|
توزيع الصحف وتوزيع السلطة بقلم مصطفى عبد العزيز البطل
|
08:14 PM Mar, 19 2015 سودانيز اون لاين مصطفى عبد العزيز البطل- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
غربا باتجاه الشرق
mailto:[email protected]@msn.com (1) حبيبنا الصحافي الضخم عادل الباز كتب في زاويته الراتبة بصحيفة (اليوم التالي) اول أمس الثلاثاء حلقة اولى من سلسلة بعنوان (تقرير مجلس الصحافة: التنقيب في الظلام). وتهدف السلسلة الى اخضاع التقرير الذي صدر مؤخراً، مشتملاً على أرقام توزيع الصحف خلال العام 2014، للتحليل الموضوعي، او غير الموضوعي، كيفما يكون مضمون السلسلة البازية وخلاصاتها!
دهشت عندما قرأت قول صاحبي ضمن مقاله التحليلي: (الصحافة لم تعد جاذبة، فقد دجنتها السلطة، وأحالتها لنشرات رسمية، فكفت عن كونها صحافة حرة ومستقلة. جمهور القراء ادرك ان الصحافة مكممة لا تخدم قضاياه). لم يكن ما أدهشني هو ورود مثل هذه العبارات النضالية الثورية عند (كوز) معتق مثل عادل الباز، فنحن نعيش زماناً أصبح الكل فيه مناضلاً، ولم يعد من الميسور في يومنا هذا التفرقة بين الكوز والشيوعي!
وأنا أعلم ان العيار قد فلت، واختلط الحابل بالنابل، فأصبح الديك حماراً والليل نهاراً. قبل يومين قرأت تصريحاً لأحد قادة حزب البعث المعارض، وقد عرفته قبلها ناطقاً رسمياً باسم تحالف قوى الاجماع الوطني. وجدته يعنّف حبيبنا ياسر عرمان وجبهته الثورية تعنيفاً، ويكيل لهما العبارات الشانئة كيلاً، منكراً عليهم اصدارهم قبل ايام بياناً يزعمون فيه ان العمل العسكري والعمل السياسي، بحسب ميثاق نداء السودان، صنوان لزيمان لا يفترقان. وكنت قد ظننت، قبل ان اتبين اسم المناضل المعارض صاحب التصريح، أنني أقرأ بياناً للدكتور نافع على نافع، او من شابهه من الصقور الانقاذوية!
ولكن الذي ادهشني في أمر صاحبي عادل الباز علمي أنه كان في الليلة السابقة لنشر عباراته الثورية تلك، ضيفاً على صهري البروفيسور ابراهيم غندور، مساعد رئيس الجمهورية، مستجيباً لدعوة عشاء فاخرة، جمعته هو وبعض (أعلام) الصحافة. وبحسب شهادات الشهود، فقد كان الباز منشرحاً خلال العشاء، فملأ أطباقه ، طابقاً فوق طابق، حتي كادت الشواءات أن تصطدم بسقف الصالون، حيث كان البوفيه المفتوح. وأعجب لمن يستجيب لوليمة صهري غندور ليلاً، ويأكل على مائدته الفالوذج بالفستق المقشور، ثم يكتب قبل صياح الديك ان الصحافة في عهده صارت مدجنة، ولم تعد صحافة حرة! (2) أريد ان أرى في ما تبقى من حلقات السلسلة البازية تحليلاً لظاهرة اضطراد تقدم صحافة الطيب مصطفى والصادق الرزيقي واسحق احمد فضل الله، وتصدرها قائمة التوزيع الأعلى، بفارق مهول عما عداها، كما أثبت بالارقام والاحصاءات الحواسم تقرير مجلس الصحافة والمطبوعات. السؤال الذي يطرح نفسه، عاماً بعد عام، وبكل الإلحاح هو: لماذا تتقدم الصفوف صحف هذا الفريق فيهش لها الناس، ويستأنسون بها، وتلقى عندهم قبولاً مختبراً ومؤيدا، بينما تنحسر صحف الآخرين، فلا يأبه لها أحد؟!
أنظر الى أطنان الشتائم والاتهامات التي تُكال وتنهال على هؤلاء آناء الليل وأطراف النهار. ومع ذلك فإن المواطن السوداني العادي (الذي يناضل المناضلون باسمه)، يصحو من نومه كل صباح في العاصمة والمدن الرئيسية، ويتجه في ثبات وعزم الى اكشاك التوزيع فيطلب (الانتباهة) و(الصيحة)، ثم يضعهما تحت إبطه، ويصد الى منزله، او يتجه الى عمله، تاركاَ كومات الصحف الاخرى من ورائه ظهريا!
