي علم بالفعل بالكثير من التفاصيل والعناوين الرئيسية لمجريات الامور في الكثير من دوائر واروقة النظام. ذهب الكثير من حسني النوايا المنحازون لصحة الواقعة والتفاصيل الواردة في الوثيقة الي الحديث عن الناشط الامريكي واهميته وعن حميميته و تعاطفة المطلق مع القضية السودانية وكل ماورد في هذا الصدد امر واقع وحقيقة لاخلاف حوله ولكن كل ذلك لايعني ان النشاط الامريكي محصن من الاختراق المصحوب ببعض الاجندات وقد وقعت نفس الدولة العظمي التي ينتمي اليها الناشط الامريكي بكل عظمتها وجبروتها في فخاخ اصحاب الاجندات الذين ادخلوا الولايات المتحدة واجزاء واسعة من اقليم الشرق الاوسط وبعض اقاليم العالم في حرب عالمية صامتة نتجت عنها خسائر اقتصادية واختلالات استراتيجية لم يشهد لها العالم مثيلا منذ انتهاء اخر حرب عالمية. الفراغ السياسي المعارض جعل السودان تحت رحمة احتمالات مخيفة وخطيرة اذا ما لامست الازمة السياسية العميقة والمستحكمة سقفها الافتراضي وقد تسبب الفشل السياسي المعارض في بقاء النظام كل هذه الفترة الطويلة واذا ماتكرر نفس الاسلوب في ادارة الازمة الراهنة والاعتماد علي المبادرات الفردية فسينتهي الامر بكل تاكيد الي مالاتحمد عقباه خاصة في زمن السيولة المعلوماتية مما يستدعي اعلي درجات اليقظة والحذر والتعامل مع الكيانات والرموز المعروفة والمرئية في متابعة تطورات الموقف الراهن في البلاد وتحليل وادارة الازمات القادمة بطريقة تجنب البلاد الدخول في المتاهات والبلبلة ووضع تصور واضح للمخارج من الازمة السياسية خاصة في الشق المتعلق بالعدالة المستقبلية باعتبارها الضامن الوحيد من مناخات الفوضي والانهيار والانتقام وانتشار الشلليات والعرقيات وكيانات غير واضحة تختطف القضايا وتتجه بها اتجاهات غير معلومة. عصر المعلوماتية وزمن الانترنت اتاح للبعض من المغامرين خاصية ممارسة الكثير من الانتهاكات والجرائم السياسية السرية ذات الصلة والموجهة ضد الناشطين من الافراد والمنظمات العاملة في الحياة العامة ويدخل التضليل والفبركة والاختلاق ونشر البلبلة الي جانب التخريب والتصنت علي المكالمات التلفونية واستهداف المواقع الاعلامية وسط المجموعات المهاجرة من اكثر من بلد في اطار الانتهاكات المذكورة التي اشار اليها امس الاول تقرير شامل ومتكامل صدر عن منظمة اكاديمية كندية معروفة ومتخصصة في الكشف عن الانتهاكات والجرائم التكنولوجية السياسية تتبع هذه المنظمة الي جامعة تورنتو الكندية ومعروفة باسم سيتزين لاب وذلك علي موقعها الرسمي وتناولت التقرير المعني الكثير من الوسائط والاجهزة الاعلامية العالمية بالمزيد من التفاصيل والاهتمام لهذا النوع الجديد من الانتهاكات المنهجية الخطيرة لحقوق الانسان. نشر التقرير المعني بهذا العنوان علي موقع المؤسسة الكندية المرفق: Civil Society Organizations Face Onslaught of Persistent Computer Espionage Attacks https://citizenlab.org/2014/11/civil-society-organizations-face-onslaught-persistent-computer-espionage-attacks/ والخلاصة ومن التفاصيل الواردة اعلاه تؤكد الحاجة الماسة والاكيدة للحذر مع كل مايرد في شبكة الانترنت ليس بمنعه او نفيه ولكن بالمزيد من الحذر والتحليل والاحتفاظ بكل صغيرة وكبيرة ذات صلة بقضايا البلاد والانتهاكات الموجهة ضد الافراد والجماعات المعارضة وتوثيقها للتعامل معها بطريقة قانونية عندما يصبح ذلك ممكنا في مستقبل الايام والسودان القادم يحتاج الي عدالة مهنية واحترافية للتعامل مع قضاياه الملموسة والاخري المعلقة في فضاء الشبكة المعلوماتية . وحده القضاء والعدل المقام علي الارض سيملك الاجابة وسيتخذ القرار المناسب حول الكثير من الامور والقضايا ويجنب البلاد الفوضي والدمار الذي يمكن ان تحدثه كائنات هلامية وغير مرئية من فصيلة اخوان فاطمة المصرية.
|
|
|
|
|
|