|
حادث مجزرة الثورة مدخلا : الأبعاد الإقليمية والدولية للصراع الديني في السودان وتأثيراته علي البلدان
|
حادث مجزرة الثورة مدخلا : الأبعاد الإقليمية والدولية للصراع الديني في السودان وتأثيراته علي البلدان الإفريقية - (2) - الخرطوم : إعداد : الهادي محمد الأمين حراك بين المدارس الإسلامية : = ومدرسة أهل الحديث لها امتداد في الاسكندرية وفي السودان أقرب المدارس لها (جمعية الكتاب والسنة الخيرية وجماعة الصافية التي كانت تتخذ من مسجد المسرة مقرا لها) وهي تهتدي باسلوب وطريقة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - هذا الصراع خلف إسقاطات انتقلت بالمناولة للسودان فتجددت ذات المعارك – بنسخة كربونية هنا بالخرطوم .. = فالصراع الديني – الديني أو الحراك بين المكونات الإسلامية المختلفة أوجد تفاعلات تهيأت لها ظروف محلية وإقليمية ودولية وساهمت في بروزها وانتشارها وتناميها علي نحو ولّد ما يسمي حاليا بالسلفية الجهادية التي تناسلت أو تكاثرت بعد تشظي وانقسام حركة الأخوان المسلمين بعد انعقاد المؤتمر العام للجماعة في العام 1991م والذي أنهي حقبة القيادة التاريخية التي يقف علي زعامتها وقيادتها الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد – الحبر يوسف نور الدائم – علي محمد أحمد جاويش – محمد محمد المدني سبّال وعصام البشر وغيرهم بينما اختطف الشيخ الجديد سليمان عثمان ابو نارو الجماعة وانتصر علي تلك القيادة بعد أن قدمه المؤتمر العام ومجلس الشوري الجديد كأمير جديد للجماعة بديلا للقيادة القديمة وانحاز غالبية الشباب المتطلعين للتغيير لتيار الشيخ أبو نارو الذي وقف معه من الرموز التاريخية عيسي مكي أزرق ومن الشباب ياسر عثمان جاد الله – علي أبا صالح الأمين – جمال الطيب – صديق علي البشير – كمال محمود النعيم – عمر عبد الخالق – الفاضل عبد الخالق وآخرين ... = نجومية ولمعان الشيخ ابو نارو فتح الباب أمام مرحلة جديدة تلاقت فيها العديد من التوجهات وتلاحقت الكثير من الأفكار وحدث ما يشبه التحالف بين جماعة الشيخ أبو نارو مع مجموعات الشيخين (عبد الحي يوسف ومحمد عبد الكريم) وإن كان الشيخ عبد الحي بدا زاهدا في هذا الإتجاه !! لكن بعض تلاميذ الشيخ ابو نارو الذين اختلفوا معه وخرجوا منه جذبهم وشدهم خطاب الشيخين الجديدين وانتقلوا من ساحة الأخوان المسلمين إلي ميدان آخر بدأوا فيه رحلة كانت آخر محطاتها مسجد الكلاكلة المنورة – مربعي (1- 2) جنوبي الخرطوم الذي كان يتقدم في إمامة وخطابة المصلين به الشيخ محمد عبد الكريم وبالمسجد كانت هناك خلوة قرآنية ملحقة يتلقي فيها الطلاب علوم القرآن حفظا وتجويدا وتلاوة فالشيخ قبل ان يكون خطيبا فهو مقرئ سبق وأن صلي بالناس في مسجد الكوثر بجدة بالسعودية وفيما بعد (أبعد) منها في أعقاب حرب الخليج الثانية ... = أمّا الشئ الآخر فإن الحكومة ورغم أن الشيخين الوافدين كان ضدها لحد بعيد إلا أنها رحبّت بمقدمهما علي مضض وحاولت مغازلتهما والسبب في ذلك من أجل التغبيش والتعمية وسحب البساط من تحت أقدام أنصار السنة التي كانت العلاقة بينها والحكومة قد توترت ووصلت حد القطيعة – بعد وقوع حرب الخليج واختلاف الموقف الحكومي عن موقف أنصار السنة فأرادت الإنقاذ اللعب علي التناقضات وتقريب مجموعة الشيخين (محمد عبد الكريم / وعبد الحي يوسف) مكايدة في الجماعة السلفية العتيقة خاصة بعد وقوع أحداث مجزرة الثورة في العام 1994م والتي استهدفت انصار السنة وشيوخها وشبابها ومنشآتها بشكل مباشر عن طريق جماعة الخليفي وأعوانه في مسجد الشيخ أبوزيد بالحارة الاولي بأم درمان .. = من أبرز أحداث تلك الفترة التي شهدتها الساحة السودانية وقوع أحداث كمبو 10 وهي قرية تقع بالقرب من مدينة ود مدني حيث تحرك فيلق مكوّن من بعض الشباب التابعين للشيخ محمد عبد الكريم من مسجد الكلاكلة المنورة مهاجرا – مشيا علي الأقدام - نحو قري الجزيرة متجها صوب تلك المنطقة التي كان يدين ويرتبط سكانها ومواطنوها بالطريقة التيجانية فدخلوا في مواجهة مع الأهالي الأمر الذي استدعي تدخل قوات الشرطة لفض النزاع وطلبت من الشباب تسليم اسلحتهم التي كانوا يحملونها والإنصياع لتوجيهات وأوامر الشرطة غير ان البعض رفض ذلك بحجة عدم طاعة (الطاغوت) والإذعان له فوقعت الحادثة التي أدت لمقتل العديدين وجرح البعض وهروب آخرين وقتل أثناء عملية الإشتباك الشرطي الزين البليل وكان قوام المجموعة النافرة والمهاجرة عضوية ضمت كل من : إيهاب جعفر (أمير الفيلق ومفتي الجماعة من الكلاكلة ) – عوض جمعة سيلا من الثورة – محمد إبراهيم حسن من إمتداد الدرجة الثالثة – محمد حامد أحمد من الكلاكلة – محمد عبد المجيد مختار من الكلاكلة – معاوية عبد الفتاح من الكلاكلة – عمار مصطفي ابو آدم – محمد عثمان آدم من أبو آدم .. بينما جرح كل من : ياسر محمد جعفر – علي يوسف موسي – زاهر سيد أحمد – يحيي عوض أبوزيد – ياسر مكي جمعة – هيثم الضئ خميس – حيدر محمد طاهر – جعفر الضوء حسن – أحمد محمد عبد القادر ... وتخلف عن الهجرة كل من : أبو الهمام محمد علي عبد الله الجزولي – الهادي نايل – محمود عبد الجبار – اسعد عبد القادر بحجة المرض = ومن الطريف أن هذه المجموعة تتكون من شباب الموردة – الكلاكلة – العرضة – الثورة والإمتداد أمثال (أبو الفضل – وأبوعداس – وأبو رشاد – وأبو حسّان) قد اختلفت مع أنصار السنة من قبل ثم انضموا للشيخ محمد عبد الكريم وقامت لاحقا بتكفير شيخهم محمد عبد الكريم وهجره .. ومنهم من تتلمذ علي يد الشيخ ابو أيوب البرقوي مثل : إيهاب أبو الفضل – محمد عبد الرحمن – أكرم عبد الملك – أيمن عثمان العوض – وغيرهم كثير ... فحادثة كمبو 10 جعلت بعض الشباب يبتعدون عن الشيخ محمد عبد الكريم الذي إصدر وطرح في تلك الفترة شريط كاسيت (إعدام زنديق) وكفّر بموجبه الدكتور حسن الترابي واتخذته الحكومة كذريعة ومبرر لإعتقال الشيخ محمد عبد الكريم ومصادرة مكتبته وبالتالي تفرق من كانوا معه بالمسجد نظرا للفترة الطويلة التي قضاها الرجل بالسجن الذي لبث فيه بضع سنين .. = من المهم في هذا الصدد الإشارة إلي نقطة جوهرية وهي أن بعض أنصار السنة الذين غادروا وتركوا