|
جامعة الدول العربية....تراجع الأدوار والتخلي عن فلسطين د. تيسير محي الدين عثمان
|
جامعة الدول العربية والتي سبقت فكرة تكوينها وتأسيسها منظمة الأمم المتحدة بشهور حيث تم تكوينها بتاريخ 22/ مارس/ 1945م وتألفت من سبع دول عربية كانت تتمتع بالإستقلال السياسي وقتذاك وهي مصر,سوريا,شرق الأردن,لبنان,العراق,اليمن والسعودية ويقع المقر الحالي للجامعة في القاهرة. عُرفت أول وثيقة للجامعة ببروتوكول الإسكندرية والذي نص على عدة مبادئ والذي خصص مهام مجلس الجامعة والتي منها مراعاة تنفيذ ما تبرمه الدول الأعضاء فيما بينها من إتفاقيات وعقد إجتماعات دورية لتوثيق الصلات بينها والتنسيق بين خططها السياسية تحقيقاً للتعاون فيما بينها وصيانة إستقلالها وسيادتها من كل إعتداء بالوسائل السياسية الممكنة والنظر بصفة عامة في شئون البلاد العربية. مثّل البروتوكول الوثيقة الرئيسية والتي وُضع على أساسها ميثاق جامعة الدول العربية والذي تم إقراره بقصر الزعفران بالقاهرة في 19/3/1945م وتألف ميثاق الجامعة من ديباجة وعشرين مادة وثلاثة ملاحق خاصة وكان الملحق الأول خاص بفلسطين والملحق الثاني خاص بالتعاون مع الدول العربية غير المستقلة وبالتالي غير المشتركة في مجلس الجامعةٌ, أما الملحق الثالث فهو خاص بتعيين السيد عبدالرحمن عزام الوزير المفوض بوزارة الخارجية المصرية كأول أمين عام للجامعة لمدة عامين ( ولكنه شغل المنصب لمدة 7 سنوات). في 22/3/1945م تم التوقيع على ميثاق الجامعة العربية من قبل مندوبي الدول العربية السبعة عدا السعودية واليمن والتي وقعتا على الميثاق في وقت لاحق وكان من ضمن الحاضرين مندوب الأحزاب الفلسطينية كمراقب وحضر جلسة التوقيع على الميثاق وكما تضمن إختيار مجلس الجامعة حينها مندوباً عن فلسطين للمشاركة في أعماله لحين حصولها على الإستقلال. أصر واضعوا ميثاق الجامعة على إدراج دعمهم لعرب فلسطين وإدراج دولة فلسطين ضمن الجامعة وتم وضعها بإعتبارها حكومة على أساس الإعتراف بإستقلالها ولو كانت فلسطين لا تملك أن تحكم مصيرها وصارت كياناً بحكم القانون ومعترف بها في عصبة الأمة مثلها مثل سائر الدول العربية وبمنطلق ذلك تم تعيين مندوب لدولة فلسطين وشرعت الجامعة في تأسيس وإنشاء منظمة تمثل الشعب الفلسطيني وعُقدت أول جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني في القدس الشرقية في 29/5/1964م ومن ثم تم تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في 2/6/1964م واعتبر مجلس الجامعة أن رئيس المنظمة ممثلاً لفلسطين لدى الجامعة وتم بعد ذلك الإنضمام الرسمي لفلسطين في 1976م وأصبحت عضو كامل العضوية ولها ممثل في مجلس الجامعة من حقه أن يصوت في كل القضايا التي يناقشها المجلس. توالى إنضمام الدول تباعاً لهذه الجامعة بعد ذلك وحيث كانت ليبيا هي الدولة الثامنة المنضوية تحت لواء هذه الجامعة في العام 1953م وعقبتها السودان كتاسع دولة تنضم لذلك الكيان وكان ذلك في العام 1956م عقب إستقلاله مباشرة ومن بعد ذلك بقية الدول والتي بلغت 22 دولة عربية منضمة لجامعة الدول العربية. تولى رئاسة الأمانة العامة عدد من الشخصيات منذ الإنشاء لهذه الجامعة وحتى الآن وبلغ عددهم السبعة أشخاص وكلهم من المصريين عدا السيد الشاذلي القليبي من تونس والذي تولى أمانة الجامعة ما بين 1979م وحتى 1990م ويوضح هذا الأمر الإحتكار المطلق لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية من قبل الشخصيات المصرية صاحبة دولة المقر الحالي!!! تضم أجهزة