قبل اكثر من عام كتب شيخنا الدكتور عبد الله على ابراهيم: (إنني لأقف بقوة مع دعوة مصطفى البطل أن على اولئك الذين دعوا لمقاطعة صحيفة الانتباهة أن يسألوا أنفسهم لماذا يشتري الناس الانتباهة حتي صارت في سدة الصحافة السودانية. وقد اقتنعت منذ حين أن دعاة المقاطعة من المعارضين يفرون من مثل هذه الأسئلة فرار السليم من الأجرب، لتعذر دفع استحقاقات اجاباتها من الشغل المر). (3) المفاهيم التي تطرحها تلكم الصحف واضحة، لا تخفى على احد. ولكن تكرار الزعم بأنها تثير النعرات وتسدر في غي العنصرية لم يغير مقدار خردلة من واقع إقبال الناس عليها في مدن السودان الرئيسية، إذ جعلوها في موقع الصدارة من صحافة السودان.
ليس بعد الحق إلا الضلال. ومن الخير لنا أن نستهدي بالله، وان نعترف بالحقيقة الشاخصة التي تتمثل أمامنا، والتي لا يغفل عنها الا ذوي العقول العليلة، وهي ان قطاعات واسعة في مجتمعاتنا آثرت ان تعبر عن رأيها في صمت وبلا جلبة، حول القضايا المصيرية التي تواجه البلاد، من خلال مثل هذه الخيارات والاستفتاءات. واختيار صحف معينة والالتفاف حولها جماهيرياً يمثل في واقع الامر استفتاء حقيقياً حول توجهات الرأى العام ورغائبه.
هذه القطاعات الواسعة تريد ان تقول أن القلق ينتابها من جراء واقع (التجييش تحت ستار التهميش) الذي ضرب هذا الوطن. وهي تبصر امامها الآلاف المؤلفة من قبائل وإثنيات وعناصر بعينها تحمل السلاح، وتحدّث نفسها، وتهمس همساً يشبه الجهر، بأنها ستحرر السودان من حكم الجلابة، وتقيم دولة المهمشين، ثم تشرب القهوة في المتمة.
لهذا فإن تلك القطاعات تنحاز تلقائياً الى الصحف ذات المواقف الأكثر وضوحاً وعزماً ومضاءً في مجابهة تلك التوجهات الشيطانية. كيف لا وقد سكنت رؤوسها المتشككة وقلوبها المتوجسة نماذج الصومال واليمن وليبيا، التي تفككت وتشرذمت، وكادت ريحها ان تذهب.
ولكن الحقيقة التي ستنجلي في نهاية المطاف هي اننا كلنا، في هذا الوطن الغالي، مهمشون. لا فرق بين مهمش ومهمش إلا بالتقوى. فلنضع الكلاشنكوف جانباً، وليشرب كل واحد منا قهوته في مكانه، حضراً أو مدراً. ثم لنذهب الى أكشاك توزيع الصحف، وقد صفت العقول وسكنت هواجس القلوب، فنشتري صحيفة (السوداني) .. بدلاً من (الصيحة) او (الانتباهة)!
نقلاً عن صحيفة (السوداني)
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- من الأسكلا وحلّا: مصرع المراكبية على اعتاب الشرعية بقلم مصطفى عبد العزيز البطل 03-15-15, 05:17 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
- يا معارضون: الدين النصيحة بقلم مصطفى عبد العزيز البطل 03-12-15, 04:39 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- الجزئين الأول والثاني من (حملة التفتيش على شوق الدرويش) 03-10-15, 02:53 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- الفيتوري بين يدي طلحة جبريل بقلم مصطفى عبد العزيز البطل 03-08-15, 08:52 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- غربا باتجاه الشرق في سيرة البشير والنميري وتشيرشل مصطفى عبد العزيز البطل 10-06-13, 06:52 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- غربا باتجاه الشرق الإضراب والكباب! مصطفى عبد العزيز البطل 10-04-13, 03:58 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- توقيعات في دفتر هبة سبتمبر/مصطفى عبد العزيز البطل 10-01-13, 03:13 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
- غربا باتجاه الشرق في سيرة البصاصين السودانيين الأمريكيين مصطفى عبد العزيز البطل 09-23-13, 05:39 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
- مرشد الحبايب الى فهم أشعار النائب مصطفى عبد العزيز البطل 09-19-13, 06:37 PM, مصطفى عبد العزيز البطل
- وأين نور الشقائق من مي زيادة؟ حسن الجزولي وشخصية فوز مصطفى عبد العزيز 09-15-13, 07:04 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
- غربا باتجاه الشرق الملايين والملاليم في نضال هالة عبدالحليم 09-09-13, 05:33 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
- عندما يرفع ضابط الأمن شارة النصر مصطفى عبد العزيز البطل 09-02-13, 06:41 AM, مصطفى عبد العزيز البطل
|
|
|
|
|
|