|
ثلاثة أعوام مرت على رحيل القائد الشهيد / يوسف كوة مكى
|
رسالة عابرة
بقلم / خميس عباس أرقوف - القاهرة
18 / 6 /2004
ثلاثة أعوام مرت على رحيل القائد الشهيد / يوسف كوة مكى
والأقلام المثقفه متوجسة عن ذكرى الرجل !
صادف يوم أل 30 من شهر مارس السابق مرور ثلاثة أعوام على وفاة المناضل الباسل فقيد الأمة المعلم القائد / يوسف كوة مكي بعد عناء مع المرض اللعين والذي أوفاه بعاصمة الضباب لندن ، عن عمر لن يتجاوز الستة والخمسون عاماً، بعد رحلة كفاح وعناء شديد بقضية شعب جبال النوبة وسيرة نضالية خالدة يستحق الإشادة والثناء وفاءاً وعرفانا لعطائه الثر من اجل الوطن بل يستوجب تلك السيرة العطرة المفعمة بالعبر القيمة والفضيلة كمادة تدرس بالمدارس والاحتفاء به سنوياً.
خلال تلك الثلاث سنوات التي مرت بمرارتها لفقد الراحل المقيم كوة وأنا أسجل وأحصى كتابات الأغلبية العظمى من أبناء جبال النوبة وخاصة شريحة المثقفين وأصحاب الرأي والفكر لن يتوقف قلم أحد عند تلك الذكرى لتوفى الرجل بعضاً من حقه الأدبي مما أوفا وقدم في سبيل أن يسود العدل والمساواة والحرية في وطناً يقوده عناصر الظلم والطغيان .
وفى هذه المساحة أفرد تلك الأسطر البسيطة تعريفاً للشهيد كلمسة وفاء وقيضاً من فيض سيرته العطرة بما أعطى وقدم من فضائل وشمائل طيبة لشعبه ووطنه.
وبما أن الرجل لا يحتاج لأضواء لكن ضرورة الموقف تستحسن وتستوجب ذلك ونحن نمر بالذكرى الثالث لرحيل قائدتا كوة من دار العمل إلى دار القرار ، وهذه الذكرى تعتبر منا لمسة وفاء مطلوبة في حق الرجل إخلاصاً لما قدمه للوطن فلذا كان من الواجب بناء في مثل هذه اللحظات أن نذكر محاسن الرجل مما قدمه من أعمال جليلة وتضحيات كبيرة ومقدرة ، وهذا كحق أدبي أبسط ا نجود به لشخص تفرد وتميز في أداء الواجب أبلى بلاء حسناً وترك بصمة واضحة في خارطة العمل النضالي والفكر السياسيي لإنسان الهامش ، وواحد من قادة الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان من الذين لهم التأثير الواضح والقدح المحلى في تحول الشارع السوداني بتنديد شعار العدل والمساواة والحرية الذي حان بوارق قطافها.
وإليي مطلع موضوعنا :-
ولد الشهيد يوسف كوة مكي في سنة 1 /1 /1945م في قرية الأخوال بميرى جنوب مدينة كادوقلى بإقليم جبال النوبة، حيث تلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة ميرى الأولية والمتوسطة بمدينة سنكات في شرق السودان ، والمرحلة الثانوية بمدرسة الخرطوم التجارية، حيث نال شرف الدخول للكلية الحربية إلا انه فصل منذ السنة الأولى وكان دفعة للواء رمضان زايد طيب الله ذكراه ، وسبب فصله نسبة لنشاطه السياسي داخل أروقة الكلية الحربية، حيث انه كان من ! طليعة الشباب انضماما لاتحاد عام جبال النوبة في سنة 1964م . وبعد فصله من الكلية الحربية ، عمل معلماً بالمرحلة المتوسطة وذلك بإقليم دارفور لمدة ثمانية أعوام ، وكان القائد كوة متطلعاً وطواقاً للعلم والمعرفة نحو حصيلة علمية اكبر مما يحمل من طموحات وفى عام 1976م التحق بجامعة الخرطوم كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وتخرج فيها ونال درجة شهادة البكالوريوس في عام 1980م وعاد للحياة العملية مرة ثانية معلماً ومربياً وفي نفس العام الذي تخرج فيها لكن هذه المرة كانت بمديرية جنوب كردفان مدينة ! كادقلى مسقط رأسه ومرتع صباه ، حيث عمل معلماً بمدرسة "تلو" الثانوية العريقة والذي درس فيها ثلة من قادة العمل السياسي والعسكري والأكاديمي من أبناء جبال النوبة والسودان ، حيث تزوج الشهيد كوة في نفس العام أولى زوجاته فاطمة ، وكان كوة أثناء دراسته الجامعية من الكوادر النشطة في تنظيم "كمولو" السري والذي كان يرأسه الشهيد/ عوض الكريم كوكو تيه الملقب "أبو كوع" نسأل الله للرجل رحمة واسعة وان يحشره مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً ، حيث كان لذلك التنظيم خلايا نشطة وفعالة خارج إطار الحرم الجامعي في مختلف مدن السودان ، واستطاع التنظيم أن يبسط نفوذه في الأماكن التي يكثر فيها أبناء جبال النوبة.
