الحمد لله.. للمرة الثالثة.. شعب السودان يُعلِّم الشعوب الأخرى درساً عنوانه (دلل على حضارتك).. ففي الوقت الذي تغرق فيه سوريا في بحر حلب الدامي.. والعراق في معركة الموصل.. واليمن تتدفّق الدماء في كل متر مربع فيها.. وليبيا مُمزّقة بين الحكومة والمليشيات.. في الوقت ذاته تدور في السودان معركة شرسة.. معركة إعلامية سلاحها القلم والكيبورد والعالم الافتراضي الواسع بلا حدود.. معركة (حضارية) بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى.. والفضل في هذه المعركة (الحضارية) يرجع لشبابنا الخلاَّق.. أرغم الحكومة والمعارضة بل حتى الفصائل الحاملة للسلاح، أن يصعدوا إلى حلبة (الأثير) لتدور معركة حقيقية ليس فيها دماء ولا أشلاء ولا تدمير ولا تشريد. من خلال مُتابعتي عن كثبٍ لـ(معركة الكيبورد) يحزنني تقسيم الملعب الذي تُمارسه الحكومة.. فهي تصر على نزع بطاقة الوطن من الفريق المُقابل وتثبيت بطاقة (الخونة).. رغم أنّ الموضوعية تفرض أن يكون الخلاف تنافساً على مصلحة الوطن.. ومن هنا تظهر (الثغرة) في الإعلام الحكومي.. عجزٌ سافرٌ في استيعاب حقيقة أنّ الوطن للجميع.. وكلمة (الجميع) هذه تشمل كل السُّودانيين بلا تمييز بلون بطاقة حزبية أو سياسية أو عرقية.. أسهل كلمة تنطق بها وتطلقها الحكومة في وجه مُخالفيها أنّهم عُملاء وخونة وقائمة طويلة من الصفات النازعة للانتماء وشرف الوطنية.. لماذا؟ لماذا لا تسمو الحكومة فوق كل شح النفس وتنظر بعين الوطن لا الوطني؟ لماذا يصر حزب المؤتمر الوطني على مبدأ (أنا أو الطوفان)؟ لماذا لا تختزن قواميس مفردات المؤتمر الوطني ما يناظر مطلوبات الآية الكريمة (..... كلمة طيبة كشجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء..). في تقديري أنّ الواقع الآن كشف ما كتبته هنا مراراً منذ سنوات.. قلت لكم إن حزب المؤتمر الوطني رغم أنف عضلاته السلطوية والمالية لكنه ضعيفٌ جداً.. يغطي عجزه بتوهم القوة الذي أسميته الـ(استرهاب).. على معنى قول الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة (قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ..).. وصف (وهم قوة) سحرة فرعون بأنه مجرد (استرهاب) بسحر أعين الناس.. لا أكثر.. نصيحتي للحكومة أن تُبقي على المعركة في حلبتها الحالية.. (كيبورد) مقابل (كيبورد). إلاّ إذا كانت تعجز عن الصبر على وعثاء الإعلام الجديد فتحاول تغيير الملعب..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة