حد الردة كغيره من أحكام الشريعة الإسلامية مثل الرجم و الجلد و قطع الأيدي و الأرجل من خلاف يتطلب وقفه كبيره للتفكير و النقاش حول صحة هذه الحدود من الناحية الإنسانية و القانونية و الإسلامية.
فأنا شخصياً لا أعترف بحد الردة و أعتبره متناقض مع مبادئ الإسلام السامية و مخالف لحقوق الفرد الإنسانية و القانونية، فعلى سبيل المثال إذا رجعنا إلى الوراء و تمعنا و تفكرنا في سيرة الأنبياء و الرسل و ما هي الأهداف و الأسباب التي أرسلوا من أجلها لوجدنا تناقص كبير بين أهداف الرسائل السماوية السامية و حد الردة، فإذا فكرنا لبعض الوقت لماذا أرسل الله الرسل؟ فبصورة مبسطة جدا و مختصرة حتى لا نطيل في الكلام الله أرسل الرسل ليخرجوا عباده من الظلمات إلى النور بأساليب و طرق متعددة الي آخره، و لكن أنا أريد أن أصل إلى نقطة حرية الإعتقاد و إختيار الديانة هذا الحق المشروع الذي لم ينكره الإسلام و يتضح لنا ذلك من خلال مشوار الرسالة المحمدية و ما مرت به من صعاب و مشاق تبرهن أن ألله أراد أن يكون إيمان العباد به و بالإسلام مبنى علي إيمان قلبي و إقتناع فكري مطلق و ليس العكس لذلك لم يستخدم قدرته على إقناع الناس بالقوة ولكن ترك للإنسان الحرية الكاملة في الاعتقاد و حسه علي التفكر و التأمل في مخلوقاته و استخدام العقل للتوصل إلى الحقيقة الربانية و نرى ذلك في العديد من النصوص القرآنية : (أفلا تفكرون)، (أفلا تعقلون) و حتى قصة إبراهيم عليه السلام و كيف توصل إلى الحقيقة الربانية تدل على أن الدين هو إيمان روحي و عقلي منبعه القلب و مصبه العقل، و لكن نرى أن علماء المسلمين يستندون علي آيات قرآنية و بعض الأحاديث لإثبات حد الردة منها قوله تعالى: ( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/ 217 فهذه الآية تتكلم عن من يبدل دينه أي من يرتد و بالتالي تحبط أعماله و يكون مصيره النار و لكن لا تتكلم الآيه قط عن حد الردة و لا تذكره السطور، و يستند أيضاً علماء الدين على قوله تعالى : { وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُاللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِنيَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } التوبة الآية 74 ولكن الغريب في الأمر أن في هذه الآيه أيضاً لم يذكر حد الردة فالاية واضحة وضوح الشمس تتكلم عن الكفر بعد الإسلام اي الردة و ما يترتب عليه من عواقب دون التطرق إلى حد الردة المزعوم و لكن كالعادة المجتمع العربي والإسلامي اعتاد أتباع علماء الدين دون تفكير أو تمعن أو اجتهاد منهم لفهم المعنى فقد قرر الناس في مجتمعاتنا تجميد عقولهم في الأمور التي تخص دينهم و دنياهم باعتبارها خط أحمر و وكلوا أمورهم لبعض من البشر لا يزيدون عنهم في شيء و أطلقوا عليهم ( علماء الدين) و جعلوا منهم قبلتهم و مرجعهم ينفذون ما يقولونه و يتبعونهم أتباع البهائم للرعاة و كأن هؤلاء العلماء لهم حق التفكير و الإجتهاد و إتخاذ القرارات و الآخرين عليهم التنفيذ فقط من غير تفكير أو اجتهاد لذلك مع أن الآية الكريمة لا تذكر حد الردة إلا أنهم يكذبون عيونهم و عقولهم التي تؤكد على عدم ذكر حد الردة في هذه الآية و يعتمدون على قول ابن كثير المبنى علي هذا المعنى: «وإن يستمروا على طريقتهم يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا أي بالقتل والهم والغم ...» و هنا أنا أتساءل كيف لإبن كثير أن يعتمد حد الردة و من ثم يقرر أن( عذابا إليما في الدنيا) يعني أن العذاب سيكون بالقتل و الهم والغم!!! كيف لابن كثير أن يحدد و يقرر شكل العذاب؟ هل أتاه وحي بذلك ام أنها مجرد تخيلات و اجتهادات؟ فإن كان هنالك وحي قد نزل عليه من السماء نحن من حقنا أن نكذبه أو نصدقه لأن حتى الرسول صلعم كذبه بعض الناس و صدقه آخرين ، أم إذا كانت هذه مجرد اجتهادات فهنالك العديد من البشر الذين توصلوا إلى أن حد الردة حد مزعوم لا جود له من ناحية إسلامية صحيحة و غير مقبول إسلامياً و لا عقلانيا و يتناقض تناقضا واضحا و كاملاً مع مبادئ الإسلام السامية،
أما من ناحية السنة النبوية الشريفة فهم يعتمدون على بعض الأحاديث منها :
1 _ عن بن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من بدل دينه فاقتلوه " ( البخاري 3017).