وفى عام 1981م أقيمت انتخابات ترشيح لمجلس الشعب الإقليمي بالأبيض ، حيث رشح كوة وفاز في دائرة إقليم جبال النوبة ، وانتخب نائباً برلمانياً لمجلس الشعب الإقليمي بالأبيض ، إلا انه دخل في خلاف مع حاكم الأبيض في ذلك الفترة وهو الفاتح بشارة ، لتكون تلك أزمة الخلاف الثاني لكوة مع النخب المتربع على مناصب الحكم في السودان.
انضمام كوة إلى صفوف الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان ، في 1984م أن انضمامه لن تكون عن طريق الصدفة بل كان من محض إرادة الرجل وفلسفة فكره العميق ورويته الثاقبة وثقافته الجيدة حول محيطه تاريخ وجغرافية السودان ، وعبقرية الرجل لوجود حلول قضية شعب جبال النوبة في إطار فكر الحركة حيث كان مدركاً جيداً لاستراتيجيات الحركة الشعبية ومؤمناً بمبادئه وجندياً مخلصاً ووفياً في ولائه ،
تأهيله العالي وتنصيبه في الحركة الشعبية :-
وفي عام 1985م بعث إلى كوبا لتلقى كورسات تأهيلية عليا في مجال علوم السياسة وبعد عودته في فترة 1986م أغسطس عين عضواً مناوباً بالقيادة السياسية والعسكرية العليا للحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان وفى نفس العام ديسمبر أرسل في بعثة دراسية إلى كوبا لكن هذه المرة لتلقى العلوم العسكرية ، وعاد من البعثة الدراسية عام 1987م ليمارس العمل السياسي والعسكري ليقوم بأول عمليه عسكرية إلى جبال النوبة بقوة جبارة من قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان والتي انطلقت من الأراضي الحبشية قاصد! ة مدينة كاد قلي والذي عرف بحملة ( نابليون أفريقيا ) و من خلاله حقق مكاسب سياسية وعسكرية كبيرة وعلي سبيل المثال ليس الحصر :- نشر فكر الحركة في الجبال وانضمام أعداد كبيرة من أبناء جبال النوبة إلى صفوف الحركة ، فالقصة طويلة لا نريد الخوض واسترسال الحديث فيه، لنعود إلي مضابط موضوعنا .
حيث عين الرجل فيما بعد رئيساً لمجلس التحرير الوطني للحركة الشعبية لتحرير السودان وحاكماً لإقليم جنوب كردفان وكان ذلك عام 1994م . وثم تم تعيينه مشرفاً عاماً للشئون الإنسانية بالمجلس الوطني التنفيذي للحركة الشعبية لتحرير السودان .
دعوة كوة لأبناء جبال النوبة إلى صفوف الحركة الشعبية وصفات القائد :-
بدأ دعوته منذ فجر انضمامه للحركة الشعبية بشريحة المثقفين أفرادا وجماعات شارحاً وموضحاً حجم المسألة في تداعيات الكفاح المسلح للقضية .فمنهم من عقل وفهم الأمر وتجاوب مع النداء وخاض مسيرة النضال الصعب ، ومنهم من تخاذل لخوض المسيرة مع الجماعة وهنالك أيضا من تجاوب وضعف إرادته عندما اشتد الوطيس فانتكس ، إلا أن مسيرة النضال ما زال مستمر وقادم بقوة وعزيمة وإرادة جيلاً مؤمناً على المبادئ متمسكاً بحقوقه عاضاً عليه بالنواجذ مجدداً العهد مع نفسه حتى أن يتحقق الهدف المنشود الذي من اجله رفع رايات النضال.كوة عمل في توحيد صفوف أبناء جبال النوبة بداخل الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، كان معلماً ناصحاً، وموصياً بالحق وقيم الفضيلة، اتصف بالعفة والطهر والنقاء والبساطة والتواضع، وحب الناس والعطف على الضعاف والمساكين كان نورا! ً يضيء الطريق رافضاً الظلم والطغيان للناس جميعاً ومحباً للعدل والوحدة والسلام.
كوة حمل القضية فكراً وأمانة ورسالة يوصى به ويذكر رفاقه وهو ملازم سرير المرض ناسياً آلامه الذي أقعدته طريح الفراش ويتأوه حسرة بالآم الوطن حتى لبا نداء ربه في ليلة 30 من شهر مارس 2001م لتفتقد الحركة الشعبية وجبال النوبة أعظم ما أنجبته في ساحات النضال على مر السنين الفائتة
هكذا اتصف فقيدنا فقيد الوطن فقيد الحركة الشعبية القائد / يوسف كوة بأطيب ما يوصف به القائد من خِصال واليوم نحن إذ نتذكره نذكر ما خلف لنا الرجل من جليل الأعمال ليكون زاداً ونبراساً لنقتدي أسوة به تواصلاً لمسيرة النضال التي انطلقت وتبدو بلا نهاية.
فاليوم ننعيك يا يوسف فلمن نشكو بلوانا ... فلله وحدة المصير والمشتكى فسلام عليك أيها الحبيب الهميم المرتحل يوم رحلت وسلام عليك يا يوسف إلى يوم اليقين .
والعزاء للوطن الرؤوم التي ولدت فيه وتمر قدت في ترابها الطهر عند طفولتك والعزاء موصول لأزواجك ولأولادك أمد الله في أعمارهم والعزاء لرفاقك بالقيادة العليا وعلى رأسهم المفكر القائد د/ جون قر نق قائد ثورة التحرير ورفاقك الأبرار المخلصين الأوفياء الجنود البواسل الذين ما زالوا على العهد باقون أمد الله في آجالهم إلى أن يأتي النصر الذي وعد الله به المظلومين والذي قال فيه تعالى في شأنهم والذين يقاتلون بأنهم ظلموا أن الله على نصرهم لقدير" .
والعزاء موصولا لكل الأخوة الرفقاء الأوفياء القابضين على جمر القضية أينما وجدوا أمد الله في أعمارهم ليعيدوا جلال سيرتك العطرة .
وأنا أكتب تلك الأسطر البسيطة عن الراحل المقيم معلم الأجيال في مدرسة النضال القائد يوسف كوة ، كنت أتسائل عن توجس دور الأخوة المثقفين الغير مبرر في إبراز عبقرية فكر الرجل ومساهماته النضالية وكفاحه الكبير في قضية جبال النوبة وما تركه من بصمة على خارطة العمل النضالي كنبراس يعتز به. ولأن المثقف هو عين الشعب ونوره الذي يضيء طريقهم والضمير الذي يعبر عن رواهم وتطلعاتهم، وفى حيينها تذكرت مقولة بأن أمة تجاهلت خير أكثر أبنائها فضلاً في العطاء ، لا يرجا منهم والواقع اليوم أكثر بلاغة واشد مضادة، ونحن نمر بالذكرى الثالثة لرحيل فقيد الأمة القائد كوة والذي سطر لنا تاريخاً عريقاً غنى بالعبر والفضائل في سبيل تحرير شعب عاش الظلم والطغيان عقوداً طويلة من الزمان .والعسيف أن ذكر الرجل لن يجد اهتماماً من كتابات شريحة المثقفين من بنى جلدته حتى بلإماء وهذا اضعف ما ترتضيه ضرورة الموقف كحق أدبي في مرور كل عام من يوم رحيله.
فلأدهى والأمر أن بعض الأقلام غفلت و ضلت الطريق وانحرفت عن الرسالة المقدسة في بساط صاحبة الجلالة الداعي إلى الحق وقداسة الكلام وانزوت في الممنوع منه ، وأن تلك الكتابات التي قرأناها عبر الصحف الإلكترونية في الأيام الفائتة ولعل القارئ الحصيف اللماح يدرك ذلك تماماً مما نقصده من حديث والذي أشبه ما شبه بحديث الأفاعي إن جاز التعبير زيد لدغ عبيد وفلان لدغ علان والقبيلة الفلانة أفضل واعظم من القبيلة العلانية هلما جر من كيل المهاترات الغث الذي لا يثمن ولا يغنى من جوع عقل القارئ بشيء سوى الخوض في التشهير والفضح مما لا يفيد إلا المتربصين و المرتزقة الداعين لإشعال نار الفتنة والانقسامات بين أبناء السحنة الواحدة لمخطط فرق تسد .
حقيقتا إنني اكتب تلك الكلمات أتوارى خجلاً منها مما نحن فيه من موقف صعب وحرج جداً تستدعى شمل جهود أبناء القبيلة الواحدة إذ نحن مقبلين لمرحلة جديدة تختلف تماماً مما سبق من شتات وقبلية ضيقة حرجة لا تخدم ولا تفيد إلا الأعداء . والذي تحتاجه متطلبات المرحلة القادمة بعد التوقيع النهائي للسلام والذي أصبح اقرب للواقع ، نحتاج فيه لكل أفكار ومجهودات أبناء جبال النوبة المستنيرين والمفكرين أينما وجدوا للبت في تبصير وتعريف البسطاء منا عن ماذا سيحدث ما بعد الفترة الانتقالية المقبلة ، أن التضامن والوحدة مطلبان أساسيان لأبناء جبال النوبة وخاصة في مثل هذا الظرف والذي تستدعى أن تع! اد فيه ثقة العلاقات الأزلية والتي ضعفت بعامل المد الجغرافي وغياب السرد التاريخي المتواتر عن وحدة كيان النوبة والعادات والتقاليد المشتركة وتداخل وتشابك اللغات بين المجموعات والأعراف السمحة المتشابهة، في القبيلة والتي تنبذ العدوان وعدم تعدى حدود الغير وأيضا التآزر ولتناصر والتوادد في الحياة الاجتماعية حفاظا علي توازن وتواصل العلاقات الحميمة بين الجوار ، هذا هو عرفنا الجميل المتعارف عليه الداعي للمحبة والوحدة ، عكس ما صوره لنا كتابات بعض الاخوة المارقين من دائرة عرفنا الطيب ، بكتاباتهم الداعية لنشر الشتات والفرقة والذي يستوجب الوقوف عنده والتوضيح في الأمر، إذ لن نتوخى الحذر والحكمة وتركنا الساحة لهؤلاء المهرجين سنصاب بفتنة لن تحمد عقباها .وما نحرص قوله ونناشد فيه مذكرين الإخوه الطليعة من المثقفين من أصحاب الفكر السديد والرأي القويم و الأقلام الرصينة والحكماء منا ولكل من أراد أن يكتب فعليه أن يكتب لكن أن يصوغ ويعبر عن ما يفيد وينفع الناس ويجمعهم في بؤرة واحدة تعضيدا ما جاءت به مؤتمر جامع عموم النوبة كاوده عام 2002 وخاصة نحن مقبلين على مرحلة تاريخية حاسمة جداً تستوجب الوحدة الحقيقية لشعب جبال النوبة في المرحلة الانتقالية القادمة والذي لا خيار فيه سوي الوحدة والتي تتطلب أصحاب أقلام نزيهة من العقد الاجتماعية والأمراض الفكرية والذي يقع على عاتقهم تكليف رسالة جسام منوطة بهم تدعيم وحدة الصف النوبي وجعلها واقع نحسه وصياغة وثقل أفكار جيل قادم للحياة تنقصه معرفة تاريخه وقضيته وهويته ، في ظل وجود فوارق اجتماعية ونزاعات عرقية واثنيه وهيمنة جهوية وطائفية في خارطة الدولة الواحدة . وطموحاتنا وآمالنا في ظل السلام الذي أصبح اقرب لأرض الواقع لتحقن نزيف الدماء لحرب أهلية استمرت لعقدين من الزمان والذي دفع فاتورة ثمنها مواطنونا الأبرياء وجنودنا البواسل م! قابل أن تذوب تلك الفوارق سالفة الذكر والذي عانينا منه ردحاً من الزمان لنشهد دولة واحدة تتسم فيه قيم العدالة والمساواة والحرية وبما أن طريق هذا العمل مفروش بالورود إلا انه يحتاج إلى عملاً دؤوباً مضنياً حتى نستشرق آفاق المستقبل المشرق بالسلام ، وحيينها سيتصالح الأعداء ويتصافح الخصوم الصفح الجميل ويعم السلام ويصبح السلام الذي ننشده واقعا نعيشه .
ولكم السلام
البريد الإلكتروني :
[email protected]]
اخوك/ خميس عباس ارقوف/القاهرة
|
|
|
|
|
|