الأمانة العامة عدة مكاتب وإدارات تفوق العشرة ومن ضمنها ما يعرف بالإدارة العامة لشؤون فلسطين وهي إدارة تهتم بمعالجة جميع القضايا المتعلقة بالقضية الفلسطينية وكذلك تضم الأمانة العامة إدارة ومكتب يعرف بالمكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل ويختص هذا المكتب بالشؤون المتعلقة بالمقاطعة وفرض الحصار الإقتصادي على إسرائيل وإعداد القوائم بالشركات والدول الأجنبية التي تتعامل معها, وتنبيه الدول العربية إلى عدم التعامل مع إسرائيل وذلك طبقاً لأحكام قانون المقاطعة الموحد وقرارات مجلس الجامعة بهذا الخصوص. وافق مجلس الجامعة في جلسته بتاريخ 13/4/1950م على إبرام معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الإقتصادي لسد الثغرات التي ظهرت في الميثاق وخاصة في المجالين الدفاعي والإقتصادي وكما ورد في مادته السادسة. ورأت الدول الأعضاء معالجة هذا القصور وإبرام معاهدة الدفاع المشترك وبتفاصيل واضحة وقامت بإنشاء هيئات جديدة تتولى تنفيذ ما جاء في المعاهدة وتتضمن إتفاقية الدفاع المشترك أحكاماً تتعلق بفض المنازعات بين الأعضاء بالطرق السلمية كما تتضمن أحكاماً أخرى تتعلق بمواجهة العدوان المسلح وإعتبرت المعاهدة أي إعتداء على دولة هو إعتداء على بقية الدول الأعضاء وأقرت عملاً بمبدأ الدفاع عن النفس إتخاذ جميع التدابير اللازمة بما فيها إستخدام القوات المسلحة لرد الإعتداء وإعادة الأمن والسلم ونصت المعاهدة على إنشاء قيادة عسكرية موحدة دائمة تتكون من ممثلي أركان الجيوش العربية. أحدثت إتفاقية كامب ديفيد والتي وقعت في 17 سبتمبر 1978م بين الرئيس المصري محمد أنور السادات والرئيس الإسرائيلي مناحم بيغن تغييرات على سياسة العديد من الدول العربية تجاه مصر مما أدى لتعليق عضويتها في جامعة الدول العربية من عام 1978م إلى 1989م وخلال تلك الفترة تم نقل مقر الجامعة لتونس وتولى منصب أمينها العام السيد الشاذلي القليبي وكانت تلك الإتفاقية بداية التحول الحقيقي في التعامل مع إسرائيل من قبل الدول العربية وأحدثت خللاً تاريخياً في مواثيق وعهود وإتفاقيات جامعة الدول العربية ومواقفها من دولة الكيان الإسرائيلي. شكلت القضية الفلسطينية محوراً أساسياً في عمل وإجتماعات الدول العربية من خلال منظومة جامعة الدول العربية و باءت كثير من المحاولات والمبادرات لحل هذه القضية بالفشل حيث فشلت الجامعة العربية في حل القضية الفلسطينية في الفترة 1947-1948م وأرسلت جيوشها إلى فلسطين للمشاركة في الدفاع عن فلسطين في نكبة 1948م إلا أن محاولاتها لمنع تقسيم فلسطين باءت بالفشل الذريع وكما فشلت كل مؤتمرات القمة العربية والتي عُقدت في عدة عواصم عربية في إيجاد حل حاسم للقضية الفلسطينية ولقد تبنت الجامعة العربية في قمة بيروت التي عُقدت في مارس 2002م المبادرة العربية للسلام التي أطلقتها السعودية والتي هدفت إلى إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967م ونصت على عودة اللاجئين والإنسحاب الإسرائيلي من الجولان المحتل مقابل التطبيع في العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل ولكنها فشلت وحاولت الجامعة إعادة إحياء هذه المبادرة في قمة الرياض في العام 2007م وإنتدبت وزراء خارجية مصر والأردن والتي تربطها علاقات مع إسرائيل للترويج للمبادرة إلا أن هذه المحاولة ذهبت أدراج الرياح وقوبلت بتعنت ورفض إسرائيلي مدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية.......لكنها وبرغم فشل كل هذه المحاولات إلا أنها شكلت جهود ومساعي من قبل الدول العربية والجامعة لحل المشكلة والقضية الفلسطينية وعبرت عن موقف عربي مقدر وملحوظ وإهتمام بقضية أهل فلسطين.... بعد وصول حركة حماس للسلطة في العام 2007م تعرض قطاع غزة لعدة حروب وهجمات وإعتداءات إسرائيلية مُخلفاً أعداد كبيرة من القتلى والجرحي وكما تعرضت البنيات الأساسية للتدمير والخراب بفعل تلك الحرب الصهيونية وشهد القطاع وبالتزامن مع تلك الحروب المتعاقبة حصاراً شديداً وغلقاً لكل المعابر عبر إسرائيل وأحياناً عبر مصر ولم يقوم أي مسئول من جامعة الدول العربية بزيارة القطاع إلا في العام 2010م حيث قام السيد عمرو موسى بزيارة تاريخية لقطاع غزة ومنذ تولي حماس للسلطة في القطاع!!! في العام 2012م وحينما تعرض قطاع غزة لإعتداءات وهجمات إسرائيلية تدخل الرئيس المصري محمد مرسي وإستطاع إيقاف تلك الحرب من خلال مبادرة و وساطة حقنت الدماء حينها وأوقفت سلطات العدو الإسرائيلي حينها تلك الحرب مستجيبة لتلك المبادرة. وعاد قطاع غزة من جديد وفي هذا العام 2014م متعرضاً لأشرس معركة يشهدها في تاريخه من قبل القوات الأسرائيلية و حيث خلفت الحرب هذه المرة آلاف من الشهداء والجرحي وسط المدنيين وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن وكما شهدت أحياء القطاع المختلفة دماراً شاملاً في المنازل والمرافق والمؤسسات وحتى الكائنات الأخري من غير البشر ولم تحرك الدول العربية ولا مؤسسة جامعة الدول العربية ساكناً وكان موقفها غريباً ومشبوهاً ومخذلاً وهازماً لفلسطين وأهلها وأعادت الحكومة المصرية للأذهان صورة الخذلان المبين الذي أقدمت عليه من قبل وقصمت به ظهر الدول العربية و وحدتها وجامعتها حينما وقعت إتفاقية كامب ديفيد1978م وطبعّت علاقتها بدولة إسرائيل ضاربة بعهودها مع العرب عرض الحائط ولياتي النظام المصري الحالي بأكبر موقف وأكبر تآمر على أهل فلسطين وحيث شكل موقفاً من البداية ضد حركة حماس وحيث إعتبرها عدواً بمثل عداوته لحركة الأخوان المسلمين المصرية وأصدرت محاكمه المتآمرة مع سلطات مصر المنقلبة على النظام الديمقراطي حُكماً بإعتبار حركة حماس حركة إرهابية وبنفس الفهم واللغة والتي يروج لها العدو الإسرائيلي والذي كان من أكبر المباركين والمؤيدين لنظام مصر الإنقلابي وقائده وبل ذهب بعيداً بالإغلاق المستمر لمعبر رفح وتدمير كل الأنفاق الممتدة من قطاع غزة لمصر عبر رفح وسيناء وخلق مزيداً من حالة الحصار على أهل غزة؟؟؟ وإشتعلت الحرب الراهنة وكانت المؤامرة الواضحة من قبل نظام مصر بتبنيه لمبادرة و هدنة أُعدت وجُهزت في إسرائيل ولم تستجيب لها الفصائل الفلسطينية المقاومة وطالبت بتعديلها ولم تبدئ أساساً تحفظاً لفكرة تبني مصر للمبادرة ولكن كان التحفظ على التفاصيل والتي رأت المقاومة بأنها لا تخدم مصالح أهل غزة وبل تخدم مصالح إسرائيل!!! وكانت الحرب والدمار ومصر تغلق معبر رفح الحدوي ولا تسمح بمرور المدنيين من أهل غزة وحتى الجرحى والمصابين إلا لحاملي الجوازات المصرية وكان موقفاً يغري قوات العدو لمزيد من التدمير والقتل في قطاع غزة وهي ترى مصر ولأول مرة في التاريخ تصمت ولا تدين أو تشجب عدوان إسرائيلي على أهل فلسطين وقطاع غزة تحديداً وبل تساهم معهم وبشكل غير مباشر في قتل أهل غزة وحصارهم وتدميرهم؟؟؟ كان الأغرب هو موقف الجامعة العربية في ظل قيادة أمينها العام الحالي نبيل العربي والذي يُعد من أضعف من مرّ على منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية في تاريخها والذي شهد عهده أكبر تصدع وشقاق في الجسم العربي وخلاف بين الدول العربية والذي لم يمارس صلاحياته وإختصاصات الأمين العام السياسية والتي تفيد بأن للأمين العام الحق في توجيه نظر المجلس أو الدول الأعضاء إلى أي مسألة يرى أنها تسئ للعلاقات القائمة بين الدول الأعضاء ويقوم بجهود لتوطيد العلاقات العربية وفض المنازعات بالطرق السلمية وما حدث من خلافات وتباين بين بعض دول الخليج في المواقف بشأن ما حدث في مصر من تغيرات وأحداث سياسية وغيرها من الأمور يمثل أكبردليل على إخفاق ذلك الأمين العام لجامعة الدول العربية...كما ساهم هذا الرجل ومن خلال وجوده في هذا المنصب في توفير الغطاء السياسي العربي لإنقلاب مصر وتثبيت أركانه مخالفاً للوائح المنظمة وأهداف جامعة الدول العربية وبالتالي كان أكبر داعم لعمليات القتل والمجازر والتزوير الإنتخابي والتي حدثت في دولته مصر من قبل سلطات النظام الحالي مشتركاً معه السيد عمر موسى الأمين السابق لجامعة الدول العربية والذي لعب دوراً كبيراً في الإنقلاب الحالي والتحريض لحدوثه ضد سلطة ديمقراطية كانت قائمة وكما أنه أخيراً بدأ في لعب دور المحرض لشن حرب من قبل الجيش المصري على ليبيا متناسياً منصبه السابق كأمين عام لجامعة الدول العربية !!!! في ظل كارثة أحداث قطاع غزة وحالة التشرزم الموجودة بين الدول العربية وفي ظل وجود نظام مصري إنتقامي وعسكري و مساهم في خلق حالة من الفتن بين الدول العربية وخلق حالة من التباين في المواقف بين دول الجامعة العربية و الذي أصبح مؤثراً وبشكل سالب في أداء جامعة الدول العربية مستفيداً ومستغلاً كون أن مصر دولة المقر لها والمحتكر الأوحد لمنصب الأمين العام والذي باتت من خلال الأمينين السابق والحالي تلعب أدوار مشبوهة ومعضدة لنظام قائم على القتل والإقصاء في داخل بلده و مساهماً في هزيمة قضية الأمة و مبادراً بالتخلي عنها, وبعد سقوط كل الأقنعة ورفض مسئولي الجامعة العربية التعليق وإدانة ما يحدث في غزة....بات من الضروري وبل لزاماً ترحيل مقر هذه الجامعة من جمهورية مصر العربية ونقلها لدولة عربية أخرى تُحظى بقبول الجميع وتُعيد لهذه الجامعة دورها المفقود بفعل الأُمناء المصريين وبفعل وجودها في مصر وحيث صارت الجامعة العربية ممثلة في أمينها العام تخاطب ود النظام القائم في مصر وتتأثر بمواقفه المختلفة وبل تنتظر منه التوجيهات والتعليمات وكما أصبحت هذه الجامعة تشكل مؤسسة توفر وظائف عمل حكراً لتوظيف كوادر وسفراء خارجية مصر والذين يتمتعون أكثر من غيرهم من أبناء الدول العربية الأخرى بالإمتيازات الوظيفية لجامعة الدول العربية....لذا لإنقاذ ما تبقى من وجود لهذه المنظمة يجب أن يتقلد هذا المنصب شخصية غير مصرية وحيث لم تُعد للمجاملات مكان وخاصة بعد أن هُزمت قضية العرب المركزية(قضية فلسطين) أو فلينتظر العرب مزيداً من التآمر على أخوتهم الفلسطينيين ومزيداً من الخلاف والشقاق العربي في ظل القيادة المصرية المتعثرة لجامعة الدول العربية...وما يثير الشفقة على هذه الجامعة ويخلق الإستياء في نفوس الشعوب العربية هي المواقف القوية والداعمة من قبل دول أمريكا اللاتينية شعوباً وحكاماً لأهل فلسطين وغزة بينما تتقازم المواقف لزعماء وحكام العرب ويغوص بعضها في وحل دعم وتأييد وخدمة عدو العرب الأول دولة إسرائيل وبشكل مكشوف و واضح ومن دون إستحياء أو ضمير والدم الفلسطيني يروي أرضها وبواديها وإسرائيل تفعل كل ما تريد في أرض فلسطين المحتلة والعرب أخيراً يتفرجون لا يدينون أو يشجبون وكما كانوا يفعلون!!!!
|
|
|
|
|
|