تضخيم الشخصية السودانية وانعكاساته علي الواقع

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 09:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-27-2004, 00:38 AM

بدر الدين أبو القاسم محمد


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تضخيم الشخصية السودانية وانعكاساته علي الواقع

    تضخيم الشخصية السودانية وانعكاساته علي الواقع
    لا ادعي البراءة والعصمة فيما أتناوله في السطور التالية ، فحسب قول د.عبد الله محمد قسم السيد بأن الأجيال المتعلمة السابقة ، تلك التي انبثقت منها القلة المحتكرة للسلطة لم تنسى أن تورث الأجيال اللاحقة الصفات السلبية ، فتجرعت نصيبي منها كغيري ولكن أسعى بكل ما أوتيت من قوة التخلص منها و التمسك بما هو إيجابي . إنها ليست دراسة عن الشخصية السودانية ولكنها محاولة متواضعة وجريئة نحو ما أسميته تضخيم الشخصية السودانية و الغلو الذي لحق بصفات هي إيجابية في الأصل ولكن المبالغة نقلتها إلي قفص الاتهام ذلك الذي أحاول معالجته ووضع كل شيء في نصابه الصحيح و أدعو كل العارفين فتح هذه الملفات البعيدة عن دائرة الضوء .
    ذكر لي أحد الأصدقاء و نحن نتجاذب أطراف الحديث عن الشأن السوداني محاولين مقارنته بدول و شعوب العالم الأخرى . فقال بالله عليك هل تستطيع أن تلخص المأساة التي نعيشها في بضع كلمات ، قلت له أحاول ذلك، تكمن مصيبتنا في الادعاء الذي يقول بأننا عشنا عصورنا الذهبية في كل شيء وعلي سبيل المثال لا الحصر ، إذا سألت أهل الفن يقولون بأن الحقيبة عصرهم الذهبي وأن كر ومر و سرور والعبادي ورفاقهم لن يتكرروا ، و القصد من ذلك واضح إذا لم أجانب الصواب أي أنهم بلغوا القمة التي لا يمكن لأحد من بعدهم بلوغها في الفن. كذلك الرياضيون يقولون عن جكسا وسبت دودو والدحيش ومن عاصرهم نفس الأقوال بل أكثر. حتى السياسيين دخلوا البورصة التي تساوي قيمتها التبادلية الذهب و الماس ، فحواء السودانية أنجبت الأزهري و المحجوب وعبد الخالق أولئك العباقرة الذين ملئت شهرتهم الآفاق ولن تجود بمثلهم أبدا. إما أنها اعتقدت أن أصعب مرحلة هي مرحلتهم لأنها مرحلة التأسيس ووضع حجر الأساس للدولة السودانية الحديثة ،وما يليها سيكون سهلاً ، وأن أقل أبنائها ذكاءاً حتى لو كان غبياً فهو قادر علي تسيير دفة الأمور ورعايتها علي أفضل حال.أو أنها أخطأت حين أنجبتهم دفعة واحدة ، لأن الصواب هو توزعيهم علي الحقب المختلفة.
    والسؤال الذي يطرح نفسه من المستفيد من ترويج هذه الأفكار و المفاهيم البالية ؟ من يحاول إدخالها عنوة في موسوعة فينس للأرقام القياسية. و منها أيضاً أننا أكثر ثقافة ووعي من غيرنا و أننا الأحفاد الحقيقيون و الورثة الشرعيون لحاتم الطائي مضرب المثل في الكرم. وأن عنترة العبسي سودانيا أباً عن جد ، أما عن الطيبة والبراءة فهي تنزل مع الرضعة الأولي التي يتناولها الطفل السوداني من ثدي أمه. وهكذا يوما بعد يوم يضيفون لنا خارقة إلي خوارقنا و أعجوبة من عجائب الدنيا إلي عجائبنا ونحن نصدق ذلك وندمغه بلمحة من خيالنا الثري و الخصب "ويا بلد ما فيكي إلا أنا". أتمنى لو كان ذلك حقيقة مطلقة فبذلك نرتقي درجة فوق البشر فإما أن نكون أسياداً أو نحتل المنزلة ما بين الملائكة والبشر. فلو كان ذلك حقيقة لما سمعنا بمن يبيت ليلة يتضور جوعا، و لورثنا الأرض بشجاعتنا كما تفعل الأسود في الغابات التي تقطنها ، أما بخصوص البراءة والطيبة ،أنها كفيلة بالقضاء علي ظاهرة الجريمة في المجتمع و لما سمع الناس أبدا بشيء يقال له انقلاب علي السلطة في السودان ناهيك عن شن الحروب وسفك الدماء وحرق الأرض و ما عليها. بل لأصبح السودان مرتعا لكل حيوانات العالم ولما تهددها الانقراض ولما سمعنا بجمعيات الرفق بالحيوان ناهيك عن الرفق بالإنسان و حقوق الإنسان.
