|
تراجع الامام.. ولكن ماذا عن الذين شتموه ؟ احمد قارديا خميس
|
أعلنها الامام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وامام الأنصار صراحة هذا الأسبوع, ومن القاهرة العاصمة المصرية, حيث قال: ” أن الحكومات الشمالية المتعاقبة, أخفقت في إدارة التنوع في البلاد.. تطبيق الشريعة علي مجتمع متعدد الأديان والثقافات, والعرقيات أدي الي تفكك السودان.. معتمدين علي إقصاء الآخر”, وأيضا قال قبل شهرين: إنني ظللت لسنوات أدعو الي تقريب بين قوي التغيير أي الأحزاب السياسية السودانية, وأيضا قبلتُ الحوار الوطني” وثبة البشير” لأخراج البلاد من التفكك, ولكن هؤلاء المتعصبين والمتشددين يريدون أكل أهل الثورة.. هم ضحكوا عليّ وعلي كثير مثلي! كلام الامام المهدي هذا جاء تعقيبا علي ترشح السفاح عمر البشير لولاية أخري في الانتخابات الرئاسية المقبلة في أبريل 2015 اولا, ثانيا تصريحات حزب المؤتمر الشعبي, علي لسان الاستاذ كمال عمر, حيث قال: الحوار الوطني” وثبة البشير” أفضل خيار للتحالفات بين الأحزاب السياسية, وأي تحالف غير ذلك يعتبر ناقصا, مشيرا في هذا الصدد الي اتفاق الصادق المهدي وفاروق ابو عيسي مؤخرا.. كما رمى كمال سابقا إعلان باريس بين المهدي والجبهة الثورية السودانية بكثير من الشتائم. ولم يكتفي المهدي بما نقلناه أعلاه, بل إنه اعترف بأنه دافع قبل شهور عن البشير والترابي وعن حزبهما, وتحديدا منذ مقامرة حزب المؤتمر الشعبي في الحوار الوطني والدفاع عنه, وعن ذلك يقول المهدي: ” وقفت ضد المعارضة المسلحة في السودان داعيا لنصرة الحوار الوطني, لكن قادة الجبهة الثورية السودانية كانوا أنضج مني وأبصر مني, لأنهم عرفوا هؤلاء علي حقيقتهم..”. حسنا, ما دام أن المهدي أقر بخطئه, وقام بمخاطبة قادة وعضوية الجبهة الاسلامية القومية بقول: نقف الآن نحن وأنتم علي طرفي نقيض فكريا وسياسيا, ولكن يجبرنا علي مخاطبتكم وطن مشترك: السودان, ودين مشترك: الإسلام. وقام بإعلان باريس, وإقر بأن قادة الجبهة كانوا أنضج وأبصر, السؤال هنا هو: فما الذي ينتظره طلاب المهدي ومريدوه وأحبابه؟ وماذا عن الذين شتموه ، وخاصة في حزب المؤتمر الشعبي والأحزاب الفكة؟ ولماذا لا يعتذرون عن شتائمهم, وحملاتهم الكاذبة؟ لماذا لا يعتذرون لكل من كان ذا بصيرة وتعقل؟ صحيح أن قادة الجبهة الثورية كانوا متيقظين, لكن كان هناك أيضا قلة من العقلاء الذين حذروا من خطورة الحركة الاسلامية في السودان, ومن خلفها قطر وإيران وتركيا, والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين, وحذروا خاصة من نظام البشير وكذبة المشروع الحضاري والمقاومة والممانعة, كما حذروا من حلفاء طهران كحركة حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان, وذلك خشية علي قضايانا واستقرارنا وأمننا, وليس بسبب الدافع الديني او العرقي او الثقافي او الطائفي الذي يتكلم عنه بعض الأحزاب السياسية في السودان اليوم. فالتحذير من الإخوان المسلمين و قطر وإيران وحلفائهم لم يكن لأسباب طائفية, بل كان تحذير من يريد الترويج للتطرف شيعيا أو سنيا ولأهداف حزبية وحركية, كعلاقة الإخوان المسلمين بطهران, أو فمن يريدون الاستفادة من البعد الطائفي لشق الصفوف, وهدم وطننا. كلام المهدي مهم وصحيح, لكنه لا يبرئ ساحته, فمن يتحمل تبعات كل ما جري فى سنوات التماهي الديني والعرقي والطائفي مع الحركة الاسلامية السودانية؟ ومن يتحمل وزر هذه الدماء في السودان؟ ومن يتحمل تجييش القبائل وفتنة الاقتتال بينهم؟ ومن سيقوم بتنظيف, وتصحيح هذا الإرث الملوث للعقول؟ ولماذا لا يعتذر الشتامون عن شتائمهم المقزعة, ويعتذرون عن أختلاف, وترويج, قوائم التشهير الكاذبة؟ فلا يكفي أن ينقلب الآن علي حسن الترابي من روجوا له بالأمس, والتقطوا معه الصور دون أن يعتذروا مما فعلوا زورا وبهتانا ولسنوات: والأمر ليس بالثأر الشخصي, بل لضمان عدم تكرار الأخطاء, والأهم اليوم ألا يخدم المنقلبون علي الإخوان المسلمين و أهدافها مرتين, الأولي يوم تحالفوا معها ومكنوها, والثانية بإذكاء روح الطائفية الآن دفاعا عن السودانيين. الواجب اليوم هو عدم الانسياق خلف أهداف الإخوان المسلمين والحذر من إنجاح مشروعهم الطائفي العنصري, مع ضرورة التوعية من مخاطر حزب المؤتمر الوطني وحلفائه علي منطقتنا, وكذلك السعي لنزع فتيل الفتنة القبلية العنصرية والجهوية ، الذي من شأنه إحراق كل السودان. ولذا فإن المنتظر من مريدي المهدي الآن هو الاعتذار, وعدم الانسياق خلف تطرف لا يقل سوءا عن تطرفهم القديم.
|
|
|
|
|
|