|
تقرير المراجع العام 2013-2014 برضو سكلانس بقلم محمد عبد المجيد أمين (براق)
|
بسم الله الرحمن الرحيم
من التعليقات الطريفة التي وجهت سهامها إلي مقالي السابق " موازنة الدولة للعام 2015 " سكلانس" أن كتب أحدهم : قال موازنة قال ياخ قوم لف ، بينما سأل آخر أعرفه جيدا ،(وهو سوداني أمريكي ) وبلغة إنجليزية : ?" سكلانس" What do you mean by. في هذا المقال ، سنأتي علي ذكر المراجع العام وجهازه التنفيذي لأنهما مرتبطان إرتباطا مباشرا بالنشاطين المالي والاقتصادي بالبلاد باعتباره مراقبا للتصرف في المال العام من خلال تنفيذ بنود الموازنة القومية للدولة ، وقبل الاسترسال في هذا الموضوع لابد أن نعرج سريعا الي تاريخ نشأة المراجعة المالية في السودان وذلك حسب ما ورد في موقع المراجعة العامة نفسها *1( راجع الموقع أدناه). 1920: مكتب المراجعة التابع للحاكم العام إبان الاستعمار الثنائي. 1933: إصدار قانون للمراجعة ومصلحة خاصة به يرأسها المراجع العام. 1970: إصدار قانون ديوان المراجع العام. 1986: إلغاء قانون 1970 وإصدار قانون 1986. 2005: مهام ديوان المراجع العام حسب ما ورد في الدستور الانتقالي 2005. تقتصر "هيلمانة" ديوان المراجع العام ومندوبيه الموزعين في كافة ولايات السودان علي المراقبة ، والمراقبة فقط ، وذلك بأخذ ملاحظات وتوثيق المخالفات المالية دون القدرة حتي علي منعها قبل أن تحدث . في نهاية كل عام مالي يرفع المراجع القومي تقريره إلي السلطة الرئاسية وإلي البرلمان ، ويتناقش الجميع وبمنتهي الحماس ، في مخالفات كان بالإمكان منعها لو منح المراجع العام سلطات كابحة تخوله وقف جريمة الإعتداء علي المال العام قبل حدوثها!. لمن لا يعرف الدورة المستندية داخل الجهاز المحاسبي بالدولة ، خاصة فيما يتعلق بالصرف ، فإنها تبدأ بتصديق المعاملة من المدير العام أو الوزير أو المعتمد أو كيل الوزارة (في الوزارات الاتحادية) ثم يحول التصديق إلي مدير الشؤون المالية أو المدير المالي ، الذي يحولها بدوره إلي قسم الميزانية للتأكد من وجود رصيد كاف في البند المعني بالميزانية التشغيلية ، ثم تحول إلي المراجع الداخلي ( مراجع محلي معين من وزارة المالية الولائية) لمراجعة سلامة الإجراءات المستندية فقط ، ثم تعود للمدير المالي للتأشير لقسم إصدار الشيكات بالصرف حسب توفر السيولة . بعد إتمام الصرف تحول مستندات المعاملة إلي مندوب المراجع العام للتدقيق ، وهنا فقط يكتشف مندوب المراجع العام المخالفات المالية ويوثقها في تقريره الدوري . تجمع كل هذه المخالفات، نهاية السنة المالية، في تقرير موحد يعرض ، كما ذكرنا علي الرئاسة والبرلمان لمناقشته ، ويظهر المشهد بعدئذ وكأن الرئاسة والبرلمان يحاسبان وزارة المالية الإتحادية علي تلك المخالفات الواردة في تقرير الأداء السنوي ، ويبدأ السجال بين كل الأطراف فيما إذا كان الإعتداء علي المال العام جريمة أم مجرد تناقضات في التنفيذ!!. ينتهي هذا المشهد عادة إما بـ " التحلل " أو التملص من القضية برمتها ، حسب مسنودية الشخص المتهم( علاقته بالمتنفذين) ، أو السجن المخفف ، أو في أحسن الأحوال ، تهريبه إلي الخارج ، إذا كان للمتنفذين علاقة بالقضية!!. ترتكب وزارة المالية الإتحادية خطأٌ جسيما في حق المال العام وذلك لسببين أساسيين هما: 1- عدم حوسبة النظام المالي وتطبيقه في المعاملات المالية في كافة أنحاء البلاد. 2- عدم تطبيق نظام الإحصاءات المالية وفق عناصره الأساسية والتركيز فقط علي تعويضات العاملين وشراء السلع والخدمات ، وإهمال الجانب الأهم في هذا النظام وهوالأصول المالية والغير مالية( سيتم تناول هذا الموضوع في مقال مفصل بإذن الله نظرا لأهميته القصوي). بالرغم من أن ديوان المراجع العام ، حسب توصيفه القانوني ، من الأجهزة الحكومية التي يقترض أنها تتمتع بإستقلالية ما ، إلا أن هناك قصورا واضحا في الصلاحيات الممنوحة له ، بالاضافة إلي ضعف المعايير التي تطبق في التدقيق المحاسبي ، فبات عمل المراجع العام يشبه الناقد الفني الذي ينتقد العمل ، سلبا كان أم إيجابا ولكن لا يستطيع يغير من العمل نفسه . أما وزارة المالية ، فهي وزارة مسيسة حتي النخاع ، تتعامل مع دستوريين يحتمون بالحصانة ويفعلون الأفاعيل بالمال العام إما لمكاسب شخصية أو لإغراض سياسية ليس لها أي علاقة بالعمل العام. كل هؤلاء ، ، بالاضافة إلي الموظفين الكبار والصغار، يتقاضون من الدولة حوافز ومكافاءات وإمتيازات لا حصر لها في مقابل حفظ الأمانة وأداء عمل نزيه ، إلا أنهم جميعا يرتكبون جريمة الفشل في إدارة دولاب العمل ، وهذا بحد ذاته جريمة أخري، ربما تفوق جرائم الإعتداء علي المال العام ، وبذلك يجيبون بأنفسهم علي السؤال السحري : لماذا نحن دولة فاشلة؟. أخيرا ، لا تستغرب عزيزي القارئ عندما تسمع أن وزير المالية ( بعدما يقال من منصبه) يمتلك عمارة بـ 4 مليون دولار ، وأن المراجع العام والطاقم التابع له يتنعمون برغد العيش ، وأن الدستوريون ، بكافة تصنيفاتهم ، قد أمنوا مستقبلهم ، وأن المصائب ستحل تباعا علي هذا البلد المنكوب طالما أنه يحكمنا هكذا نظام ، وان أفضل القول في هذه الحال ، وفي كل حال : إنا لله وإنا إليه راجعون. الدمازين قي : 28/12/2014 محمد عبد المجيد أمين (براق) mailto:[email protected]@yahoo.com
|
|
|
|
|
|