    هذا الرضا التام عن الذات و النزوع نحو الكمال و تضخيم الذات وتفخيمها بالإضافة إلي الغلو والتطرف أشياء في نظري لا مبرر لها. فهلا تواضعنا قليلاً وتريّثنا فيما نصدره من أحكام سوءا أكان ذلك تجاه أنفسنا أو غيرنا. يجب تغيير مناهجنا الدراسية واعتماد منهج النسبية حتى ننتج أجيال قادرة علي تحمل المسئولية بدلا من الهروب في مواجهة الواقع بخيره وشره . أجيال معافاة تماما من استدعاء الماضي واجتراره والحلول فيه وتمجيد وتخليد من صنعوه وهي تدرك تماما معنى " ليس الفتي من يقول كان أبي إن الفتى من يقول هاأنذا". أي لابد من اعتماد منهج نقد الذات والنهج العلمي الصرف في تحليل الظواهر ودراستها. بدون ذلك يصبح إيجاد حل ناجع لمشاكلنا ضرب من المستحيل.
    أعتقد أن ما آل إليه واقعنا اليوم وما نحسه من مظاهر الكسل الفكري والجسدي نتيجة طبيعية لمثل تلك المفاهيم الخاطئة. وفي رأي أن النخبة والطبقة المتعلمة تتحمل المسئولية الكاملة تجاه ما يجري وفي تسويق هكذا أفكار. والمشكلة تتعقد أكثر إذا كانت تحاول بذلك تغطية عجزها ومداراة نقاط ضعفها. فها هو د.عبد الله محمد قسم السيد في كتابه التنمية في الوطن العربي يذكر بوضوح تام لا لبس فيه"أن السبب الأساسي في عدم اهتمام الأوائل من المتعلمين السودانيين بموضوع تغيير المجتمع يرجع إلي مضمون التعليم و منهج الدراسة المتبع وقتئذ وإذن كان يفتقد العمق الفكري والبعد الثقافي الذي يخلق شخصية مجتهدة ومبتكرة وخلاقة، لهذا كان صفوة المتعلمين وقتها تتميز بصفات سلبية عديدة أهمها الأنانية وحب الذات بجانب الانفصام الشخصي بين الواقع الاجتماعي الذي نعيشه و المتخيل الثقافي الذي بنته في دراستها ، هذه الصفات السلبية ورثها ذلك الجيل لمن تبعه من أجيال فصارت سمة بارزة لكثير من المتعلمين السودانيين ما زالت سائدة في مجتمعنا الحديث". بل ذهب إلي أكثر من ذلك حيث قال "لا توجد دراسات تفصيلية وميدانية عن الشخصية السودانية". أول ما يلفت الانتباه في كلام الدكتور أن المسئولية يتحملها المستعمر وأنا لا أناقضه في ذلك و لكن هل كنا نرجو من المستعمر أن يفعل غير ذلك ؟ ثم ثانيا ماذا فعل أولئك الرواد حينما قاموا بطرد المستعمر وبات الأمر برمته تحت تصرفهم؟ ماذا فعلوا بالمناهج الدراسية؟ هل قاموا بتغييرها كي تتماشى ومتطلبات السودان المستقبلية؟ لقد مرت الآن حوالي أكثر من أربعة عقود علي الاستقلال لم يحدث إلا تحسن طفيف في بعض الجوانب ولكن ساءت الأمور في جوانب أخرى وهي من صنع الاستعمار و أكثرها حيوية مثال ذلك الخدمة المدنية والإدارة الأهلية. لقد كان الانضباط والنزاهة عناوين بارزة كما حكي لنا من عاصروها ولكن اليوم المحسوبية والرشوة والتعدي علي المال العام عناوين هذه المرحلة. هذا أمر يبعث علي القلق ويزيد الأمر تعقيدا إلي ما هو عليه ويطرح أسئلة خطيرة ومهمة في ذات الوقت وهي لماذا يرفض السودانيون دراسة شخصيتهم ؟أو بالأحرى لماذا يرفض ذوي الاختصاص من علماء الاجتماع و الانثربولوجي القيام بهذه الدراسة ؟ هل نحن متخوفون من النتائج ؟ أم أنه لم تتبلور تلك الشخصية السودانية حتى يتم تناولها بالدراسة والتحليل ؟ وهل فعلا هناك شخصية سودانية واحدة أم شخصيات سودانية متعددة بتعدد الثقافات والاثنيات ؟ أسئلة أتوجه بها إلي من يستطيع الإجابة عليها.
    إذن لابد من إعادة النظر في مثل هذه المفاهيم لأن من يعيش عصرا ذهبيا ، يتوقع منه أن يردفه بآخر ماسي ولكن أن ينحدر إلي القاع بسرعة البرق هذا ما لا يمكن فهمه دعك من تصديقه. وذكر لي صديقي وهو يفكر في كل هذه الأشياء بأن شعورا ما يراوده تجاه الحياة التي يعيشها بأنها عديمة القيمة و الجدوى ولا معنى لها . هذا الكلام مس أوتارا حساسة في نفسي فقلت له معزيا " كلنا في الهوى سوى". فقال تحاول أن تجاملني،ولكن يجب أن تعلم أن في هذا تكمن مأساتنا التي وصفتها في بداية الحديث أو جزء منها. فكرت في الأمر مليّا بعد ذلك و توصلت إلي أن صديقي لم يكن إلا صورة مكررة لملايين السودانيين أولئك البعيدين عن دائرة الضوء والدفء جامدي الأحاسيس والمشاعر في نظر القلة المحتكرة للسلطة ، كنبتون وأوناروس في المجموعة الشمسية. فسمات المجتمع الهامشي هي الحرمان والرضا بالفتات من قبل الأسياد وعدم التطلع إلي ما هو أكثر من ذلك. مجتمع المغلوبون علي أمرهم و المنشغلون حتى الثمالة بصراعاتهم الداخلية تلك التي تتغذى علي الجهل و الأمية والاستقطاب الاثني الحاد. مجتمع سهل الانقياد بمجرد العزف علي الوتر الديني و أغاني السيرة ذات البعد الحماسي و ما يبعث علي الطمأنينة في نظر أولئك الناس أن فخامة الرئيس يملأ وجهه البشر و الترحاب وتوزيع الابتسامات علي الحاضرين ، أول الراقصين والمبتهجين علي تلك الأنغام. فهل لعاقل أن يشكك فيما إذا كنا نعاني من مشكلة ما؟ ألا يعتبر ذلك ضربٌ من الحنون. والمشكلة أدهى إذا كانت المافيا الروسية أو أساليبها يتم استخدامها بعناية فائقة و أن كل ما يجري يدخل في باب دس السم في الدسم.
    وسألت نفسي هذا السؤال أي خيارات لصديقي و أمثاله . فتوصلت إلي أنهم جميعا عليهم الاختيار بين التسليم بالأمر الواقع و القبول بشروط القلة المحتكرة للسلطة في مستوياتها المختلفة ، أي البقاء داخل الوطن والتزام الصمت وإتباع الأوامر و النواهي وتلبية النداء المقدس و عزاءه في المثل السوداني الشهير المثبط للهمم " موت الكتيرة عرس" . أو الهجرة إلي بلاد أخرى والاكتواء بنار الغربة وعذاباتها وتحمل مآسيها التي لا تحصى ولا تعد.
    خلاصة الأمر يجب الإقلاع فورا عن ترديد مثل هذه الأقاويل التي تؤدي إلي قتل روح الإبداع حتى لو كنا نريد منها أن تكون حافزاً لذلك. أي إبداع إذا كان الفنان الجديد أو الصاعد لا يقبل إلا إذا غنى أغاني الحقيبة والكلام عن رقي الفن السوداني ورصانته لا نسمعه إلا من قبل السودانيون أنفسهم ونحن في القرن الحادي و العشرين عصر المعلومة والكلمة و التنافس الحر بين الأسرة الدولية بأسرها فأين نحن من كل ذلك ، و أنا هنا لست أنكر بعض الإضاءات و لكنها متواضعة تماما و لا تتناسب أبدا و حجم السودان التي يجب أن يكون عليه في الخارطة الدولية. وترديد مقولة " العصور الذهبية" هكذا دون الربط بينها والواقع وانعكاساته لا تجدي نفعا بل يجب أن ننظر إلي أنفسنا بنوع من الخجل لأن الواقع مرير و يتناقض تاما مع ما ذهبنا إليه ، و يجب التسليم بأن القيم ذاتها تتحول وتتبدل وهي محكومة بتطور الإنسان نفسه وتقدمه ، فما يصلح لعهد ما قد لا يكون صالحا في غيره. يجب أن نعطى الثقة لأبنائنا و أن الفرصة أمامهم لصنع عصرهم السياسي والفني والرياضي و أن الباب مفتوح و ليس محكوما بسقفٍ معين. يجب أن يبنوا فوق ما وجدوا من أساس إذا كان صالحا أن يتحمل عرشهم ، و إلا فلهم الحق كل الحق في هدمه وبناء ووضع أساسهم المتين. علينا أن ننهى حالة الشك في قدرتهم علي تحمل المسئولية ومن حقهم أن يخطئوا ويدركوا الصواب من ذلك الخطأ. أزعم أن أمامنا فرصة كبيرة لاستشراف المستقبل لأن السودان يمتلك تنوعا ثريا إذا عرفنا كيف نستثمره و أن يبدأ كل فرد منا صنع سلامه الداخلي و التصالح مع ذاته وبعدها يكون ميسورا تماما التصالح مع الآخرين.
    معا من أجل سودان جديد
    بدر الدين أبو القاسم محمد / ليبيا























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de