في خضم الاحتفالات المبهجة بإطلاق سراح محكومي الحركات المسلحة.. نشرت الصحف أمس حديثاً منسوباً لأشهر المفرج عنهم، الدكتور عبد العزيز عشر (الأخ غير الشقيق لزعيم حركة العدل والمساواة).. قال فيه إن رفعهم للسلاح كان من أجل (لفت الأنظار لقضية وطنية).. ومع تقديري لرأي الدكتور عشر لكن تنتظره أسئلة كثيرة تتطلب إجابة صريحة.. كم كلف (لفت النظر لقضية وطنية) أهل السودان؟ كم عدد الأبرياء الذين قتلوا؟ والذين شُردوا لأكثر من 12 سنة؟ و عدد الأطفال الذين فاتهم قطار التعليم.. ولو عاشوا حياة عادية ربما لنالوا أرفع الشهادات مثل الدكتور عشر نفسه.. بكل يقين حصاد (لفت النظر إلى قضية وطنية) لا يمكن مقارنة خسائره بأرباحه.. بل من الأصل هل هناك أي أرباح؟ فالدكتور عُشَر الأن يخرج من سجن كوبر لا على أسنة رماح الثورة بل بعفو رئاسي.. ورفاقه الحاملون للسلاح ليسوا على أعتاب نصر يحقق ما خططوا له من (لفت النظر لقضية وطنية).. لا أتصور أن يجد د. عُشر أو أي رفيق سلاح آخر مبرراً أو حيثيات تقنع أهل السودان عامة ودارفور خاصة بأن السلاح رفع ظلماً أو غير حال أو حتى أنجز اتفاقية سلام في طياتها بعض أماني المستقبل الأخضر.. كل الذي حصل عليه المقاتلون بعد كل هذه السنوات الطوال من الدماء والدمار ربما قد يكون بعض كراسي مرجوة في حكومة قادمة أو مقاعد دستورية في البرلمان وغيره... هذا في أفضل الأحوال.. ولا عزاء للقضية الوطنية التي على شرفها أريق كل هذا الدم. الحمد لله نحن الآن على أعتاب سلام شامل لا يستثني أحد.. يضع عن الوطن والشعب رهق السلاح والدماء.. وأي اتفاق سلام يأتي يجُب ما قبله.. لكن تظل الحاجة الوطنية ماسة لتحديد أثر هذه الحروب على المستقبل السياسي لكل من ارتبط بها.. بعبارة صريحة.. أليس من حق الشعب السوداني أن يطلب من كل من شارك في الحرب أن يبتعد عن أي منصب سياسي.. في كل الأطراف.. حكومة وحركات.. الشعب السوداني دفع ثمن الحرب من حر مال فقره المدقع.. وخصماً على مستقبله المأزوم.. بل حتى ومن سمعته الدولية التي لطختها عشرات القرارات والإدانات الأممية الشائنة لسمعتنا.. العفو والعافية، نقلب الصفحة لصالح سودان جديد... لكن بمبدأ (نعفو لكن لن ننسى) We forgive but never forget وأقل ما يجب الاتفاق عليه أن يترجل كل من له مساس بملفات حروبنا الأهلية..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة