|
ثم ماذا بعد فوز السيسي؟ /صلاح يوسف
|
على المحك صلاح يوسف – [email protected]
لأن امتحان الانتخابات المصرية كان مكشوفاً للجميع، لم يحرص البعض على الذهاب للإدلاء بأصواتهم فيها بحسبانه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين دون أن يقع عليهم لوم أو عتاب. ومن خلال متابعة المحللين للحملات والمناخ الذي أجريت فيه اتضح أن الانتخابات تنبئ سلفاً بفوز كبير للمشير السيسي، بل كانت كذلك حتى بالنسبة للمنافس الوحيد حمدين صباحي الذي خاضها بشجاعة وقناعة حتى لحظة إدلائه بصوته. ويبدو أنه حين شعرت لجنة الانتخابات بضآلة عدد الذين صوتوا قياساً بعدد المسجلين أرجعت السبب إلى سخونة الطقس فمددوا التصويت ليوم ثالث لم يجد قبول الطرفين أو يستجيب له إلا عدد قليل لكنه رفع النسبة لرقم أعلى وإن لم يكن بالقدر المأمول بما يماثل الملايين المقدرة التي أبعدت مرسي عن الكرسي. وبالنظر إلى نسبة الذين صوتوا مقارنة بمن يحق لهم التصويت نجد أن عدداً لا يستهان به تخلف عن المشاركة ربما لوقوفهم جانب الإخوان المقاطعين والذين لا يقرون بشرعيتها إضافة للذين تخلفوا تكاسلاً دون اعتراض على ما ستتمخض عنه. لكن الملاحظ أن قطاعاً هاماً وكبيراً وهو قطاع الشباب، الذي كان له الدور الأكبر في تقويض نظام مبارك المتغلغل في مسامات التركيبة الشعبية ومفاصل الدولة، لم يشارك بذات الحماسة التي عرف بها خلال ثورة يناير أو عند الخروج الرافض لمرسي في يونيو وهو ما يدعو للتساؤل. الشيء الملفت أن هناك عدداً لا يستهان به من بطاقات التصويت كانت باطلة فتم استبعادها مع إن بطاقات التصويت لم تكن تتضمن قائمة مطولة للمرشحين أو تذخر بخيارات معقدة تجعل الخطأ وارداً، كما لا يعقل أن يكون المواطن المصري، بما يتمتع به من وعي سياسي ومعرفي، غير قادر على التفريق أو الاختيار بين هذا وذاك الشيء الذي يجعلنا نميل إلى الاعتقاد بأن البطاقات الباطلة ربما أتلفها الناخبون عن قصد أو أوصلوا عبرها رأيهم الرافض للعملية بدلاً عن الاكتفاء بالاختيار مما جعلها تخرج عن النسق الانتخابي المطلوب.
ونحن ربما لأننا نتطلع للاستفادة من ممارسات الشعوب الأخرى عند انتخاب رؤسائها وأعضاء برلماناتها تجدنا دائماً نتابع بكل حواسنا ما يجري حولنا عن الكيفية الانتخابية والأساليب المتبعة بدءاً من الترشيح والحملات الدعائية والمناظرات السياسية والطروحات البرامجية وصولاً إلى إعلان النتائج وتقبلها بواسطة المهزومين برحابة صدر تتمثل في تهنئة المهزوم للفائز وهو ما حدث بالفعل. ولكن ما أن انتهب الانتخابات وبدأت الأرقام تفصح عن بعض التفاصيل الدقيقة حتى علمنا أن إعلاناً غير رسمي وضع المرشح حمدين صباحي في المرتبة الثالثة باعتبار أن جملة الأصوات التي حصل عليها كانت أقل من الأصوات الباطلة فتم اعتبار البطاقات الباطلة في المرتبة الثانية ليجيء صباحي في المرتبة الثالثة وهي لعمري بدعة تصنيفية جديدة أخرجتها أجهزة الإعلام المصرية فلا ندري ما إذا كان ذلك للتقليل من مكانة المنافس الثاني أم أنها طرفة من تلك التي يفرزها الشارع المصري كتلك التي نادت قبل الانتخابات بأن يكون لمصر رئيسان واحد في الصباح والثاني في المساء وهما حمدين (صباحي) والسيسي (مسائي).
ولعل ما يهمنا كسودانيين، بعد فوز المشير عبد الفتاح السيسي، استقرار مصر وعودتها لمكانتها الرائدة عربياً لأن في ذلك ضمان لأمن جيرانها وخاصة الذين يعانون من تداعيات الربيع العربي، وكذلك يهمنا بالأخص معرفة مستقبل العلاقة بين البلدين حيث نتطلع إلى تعاون فعلي صادق يتجاوز إطار العبارات الرنانة المستهلكة مثل (العلاقات الأزلية) و(وأبناء النيل) و(العمق الاستراتيجي) و(التكامل الاقتصادي) الخ، فقد استجدت في الساحة السياسية قضايا ساخنة تحتاج إلى التفكر الهادي العميق بعيداً عن ردود الأفعال وكسر قيود الانفعال. ومن بين هذه القضايا سد النهضة الذي تتباين حوله الرؤى حسب التصريحات المتداولة، ومثلث حلايب وشلاتين الذي ظل ملفه معلقاً دون حسم، والتشكيك في صدق النوايا إزاء منطلقات وخلفيات النظامين حيث يقتضي الحال حياداً يحد من جعل أي دولة خميرة عكننة للدولة الأخرى. الكرة الآن في ملعب السيسي، فهل يفلح في إحراز الهدف الذهبي؟
|
|
|
|
|
|