:: قصة صديقين بلغ بهما اللامبالاة في الدراسة لحد عدم التركيز في جدول الإمتحانات، وناهيك عن مذاكرة الدروس والتركيز في الحصص.. إقتسما كتاب التاريخ، وإتفقا أن يحفظ كلاهما نصف الكتاب، ثم يساعدا بعضهما في الإمتحان، وبهذا يضمنا النجاح في المادة.. ولكن يوم الإمتحان، أحدهما لم ينتظر جرس البداية، بل تلصص على ورقة الإمتحان وتفجأ بأنها ورقة في إمتحان الجغرافيا وليس التاريخ.. وكاد أن يغمى عليه، وطلب كوب ماء، فناوله المراقب، وبعد أن تجرع أشار إلى صديقه : ( جيب لى صاحبي داك كمان)، فزجره المراقب : ( انت مالك ومال صاحبك؟، ما طلب موية)، فجدد الطلب مؤكداً : ( اسمع كلامي و جيب ليه، أصلاً نحن الاتنين حافظين كتاب واحد)..!! :: وبعد نيفاشا مباشرة، وقبل تنفيذ إتفاقيتها بأسابيع، كان أشهر تصريح للأستاذ علي عثمان محمد طه هو النص القائل : ( أجمل أيام السودان لم تأت بعد)، فوثقته مجلة الخرطوم الجديدة التي كان يرأس تحريرها الأخ الطاهر حسن التوم، ثم تناقلته الصحف بالتحليل والتعليق.. ثم جاءت أيام نيفاشا، وما بعد نيفاشا، وفقدنا الجنوب وكان أغلى ما نملك، أرضاً وإنساناً.. ثم إنتقلت الحرب إلى جنوب جديد، أي جنوب كردفان ومناطق بشمال كردفان..وقبلها، إشتعلت دارفور ولاتزال .. وإرتفع معدل الموت والنزوح واللجوء والفقر والديون في بلادنا، وكل هذا يأتي موازياً لإنخفاض معدل النمو .. ولا يزال الحال، سياسياً كان أو أمنياً أو إقتصادياً، في محطة البؤس والقبح..وربما هذا الحال هو المعني بأيام السودان الجميلة التي وعدنا بها ذاك التصريح الرئاسي..!! :: وعلى سبيل مثال آخر، ما أن أصبح والياً لولاية الخرطوم، وبعد آداء القسم مباشرة، قال الدكتور عبد الحليم المتعافي : ( سوف يصبح الدجاج أكل الفقراء في الخرطوم)، و إلى أن غادر الخرطوم إلى وزارة الزرعة وزيراً لم كن هذا التصريح الشهير إلا بمثابة ( أبشر بطول سلامة يا دجاج)، أوكأنو المتعافي قصد به أن تبقى موائد الفراخ المشوي في أحلام الفقراء مدى الحياة..والدكتور عبد الرحمن الخضر أيضاً، خاطب أهل الخرطوم يوم آداء القسم بالنص الشهير : ( لن ينام أحدكم - بعد اليوم - جائعاً)، فرسم الكارتيرست رداً شعبياً فحواه : ( يعني ما ننوم ولا شنو؟)..ولايزال حال الناس هكذا، أي - رغم أنف التصريح - يرسم مشاهد البؤس والقبح والإذلال أمام ديواين الزكاة ..والعمارات تسمو في أحياء الذين تنفذوا في دهاليز السلطة والجاه، رغم أن الشعار كان يرفضهما ب ( لا)..!! :: وعليه.. كلهم، عن بكرة أبيهم، (حافظين كتاب واحد)، ليس التاريخ، بل الوعود غير الصادقة..ولذلك، لم يكن مدهشاً أن يخرج الدكتور الفاتح عز الدين، رئيس البرلمان، قائلاً بالنص : (سيأتي يوم لن يجدوا فيه أحدا يقبل الصدقة في السودان)، هكذا وعد الناس والبلد بولاية الجزيرة.. عفواً، هذا يختلف قليلاَ، لم يحدد الموعد الذي يتساوى فيه كل أهل السودان في السخاء والرخاء والرفاهية لحد ألا تجد الصدقة من يأخذها، بل تركه لذمة التاريخ ( سيأتي يوم).. أي يوم هذا؟، يوم القيامة مثلاً؟، كان عليه أن يحدد اليوم الموعود، كما فعل أولئك ..المهم، أن يعرض السياسي خطته وبرنامجه – إن وُجدت - خير من أن يخدع عقله بمظان خداع عقول الناس..!! مكتبة الطاهر ساتي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة