|
حرامية مية في المية بقلم كمال كرار
|
كمال كرار حرامية مية في المية
تشتهي صحن الطماطم بالدكوة، وهي وجبة فقيرة بالمناسبة ،فتكتشف أن كيلو الطماطم (المضروبة)لا يقل عن 35 جنيهاً، وأن المثقال ذرة من الفول السوداني المسحون ب 3 جنيه، وأن 3 رغيفات وزن الريشة بي واحد جنيه، وإنك لن تدفع أقل من 50 جنيهاً بعد إضافة قيمة البهارات وحبة بصلة خضراء، والقليل من زيت السمسم .
وكان هذا الصحن في سالف العصر والأوان هو طعام الفقراء من أمثالك وأمثالنا، لكنه الآن بعيد المنال، فالأسعار تطلع ولا تنزل، والدولار يصعد ولا يهبط، ومرتبك النقدي ثابت في محلو، وأجرك الحقيقي يهبط باستمرار، طالما كانت الأسعار متصاعدة .
ولو سألت عن سبب غلاء الطماطم قالوا لك: (وقام اتعزز الليمون)، فالبذور التي تزرع بالثمن الفلاني، والمبيدات باهظة الثمن، والمياه التي ترفع بالطلمبات مكلفة كون أن سعر الجازولين مرتفع، ثم أضف لذلك أسعار نقل الطماطم من مناطق إنتاجها للأسواق، والضرائب الحكومية التي تؤخذ عبر محطات الجبايات المختلفة، وأضف كذلك الرشاوي التي تدفع لجهات ( في النص) يمكنها أن تعطل الشحنة لأي سبب (خفي)، والأموال الأخري التي تدفع لسماسرة ووسطاء يتحكمون في السوق .
وإذا كان منتج الطماطم قد حصل علي 5 جنيه في الكيلو، فإن هنالك 30 جنيهاً ذهبت لمجموعات طفيلية، تنتمي حتماً للمؤتمر الوطني .
ولولا تلك الفلول الطفيلية لحصلت أنت يا أيها الكادح الفقير علي الطماطم بسعر الكيلو 6 جنيهات، إذا اعتبرنا أن الجنيه الزائد عبارة عن تكلفة النقل وهامش ربح الخضرجي .
وتنسي الدكوة وتلعن أبو الطماطم، وتذهب يوم الوقفة إلي السوق لتشتري قميص للولد وبلوزة للبنت من ناس الطبالي الذين يهتفون (كل حاجة بي سبعة ونص)، فتفاجأ أن كل حاجة صارت بي 35 جنيه، وأن القروش التي معك لا تشتري كيلو باسطة، فترجع إلي قواعدك سالماً، وتصطنع النوم حتي لا تجيب علي الأسئلة الحرجة .
وأنت في الطريق لبيتك لا بد أنك شاهدت السدنة والتنابلة وهم يسحبون الأموال من الصرافات الآلية، ويتفسحون في المعارض الفارهة ويملأون عرباتهم بأنواع الحلويات والملابس والهدايا، ويعرجون علي المطاعم والفنادق الفاخرة التي لا تهوب ناحيتها صحون الطماطم بالدكوة، وينظرون إليك باشمئزاز من خلف الزجاج المظلل .
لا تقع في شرك الجملة التي تقول: (ارضي بالمقسوم)، ولا تيأس عن طريق: (إذا كترت الهموم اتدمدم ونوم )، فهؤلاء هم الذين يحكمونك بالحديد والنار، والذين يسرقون عرقك وجهدك بالليل والنهار، والذين يعتبرونك صفراً علي الشمال ليس له اعتبار .
لم يُقسم لك الفقر، وإنما هنالك من يسرق اللقمة من (خشم أولادك)،
فاستجمع قوتك وعنادك، واسحنهم كما يسحن البن في (الفنادك).
وانتزع الأعياد من براثن الحرامية،
واسترجع أموالك المنهوبة مية في المية ،
وقل وداعاً للفول والطعمية
وكل سنة وانتم بخير ،
والسدنة في أمر عسير .
|
|
|
|
|
|