الجماعة وانضموا لجناح الصافية بدأوا الهجرة لأفغانستان مثل الشيخ أبو الحاشر محمد احمد النور – ومتوكل مصطفي عبد القادر (شقيق الداعية محمد مصطفي عبد القادر) ومن له علاقة بهؤلاء الشيخ ابو حازم السوداني (عماد الدين محمود) – قتل في العام 2013م بمالي فهو لم يكن إخوانيا في يوم من الايام بل كان تابعا لجماعة أنصار السنة وكذلك كان هناك طلبة سودانيون درسوا في باكستان والهند وبعض هؤلاء التحقوا بالجهاد وهم أنصار سنة مثل الشيخ (عواد السوداني) وهو الآن من تجار سوق أم درمان .. وفيما بعد حاول أبو حازم تفويج بعض المقاتلين الشباب الذين كانوا من روّاد مسجد المسرة بحي الصافية بالخرطوم بحري مثل صلاح كاروري والدروشابي وابو همام وغيرهم = شهدت تلك المرحلة والفترة الزمنية مقدم البروفسير جعفر شيخ إدريس – مدير جامعة محمد بن سعود بواشنطن - بعد غياب عن السودان لزمان طال أمده في رحلة استكشافية للتعرف علي الوضع بعد التغيير الذي قادته الجبهة الإسلامية القومية 1989م وكان الرجل وقتها يشغل منصب مدير جامعة محمد بن سعود بواشنطن ويحمل الجنسية السعودية أو إن أردنا الدقة لقلنا جواز سفر دبلوماسي سعودي نظرا لأنه موصول بالشيخ عبد العزيز بن باز وبعض ما رددته مجالس الإسلاميين حينها فإن زيارة الشيخ جعفر شيخ إدريس لم تكن محل إرتياح الحركة الإسلامية السودانية وفسّرت الزيارة بأنها تجئ في سياق الحملة العالمية لاضعاف موقف الشيخ الترابي الذي لا يستلطف البروف جعفر شيخ إدريس والعكس صحيح .. = وقدم البروف جعفر شيخ إدريس ندوة مفتوحة بقاعة الشارقة كان عنوانها (الحركة الإسلامية – سمات جاهلية) وأغضب الطرح قادة وقاعدة الإسلاميين السودانيين المرتبطين بالشيخ الترابي وكتب المحبوب عبد السلام مقالات حادة وناقدة وجريئة ضد الشيخ جعفر شيخ ادريس بصحيفة (ألوان) حملت عنوان : (طائر البطريق) فرد عليه البروف جعفر شيخ إدريس بمقالات أكثر حدة جاءت بعنوان (طائر البطريق يرد علي طائر الببغاء) – المهم مقدم ومجئ الشيخ جعفر شيخ إدريس لم يكن هو الوحيد فقد جاء ثلاثة شيوخ آخرين للتعرف علي الحالة الإسلامية بالبلاد منهم الشيخ محمد بن سرور نايف زين العابدين – حسين خالد عشيش – عدنان العرعور وكان مجئ هؤلاء ومعهم الشيخ جعفر شيخ إدريس مظنة ومبعثا للمخاوف والهواجس ثارت وقتها من قبل كثيرين .. لغز بن لادن وصحبه : صاحبت هذه المرحلة عمليات : = تدفق الأفغان العرب للسودان وتدافعهم نحوه استجابة لسياسات الباب المفتوح التي انتهجتها الدولة في أعقاب انطلاقة الانقاذ رافعة شعار (المشروع الحضاري) واستقرار غالبية قادة ورموز الجماعات الجهادية بالخرطوم لفترة من الزمان ثم مغادرتهم فجأة ومن غير سابق إنذار من البلاد إلي خارجها بعد تعرض الحكومة السودانية لضغوط خارجية مكثفة لإبعاد الإسلاميين من الخرطوم ... = كذلك يصعب بدرجة كبيرة تقييم مسيرة الجهاد في مرحلتها القريبة بشكل تحليلي عميق نظرا للتعقيدات التي صاحبت التجربة بجانب أن المسألة اختلطت بمؤثرات داخلية وخارجية لا زالت بعض فتراتها غامضة ولفّها وأحاط بها شئ من عدم الوضوح وغير مفهومة فمثلا مجئ بن لادن للسودان في العام 1991م ثم خروجه من البلاد حتي العام 1996م ما هي أسباب مقدم الرجل للبلاد دون البلدان الأخري واستقراره لفترة طويلة بالخرطوم ثم إبعاده أو ابتعاده وإن أردنا الدقة فإننا سنقول طرده وهو مغاضب أومغضوب عليه من قبل الحكومة ؟؟ = قطعا الامر ليس خاصا أو وقفا علي زعيم تنظيم القاعدة الشيخ أسامة بن لادن بل ينسحب علي كثيرين من المجاهدين العرب ومن كانوا مطلوبين أو مطاردين من قبل دولهم التي خرجوا منها من جنسيات وبلدان أخري !! في وقت دفع فيه الدكتور سعيد الشريف – رفيق وصهر بن لادن - كتاب صدر له أخيراً تحت عنوان "في قلب بن لادن! الرجل والعائلة" (الناشر: دار "مدارك" بيروت لبنان الطبعة الأولى يونيو 2011) مبينا في صفحاته عمليات النصب والاحتيال التي تعامل بها نظام البشير مع بن لادن بعد هجرته إلى السودان (1991-1996 ) وكيف أن النظام السوداني نصب على بن لادن في أمواله وسعى إلى بيعه للأميركان من مكتب النائب الأول للرئيس علي عثمان طه وحتى وهو على متن الطائرة التي أقلته إلى أفغانستان وتمثل رواية الدكتور سعد الشريف الذي رافق بن لادن خلال سنوات إقامته في السودان أول تأكيد لآراء أسامة بن لادن في ما يسميه النظام السوداني "المشروع الحضاري" (انهم يجمعون بين الدين والجريمة المنظمة) ... !! = أيضا مسألة تسليم بعض الجهاديين للإدارة الأمريكية وما تردد من أحاديث أن السودان كان في يوم من الايام بمثابة شرطي المنطقة بحيث أسندت له مهمة متابعة ومراقبة ورصد حركة (المجاهدين عبر القارات) في بلدان المنطقة المحيطة به مثل إرتريا – الصومال – إثيوبيا – مصر بل امتد دوره كما تردد حتي العراق .. !! هذه ايضا قضية تحتاج لمزيد من الإضاءات والتوضيحات وهل السودان تقدم من تلقاء نفسه للعب هذا الدور أم هو عرض جاء من الادارة الأمريكية نظير ثمن معين ؟؟ وكيف ولماذا أعلن صناع القرار بالإنقاذ الجهاد لمقاتلة الحركة الشعبية بالجنوب ثم فجأة توقفت المسيرة خاصة في المرحلة التي كانت تتقدم فيها كتائب المجاهدين وتتوغل في العمق السوداني لدرجة أنحصر فيها الجيش الشعبي في شريط ضيق للغاية وجيوب محدودة !! ؟؟ ولأن الشئ بالشئ يذكر فمن الضروري التأكيد علي أن السودان يعتبر الدولة الوحيدة التي أعلنت الجهاد رسميا علي كافة الأصعدة والمستويات وقامت القيادة بتفويج المقاتلين لمناطق ومسارح العلمليات بالجنوب والنيل الأزرق وجنوب كردفان ودفعت بإمكانياتها وقدراتها المالية والمادية لصالح العمل العسكري ووفرت الإسناد والإمداد للمشروع الجهادي وجيّشت الشعب وقطاعاته وشرائحه المختلفة لدعم ومناصرة العملية الجهادية فلا توجد دولة أعلنت وتبنت المشروع الجهادي علي مستوي الدول العربية والإسلامية والإفريقية – رسميا - إلا السودان فحركة طالبان علي سبيل المثال حركة مقاتلة لكن مسيرة الجهاد انطلقت وهي مجموعة مقاتلة وليست دولة كما السودن وكذا الحال بالنسبة لحركة حماس وغيرها من المجموعات المقاتلة في المنطقة أو دول الإقليم .. نواصل
|
|
|
|
|
|