2 _ عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة " ( البخاري 6878 ، ومسلم 1676).
3 _ محمد بن الحسن بأسناده عن الحسين بن سعيد، قال: قرأت بخط رجل إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام): رجل ولد على الإسلام ثم كفر وأشرك وخرج عن الاسلام، هل يستتاب؟ أويقتل ولا يستتاب؟ فكتب (عليه السلام): يقتل. 4_ صحيحة علي بن جعفر، عن أخيه الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام)، قال: سألته عن مسلم تنصّر؟ قال: (يُقتل ولا يستتاب). قلت: فنصراني أسلم ثمّ ارتدّ عن الإسلام؟ قال: (يستتاب، فإن رجع، وإلاّ قُتل). و كما سبق لي و أن ذكرت في مقالاتي السابقة عن زواج المسلمة من المسيحي و شرعية حكم المسيحي في بلد أغلبيته مسلمين و زواج التراضي ، أنه يمكن الأخذ بقول الله تعالى أي القرآن الكريم بعد التفكير في فهم الآية و أسباب نزولها و المقصود منها و هل يتماشى مقصدها مع الوقت الحالي أم لا؟ أي أنه يجب أن لا ننسى أهمية التجديد أيضا، لكن فيما يخص الاستناد على السنة النبوية الشريفة المتمثلة في الأحاديث فمن الصعب الاستناد عليها للوصول لحكم نهائ صحيح فعلى سبيل المثال في الأحاديث المذكورة أعلاها هي عبارة عن أقاويل منقولة عن فلان و علان أي ليس هنالك ما يثبتها بالإضافة إلى أننا لم نكن موجودين في ذلك الوقت و لم نشهد الحدث الذي ذكرت فيه هذه الأحاديث و أسبابه وغير معقول أن نضع قوانين و أحكام لا منطقية و غير عقلانية و غير إنسانية لإدارة دنيانا و ديننا و نطبقها بناء على قول فلان و علان، بالإضافة إلى أنه إذا عدنا إلى نقطة البداية التي تتمركز في تناقض حد الردة مع مبادئ الإسلام السامية :( لا إكراه في الدين )، (و قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر)، (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ۚ أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) فهنا. نجد علامات الاستفهام كثيرة كيف يعطي الإسلام الإنسان حرية الإعتقاد و في نفس الوقت يضع حد الردة؟ الذي هو أبشع أنواع الإكراه في حرية الإعتقاد الأمر الذي يولد الخوف في قلب الإنسان و يعلمه النفاق فيكون الإسلام شكلي فقط خوفاً من عقوبة الردة و ليس جوهريا نابع من قلب صادق مؤمن بهذا الدين، و حد الردة في ذاته نوع من انواع الاستبداد و الإكراه التي لا تتماشى مع ديمقراطية الإسلام و إنسانيته فكيف يكرم الله النفس الإنسانية و يعظمها و يحرم قتلها و في نفس الوقت يسمح بحد الردة بتهمة أن الإنسان لم يعد يؤمن بهذا الدين أي أنه لم يعد يقتنع به ، و حد الردة قبل أن يكون جريمة في حق النفس البشرية و انتهاك لحرية الإعتقاد و اسواء أنواع الإستبداد و الإكراه هذا الحد هو أكبر تشويه لصورة الإسلام و احد العوامل التي تخيف الكثيرين من اعتناق الدين الإسلامي و تخلق علامات استفهام كثير تدور حوله، إذن حماية للنفس الإنسانية المقدسة و حماية لمبادئ الإسلام السامية العظيمة يجب إسقاط حد الردة.
يا فاعل الخير لماذا لم ينتقد هذا المقال الذي نشر في شهر رمضان؟ أنت تريد أن تغطي السماء بالعريش و تضلل الناس عن الجهة التي قامت بالفعل الشنيع من فبركة الصور بطريقة قذرة و المصدر أصبح معروف لدى الجميع و هي نفس الجهه التي قامت بتهديهدها سابقاً و توعدها بالقتل و لكن الآن أصبح لهم عميل و مساند في الوسط الإعلامي يساندهم و يسعادهم على أعمالهم القذرة و يحاول تضليل الآخرين عن مصدر الجريمة الحقيقي لأن ما قاموا به من قذف و تشهير و محاولة تشويه السمعه هي أقذر جريمة يمكن أن يتم ارتكابها في حق فتاة سودانية بسبب اختلاف الرأي و تصفية الحسابات لأصحاب الآراء المعاكسة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة