و دخلت تراجي مصطفى المصيدة.. أوردتها تراجي و هي تشتعل.. ما هكذا ياتراجي يتم ضرب رفاق الأمس..كانت واثقة- و هي تروي تاريخ ( نضالها)- ثقة تبعث التصديق.. ملأ حضورهاالاستديو.. صوتها قادم من جرح ما.. قد يكون جرحاً حديثاً و قد لا يكون..قد لا تصدقها تماماً. و لكن من الصعب أن تكذبها تماماً.. ضحكتها تشي بشيئما وراء الألم.. ربما خيبة أمل في المعارضة التي كانت تعني لها الكثير..و ربما هي سيدة من اللواتي يجدن تمثيل أدوار ما في كل مقام يخترنه بمحضإرادتهن..كلمات تراجي تخرج من فمها طلقاتٍ نارية.. طلقاتٍ.. تتبعها طلقاتٌ مصوبةتجاه رفاق الأمس.. طلقات ليس فيها مراعاة للزمالة و لا للكفاح الذي ربمالم تتشرف تراجي بسلوك دربه في حقيقة الأمر..يتوهم النظام أنه تحصل على أكبر صيدة و هو يقوم بالوثبة الاكروباتية فيالهواء.. و كان قبلها قد اصطاد كمية كبيرة من ( الصير) و الكثير من خشاشطيرٍ لم يسمع به كثيرون.. و يقال أن تراجي كانت ناشطة.. لم أقرأ لها و لاعنها إطلاقاً.. و قد سألت بعض معارفي عما إذا كانوا قد سمعوا بسيدة تسمىتراجي.. دهشتهم من الاسم في حد ذاته أكد جهلهم بمعرفة وجودها..و لا يزال النظام مشغولاً بتلميعها.. و هو يتنفس الكذب! و يؤكد أنالممانعين سوف يأتون للحوار كما أتت تراجي.. و اسم حزب آخر جاء برفقة زفةتراجي من صلب الليالي المثقلات بالأعاجيب.. حزب لم أسمع به يقال له حزبالعدل و المساواة الجديد.. ( جديد ده شنو كمان يا ناس؟!)، و ظهر علىالشاشة رئيسه الذي لم يكن شيئاً مذكورا قبل مجيئه للحوار.. و أسماءتتوالى و تتالى.. و يزدحم الحوار بطلاب المناصب المهرولين إلى قاعةالصداقة.. مشرئبة أعناقهم إلى ما بعد الحوار.. فمائدة البشير مليئة بمالذ و طاب من المناصب الدستورية الشهية.. و بعض البطون الضامرة سوف تتحولإلى كروش تتسع لاكتناز الشحوم بلا توقف.. و حوار البطون هو السائد هذهالأيام..و يغيظونك و هم يحاورون أنفسهم في التلفاز.. و أنفسهم يخدعون بسذاجةممعنة في الغباء.. في سعيهم لإخفاء أن الحوارأن الحوار يتعسر.. و ( ينعصر) داخل القاعة.. و لم يتبق من الزمن سوىأيامٍ أمام من حضر لعلاج أزمات السودان التي يمكن حصرها في جملة واحدة: (حضرنا ولم نجدكم).. و ينصرف الجمعُ كلاً إلى من حيث أتى.. بلا لمَّة!لقد أحدثت تراجي خدوشاً سطحية في جلد المعارضة المسلحة سرعان ما تلاشت..و تركت أمامنا سيركاً يُتعٍب عقولنا يومياَ على الشاشات.. حوار مجتمعيبلا مجتمع.. و بِدل تتحرك و جلاليب تمتص الكلام ليخرج إلى الملأ مثقوبالأحرف.. يا زهرة الليلاك.. لن أنساك.. و أيامنا تمضي مقهورة إلى ما يؤزمأزماتنا أكثر.. الهوية لا أحد يقدر على حلها.. و ( كلو عند العربصابون).. و يتصبب المتحدث الأخير عرقاً و القاعة مكيفة لأقصى درجاتالتبريد المحتملة.. كان صادقاً بشكل! و التعاطي مع الصدق يجعل العرق يغسلالحوباء بين جلدك و الجلباب..أغلقت التلفاز.. أتعبني الكذب المنطلق من كل اتجاه..قمة الشرف أن تكون خارج قصر الصداقة.. تشم الهواء القادم من جزيرة توتي..بعيداً عن قاعة ملطخة بالكذب و النفاق.. بعيداً عن وِرش صناعة الدكتاتورو ديمومة تلميعه لدرجة أقرب إلى التأليه.. فتأتي نملة و تلقي كلمة:- " وأشكر فخامة الرئيس المشير الأتاح لينا فرصة الحوار ده.. و الحوار ده كانمفروض يقوم قبل 60 سنة".. و تأتي نملة و تلقي كلمة:-" أشكر فخامة الرئيسالمشير.... و في الختام، أشكر فخامة الرئيس المشير عمر حسن أحمد البشير..." و تخرج نملة لتأتينملة.. و لا ينتهي إزجاء شكر فخامة الرئيس المشير..الساعة تدق الخامسة و العشرين.. لم يحضر أحد سوى النمل.. في كل يوم نمل..و لا شيئ غير النمل يملأ قاعة الحوار.. لا شيئ.. لا شيئ..كان لزاماً على فخامة الرئيس المشير أن ( يأمر) آلية الحوار الدسم أن تمدالفترة إلى أجل غير مسمى ( في انتظار جودو)...أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة